بين الصحافة الورقية والصحافة الإلكترونية عداء وتنافس كبير لم يحسم لصالح أحد بعد، فالعصر يتجه إلى الحداثة والتطوير وهو منهج الصحافة الإلكترونية، أما الأصالة فلا جدال في فوز الصحافة الورقية بها كأساس الصحافة ، ولكن أي واحدة منهما ستتربع على عرش صاحبة الجلالة وأيهما ستأخذ لقب الوصيفة الأولي. متطلبات العصر في طريق، وأنصار الأصالة في طريق آخر. ولكنه بات من المبكر الحكم على من منهما ستطرد الأخرى من الساحة، أم سيتمكنان من العيش معاً في سلام.موقع طرطوس
يرى د. عاطف الحطيبى أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة حلوان أنه منذ ظهور الإنترنت وهو عبارة عن نسخ الكترونية، مجرد مواقع إلكترونية تقوم بتغطية الحدث في وقته وتقوم بإجراء المقابلات مع الشخصيات ذات الصلة والتغطية السريعة للحدث بالصوت والصورة في لحظة وقوعه، وهو ما تقوم به الصحيفة الورقية في اليوم التالي مع مراعاة اختلاف وقت الطبع كما تملك المواقع الالكترونية ميزة تحديث الأخبار إلى جانب أخذ الآراء والتعليقات من القراء على الحدث بشكل حر بلا رقابة، وفى الوقت ذاته شاع استخدام الإنترنت وسط جيل الشباب العربي حيث انخفضت تكلفة هذا الاستخدام وانخفض سعر الكمبيوتر مما أتاح الفرصة لمضاعفة أعداد المستخدمين مما أدى إلى زيادة الوغى في الشارع العربي بأن هناك شيئاً اسمه صحافة إلكترونية نستطيع من خلالها الحصول على المعلومة بسهولة وبلا رقابة مثل الصحف الورقية، بالإضافة إلى إمكانية الإطلاع على صحف خارجية بلا مقابل مادي يذكر إذا ما قورنت بسعر الصحيفة الورقية التي تشحن بالطيران وتصل في اليوم التالي لصدورها مما يعيق الخبر عن الوصول في حينه في وقت يمكن للصحافة الإلكترونية أن تحدّث من أخبارها بمعدل مرة كل 5 دقائق حسب التطورات الأخيرة للموقف. والقارئ الإلكتروني يثق ثقة تامة بصحيفته الإلكترونية التي تكون بعيدة عن التعتيم والتكتم وتلفيق الأخبار الذي عانينا منه لسنوات مع إمكانية التعليق على الخبر أو الموضوع الصحفي سلباً أو إيجاباً بحرية مطلقة مع الثقة أن الرأي لن يحجّم وسينشر كاملاً وسيطلع عليه جميع زوار الموقع.موقع طرطوس
أما د. شيمة عبد الحميد أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة فترى أن الصحافة الورقية هي صاحبة الجلالة بلا منازع فلا شيء سيزحزح الملكة من مكانها حتى مع الطوفان التكنولوجي الذي يطيح بكل ما حوله، حيث أن الصحف الورقية هي الأيسر وهى الأصل، وعلى الرغم من ركوب الصحافة للجواد الالكتروني فإنه سيظل بعيداً عن دائرة الضوء الرئيسية، فالإعلام الإلكتروني وسيلة نشر قوية، ولا أحد ينكر ذلك. لكن الذي يستخدمه شريحة معينة فقط من المجتمع، وهى فئة الشباب الذي تربى على واستخدام الإنترنت أما الشرائح الاجتماعية الأخرى فهي منفصلة عن هذا الواقع لذا فالمقارنة غير منصفة، ولا يمكن لواحدة أن تلغى الأخرى، هذا إلى جانب أن طبيعة المواطن العربي تثق أكثر في الخبر المنشور في صحيفة ورقية يعرفها حتى أن كانت محدودة التوزيع، فهو على يقين أن من نشر هذا الخبر قد راجع مصدره وأقره المسؤول عنه وأقرته الصحيفة، نتيجة لإجراءات المتابعة والرقابة، وهو الشيء الذي يختلف تماماً عن الصحافة الالكترونية التي يعمل بها صحفيون غير محترفين لا ينطبق عليهم مفهوم خبرة وحرفية الصحفي الورقي في الأداء، هذا غير أن الحرية الزائدة الممنوحة لهذه المواقع لا تمنع من نشر خبر ملفق أو غير صحيح مما يفقد الصحافة الإلكترونية لمصداقيتها أمام قرائها وعدم الثقة في محتواها، ولعل أبرز دليل على ذلك هو “البلوجرز” أو صحف الحائط الإلكترونية التي يشارك بها الشباب بآرائهم بحرية تامة تفتقد للمسؤولية قد تجعل الشباب مضرين لأنفسهم ولمجتمعاتهم مما يضعف الثقة بالمحتوى المعلوماتي للصحافة الإلكترونية.موقع طرطوس
