هل تقع المسؤولية على الدول الصناعية ؟ أم على الدول النامية أم على الشمس ؟
الجدل حام بين أنصار حماية البيئة المطالبين بوضع حدّ للتلوث الصناعي المسبب لتسخين الأرض وبعض الدول الصناعية وعلمائها الذين يلقوا المسؤولية على العالم الثالث ، وغيرهم ممن يقول أن للشمس دوراً هاماً في هذا التسخن .موقع طرطوس
لكن الثابت والأكيد هو أن المستقبل يبدو لا بل ” حاراً ” وساخناً ، وأنه يجب دق ناقوس الخطر بقوة ، وإيجاد الحلول السريعة والفعالة .
تصدرت أنباء ارتفاع حرارة الأرض عناوين الصفحات الأولى من الجرائد في بداية الثمانينات ، وأصبحت القضية الأولى للبيئيين . ويوجد حالياً إقرار عام بأن حرارة سطح الأرض ارتفعت 0.6 درجات خلال القرن الماضي وإن سرعة التسخين ازدادت منذ بداية السبعينات ، وأن التسعينات كانت اكثر الفترات سخونة ، وذلك منذ أن بدأ العلماء بتسجيل الحرارة في منتصف القرن التاسع عشر .موقع طرطوس
وقد شاهدنا في القرن الماضي وفي جميع أنحاء العالم تراجع الحدود السفلى لأنهر الجليد Lociery في المناطق الجبلية وانخفاض الغطاء الثلجي للأرض بنسبة 10 في المئة منذ العام 1960 وانخفاض سماكة الجليد فوق جزيرة غرينلاند في المحيط القطبي الشمالي وارتفاع سطح البحر من 10 إلى 20 سم .
ويتنبأ العلماء أنه إذا تواصل المنحى الحالي في توليد ثاني أوكسيد الكربون بأن ترتفع حرارة الأرض خلال القرن الواحد والعشرين ما بين 1.4 الى 5.68 درجات وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع سطح البحر 88 سم وستصبح دلتا النيل في مصر وساحل بنغلادش وقسم من الساحل الصيني مغمورين بالمياه وسيتهجر بالتالي 6 ملايين شخص في مصر و 17 مليوناً في بنغلادش و 72 مليوناً في الصين . ويقدر إجمالي المهجرين في العالم بسبب ارتفاع مستوى البحر خلال القرن بـ 150 مليون شخص .موقع طرطوس
وتقدر الخسائر الناتجة عن هذا الإرتفاع بـ 500 مليار دولار .
وفي البلدان الواقعة على خطوط عرض مرتفعة أي بعيدة نسبياً عن خط الاستواء فإن تسخن الأرض سيؤدي الى أمطار أكثر غزارة في الشتاء وإلى إمكانية حصول جفاف في الصيف وأعاصير أكثر عنفاً . كما أن التسخن سيؤدي إلى اجتياح مرض الملاريا في المناطق المعصومة منه حالياً بسبب ارتفاعها وانخفاض الرطوبة فيها .موقع طرطوس
معظم علماء البيئة متشبثون في اعتقادهم بأن الأرض تسخنت بسبب التلوث الصناعي ( أي نتيجة توليد ثاني أوكسيد الكربون ) .
وحسب ميثاق مؤتمر كميوتو في اليابان ( الذي لم يوقع عليه العديد من المؤتمرين بما في ذلك الولايات المتحدة ) فإن تقليص توليد ثاني أوكسيد الكربون يقع عاتقه بالدرجة الأولى على الدول الصناعية العريقة .
فالتلوث التراكمي منذ بداية الثورة الصناعية هو الأكبر عندها ، بينما الدول المصنعة حديثاً كالصين أو أندونيسيا لم تبدأ إلى منذ ثلاثين سنة بالمساهمة بتلويث البيئة بصورة ملموسة .
وبالنسبة إلى مقدار التلوث السنوي الحالي فإن الدول الصناعية العريقة تسبق بكثير الدول الأخرى . فالولايات المتحدة مثلاً تساهم بـ 25 في المئة من الانتاج السنوي العالمي لثاني أوكسيد الكربون بينما عدد سكانها لا يتجاوز 4 في المئة من سكان العالم .موقع طرطوس
وكان الرئيس الأميركي جورج بوش قد أعلن خلال حملته الانتخابية أنه لن يوقع على ميثاق كيموتو لأنه يعتبر مجحفاً في حق بلاده . فهو يقضي بتخفيض درامي لكمية ثاني أوكسيدالكربون الذي تولده الولايات المتحدة بينما لا يفرض أي تخفيض على بعض الدول النامية . وقد وجد بوش أن هذا الأمر غير عادل ومضر بالاقتصاد الأميركي . وقد استخف البعض بخطاب بوش الانتخابي متصورين أنه مجرد تحركات مسرحية لارضاء الناخبين اليمينيين وأنه لا بد من أن يغير موقفه فور انتخابه . وقد أصيبت دول أوروبا بخيبة أمل – خاصة في فرنسا وألمانيا حيث يشارك عنصر في الإئتلاف الحكومي – عندما يتبين أن بوش كان يعني ما يقوله .موقع طرطوس
مسؤولية الشمس
ويعتمد بوش في رفضه هذا على آراء ونظريات بعض علماء المناخ المنشقين عن الاتجاه السائد في أبحاث حماية البيئة ، والذي ينسب تسخين الأرض إلى التلوث الصناعي بالدرجة الأولى . فهؤلاء المنشقين يشككون في أن تسخن الأرض مرده فقط إلى إنبعاث ثاني أوكسيد الكاربون . فالقضية ليست هذه البساطة والوضوح في آرائهم ، وليس العالم المصنع هو المسؤول الوحيد .
