كانت العيون من اهم ما استوقف المرأة لمعرفة مواطن تأثير الجمال فيها، فأخذت تجتهد في التوصل إلى البحث عن وسائل تجميلها وتزيينها لإبراز سحرها وجمالها. ومن وسائل الزينة المهمة التي كانت شائعة قديما عند جميع النساء بصرف النظر عن القطر أو الحقبة الزمنية التي مازالت على أهميتها إلى الوقت الحاضر هي…. التكحل بمادة الاثمد الشديدة السواد.
وكانت العيون الكحيلة عند العرب في العصر الجاهلي من اجمل العيون وقد شبهت بعيون المهاة وتغنى بها الشعراء في كثير من أشعارهم، فهذا علقمة الفحل يقول في ذلك: بعيني مهاة يحدر الدمع منهما بريمين شتى من دموع وأثمد. ولم يقتصر اهتمام المرأة العربية في تجميل وتزيين عينيها بل أولت الحاجبين نفس القدر من الاهتمام تقريبا، فقد اتبعت طريقة تدقيق الحاجبين وأطالتهما بالإثمد والظاهر أن هذه الطريقة من الزينة التي تعرف بالتزجيج كانت مفضلة في المجتمع العربي وقد وردت في أبيات من الشعر منها: اذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيون.موقع طرطوس
ولا يزال التزجيج مستعملا عند النساء في الوقت الحاضر وفي معظم اقطار العالم، والحاجبان بصورة عامة على نوعين، المقرونة وهما اللذان يلتقي طرفاهما، اما النوع الثاني فهي البلجاء، وتعني ان يكونا مقطوعين ويكون ما بينهما نقيا من الشعر وقد مالت العرب قديما الي هذا اللون من الحواجب . وفي العصور اللاحقة استخدمت المرأة الاصباغ في تزيين حاجبيها وأصبحت المرأة العباسية تتخذ من الاصباغ وسيلة لرسم حاجبيها كما يحلو لها.موقع طرطوس
وعرفت المرأة العربية زينة اخري هي الخضاب (التلوين) بالحناء، وذلك بنقش وصبغ الايدي والارجل بها وكذلك استخدمت الحناء بصبغ الشعر كما كانت تستعمل في صبغ الشعر مادة اخرى تمزج مع الحناء تعرف بـ(الكتم)، وهي خلطة قيل عنها انها تجعل الشعر اشد سواداً ونعومة، ونالت الحناء الاعجاب خاصة ما كان في اطراف الاصابع، ويبدو ان الميل الى التزين بالحناء كان عاماً ومن الطريف والمؤسف في نفس الوقت ما ذكره ابن الجوزي في هذا الصدد انه شب حريق هائل في دار المملكة في بغداد في ليلة من ليالي سنة 515 هجرية عندما اسندت احدى الجواري شمعة الي خيش بينما كانت تختضب بالحناء فعلقت به النار فما تجاسرت على النطق فاحترقت الدار ويضيف ابن الجوزي بان السلطان كان نائما على السطح فنزل وهرب الي سفينة ووقف وسط دجلة.موقع طرطوس
وعرفت النساء العربيات اصباغا اخرى منها ما كان يستخدم في تلوين البشرة، كالابيض والابيض المائل الي الصفرة وكذلك عرفن احمر الخدود، ومن اشهر تلك الاصباغ كان (الاسفيذاج) … وبالرغم من اننا لم نتوصل الي المعنى الدقيق للكلمة في المعجمات اللغوية الا ان الذي يسعفنا هو ان اللفظه لاتزال تطلق في بعض المناطق العراقية ومنها بغداد الى يومنا هذا على مادة كلسية بيضاء، تحرق ثم تسحق ويطلى بها الوجه بعد ان يبل بالماء ليكسبه لونا ابيض، ويبدو ان المرأة العربية وخصوصا العباسية كانت قد استعملت مواد اخرى لتجميل خدودها وذلك باستخدام اصباغ الخدود التي كانت تحصل عليها من لحاء شجر الجوز وقشر ثمارها، اضافة الى ما ذكرته المصادر التأريخية من استخدام خليط كن يتضمخن به ليكسب وجوههن حمرة واشراقا، وأضافت تلك المصادر ان هذا الخليط لاتستعمله الا ذوات العز والثراء وكانت العرب تسمي اولئك النساء بالعواتك.موقع طرطوس