وتضيف د شيحة أن الانترنت ما زال حديث العهد ولا يتمتع بالثقة الكاملة بمجتمعاتنا العربية إلا بشريحة الشباب الذي يستخدمه كثيراً واعتاد عليه وهم شريحة بطبعها غير ميالة لقراءة الصحف الالكترونية وتكتفي بشريط الأخبار في موقعها المفضل دون الدخول لتفاصيل المعلومة مثل شريط الأخبار بالتليفزيون الذي أغنى المشاهد عن متابعة النشرة التفصيلية.موقع طرطوس
علاقة تكامل
د. إسماعيل إبراهيم نائب رئيس تحرير الأهرام العربي ورئيس تحرير موقع ويزا wisa com يقول: لا يشك أحد في خطورة وعمق الأثر الذي أحدثه الإنترنت بالصحافة الورقية، والتى حولها لصحافة إلكترونية مما جعل الحرب تشتد بين كل ما هو إلكتروني وغير إلكتروني لذا فصبغة المنافسة فرضت نفسها على الصحافة الإلكترونية منذ ظهورها، لكن لماذا لا يتم النظر إلى العلاقة بين الصحافة الالكترونية والورقية كعلاقة تكامل وليس تنافس؛ فهناك أجيال من الشباب العربي نشأوا واعتادوا على الإنترنت ولا يقبلون على الصحف المطبوعة. أيضاً هناك أجيال من المواطنين العرب بسبب ظروف مادية أو علمية أو أي شيء آخر لا يقبلون أبداً على صحافة الإنترنت ولا يعرفون شيئاً عنها وبالتالي لا يقبلون عليها.موقع طرطوس
لكن بالرغم من أن الوسيلتين لا غنى عنهما في الوقت الحبالى باعتبارهما من وسائل التثقيف، فإن هناك مجموعة من التحديات تقف أمام كل منهما فالصحافة الالكترونية تعانى من تواضع أعداد المستخدمين الإلكترونيين، والذين تصل أعدادهم إلى 14 مليون مستخدم معظمهم شباب بالإضافة إلى غياب آليات التمويل عن الصحافة الالكترونية وهى التمويل الذاتي أو الإعلانات حيث إن المعلن العربي لا يثق تمام الثقة بالإنترنت بصفة عامة بالإضافة إلى نقص المحتوى العربي على الانترنت الذي يقف وراء عدم انتشار هذا النوع من الصحافة بصورته الواضحة على عكس الحال في الغرب.موقع طرطوس
ويشير د. إسماعيل إلى أنه ما زالت هناك مميزات للقارئ الإلكتروني وهى السرعة في معرفة الأحداث ورصدها لحظة بلحظة على عكس الصحف الورقية التي تتابع على مدار أيام وليس دقائق بالإضافة لشيء هام جداً وهو غياب الرقيب عن الموضوعات الصحفية التي يتم نشرها نظراً لأن الإنترنت عبارة عن عالم مفتوح لا قيود به أو أبواب لكن ما زالت الصحافة الورقية هى المختصة بنقل المقالات وهى المكان المفضل للكتاب العرب والقراء العرب أيضاً لقيامهم بالرصد والتحليل للحدث من خلال مقالات مطولة لن يتسنى للقارئ الإلكتروني الحصول على هذه الميزة.موقع طرطوس
ويرى المهندس محمد أبو السعود مدير تحرير موقع “Apatop” أن الصحافة الالكترونية هي صحافة خبرية من الطراز الأول وليست تحليلية لما تتمتع به الصحافة الإلكترونية من نشر الحدث في نفس وقت حدوثه مع إمكانية التعديل بإدخال آخر التطورات عليه في أية لحظة مما يضمن لها الصدارة من حيث الخبر الصحيح والسريع، أما الصحف الورقية فهي تقوم على تحليل الحدث من خلال المقالات والآراء والتعليقات على الأحداث.