ومن أهم هذه النظريات والأكثر إثارة للجدل ، إن المسؤولة عن التسخين هي الشمس . ومما لاشك فيه ان الإنتاج الحراري للشمس قد تقلب خلال تاريخها الطويل المكون من 4.5 مليارات سنة . وقد حصل مؤخراً انخفاض مؤقت في حرارة الشمس في نهاية القرن السابع عشر عندما غرقت الأرض في عصر جيليدي مصغر . ويمر نشاط الشمس بدورة 11 سنة حصل خلالها ارتفاع ثم انخفاض لطاقة الشمس واضطرابات في حلقها المغناطيسي وظهور بقع شمسية Sun spots .موقع طرطوس
وقد وجد أحد العلماء ترابطاً بين عدد البقع الشمسية في فترة ما حول حرارة الأرض في الفترة نفسها . وأعطى لهذا الترابط تفسيراً وجده البعض ” مقبولاً ” . وهنا مفادها .
– إن انخفاض البقع الشمسية يرتبط بانخفاض الريح الشمسي ” selar wind ” أي السيل المكون من الجزئيات المشحونة بالمنبعثة من الشمس .
– يؤدي هذا الانخفاض في الريح الشمسي إلى زيادة الأشعة الكونية Cosmicrays التي تصل إلى الأرض من عمق الفضاء .
– تتصرف هذه الأشعة الكونية بدورها ببذور لتوليد الغيوم وهذه الغيوم بدورها تعكس حرارة الشمس فتحول دون وصولها إلى الأرض .موقع طرطوس
– إذاً ، إن انخفاض البقع الشمسية يؤدي إلى انخفاض حرارة الأرض . وعندما قارن بعض العلماء المنشقين كثافة الأشعة الكونية بمساحة الغيوم المحيطة بالأرض وجدوا ترابطاً مدهشاً بين الإثنين فاستنتجوا أن تسخين الأرض قد يكون ناتجاً بنسبة 5 % عن التقلبات العادية لطاقة الشمس ، لكن علم طبيعة الغيوم مازال في ” طفولته ” وكل ما تعلمه هو أن بعض الغيوم تعكس نور الشمس بينما تتصرف الأخرى بطريقة شبيهة بغازات الخيم الزجاجية .موقع طرطوس
الحق على البقر وليس على أميركا
ولا يكتفي هؤلاء العلماء المنشقين بإعفاء التلوث الصناعي في 50 في المئة من مسؤولية تسخن الأرض . فهم يقولون أن الوقود النفطية والفحمية لا تولد ثاني أوكسيد الكربون فقط بل مركبات الكبريت أيضاً والتي تلعب دور ” البذور ” في توليد الغيوم ” التي تخفض بدورها حرارة الأرض ” . وهنا تجاهل العلماء ان الكبريت لا يبقى في الجو إلا لفترة قصيرة جداً ( بضعة أيام إلى بضعة أشهر ) ، ثم يهبط بشكل مطر حامضي Acidvain فيدمر الغابات التي يتساقط عليها ما يزيد كمية ثاني أوكسيد الكربون في الجو ، ناهيك عن صعوبة التكهّن كما ذكرنا سابقاً عما إذا كانت الغيوم ستعكس أشعة الشمس أو أنها ستتصرف كغازات الزجاجية فتحبس الطاقة الحرارية داخل الأرض .موقع طرطوس
واقترح بعضهم أيضاً نقل محور البحث من ثاني أوكسيد الكربون إلى الميثان وهو أيضاً من غازات الخيمة الزجاجية ويتولد في المستنقعات وحول الأرز وسماد الأبقار ، أي بالدرجة الأولى في بلدان العالم الثالث .موقع طرطوس
لكن أنصار البيئة يلفتون النظر إلى أن الميثان لا يبقى في الجو إلا لمدة 12 سنة بينما ثاني أوكسيد الكربون يبقى لمدة ما بين 100 و 200 سنة . ويسبب الانحلال المستمر للميثان الموجود في الجو يكفي تقليص إنتاج الميثان الناتج عن نشاطات الإنسان الى 8 في المئة فقط كي يبقى مستوى الميثان في الجو على ما هو عليه حالياً .موقع طرطوس