لا حاجة لنا بعد اليوم لزيارة الصيدلية من أجل شراء المضافات الغذائية . يكفي التجول لدى باعة الخضار لاختيار الجزر المخصص لتقليص مخاطر السرطان والبصل والثوم اللذين يقيا من مشاكل القلب .. والمرور أيضاً على السوبر ماركت لانتقاء الشوكولا التي تحسن الذاكرة وأطباق السلطة التي تحسن المزاج .. موقع طرطوس
لقد غيرت الأطعمة الوظيفية – وهو التعريف الذي أطلق على الأطعمة التي تتميز بفوائد تتجاوز الأسس الغذائية – القواعد والمفاهيم القائمة حول كيفية اعتماد الغذاء الصحي . وفي السنوات المقبلة ، ستمتلئ رفوف المحلات بمجموعات من الأطعمة التي تبدو في ظاهرها عادية وفي محتواها استثنائية . وربما لن ننتظر طويلاً ، فبواكير هذه المنتوجات بدأت تغزو الأسواق ، وهي تحتوي على مضافات أو فوائد ناجمة عن تنمية الخضار والفواكه بطريقة خاصة لتعزيز خواصها الطبية الطبيعية . وفي خطوة متقدمة ، يخطط الباحثون لإعادة تصميم الأغذية من خلال العمل على جيناتها . موقع طرطوس إننا نشهد تزاوج الغذاء والصناعة الصيدلانية ، كما يؤكد ذلك العالم مانفريد كروغر من جامعة بنسلفانيا ، والإحصاءات تشير إلى ان ستة من أصل عشرة متسوقين بدأوا اختيار سلة غذائهم مع فكرة إدارة أو تقليص مخاطر الأمراض التي قد تصيبهم . بعض هذه الأنواع متوافرة منذ زمن طويل ، ومنها عصير الليمون المعزز بالفيتامين C و E والذي بلغ سوقه ، بحسب مجلة Nutrition Business Journal 15 مليار دولار في أميركا ، وهي الأرقام التي يتوقع أن تضاعف في العقد المقبل . نوفارتيز ” Novartis ” ، الشركة السويسرية العملاقة في مجال الصيدلة وصناعة الدواء ، تلقي بكامل ثقلها وراء حركة الأطعمة الوظيفية . وقد ابتكرت منذ عدة سنوات شوكولا Ovaltine الذي يحتوي على فيتامينات ومضافات معدنية . وفي العام 1999 أدخلت Novartis إلى أسواق أوروبا مجموعة واسعة من السيريال ( الحنطة والأرز ) وأطعمة أخرى غنية ومشبعة بمكونات تقلص احتمالات الإصابة بأمراض القلب وترقق العظم ، ومازالت هذه الأطعمة حتى الآن تعتمد نسبياً على المضافات الصحية التقليدية مثل الكالسيوم والألياف . وهذه الشركة العملاقة أعلنت مؤخراً عن استخدام مضاف وظيفي جديد وهو مادة الفيترول Phytrol المستخرجة طبيعياً من لبّ الخشب ، والتي تخفض معدلات الكوليسترول السيئ LDL في الدم . موقع طرطوس في الولايات المتحدة الأميركية ، قطعت السمنة أو المارغرين المصنعة من قبل شركة ” جونسون أند جونسون ” والتي تباع تحت الماركة التجارية Benecol ، أشواطاً بعيدة . والإقبال عليها كان كثيفاً من قبل المصابين بالكوليسترول لطعمها المشابه تماماً لأية سمنة أخرى ولاحتوائها على مركّب مماثل للفيترول المخفض للكوليسترول السيئ . في تشرين الأول من العام 2000 وافقت ” إدارة الغذاء والدواء ” الأميركية “FDA ” على ان بروتين الصويا يخفض من مخاطر أمراض القلب ، ففتحت المجال بهذا القرار أمام مجموعة من الأطعمة المعززة بالصويا من الظهور في الأسواق في غضون الأشهر التي تلت . موقع طرطوس من المنتجات التي تحظى بإقبال واسع نذكر أيضاً نوعاً من الجزر المعزّز بالبيتاكاروتين والأنتوسيانين وهما من مضادات الأكسدة التي تقلص مخاطر السرطان وتحارب الشيخوخة . وقد ظهر هذا النوع من الجزر ذي اللون البني الداكن والذي أطلق