أسباب فيروسية أو بكتيرية أو طفيلية
يعتبر الإسهال الحاد من المشاكل الهضمية التي تصيب ما يزيد على 10 % من البشر سنوياً ، وأعراض هذا المرض تشمل البراز السائل ، والتقلصات البطنية ، ومن أكثر أسبابه شيوعاً : العدوى الناجمة عن الفيروسات ، أو البكتيريا ، أو الطفيليات ، وهناك أسباب أخرى تشمل الأدوية ، وبالأخص المضادات الحيوية والمحليات الاصطناعية .
وغالباً ما تستمر الإصابة بالإسهال المزمن لفترة أطول من فترة الإصابة بالإسهال الحاد ، علاوة على أنه أخطر ، وينجم عنه إصابات مثل : متلازمة الأمعاء المتخرشة ، وقد يتسبب في فقدان كمية كبيرة من مياه وأملاح الأمعاء .
والواقع إن الإصابة بالإسهال المزمن ، أو الإصابة المتكررة بالإسهال عموماً ، ربما تكون مؤشراً لوجود مشكلة صحية خفية ، كوجود عدوى مزمنة ، أو الإصابة بالتهاب الأمعاء ، أو ضعف امتصاص العناصر الغذائية . ومن المعروف أن معظم حالات الإصابة بالإسهال تزول من دون علاج ، ولكن في حال استمرارها لفترة طويلة ، وإصابة المريض بنقص السوائل ، ينبغي مراجعة الطبيب على الفور .
وقد يسبق الإصابة بالإسهال الناجم عن عدوى ، شعور بالدوار والتقيؤ ، وفي بعض الأحيان تسبب العدوى البكتيرية ، أو الطفيلية ، ظهور دم في البراز ، وقد يرافق هذه الأنواع من العدوى ، ارتفاع في درجة الحرارة ، ويعتبر استمرار آلام البطن ، مؤشراً لوجود أسباب أكثر خطورة للإصابة ينبغي عدم إهمالها .
المسببات
يبقى الطعام الذي نتناوله في حالة سائلة خلال معظم عملية الهضم ، وعندما يمر في القولون ، يتم امتصاص معظم السوائل منه ، وما يتبقى يشكل البراز الذي يكون في حالة شبه صلبة . وفي حالة الإصابة بالإسهال ، فإن الطعام ، بما في ذلك السوائل التي تم هضمها ، والتي أفرزها الجسم ، تمر بسرعة كبيرة أو بكميات كبيرة ، عبر القولون ، وفي هذه الحالة لا يتم امتصاص السوائل بشكل جيد ، وبالتالي يكون البراز سائلاً ، وقد تكون بطانة القولون ملتهبة ، أو مصابة بمرض ما ، الأمر الذي يجعل هذا العضو غير قادر على امتصاص السوائل بشكل جيد ، وتشمل أكثر مسببات الإسهال شيوعاً :
· الفيروسات : ومنها الروتافيروسات (نوع من الفيروسات تسبب الالتهاب المعوي المعدي ) والفيروسات الغدية ( نوع من الفيروسات يصيب البشر ويسبب أمراضاً في الجهاز التنفسي ) . ومن خلال الاحتكاك المباشر ، يمكن أن يصاب المرء بالإسهال الفيروسي .
· البكتيريا والطفيليات : هناك طفيليات كائنات دقيقة مثل ” جيارديا لامبيليا ” و ” كريبتوسبويديوم ” ، يمكن أن تسبب الإسهال ، فبعض البكتيريا ينتج سما يقوم بتحفيز خلال الأمعاء من أجل إفراز الأملاح والماء ، بدلاً من امتصاصها ، الأمر الذي يخفض من قدرة الأمعاء الدقيقة أو القولون أو كليهما معاً ، على امتصاص السوائل ، وبالتالي يصبح الشخص مصاباً بالمرض . وقد تنتقل البكتيريا والطفيليات إلى الأمعاء عن طريق الماء ، والأغذية الملوثة . ويمكن أن تكون الإصابة أحد الآثار الجانبية للعديد من الأدوية ، بشكل خاص بالمضادات الحيوية ، فهذه العقاقير تؤثر على التوازن الطبيعي للبكتيريا في الأمعاء . وبالإضافة إلى ذلك ، فإن المحليات الاصطناعية مثل السوربيتول ، والمانيتول ، الموجودة في اللبان الخالي من السكر ، يمكن أن تسبب الإسهال عند بعض الأشخاص الأصحاء .
