قلما تخلو موائد الافطار في رمضان من التمر، فهو غني بالسكريات التي توفر للصائم عند فطره طاقة عالية سهلة التمثيل والامتصاص. ولكن من المهم التنويه إلى أن أنواع التمر تختلف ليس فقط في الحجم واللون والطعم ولكنها تختلف أيضاً في ما تحتويه من عناصر غذائية عديدة بسبب مرحلة نضجها أولاً وبسبب نوعها ثانياً. فالتمر يؤكل كما هو معروف خلال ثلاث من مراحل نمو ثمرته وهي مرحلة البسر أو البلح، ومرحلة الرطب، ومرحلة التمر. وللثمرة في كل من تلك المراحل الثلاث خصائص تغذوية معيّنة، فالبسر أو البلح غني بالألياف وبمادة العفصين القابضة بينما يعتبر محتوى أغلب أنواعه من السكريات في هذه المرحلة قليل مقارنة بمرحلتي الرطب والتمر. ويصير التمر بلحاً او بسرا في فصل الصيف، ولا تستمر هذه المرحلة طويلاً.
أما في مرحلة الرطب فالتمر كما يدل عليه اسمه غني بالرطوبة وبه كمية جيّدة من السكريات ولذلك يصلح للأكل خلال الأوقات الحارّة والمعتدلة. أما خلال مرحلة التمر أو تمام نضج الثمرة حين تقل الرطوبة فيها فتزداد نسبة السكريات ولذلك يكون أكل التمر في هذه المرحلة مناسباً للأجواء الباردة بسبب كثرة السعرات الحرارية فيه وغير مناسب للأجواء الحارة مثل أيامنا هذه خاصة إذا كان مكنوزاً (محفوظاً عن طريق الكبس).
والتمر بشكل عام له أنواع كثيرة تختلف في محتواها من السكريات وفي تأثير تلك السكريات على الهضم وعلى ارتفاع السكر في الدم. وأغلب أنواع التمر تحتوي على ثلاثة انواع رئيسية من السكريات هي الجلوكوز والفركتوز والسكروز بنسب مختلفة. ويجب أن نعترف أنه على الرغم من أن التمر هو الفاكهة المحليّة الأولى في بلادنا إلا أن الأبحاث التي تجرى على أنواع التمر وتأثيرها على الجسم من حيث سرعة الامتصاص وكفاءته، ورفع سكر الدم، ومحتوى التمر من عناصر الأثر trace elements وغيرها من التأثيرات قليلة جداً وهذا أمر مخجل ومحزن! والثابت أن هناك فروقاً كبيرة بين أنواع التمر المختلفة وهو أمر انتبه له آباؤنا حيث يقولون هذا تمرته باردة، وهذا تمرته حارة على الكبد. وقد يكون اختلاف تأثير التمر على الجسم مردّه إلى اختلاف محتواه من السكريات.
وتبعاُ لكتاب “نخلة التمر ماضيها وحاضرها” من تأليف عبدالجبّار البكر، يكون سكر التمر على شكلين: سكر ثنائي وهو السكروز (يتألف من ذرتين من الهايدروجين وذرّة من الأوكسجين)، وسكر أحادي هو السكر المختزل (الذي يعتبر خليطاً من الجلوكوز والفركتوز ويتألف من عدد مماثل من ذرات الكربون والهايدروجين والاوكسجين). وهذه السكريات تختلف في صفاتها الكيميائية والطبيعية كطريقة تبلورها وحلاوتها ودرجة انصهارها وإذابتها في الماء. والاختلافات هذه دليل على ان استجابة الجسم وتمثيله للتمر تتغيّر حسب نوع التمر ونوع ما يحتويه من سكريات.
وفي بحث لسليمان عبدالعزيز اليحيى من كلية الزراعة جامعة الملك سعود بالقصيم عنوانه “استخراج السكريات من ثلاثة أصناف من تمور منطقة القصيم في المملكة العربية السعوديّة” قام الباحث بتحليل ثلاثة أنواع من التمر هي: السكري والشقراء ونبتة علي من حيث محتواها من السكروز، ومن السكريات المختزلة (الجلوكوز والفركتوز)، ومن السكريات الكليّة. وكانت نتيجة البحث كالتالي:
السكري: 28% سكريات مختزلة، و55% سكروز، و83% سكريات كليّة.
الشقراء: 74% سكريات مختزلة، و8% سكروز، و82% سكريات كليّة.
نبتة علي: 36.5% سكريات مختزلة، و 48% سكروز، و84.5% سكريات كليّة. ويلاحظ أن السكريات الكليّة في الأنواع الثلاثة متقاربة، ولكن الاختلاف في نسب السكروز واضح بينها. ويقول آباؤنا إنهم كانوا يأكلون صحوناً من تمر الشقراء (الشقر) ولا يشتكون من شيء لأنها باردة على عكس السكري الحار. والمجال مفتوح الآن وبلادنا بها أنواع كثيرة جداً من أنواع التمر لإجراء المزيد من البحوث ليس فقط على أنواع التمور ومحتواها من السكريات إنما أيضاً على تأثير تلك السكريات والعناصر الغذائية الأخرى في التمورعلى توازن السكر في الدم بشكل خاص.