لا يدرك بعض الآباء أحياناً أن أسنان الطفل معرضة للتسوس حالما يبدأ ظهورها في الفم ، وقد يهمل البعض الآخر عرض أطفالهم على طبيب الأسنان لعلاج التسوس أو المشكلات الأخرى التي تصيب أسنان أطفالهم عند الصغر، ظناً منهم أن لا أهمية لعلاجها ما دامت ستتبدل بالأسنان الدائمة لاحقاً ، ما يوقع أطفالهم بمشكلات أكبر في المستقبل.
حول أسنان الأطفال كيفية العناية بها ودور التغذية في صحتها وأسباب تعرضها للتسوس، والحقائق التي يجب أن تعرفها كل أم حول طبيعة أسنان طفلها تحدثت ” صحتك إلى الدكتورة هناء عباس عبد العال اختصاصية طب الأسنان وسألتها .
متى يبدأ بزوغ الأسنان ؟
تبدأ الأسنان الأولى في الظهور عند الطفل منذ الشهر السادس من الولادة ، وهي ما يعرف بالأسنان اللبنية، يصل عددها إلى عشرين سناً عند الشهر الثلاثين من عمر الطفل، وتستمر حتى عمر 12 سنة تقريباً. تتميز الأسنان اللبنية بوجود فراغات بينها، وذلك أن الفك يكون مهيأ لاستقبال الأسنان الدائمة، التي تعد أكبر حجماً وأكثر عدداً من الأسنان اللبنية.
ما إن يبلغ الطفل السادسة من العمر، حتى تبدأ أسنانه اللبنية في الزوال بالتدريج وتحل الأسنان الدائمة، 32 سناً محلها بالتدريج أيضاً، لتكتمل في سن الثامنة عشر ، بظهور ضرس العقل الذي قد يتأخر حتى سن الثلاثين عند البعض .
التسنين
حول المشكلات التي تصاحب فترة التسنين تقول الدكتورة هناء، لطالما ارتبط التسنين في أذهان الوالدين بمجموعة من الأعراض التي تمثل مشكلات حقيقية ومؤرقة بالنسبة لهم وللطفل تسبق ظهور أسنانه الأولى، مثل : الحمى والإسهال واحمرار الغشاء المخاطي بالفم وزيادة إفراز اللعاب وقلة الشهية وأحياناً التهابات الأذن والعيون . لكن الاعتقاد يربط هذه الأعراض بالتسنين يشكل خطراً على الطفل، إذ يعوق علاج هذه الأعراض بالطريقة الصحيحة.
أجريت دراسة العام الماضي في مؤسسة كليفلاند في الولايات المتحدة الأمريكية على 125 أسرة لديها رضع ما بين الخمسة والستة أشهر ، وطلب من الأهالي القيام برصد درجات الحرارة لأطفالهم مرتين يومياً، والقيام بتعبئة استبيان يومي عن ثمانية عشر عرضاً ظاهراً على صحة الطفل العامة في الفترة التي يسبق وتلي ظهور السن في فمه الطفل، وبينت نتائج هذه الدراسة أن 35 بالمئة من تلك الحالات التي تسجل أي أعراض خلال هذه الفترة ، وخلصت الدراسة إلى أن المغالطة التي يقع فيها كثير من الأهالي ، أنه عند إصابة الطفل بالحمى فسرعان ما يعزون ذلك إلى التسنين وبالتالي يهملون علاجه، بينما قد تكون الحمى نتيجة التهابات في الأذن أو الحلق أو العين، وهذا من شأنه أن يسبب مضاعفات للطفل ومشكلات عديدة.
ويجب على الأهل التنبه إلى أن درجات الحرارة المصاحبة للالتهابات عادة ما تزيد على 38,8 درجة، بينما لا تزيد عن تلك الدرجة إذا كان السبب هو التسنين فقط.
التغذية وصحة الأسنان
أما بالنسبة إلى علاقة التغذية بصحة الأسنان، فتوضح الدكتورة هناء أن هذه العلاقة تبدأ مبكراً والطفل ما زال جنيناً في رحم أمه ، حيث تشير الدراسات إلى أن غذاء الأم الحامل يؤثر بشكل كبير على مولودها، كما ثبت طبياً فوائد الرضاعة الطبيعية التي تمد الطفل بالغذاء الكامل خلال فترة نموه الأولى ، وتحفز النمو السليم لعظام الوجه والفكين بتكرار عملية الرضاعة الطبيعية يمكن أن تسبب التسوس لأسنان الطفل تماماً مثل الرضاعة الصناعية ، خاصة إذا تمت أثناء نوم الرضيع من دون أن يعقب ذلك تنظيف الأسنان، إذ يحتوي لبن الأم على الفركتوز المسبب للتسوس .