التشخيص والعلاج
عندما تستوجب الإصابة بالإسهال الحصول على رعاية طبية، يقوم الطبيب بتوجيه بعض الأسئلة للمريض حول الأعراض ، ومن ثم يحدد ما إذا كان مصاباً بالجفاف ، ويجب على المريض أن يطلع الطبيب على كافة الأدوية التي كان يتناولها ، على اعتبار أنها قد تكون السبب الذي أدى إلى الإصابة . وقد يضطر الطبيب إلى إجراء اختبار للدم والبراز ، للتأكد من وجود أو عدم وجود إصابة بعدوى ما سببت الإسهال .
ومن المرجح أن يطلب الطبيب من المريض شرب كمية من السوائل ، ومزيج من الاليكتروليت (مركب كيميائي يتحول إلى أيونات في المحلول ويستطيع نقل التيار الكهربائي ) لتعويض السوائل والمواد الكيميائية التي فقدها الجسم بسبب الإسهال . فالجسم يحتاج إلى نسبة ملائمة من المعادن وبالأخص الكالسيوم والبوتاسيوم ، من أجل الإبقاء على التيار الكهربائي الذي يحافظ على نبض القلب . وأي خلل في مستوى السوائل والمعادن في الجسم ، سيؤدي إلى خلل في توازن الاليكتروليت .
وإذا ما قرر الطبيب أن سبب الإسهال هو المضادات الحيوية ، عندها يجب التوقف عن تناول هذه العقاقير . ولكن في حال كان سبب الإسهال يعود الى عدوى طفيلية ، فسوف تساعد المضادات الحيوية في تخفيف الأعراض ، بيد أن هذه المضادات لن تفيد في حال كان الإسهال فيروسياً وهو أكثر أنواع الإسهال شيوعاً .
الوقاية
يمكننا القيام بأشياء بسيطة لمنع انتشار الإسهال الفيروسي ، وذلك من خلال غسل اليدين ، وتشجيع الأطفال على ذلك أيضاً ، ولأن الإسهال الفيروسي ينتقل بسرعة ، فمن الأهمية بمكان عدم إرسال الأطفال المصابين بالإسهال الفيروسي إلى المدرسة ، وإبقائهم في المنزل ، لكي تتم رعايتهم بشكل يومي . وللوقاية من الإصابة بالإسهال الفيروسي عن طريق الأغذية الملوثة ، يمكن استخدام الألبان والأجبان المبسترة على اعتبار أن عملية البسترة تشمل تسخين المواد الغذائية لفترة معينة من أجل قتل البكتيريا ، ومن الضروري أيضاً تناول الطعام بعد نضجه مباشرة ، أو وضعه في الثلاجة ، وعدم تركه معرضاً لجو الغرفة ، لأن ترك الطعام في درجة حرارة الغرفة يتيح فرصة لتكاثر البكتيريا .
وخلال فترة التعافي من الإسهال الفيروسي ، لا بد من اتخاذ بعض الإجراءات للحيلولة دون الإصابة بالجفاف ، وتشمل هذه الإجراءات تناول كمية من السوائل النقية (8-16 كوباً) ومنها الماء ، والعصائر ، والشاي المنزوع النكهة ، بشكل يومي . ومن الممكن أيضاً إضافة الأغذية شبه الصلبة ، ومنخفضة الألياف بشكل تدريجي مع عودة حركة الأمعاء إلى الحالة الطبيعية ، ومن هذه البيض والتوست والأرز ، والدجاج ، ويجب خلال هذه الفترة تجنب تناول الألبان والأجبان ، والأغذية الدسمة ، والمحتوية على كمية كبيرة من التوابل والكافيين ، وكذلك التوقف عن النيكوتين .
إسهال المسافر
من أكثر الأشياء التي يمكن أن تفسد الإجازة السياحية في دولة أجنبية إصابة السائح بالبراز السائل ، والتقلصات البطنية ، على الرغم من أن هذا النوع من الإسهال لا يعتبر خطيرا . وقد سمي إسهال المسافر لأنه يصيب المسافرين بشكل متكرر . فالسفر إلى بلد أجنبي سوف يؤدي ، بشكل أو بآخر ، إلى الإصابة باضطراب هضمي ، ولكن إذا كان المكان المقصود مختلفاً عن الوطن من حيث المناخ ، والظروف الاجتماعية ، أو المقاييس الصحية ، عندها يزداد احتمال الإصابة بالإسهال .
وتعود الإصابة بإسهال السفر إلى مجموعة من العوامل ، من ضمنها : الأغذية والمشروبات غير الاعتيادية ، والتغيرات في البكتيريا التي تتواجد بشكل طبيعي في الأمعاء ، والتغيرات في نمط المعيشة ، وفي بعض الأحيان العدوى الفيروسية .