الإعلان الإلكتروني
ويؤكد محمد أبو السعود أن استخدام الصحافة الالكترونية ارتفع بشكل أكبر بكثير عن ذي قبل فما حاجة القارئ للخروج وشراء جريدة ورقية تتكلف مادياً ولا تأتى بكل جديد بل يتم طبعها في الساعة السادسة من اليوم السابق لصدورها، في الوقت الذي يستطيع فيه المستخدم للإنترنت أن يضغط على عدة أزرار لتوصله لجريدته المفضلة من خلال موقعها على الإنترنت أو موقعه الإلكتروني مع ضمان سرعة وصول آخر الأحداث لديه قبل غيره في سبق غير مكلف مادياً أو صحياً، فجهاز الكمبيوتر أصبح متوفراً بكل منزل ومكتب عمل.
وفيما يتعلق بالإعلان الإلكتروني فعاجلاً أو آجلاً سيتجه الناس للإنترنت للإعلان عن بضائعهم، فأكبر الجرائد الورقية قد توزع مليون نسخة يومياً أما الموقع الإلكتروني فيقدم على زيارته يومياً أكثر من 3 ملايين شخص وليس في نطاق دولة واحدة بل على المستوى العالمي في وقت لا يمكن للصحيفة الورقية أن تصل ليد المستهلك خارج نطاق الدولة في إطار متأخر، مما لا يجعل هناك وجهاً للمنافسة بين الإعلان على الموقع الإلكتروني والصحيفة الورقية.موقع طرطوس
أما داليا محمد إبراهيم نائب تحرير مؤسسة “نهضة مصر” ومسؤولة النشر الإلكتروني بالمؤسسة فترى أنه لا غنى عن الصحافة الإلكترونية كوسيلة حياتية حديثة فرضتها الثورة التكنولوجية، كما أنه لا غنى عن الصحافة الورقية كصحافة اعتاد عليها القارئ العربي لذا فلا مجال للمنافسة بين المجالين، فلكل منهما نطاق عمله التي لها السبق فيه، فالصحافة الالكترونية لا تضاهيها صحيفة ورقية من حيث سرعة نقل الحدث وملاحقة تطوراته، أما الصحيفة الورقية فلا مجال للمنافسة معها في التحليل والتعليقات على الأحداث بالإضافة إلى الارتباط النفسي للقارئ بها، والذي يجد بها لقاء مباشراً مع كتابه المفضلين الذين لم يجدوا لهم مكانا بعد بالجريدة الالكترونية، والارتباط النفسي قد يولد حالة من عدم الاتزان إن فقد القارئ صحيفته اليومية مستبدلاً إياها بموقع الكتروني.