من المهم أن تدرك الأم أن تغذية الطفل بعد الأشهر الست الأولى من عمره يجب أن تشتمل على الخضراوات والفواكه واللحوم، إضافة إلى منتجات الحليب، والابتعاد قدر الإمكان عن الحلويات والمشروبات الغازية ، ويمكن إعطاؤه حصة من الحلويات مرة واحدة في اليوم والتأكد من تنظيف أسنانه بعدها مباشرة .
الوقاية من التسوس
وحول السؤال الذي عادة ما يطرح من قبل الأمهات، متى نبدأ بتنظيف أسنان الطفل ؟
تقول الدكتورة هناء، يجب على الأم الاهتمام بتنظيف فم طفلها مع بداية ظهور أول سن، وذلك بتنظيف السن وما حولها من لثة بقطعة شاش أو قطن نظيفة ومبللة بالماء . وعند بلوغه عامه الأول يجب أن يحظى الطفل بفرشاة أسنانه الأولى مع تأجيل استعمال المعجون حتى عامه الثاني، ويراعي أن تكون الفرشاة صغيرة الحجم وذات شعيرات ناعمة ملائمة لعمره ولثته الرقيقة، وتعويد الطفل على تفريش أسنان مرتين يومياً وبكمية صغيرة من المعجون ، فإن هذا يقلل من خطر التسوس .
متى يزور الطفل طبيب الأسنان للمرة الأولى ؟
تشدد الدكتورة على أن الزيارة الأولى يجب أن تكون في عمر الثلاث سنوات أو حالما يكون الطفل مهيأ للجلوس في كرسي الأسنان من دون أن تنتابه نوبة خوف وذعر، وتنوه إلى أن هذه الزيارة يجب أن تكون قصيرة وتعريفية قدر الإمكان ، وذلك لكسر الحاجز النفسي من خوف الطفل من عيادات الأسنان وكسب ثقته، أما إذا كان الطفل يعاني من ألم في أسنانه فيجب إزالة السبب بأسرع ما يمكن، وتأجيل الإجراءات العلاجية الأخرى للزيارة الثانية.
إن مسارعة الأهل لفحص أسنان أطفالهم ، ومن شأنه أن يقلل من المشكلات، المترتبة على التسوس، ويتيح الفرصة لاكتشاف أي خلل في ترتيب وانتظام الأسنان مبكراً، ما يساعد في علاجه قبل تفاقم الحالة، وأهم خطوة يتخذها الأهل ضرورة الفحص الدوري كل ستة أشهر لمتابعة صحة ونمو فك وأسنان الطفل .
إصابات الأسنان
يعد التسوس من أخطر ما يصيب أسنان الأطفال وتنصح الدكتور هناء الأهل بضرورة مراجعة طبيب الأسنان في أقرب وقت وعدم الانتظار حتى يصل التسوس إلى عصب السن ، فهذا من شأنه أن يسبب آلاماً حادة والتهابات شديدة وخراجات ، وعندها يجد الطبيب نفسه أمام حلين: إما الخلع أو العلاج التحفظي الذي يعني بالتخلص من أسباب الالتهاب السني وبتر جزء من عصب السن المصاب ، وقد يتطلب الأمر الحفاظ على السن في مكانه حتى موعد تبديله الطبيعي ( إذا كان السن لبنياً ) .
أما الخلع المبكر للسن اللبني فهو حل قد يؤدي إلى زحف الأسنان وسد الفجوة، ما يؤدي إلى تراكب الأسنان الدائمة فوق بعضها، وهنا يضطر الطبيب إلى الخلع، مع وضع حافظة مسافة في الفراغ حتى موعد ظهور السن الدائم، ناهيك عن تأثير ذلك على سهولة مضغه للطعام ونطقه للحروف .
كثيراً ما يتعرض الطفل في بداية حياته وخطواته الأولى إلى السقوط المتكرر، ما يؤدي أحياناً إلى تعرض أسنانهم إلى الكسر ، ونتائج العلاج تعتمد بالتأكيد على سرعة حصوله على المساعدة الطبية اللازمة بعد إجراء الفحوصات وصور الأشعة .
العادات الضارة
قد تساهم الأم بشكل غير متعمد بحدوث مشكلات لأسنان طفلها، بسبب بعض الممارسات والعادات الضارة وغير الصحية ومنها :
v إرضاع الطفل من ثدي أمه أو من خلال قنينة الحليب أثناء نومه، يؤدي إلى تخمر السكريات على سطح الأسنان وينتج عن ذلك التسوس .
v استعمال اللهاة المحلاة بالسكريات و العسل .
v تعود الطفل على مص إصبعه يؤدي إلى تشوهات في الفك والأسنان، ما يستدعي تدخل طبيب التقويم ، وينصح الإقلاع عن هذه العادة قبل سن الرابعة .