الكاوتشوك ذو الفوائد العملية التي لا تحصى ، مادة أولية تستخلص من بعض الأشجار الاستوائية وأهمها ” الهيفيا برازيليانس” الموجودة في غابات الأمازون بالبرازيل . وفي القرن التاسع عشر كان يبلغ إنتاج الكاوتشوك من الغابات البرازيلية ثلاثين طناً في السنة أما اليوم فيبلغ الإنتاج العالمي أكثر من ثلاثة ملايين طن في السنة بينما يبلغ إنتاج الكاوتشوك الصناعي – المصنوع بواسطة مواد أولية غير نباتية – أربعة ملايين طن .
ومنذ مائة سنة تقريباً والكاوتشوك يستفيد من التقدم التقني والصناعي وهو بدوره يخدم هذا التقدم .وبفضل ميزاته ( التمدد والمناعة والتغليف ) يشكل الكاوتشوك عاملاً ثميناً وضرويا للعديد من الآلات والمعدات الحديثة .وحكاية هذه المادة هي حكاية التقدم التقني في السنوات المئة الأخيرة وهذه خلاصتها :
غزو عسير وطويل الأمد
نزل كريستوف كولومب إلى ” هايتي” عام 1493 إبان رحلته الثانية . وكان المحليون آنذاك يلعبون بكرات مدهشة تثب عدة مرات على الأرض قبل أن تستقر .
– في العام 1521 اكتشف الإسبان أثناء غزوهم المكسيك أن المحليين يستعملون مادة مطاطة غريبة . وأنهم يلصقون على أجسامهم ريش ملونة بواسطة نوع من الحليب الأبيض ( اللاتيكس) المستخلص من النبات . ويسكبون على أرجلهم هذا السائل الأبيض ليصبح نوعاً من الحذاء عندما يجف .موقع طرطوس
– عام 1601 أطلق الاسباني ” طوردزيلاس” على اللاتيكس اسم ” صمغ .
– عام 1735 دخل ” شارل دي لاكوندامين ” الأمازون باحثا عن نبات الكاوتشوك الذي لم يكن يعرف بعد في أوروبا .وكان المحليون يطلقون على هذا البتات اسم ” هيفي” أو حتى كاوشوا أي ” الخشب الذي يبكي” . وبعد سفر مليء بالأخطار وبعد أن قطع مسافات كبيرة في مناطق وحشية وصل ” لاكوندامين” إلى حيث ينبت ” الهيفيا” . فبعث عندها إلى حكومته ببعض الحوائج المصنوعة من ” اللاتيكس” ، مرفقة بتقرير يصف فيه هذه المادة الغريبة .
– عام 1761 استطاع عالمان فرنسيان تذويب ” الصمغ ” في قليل من خلاصة ” التربنتين ” والايتر .
– عام 1791 حصل الانكليزي ” بيل” على إجازة لتصنيع هذه المادة . فكانت أول مرة يستعمل فيها الكاوتشوك في غاية تجارية .
– عام 1823 وضع الاسكتلندي ” ماك أنتوش ” أول مشمع وأسس أول مصنع لصناعة حوائج من الكاوتشوك . وتدعى حتى الآن المشمعات في البلدان الانغلوساكسونية ” ماك أنتوش ” .موقع طرطوس
– عام 1839 اكتشف الاميركي ” شارل غودير” على طريق الصدفة أسلوباً جديداً لتحول المطاط وهو : الكبرتة .
يسخن المطاط ويمزج مع الكبريت مما يزيده تمددا ويمنع التصاقه واهتراءه عند تبدل درجات الحرارة . ومنذ ذلك الحين زاد الطلب على المطاط واتسع نطاق استعماله . فكثر البحث عن شجر الهيفيا التي لم تكن موجودة إلا في البرازيل .
وكان الباحثون يرغمون المحليين على استئصال كميات معينة من اللاتيكس مما أدى إلى زيادة الإنتاج . فانتشر استعمال المطاط في أميركا وأوروبا مع انتشار صناعة الدراجات والسيارت ( مصنع العجلات من الكاوتشوك) لذا أصبح الكاوتشوك ثميناً كالذهب .موقع طرطوس
نشبت حرب آنذاك بين البرازيل وبوليفيا كان سببها الاحتفاظ بالمناطق الغنية بشجر الهيفيا . وقد استمرت تلك الحرب ثلاثين عاماً.
– عام 1885 تم اكتشاف نوع من النبات في أفريقيا يعطى اللاتكس . وفي غضون سنوات ارتفع الإنتاج في المنطقة إلى 400 طن.
– عام 1907 اجتاحت الأسواق 6000 طن من الكاوتشوك الصادر من ماليزيا الانكليزية فدب الذعر في قلوب التجار الأفريقيين والبرازيليين .
كانت الحكومة الانكليزية قد بدأت منذ عدة سنوات وبطريقة سرية درس كيفية إنشاء مغارس من ” الهيفيا” .ولكن كيف وصلت أشجار ” الهيفيا” إلى ” ماليزيا” ؟
استطاع شخص يدعى ” ويكمان” أن يخرج من البرازيل رغم حراسة جمركية شديدة 70000 غرسة من شجر ” الهيفيا” زرعت في مدافيء ببريطانيا ونجح 3000 منها . كان هذا العدد كافيا .موقع طرطوس
فأرسلت هذه الفصائل إلى ” سيلان” لتغرس في أرضها إنما لم تثمر فاقتلعت من جديد وأرسلت إلى ماليزيا حيث أعطت خير نتيجة . فاستبدلت أشجار البن بالهيفيا وبالتالي أصبحت ماليزيا الموطن الثاني ” للهيفيا” وأمام هذا الفلاح قد الهولنديون الانكليز فزرعوا أشجار ” الهيفيا” في أندونيسيا وكذلك فعل الأميركيون في ” ليبيريا ” والفرنسيون في الهند الصينية .وهكذا أشرف الاحتكار البرازيلي على نهايته .
وبعد ذلك كرس المزارعون جهودهم لإيجاد الوسائل الفضلى لاستخلاص المطاط مما أدى إلى تسجيل زيادة في الإنتاج وتحسين في النوع .
توزيع إنتاج الكاوتشوك في العالم
لا يتعدى حاليا إنتاج الكاوتشوك البرازيلي الطبيعي واحد بالمائة من مجمل الإنتاج العالمي الذي بلغ 4.5250000 طن عام 1968 .