عليه بيتا سويت Beta Sweet في أسواق هيوستن ، ويقوم مبتكر هذا النوع ليونارد بايك من جامعة A&M في تكساس بتربية نوع آخر من الجزر الغني بمادة الليكوبان Lycopene التي تمنح ثمرة البندورة لونها الأحمر والتي تخفض مخاطر السرطان . في هذه الأثناء ، يعمل المهندس الزراعي إروين غولدمان في جامعة وسكونسن في ماديسون على عزل المركّبات المضادة لتخثر الدم في البصل والثوم ، والتي من شأنها خفض احتمالات الجلطة الدموية والذبحة القلبية ، وهو ينوي تطوير بصيلات تحتوي على جرعات أعلى من هذه الكيميائيات المفيدة . ويقوم علماء آخرون بتركيز أبحاثهم في ميدان آخر وهو الحامض النووي الريبي المنقوص الأوكسجين ال DNA داخل المزروعات . ويحاول الباحثون في مونسانتو Monsanto إعادة تركيب جينات نبتة البطاطا لتكوين أنواع تمتص زيوتاً أقل خلال القلي . أما العالم أنغو بوتركوس في المؤسسة الاتحادية للتكنولوجيا في سويسرا ، فيعمل على هندسة مجموعة من نوع الأرز المقوّى بالحديد والفيتامين A . أما فريق جامعة كورنيل فيعمل على ما يبدو أكثر الأطعمة المعدلة جينياً طموحاً على الإطلاق ، وهو لقاح صالح للأكل . موقع طرطوس وقد قدم هذا الفريق برئاسة شارل آرنتزن في قسم الأبحاث حول النباتات بتعديل جينات نبتة البطاطا وأدخلوا فيها بروتين من فيروس اليرقان أو ” الصفيرة ” Hepatitis B من النوع غير المؤذي ، ولكن الذي يدرّب الجسم والنظام المناعي فيه على التعرف على الفيروس وتطوير مناعة وقائية . ويعمل آرنتزن على تعديل جينات ثمار أخرى كالموز والبندورة لاستهداف أمراض أخرى مثل الكوليرا ، وقد أثبتت التجارب الأولية على الإنسان في العام الماضي نجاح هذا المبدأ في البطاطا النيئة . والدراسات اللاحقة حول البندورة والبطاطا المطهوة على قدم وساق . على غرار الأرز المقوّي بالحديد ، الهدف من هذه الأطعمة الواقية من الأمراض هو تخفيف معاناة الدول الفقيرة ، حيث يلقى ملايين الأطفال حتفهم بسبب عدم توافر اللقاحات . وفي هذا الإطار ، يقول هذا العالم الرائد إن باستطاعة الناس الحصول على صلص البندورة سواء في كولومبيا أو في كمبوديا . موقع طرطوس جدل حول سلامتها ولكن مازال أمام الأطعمة الوظيفية طريق طويلة قبل أن تتربع على موائدنا ، وقد يحول دون ذلك عقبات كثيرة ، أولها الشك لدى بعض العلماء والناشطين من أن التلاعب بالـ DNA ستكون له مضاعفات صحية سليمة على المدى الطويل . والمعارضة القوية التي شنت مظاهرات عنيفة في أوروبا ضد التعديل الجيني للنبات تنتشر أيضاً في أميركا . ويخشى بعض العلماء ، أمثال عميد كلية جامعة نيفادا في رينو الأخصائي في بيولوجيا النبات دين ديللابينا ، من أن يؤدي الجدل والخلاف القائم حول الأطعمة المعدلة جينياً إلى إبطاء الجهود المبذولة لتحسين الغذاء حول العالم ، ويشير إلى أن العديد من الناس يملكون كفايتهم من الغذاء لكن ذلك لم يحل دون سوء التغذية لأنهم لا يتناولون الغذاء الصحيح . ويرفع الصوت بالقول : عندما تكون بطوننا مليئة نستطيع أن نجادل قدر ما نشاء ، ولكن ثمة 3 مليارات نسمة في العالم يفتقدون إلى هذه الرفاهية في العيش . ويأمل هذا العالم أن يثبت الفوائد المباشرة للأطعمة المعدلة ، وأن يدرك المستهلكين الإمكانات التي تضعها التكنولوجيا في خدمتهم . موقع طرطوس هذا بالنسبة