وتضيف داليا إبراهيم أن هناك تقليداً جديداً وهو خطوة على طريق التكامل بين الصحافة الإلكترونية والورقية وهى إنشاء أغلب المؤسسات الصحفية الكبرى لمواقع خاصة بمطبوعاتها مما يمثل خطوة تلاق كبيرة بين الموقع الإلكتروني والصحيفة المطبوعة لتوفير أفضل الخدمات الممكنة للقارئ من حيث السرعة في نقل الخبر من موقع حدوثه إلى شاشات الإنترنت في أسرع وقت ممكن مع إمكانية التحليل وقراءة ما وراء الخبر والتعليق عليه بالآراء من الخبراء والمتخصصين والكتاب المفضلين بالصحيفة المطبوعة وبذلك تم الالتقاء بين النقيضين في صورة سهلة بفضل التكنولوجيا الحديثة.موقع طرطوس
وسائط متعددة
أما أحمد دهمش محرر بموقع “وكالة الصحافة العربية” فيرى أن الصحافة الإلكترونية هي العنصر الذي سيسود خلال سنوات قليلة قادمة لما تتميز به من سرعة في البحث والإدخال بالإضافة إلى حماية المادة الصحفية من الضياع وسرعة وصولها للقارئ من خلال الاطلاع المباشر أو إرسال الخبر من خلال الإيميل، وحديثاً من خلال المحمول ورسائله الوسائطية، وقد تم توفير خدمات رسائل الأخبار من بعض مواقع الأخبار والصحف الالكترونية للموبايلات المستخدمين في نفس وقت كتابة الخبر على الموقع من خلال جهاز الــ I – Mate الذي يتيح إرسال الخبر لآلاف الأشخاص في ثانية واحدة بمجرد ضغط أزرار بسيطة، فضلاً عن أن العلم الحديث يتجه نحو كل ما هو إلكتروني سواء كان في الصحافة أو الإعلام أو حتى وسائل العلم والبحث العلمي حتى في اختيار الملابس والتسوق وقريباً سيصبح العرب مثل اليابان في اعتبار كل من لا يستطيع استخدام الكمبيوتر “أميا”، أما فيما يتعلق لافتقاد الصحيفة الإلكترونية لكتاب مشهورين مثل كتاب الصحيفة الورقية، فإن هناك كتاباً قد تمكنوا من تخطى هذه الفجوة من خلال توفير مواقع خاصة بهم للتواصل مع القراء مباشرة والاطلاع المباشر على كتاباتهم دون الاحتياج للتواصل معهم من خلال جرائدهم الورقية.موقع طرطوس
ويؤكد أيمن القاضي رئيس تحرير موقع القناة الفرنسي “qanat.com” أن مصر والوطن العربي شهدا طفرة خلال السنوات الــ 5 الأخيرة في مجال الصحافة الإلكترونية ولعل أهم عوامل انتشارها هو وصول الإنترنت لكل بيت بالإضافة إلى شغف الشباب للتعرف على الأخبار والأحداث بشكل سريع وملخص وهو ما يوفره الموقع الإلكتروني فضلاً عن توفيره للخبر في نفس وقت حدوثه والآن أصبح الخبر مرتبطاً بزمن حدوثه وليس مكان حدوثه، مما سهل وظيفة الصحافة الالكترونية لنقل الأخبار من جميع أنحاء العالم لجميع أنحاء العالم. كما يتوفر بالصحافة الالكترونية قدر من الحرية لم يتوفر بعد للصحافة الورقية رغم وجودها منذ أكثر من قرون، بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها الصحيفة الإلكترونية من منتديات حوارية وتعليقات للقراء على الأخبار، ولإمكانية تواصل القارئ مع الكاتب بشكل مباشر مما ربط بين طرفي العملية الصحفية الكاتب والقارئ، لكن في مجال المنافسة فلا منافسة بين الصحافة الورقية والالكترونية بل المنافسة بين الصحافة الإلكترونية والفضائيات لما يتمتع به الاثنان من سرعة وحرية واشتراك في مجال واحد وهو التكنولوجيا، لكن الصحافة الورقية فيها تفاعل ورباط بينهما وبين القارئ اعتاد عليه منذ سنوات، فمتعه القراءة من الوسيط الورقي لها بريق معروف لن يخبو مع إحلال الصحافة الالكترونية محلها، ولعل إنشاء الصحف الورقية لمواقع لها على الشبكة الدولية قد حل مشكلة المنافسة ليحولها لتعاون وتكامل لإرضاء جميع الأطراف سواء من أوساط الشباب أنصار الحداثة، أو الكبار أنصار الأصالة والتقليدية لتصبح الجريدة الإلكترونية ذات صبغة ورقية كذلك الورقية ذات صبغة إلكترونية لتزيد ثقة القارئ بها.موقع طرطوس
العرب أون لاين – غادة إبراهيم