سابقا كان حي باد غوديسبيرغ بمدينة بون حيا ديبلوماسياً. والآن أصبح وجهة مفضلة للسائحين العرب لأغراض طبية أو للاستجمام. وتثير مناظر النساء المنقبات ومقاهي الشيشة غضب العديد من سكان الحي. التفاصيل في الريبورتاج التالي:
زابينه غالوشكا (57 عاماً) بائعة ورود معروفة في الشارع الرئيسي بحي باد غوديسبيرغ بمدينة بون. الحوارات مع زبائنها تتجاوز الورود إلى مواضيع أخرى متنوعة. وعن النقاش الدائر حالياً بألمانيا حول “حظر النقاب” تقول غالوشكا وهي تتنفس الصعداء: “أن تمشي المنقبات هنا في الشوارع ليس أمراً جيداً، في رأيي. فنحن أيضاً لا نمشي في الشارع بالنقاب”. وتضيف بائعة الورد بنبرة مفعمة بالانزعاج: ” أود أن أعرف هوية من يختفي وراء ذلك النقاب”.
ليست كل النساء في شوارع باد غوديسبيرغ كلهن منقبات. فعندما يقوم المرء بجولة في مركز المدينة في يوم صيفي حار، تظهر له تناقضات كبيرة. فمن جهة هناك شابات بملابس صيفية “ساخنة”، ومن جهة أخرى هناك العديد من النساء المحجبات، وبعضهن فقط يرتدين النقاب/البرقع.
“إذا سافر المرء إلى بلد آخر يجب عليه أن يتكيف مع عاداته”
فجأة تقف إحدى المارات تحمل الكثير من أكياس التسوق وتقول: “لا أستطيع أن أقول شيئا سلبيا عن النساء العربيات هنا. ومعظمهن لطيفات معي، وبعضهن يلقين بالتحية علي. رغم ذلك أجد الأمر مؤسفا كونهن لا يُظهرن وجوههن”. وتحاول هذه السيدة اختيار كلماتها بعناية وبحذر شديد: “هذا النقاب الكامل ينتمي إلى ثقافتهن، وبكل تأكيد فهن لا يرتدينه لإزعاجنا”. ومع ذلك “إذا سافر المرء إلى بلد آخر يجب عليه أن يتكيف مع عادات وتقاليد البلاد الذي يسافر إليه، وإلا فعليه أن يذهب إلى مكان آخر”، تضيف هذه السيدة التي لا تريد أن تذكر اسمها.
“حظر البرقع” و”اللاجئين”، من المواضيع التي لا يود الكثير من الناس في هذا الحي التعليق عنها خوفا من تصنيفهم في صف “اليمين المتطرف”. ويرى رجل في منتصف العمر يريد أن يبقى مجهولاً أن الكثيرين لديهم مواقف متناقضة: “هناك ازدواجية في المواقف. الكل يريد أموال العرب ويرفضون أصحابها”. كما إن محاولات الحديث مع رجال الأعمال العرب باءت بالفشل. فهم يريدون “الابتعاد عن المشاكل” كما قال أحدهم في جواب مقتضب. غالبيتهم يخفون وجوههم بمجرد رؤيتهم للميكروفون.
مقاهي الشيشة في كل مكان
نعود مرة أخرى إلى محل بيع الورود لزابينه غالوشكا. إحدى الزبونات أبدت رغبة في الحديث عن هذا الموضوع. اسمها سيموني لافان، (50 عاماً) وكانت رفقة كلبها. رغم أنها رفضت أن نلتقط لها صورة، إلا أنها عبرت عن موقفها من البرقع بوضوح، وتقول إن الحديث عن حظره “أمر سطحي”، لأن المشاكل الحقيقية توجد في موضع آخر. “حسب تجربتي اليومية مع الرجال العرب ألاحظ أنهم يتعاملون بتحيز مع النساء. يذهبون في كل وقت إلى المقاهي العربية المفضلة وينظرون إلى النساء في الشارع. وعندما تمر امرأة ينظرون إليها بنظرات غريبة”. وتسترسل لافان حديثها قائلة :”أنا لا أخاف من نظراتهم لكن ما يحزنني هو شعور تعاملهم هنا بشكل سيء للغاية ونحن نوجد في بلدنا.”
وتعبر سيموني لافان عن انزعاجها من إغلاق مطاعم ألمانية عريقة لأبوابها في الحي، وانتشار مقاهي الشيشة في كل مكان. “لم تعد هناك مطاعم ومقاهي ألمانية أو إيطالية كثيرة كما في السابق. فالمقاهي العربية أصبحت منتشرة في كل مكان”
وكما هو الحال بالنسبة للنقاب فقد يكون التعميم هنا أمرا صعبا. وفي طريق العودة، وعلى جانب الطريق، كان هناك أحد فروع سلسلة سوبر ماركت ألمانية معروفة وبه إعلانات للبضائع، كتبت باللغة العربية إلى جانب اللغة الألمانية والإنجليزية، .
DW