للأطعمة المعدلة جينياً ، لكن الكثير من الأطعمة الوظيفية لا تتطلب التلاعب بالخارطة الجينية للنباتات ، وهي تتم بطريقة طبيعية جداً . على سبيل المثال ، فإن مادتي الفيترول وبروتين الصويا اللتين تتم إضافتهما هما مأخوذتان من الشجرة والحبوب ، كذلك بالنسبة لجيل نبات الجزر الذي ابتكره بايك ، والذي استقدم بذور هذا النوع من البرازيل , والذي يعتبر أن التربية الطبيعية قد لا تكون سريعة المفعول بقدر التعديل الجيني لكنها لا تقلق الناس ولا تثير أية معارضة . وبإمكاننا من خلال التنسيل فقط باللقاح الاصطناعي ” Breeding ” ملء المخازن بأعداد كبيرة من حبوب الصويا الصديقة للقلب والبندورة المقاومة للسرطان والبصل المضاد للتخثر . موقع طرطوس وحتى ولو كانت هذه الأطعمة آمنة ، قد لا تحقق الوعود . فما زال الوقت مبكراً جداً للحكم على بعض ادعاءاتها الصحية ، كتلك العلكة المصنوعة من لب شجر الجنكة ( شجر صيني ) Ginkgo والتي يدعّي مبتكروها أنها تعزز الذاكرة . لا بد من القول إن الأطعمة الوظيفية هذه مازالت تراوح مكانها في ” الخانة الرمادية ” إذ يشوبها الكثير من الغموض ليس من مهمة إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA تقييم الأطعمة المصممة لتحسين شروط الحياة بشكل عام ولا الحكم عليها ، مثل تلك التي يقال إنها تحسن المزاج وتضاعف حدة الذهن ، ولا يوجد إذاً من يقيم مدى سلامة وفعالية هذه الأطعمة . تتولى إدارة الغذاء والدواء فقط فحص ودراسة المكونات الوظيفية الموجهة لمرض معين ، ولكنها لا تقدم أي دليل طبي وتوجيهات عملية حول الجرعات المناسبة من هذه الطعمة أو حول كيفية تفاعلها مع أطعمة أخرى تدخل في النظام الغذائي لأي شخص . ” لاشك أن بعض المتسوقين النهمين يستطيعون الحصول بسهولة على الكثير ، وهذا ” الكثير ” من الطعام الصحي جداً قد يصبح مؤذياً ” . موقع طرطوس يأمل المتفائلون أن تتمكن التكنولوجيا الحديثة من وضع حدّ لهذا الغموض ، ويتوقع أحدهم ، وهي مديرة برنامج الأطعمة الوظيفية في جامعة ” إيللينوي ” . أن تتحول محلات البقالة في المستقبل إلى عيادات مصغّرة تؤمن للمتسوقين اختباراً سريعاً للدم وصورة فورية عن خارطتهم الجينية ، بما فيها مخاطر الأمراض لديهم . وتضيف كلير هاسلير : ” آمل أن يؤدي ذلك إلى أن يقوم الناس باختيار أنماط الغذاء التي تقي من أمراض مزمنة عديدة نواجهها ” . فهل ذهبت هذه العالمة بعيداً في مخيلتها ؟ موقع طرطوس في الواقع ، قد تكون واقعية جداً . فالتركيز على النمط الغذائي بدأ فعلياً حتى قبل أن يولد المرء ، وقد سبق وقامت المستشفيات بإجراء الاختبارات على المواليد الجدد للكشف عن أنزيم الـ Phenylalanine Hydrolase الذي يجب أن يتجنب الأطفال المصابون بفقدانه أي طعام يحتوي على الأحماض الأمينية من هذا الأنزيم ، والمتواجدة في اللحوم وفي حليب الأم ، وإلا تعرضوا لخطر التأخر الذهني . لقد بدأ العلماء بتعديل النظام الغذائي استناداً إلى الجينة ، وقريباً جداً سوف يصبح بإمكانهم قراءة الخريطة الجينية للطفل حتى قبل أن يولد ، وذلك من خلال سحب كمية من السائل الأميني . ولا شك أن الأهل سوف يكونون حريصين على اختيار الأطعمة الوظيفية المناسبة لطفلهم ، ما علينا سوى الانتظار قليلاً للتحقق مما ستحققه شركات تصنيع الغذاء ، والآتي قريب .