هنالك العديد من التسميات لسن انقطاع الدورة الشهرية ومنها سن انقطاع الطمث، سن الأمان، سن الضهي، سن اليأس وسن الإياس. لكل من هذه الأسماء خلفيات طبية، لغوية وإجتماعية، ففي حين كان الاسم المستعمل قديما هو سن اليأس فقد ظهر بعض التذمر لما يحمله من دلاله سلبية تجاه مرحلة طبيعية من الدورة الحياتية للمرأة وتم استحداث أسماء منها سن الأمان (أمان من إمكانية الحمل) وقد اعتمدت المؤسسات المهنية اسم سن الإياس أو سن الضهي.
انقطاع الطمث والخصوبة هو عملية بيولوجية طبيعية وليست مرضا. الأعراض الجسدية والنفسية لانقطاع الطمث يمكن ان تسبب خللا في النوم وازدياد الشعور بالتعب ونفاذ الطاقة، الشعور بالحزن والفقدان.
إن التغيرات الهرمونية الحاصلة هي المسبب للأعراض الجسدية التي تظهر بسبب انقطاع الدورة الشهرية، خلافا للمعتقدات الخاطئة بأن التغييرات الحاصلة بسبب انقطاع الدورة الشهرية ناتجة، بشكل جزئي، عن التغييرات النفسية.
أولا، انقطاع الطمث لا يعني اقتراب نهاية الحياة فنصف الحياة لا يزال أمامك. ثانيا، انقطاع الدورة الشهرية لا يدمر الأنوثة والحياة الجنسية. في الواقع، نجد أن العديد من النساء ترى في انقطاع الطمث فرصة للتحرر من قلق الحمل والدورة الشهرية . الأهم من ذلك، إن انقطاع الطمث ليس مرضا، ولكن عندما تكون الأعراض شديدة فمن المفضل التوجه للاستشارة وتلقي العلاج. هناك أنواع كثيرة من العلاجات، ابتداء من ملائمة نمط الحياة وحتى العلاجات الهرمونية.
أعراض انقطاع الدورة الشهرية
من المتعارف عليه بأن سن اليأس يأتي بعد عام من الحيض الأخير. في الولايات المتحدة معدل سن اليأس هو حوالي 51 عاما ، ولكن علامات وأعراض سن اليأس غالبا ما تظهر قبل مرور عام من الحيض الأخير وتشمل: عدم انتظام في الدورة الشهرية, انخفاض بالخصوبة، جفاف المهبل, هبات حرارية, ارق, تقلب في المزاج, زيادة في الوزن بمنطقة البطن, زيادة تساقط الشعر وانكماش الثدي .
أسباب وعوامل خطر انقطاع الدورة الشهرية
في الوضع الطبيعي يبدأ سن اليأس عندما تبدأ المبايض بإنتاج كميات أقل من هرمونات الأستروجين (Estrogen) والبروجسترون (Progesterone) التي تنظم الدورة الشهرية. تبدأ المراحل الأولى من عملية انقطاع الطمث في أواخر سنوات الثلاثين. في هذه المرحلة يتم إنتاج عدد اقل من البويضات الصالحة في كل شهر ويكون من الصعب أيضا تحديد متى تحدث الإباضة. بالإضافة، فإن الارتفاع الحاد والمفاجئ في مستوى هرمون البروجسترون (Progesterone) بعد الإباضة والذي يهيئ الجسم للحمل يصبح اقل.
الخصوبة تقل بسبب التغييرات الهرمونية. وتبرز هذه التغييرات بشكل واضح في الأربعينيات من العمر. ويمكن لمدة الحيض أن تطول أو تقصر، أن تكون شديدة أو خفيفة أو أن تكون بتردد اكبر أو اقل. في النهاية يغلق المبيضان وينتهي الحيض. في بعض الحالات النادرة قد تظهر الدورة الشهرية كل شهر، حتى الدورة الأخيرة. ولكن على الأرجح فان انقطاع الطمث يحدث تدريجيا.
للأسف لا توجد طريقة لمعرفة أي الدورات الشهرية ستكون الأخيرة. فقط بعد مرور 12 شهرا من الدورة الأخيرة يمكن الإدراك بأنها كانت الأخيرة بشكل مؤكد. جدير بالتنويه أنه في الأشهر الأخيرة التي تسبق انقطاع الحيض يمكن حصول حمل ولكن هذه الإمكانية نسبتها قليلة.
بما أن هذه العملية تستغرق سنوات عديدة، يقسم سن انقطاع الطمث إلى مرحلتين:
الفترة التي تسبق انقطاع الحيض (Perimenopause). في هذه المرحلة يبدأ الشعور بأعراض سن الإياس، بالرغم من أن الدورة الشهرية لم تنقطع بعد. يرتفع أو ينخفض مستوى الهرمونات بشكل متفاوت ومن الممكن أن تظهر الهبات الحرارية وأعراض أخرى. يمكن أن تستمر هذه المرحلة من أربع وحتى خمس سنوات أو أكثر.
