* لماذا ندمن العمل؟
* مدمن العمل، والبحث عن القيمة.
في مجال العمـل، هناك ثلاثـة أنواع من البشـر. منهم من يستحوذ عليهم حب العمل لدرجة الإهمال الكبير لكافة جوانب حياتهم وعلاقاتهم الشخصية، وهناك النوع الثاني الذين يخافون من الذهاب إلى العمل، ويعتبرون أن العمل مهمة شاقة، يجب عليهم الانتهاء منها، وهناك من يوازنون بين عملهم وكافة مجالات حياتهم، فلا تتأثر واحدة بالأخرى فلكل شيء مكانته المستقلة والهامة.موقع طرطوس
أسباب إدمان العمل
أولاً: البحث عن القيمة:
ما هي القيمة؟
القيمة هي ذاتك المتفردة التي لا مثيل لها. فإنك لو بحثت في كل الدنيا لن تجد شخصاً مثلك تماماً. وفي هذا التفرد، تكمن هذه القيمة التي ميزك الله سبحانه بها، وهي غير تابعة للعوامل الخارجية، أو بمقدار النجاح الذي تحققه، فهي الأرض الصلبة التي يُبنى عليها النجاح والمركز وكل شيء آخر.
وهنا يكمن أحد أسباب إدمان العمل، وهو الشعور بأن القيمة تأتي من خلال النجاح في العمل، فيشعر الفرد أنه بدون العمل سيفقد قيمته، لأن نجاحه وحصوله على مكانة متميزة، هو الذي يعطيه هذه القيمة، فيسعى إليها بكل طاقته، ويهمل في باقي أركان حياته حتى يصبح هذا الإدمان مدمراً، وتتغير نظرته الطبيعية للعمل باعتباره مكاناً لإظهار المواهب والقدرات، وتحقيق الكسب المادي، إلى أنه الوسيلة الوحيدة التي يستمد منها الفرد قيمته الشخصية. وتغيب عن ذهنه حقيقة أننا نحن الذين نعطي قيمة للأشياء، وليست الأشياء هي التي تعطينا القيمة، ولذلك فإن انعكاس هذه المعادلة هو ما يسبب إدمان العمل.موقع طرطوس
قال «بيل جيتس» مؤسس شركة ميكروسوفت: «إن أكبر عائق للتقدم هو إدمان النجاح، لأنه بمثابة وعاء بلا قاع، وعليك أن تجاهد باستمرار لكي تحافظ عليه ممتلئاً بنفقات كثيرة تؤثر على كل جوانب حياتك» فهذا يعني أن النجاح أصبح هو المحدد لقيمتك الشخصية..
ثانيا: الهروب إلى العمل:
الهروب من ماذا؟
الهروب من الأسرة، والهروب من الناس، والهروب من المشكلات والمسئوليات.
فكثيراً ما يكون العمل هو الملاذ من الأسرة، ومن المشكلات المعقدة، أو من مواجهة الناس والتقرب إليهم، فيكون العمل هو البوابة الوحيدة لتفريغ طاقتنا، والهروب من وحدتنا وضعفنا بالعمل.. وبالفعل نبذل طاقة هائلة في العمل، حتى ندمنه ولكنه إدمان مختلف عن باقي أنواع الإدمان، لأنه يجعلنا نقوى ونصبح أعزاء، ويكسبنا نجاحاً مهنياً، ومديحاً. ولكن له آثار منها:
آثاره السلبية على الصحة النفسية والجسدية مثل:موقع طرطوس
أمراض القلب، وضغط الدم، والإرهاق، وسوء الهضم، وآلام في الصدر والظهر، وصداع، والتهاب المفاصل، وقلة النوم، وإلغاء وجبات، أو تناولها على عجلة.
آثاره العاطفية مثل:
القلق، سرعة الغضب، التشاحن، الغيرة، الخوف، التوتر، صعوبة الاسترخاء.
آثاره الاجتماعية:
مشكلات في العلاقات الزوجية، قلة عدد الأصدقاء، علاقات متوترة مع العاملين، المبالغة في إرضاء الإدارة، وينتج عنها عدوانية تجاه زملاء العمل، عمل ساعات إضافية باستمرار، وأكثر شيء ظاهر هو غياب العلاقات العميقة، والمحبة.موقع طرطوس
مبررات الهروب إلى العمل:
– أحتاج إلى النقود.
– الشركة تعتمد عليّ.
– إنها مرحلة حتى أنتقل إلى مرحلة أقل ضغوطاً.
– لن تستمر الأمور كذلك في العام القادم.
هذه المبررات نضعها كأهداف أمام أعيننا، حتى يكون هروبنا منطقياً. ولكن الحقيقة أن هذه الأهداف حينما نصل إليها أو إلى بعضها، نكون قد وصلنا معها إلى الاحتراق، وهي النتيجة التي يصل إليها الفرد بعد وقت طويل من إدمان العمل، وتكون أعراضه هي:
التغيب عن العمل، الإرهاق الجسدي، نقص أو زيادة الطعام، الأرق، حدة الطبع، الاعتماد على المهدئات، مشاركة منخفضة في الحياة العامة، انعدام الإبداع.
قف ثم اتزن.. واكمل..
حاول أن تمنح نفسك الفرصة لمعرفة مكان الخلل، فقف ليس عن العمل، ولكن عن إدمانه، وناقش نفسك، واعرف من أي شيء تهرب؟ ومن أين تستمد قيمتك؟
افصل ذاتك عن العمل، فإن ذلك يعيد الذات إلى مكانها المرتفع الفريد، وفصل الذات يجعلها أسمى من أن تحدد قيمتها بأداء العمل أو بأي شيء آخر، وفي نفس الوقت فإن فصل القيمة الشخصية عن العمل، يجعلك متحمساً ومبتهجاً بعملك، لأنه أحد أدوارك التي عليك الإبداع والنجاح من خلالها.موقع طرطوس
موسيقى العمل
قـال أحــد المفكريــن: «عندمـا يدخـل الحـب والسـلام في أي عمل، فإن العمل يتحسن في الحال، والكمية تزداد بدون زيادة مقابلة في التعب الذي يسببه العمل، فالرجل الـذي يعمـل بهـذه الطريقـة يكـون مثـل عـازف الموسيقى الذي يبدع بدون أن يشعر بالتعب، وقد تجده يغني ووجهه بشوش، فتنطلق منه طاقة متجددة تجعله نادراً ما يشعر بالتعب، لأنه لا يعمل هرباً أو خوفاً من شيء، ولكنه يعمل لأنه يحب العمل وكل من حوله..»