وفي معظم الأحيان تكون الإصابة بإسهال السفر ناجمة عن الافتقار إلى الظروف الصحية المناسبة . فالأغذية والمياه الملوثة ، تحتوي بكتيريا ممرضة ( وأشهرها بكتيريا ايشيريشيا كولي ) تلصق نفسها في بطانة الأمعاء الدقيقة وتفرز السموم , وبدورها تتسبب هذه السموم الإصابة بالإسهال ، وتقلصات البطن . وهناك أنواع عديدة من الملوثات تشمل بكتيريا ، وفيروسات ، وطفيليات ، وكائنات أخرى ، إضافة إلى السموم مختلفة تسبب الإسهال .
وهناك فئات من البشر أكثر عرضة للإصابة بإسهال السفر مثل الشباب ، وليس هناك سبب واضح يفسر إصابة هذه الفئة بالإسهال أكثر من الأشخاص الأكبر سناً ، بيد أن ذلك يمكن أن يعود إلى أن الشباب لا يمتلكون المناعة الكافية بعد ، إضافة إلى أنهم أكثر ميلا للمغامرة من كبار السن خلال أسفارهم ، أو ربما يختلفون من حيث العادات الغذائية . وإلى جانب الشباب ، هناك الأشخاص الذين يمتلكون أجهزة مناعية ضعيفة ، على اعتبار أن النظام المناعي الضعيف يزيد من وقوع الجسم ضحية الأمراض .
وهناك أيضاً المصابون بالسكري ، أو التهاب الأمعاء ، فحالات مرضية كهذه تجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بأنواع أخرى من المرض . وأما الفئة الرابعة فتتمثل في الأشخاص الذين يتناولون العقاقير الكابحة لأحماض المعدة أو مقاومات الأحماض . والمعروف أن الحمض يقتل الأحياء الدقيقة ، ولذلك فإن انخفاض مستواه سيتيح مجالا لتكاثر البكتيريا .
الوقاية
لسوء الحظ ، لا يتوافر لقاح مضاد للإسهال ، كما أن خبراء الصحة عموماً لا يحبذون استخدام المضادات الحيوية ، أو أية عقاقير أخرى ، كإجراءات وقائية ، خشية أن تصبح العوامل المسببة للإسهال مقاومة لهذه الأدوية ، علاوة على أن المضادات الحيوية يمكن أن تسبب بظهور آثار جانبية ، مثل الطفح الجلدي ، والحساسية للشمس وعدوى مهبلية ، ناهيك عن أنها يمكن أن تسبب إسهالاً خاصا بها .
وقد ينصح بعض الأطباء بتناول ” بيزميث سبساليلات ” ( بيبتو- بيومال ) الذي يمكن أن يخفض من احتمالات الإصابة بالإسهال . وعلى كل حال ، لا يجب أن يؤخذ هذا الدواء لفترة تتجاوز 3 أسابيع ، أو في حال كان الشخص يعاني من حساسية للأسبرين ، أو من قبل الحوامل ، أو من قبل من يتناول مضادات التخثر ، وتشمل الآثار الجانبية لهذا الدواء اسوداد اللسان ، والدوار ، والتقيؤ ، ونادرا ما يحدث طنين في الأذن .
ولعل أبسط الطرق الفعالة في خفض احتمالات الإصابة بإسهال السفر تتلخص في تجنب تناول الأغذية والمشروبات الملوثة ، وعليه، فعند زيارة بلد أجنبي ، لا بد من مراعاة تطبيق مجموعة من التعليمات ومن بينها :
· عدم تناول الماء غير المعقم من الصنابر والآبار والينابيع ، وتبقى المياه المعبأة آمنة طالما أنك تفتحها بنفسك ، وإذا ما اضطر الأمر إلى شرب الماء المحلي ، يجب أن يتم غليه لفترة تتراوح بين 5-10 دقائق أولاً .
· تجنب تناول العصائر الباردة المصنوعة من ماء الصنبور .
· استخدام الماء المعبأ لتنظيف الأسنان بالفرشاة . وتجنب تناول الأطعمة النيئة عموما وخصوصاً السلطات المكونة من الخضراوات النيئة .
· عدم تناول اللحوم والأطعمة البحرية النيئة .
وينصح خبراء الصحة في هذه الحالة بتناول الأغذية الساخنة ، والأغذية الجافة ، والخبز ، والأطعمة التي تحتوي نسبة عالية من السكر ، والفواكه التي يقوم الشخص بنفسه بتقشيرها ، مثل الموز والبرتقال ، والبطيخ .