فترة ما بعد انقطاع الحيض (Post menopause). بعد مضي 12 شهرا من الحيض الأخير يبدأ ما يسمى سن الإياس. يبدأ المبيضان بإنتاج كمية اقل من هورمون الأستروجين (Estrogen)، ويتوقفان عن إنتاج هورمون البروجسترون (progesterone) بشكل مطلق، ولا تخرج منهما أية بويضات. ويطلق على السنوات التي تلي ذلك مرحلة ما بعد انقطاع الحيض (Post menopause).
بشكل عام، يعتبر سن الإياس مساراً طبيعيا في الحياة، ولكن بعض الإجراءات، كنوع من العمليات الجراحية مثلا، أو علاجات معينة أو مشاكل طبية معينة، يمكن أن تعجل من سن الاياس وانقطاع الطمث. وتشمل هذه الحالات:
استئصال الرحم: بشكل عام عند استئصال الرحم دون المبيضان، لا تتوقف الدورة الشهرية. بالرغم من أن الحيض لا يظهر، إلا أن المبيضان يستمران في إخراج بويضات وإنتاج هرموني الأستروجين (Estrogen) والبروجسترون (progesterone). ولكن عند استئصال الرحم والمبيضان تتوقف الدورة الشهرية، ولا تكون هنالك مرحلة ما قبل انقطاع الطمث (Perimenopause). ينقطع الحيض بشكل فوري وعلى الأغلب تظهر هبات حرارية لدى المريضة وتظهر أيضا أعراض أخرى لسن الإياس.
العلاج الكيميائي والإشعاعات: طرق العلاج هذه (الكيميائي والإشعاعات) لدى مرضى السرطان قد تؤدي إلى انقطاع الحيض وظهور بعض الأعراض مثل هبات حرارية لمدة فترة العلاج، أو حتى 3-6 اشهر بعد انتهاء العلاج.
توقف مبكر في عمل المبيضان. عند 1% من النساء ينقطع الحيض قبل سن الأربعين. انقطاع الحيض في بعض الأحيان هو نتيجة توقف مبكر للمبيضان عن العمل، توقف المبيضان عن العمل قبل سن الأربعين هو نتيجة أسباب جينية أو أمراض المناعة الذاتية، ولكن أحيانا قد لا يعرف السبب.
مضاعفات انقطاع الدورة الشهرية
بعد توقف الحيض والانتقال لسن الإياس، قد تظهر بعض الأمراض المزمنة. معرفة هذه الأمراض قد يساعد على الوقاية منها وتقليل خطورة الإصابة بها:
الأمراض القلبية الوعائية (أمراض جهاز القلب والأوعية الدموية): عندما ينخفض مستوى هرمون الأستروجين يزداد خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية. الأمراض القلبية لدى الرجال والنساء هي المسبب الأول للموت. ومع ذلك يمكن تقليل خطر الإصابة بالأمراض القلبية بشكل ملحوظ. الخطوات التي تساعد على تقليل الخطورة تشمل الإقلاع عن التدخين, خفض ضغط الدم العالي, ممارسة التمارين الرياضية بشكل مستمر واتباع نظام غذائي قليل الدهن المشبع (Saturated Fat) وغني بالحبوب, الفواكه والخضار.
هشاشة العظام (Osteoporosis): خلال السنوات الاولى التي تلي انقطاع الحيض يحتمل حدوث هبوط في كثافة العظام, الأمر الذي يزيد من خطورة الإصابة بهشاشة العظام. مرض هشاشة العظام يؤدي إلى ترقق العظام وارتفاع خطورة حصول كسور فيها. لدى النساء, وفي فترة ما بعد انقطاع الطمث (Post menopause), هنالك خطر الإصابة بكسور في الحوض, الرسغ والعمود الفقري.
لذلك من الضروري في هذه الفترة الحفاظ على مستوى الكالسيوم وفيتامين D, بحيث يتراوح بين 1200 و 1500 ملغم كالسيوم, و800 وحدة من فيتامين D في اليوم. ومن المهم أيضا ممارسة الرياضة بشكل مستمر, إذ أن تمارين تقوية الجسم والتي تشمل بذل الجهد, المشي والجري, مفيدة بشكل خاص للحفاظ على عظام قوية.
سلس البول (Urinary Incontinence – انعدام السيطرة الإرادية على إفراز البول): لان المهبل والرحم يفقدان من مرونتهما, قد تحدث حاجة متكررة ومفاجئة للتبول, يرافقه سلس البول, أو سلس البول أثناء السعال, الضحك أو رفع شيء (فقدان السيطرة على البول أثناء القيام بجهد – Stress Incontinence).
السمنة: الكثير من النساء تزداد سمنة في فترة سن الإياس. أحيانا, من اجل الحفاظ على الوزن العادي يجب تقليل السعرات الحرارية من 200-400 سعرة حرارية لليوم وزيادة التمارين الرياضية.
تشخيص انقطاع الدورة الشهرية
علامات وأعراض سن اليأس هي المؤشرات التي تبشر المرأة ببدء عملية انقطاع الطمث. في حال أصبحت الدورة الشهرية غير منتظمة أو ظهرت هبات حرارية, يجب استشارة الطبيب. وفي بعض الحالات من المفضل إجراء بعض الفحوصات الطبية.
في بعض الظروف قد يطلب الطبيب من المريضة إجراء فحص دم لمعرفة نسبة هرمون استثارة المبيض (FSH), وفحص مستوى هورمون الاستروجين. ففي سن الإياس يرتفع مستوى هرمون استثارة المبيض (FSH) وينخفض مستوى هرمون الاسترديول (Estradiol). من المحتمل ايضا ان يطلب الطبيب اجراء فحص دم لمعرفة مستوى هرمون استثارة الغدة الدرقية – (TSH), لان حدوث انخفاض في عمل الغدة الدرقية (Hypothyroidism) من شأنه أن يسبب أعراضا مماثلة لأعراض سن الإياس.
علاج انقطاع الدورة الشهرية
انقطاع الطمث بحد ذاته لا يحتاج إلى أي علاج طبي. تعتمد العلاجات على التخفيف من الأعراض المرافقة والوقاية من الأمراض المزمنة التي قد تحدث مع التقدم في السن، أو في التخفيف منها.
علاجات سن الإياس تشمل:
العلاج بالهرمونات. تناول الأستروجين (Estrogen) ويعتبر العلاج الأكثر فعالية للتخفيف من الهبات الحرارية.
جرعات قليلة من العقاقير المضادة للاكتئاب.
جابانتين (Gabapentin) يستعمل بالأساس كمضاد للتشنجات واثبت فعالية في علاج بعض حالات الهبات الحرارية.
كلودين (Clonidine) (كاتابريس – Catapres) وغيرها
البايفوسفونات (Bisphosphonates) – للوقاية من هشاشة العظام
أدوية معدلة للهرمونات – (Modulators) مثل مستقبلات هرمون الأستروجين (Estrogen) (SERM). مجموعة من العقاقير التي تشمل رالوكسيفين (Raloxifene) (افيستا – Awista).
أستروجين مهبلي. لتخفيف جفاف المهبل، يمكن استخدام هرمون الأستروجين محليا على شكل أقراص مهبلية (Vaginal tablets)، أقراص أو مرهم.
العلاجات البديلة
هناك طرق عديدة للتخفيف من أعراض سن اليأس. وهنا بعض العلاجات البديلة والمكملة التي تم بحثها سابقا أو يجري بحثها حاليا : فيتو – أستروجين (Feto – Estrogen): هذه هي هرمونات الأستروجين التي تتواجد بشكل طبيعي في بعض الأطعمة.
هناك نوعان رئيسيان من الفيتو – استروجين هما ايسوفلافون (Isoflavone) والليجنام (Lignans). والأيزوفلافينات (isoflavones) الموجودة في فول الصويا والحمص والبقوليات الأخرى. أما الليجنانس (Lignans) فيتواجد في بذر الكتان , الحبوب, وبعض الفواكه والخضروات.
لقد بدأ اهتمام الباحثين بالفيتو – أستروجين يزداد، عندما لاحظوا أن النساء في اليابان والصين، اللاتي يتناولن طعاما غنيا بالايزوفلافينات (Isoflavones) يتعرضن بشكل اقل لأعراض انقطاع الطمث ويعانين بشكل اقل من أمراض القلب وهشاشة العظام، مقارنة مع نساء الغرب.
ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان هرمون الأستروجين المتواجد في الأطعمة يمكن أن يخفف من الهبات الحرارية وأعراض انقطاع الطمث. اغلب الدراسات بيّنت أنها ليست فعالة . الايزوفلافينات (Isoflavones) تؤثر قليلا على الجسم بشكل يماثل تأثير هرمون الأستروجين، لذلك يعم القلق من أنها قد تزيد من مخاطر الاصابة بالسرطان. وننصح النساء المصابات بسرطان الثدي استشارة الطبيب قبل استخدام حبوب الايزوفلافينات كمكمل غذائي. الخبراء يفضلون الأطعمة التي تحتوي على الصويا و الايزوفلافينات كأطعمة صحية وآمنة ، شريطة أن يتم استهلاكها باعتدال.
خلاصة الموضوع، فيتو – أستروجين (Feto – Estroge): هي أستروجين وليس هناك أي دليل على أن تناول جرعة علاجية فعالة منه لن تتسبب ذات التأثيرات الجانبية المعروفة والناتجة عن استخدام أدوية تحتوي على الأستروجين.
فيتامين E: أحيانا قد يخفف هبات حرارية خفيفة عند بعض النساء. ومع ذلك ، فقد فشلت الدراسات العلمية في إثبات فعاليتها في تخفيف الهبات الحرارية بشكل عام.
نبتة كوهوش السوداء (Cohosh) : تستخدم على نطاق واسع في أوروبا لعلاج الهبات الحرارية، وشائع استعمالها في الولايات المتحدة بين النساء اللواتي يعانين من أعراض سن الإياس. استخدامها آمن، ولكن لا يوجد دليل مثبت على أنه فعال في التخفيف من أعراض سن الإياس.