ما من أحد في عصرنا الراهن إلا ويعرف معنى التلوث ومناحي الحياة التي قد يفسدها ويؤثر على دورة الحياة ذاتها . فهناك تلوث الهواء بالأتربة أو الغازات والأدخنة . وهناك البحار والأنهار التي تتلوث لمخلفات السفن والمخلفات الكيماوية أو مخلفات الصرف الصحي ، مما يقتل أسباب الحياة في تلك المياه . لكن الجديد هنا وما يعلمه إلا قليل ، هو التلوث الكهرومغناطيسي ، وهو نتاج للحياة العصرية بعد الإعتماد بشكل رئيسي على الطاقة الكهربائية ، التي سيطرت على عصب الحياة .
فلا تخلو مدينة أو قرية من تمديدات المحطات الكهربائية وكوابل الضغط العالي ، التي بدورها تشغل محطات بث وإرسال تعتمد على الموجات الكهرومغناطيسية . ومنها الموجات الأرضية التي تنتشر بشكل مباشر . وأخرى الموجات السماوية التي تخترق طبقات الجو العليا . وهذا يعني أن أجواءنا مشبعة بالموجات من كل حدب وصوب ، وهي في إزدياد بحكم تزايد الأجهزة الكهرومغناطيسية .
هل هناك حلول :
لا داعي للتفكير في حلول غير واقعية وغير قابلة للتطبيق لأن المشكلة قائمة ، ولا بد من التعامل معها كأمر واقع لذا ليس علينا سوى التقليل من مخاطرها وأثارها ما أمكن .
محطات توليد وتوزيع الكهرباء :
إختيار المكان الملائم لإقامة المحطات مسألة حيوية . فالحرص على إقامتها بعيداً عن التجمعات السكانية أمر يجب التمسك به إلى أقصى حدود . وإذا ما حدث حالات إضطرارية لإقامة محطة كهربائية في حي سكني ، لا بد من مساحة عازلة بين المنازل المجاورة وتلك المحطة لا تقل في كل إتجاه عن 200 متر ، وذلك حسب قوة المحطة وما يصدر عنها من إشعاعات كهرومغناطيسية .
أبراج البث الإذاعي والتلفزيوني
تقاوم هذه الأبراج عادة خارج المناطق السكانية بسبب أثارها الضارة ، وتكون بينها وبين المنازل القريبة مسافة بعيدة عازلة . حماية للسكان من الإشعاعات .
أجهزة الكمبيوتر والأجهزة المنزلية
لا شك أن التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر والميكروويف تصدر إشعاعات كهرومغناطيسية تزداد خطورتها كلما إزداد جلوس المستخدم أمامها لفترة أطول . اذا نصح الخبراء بالإبتعاد مسافة أربعة أمتار عن شاشة التلفزيون . ومسافة نصف متر عن شاشة الكمبيوتر .
أما بالنسبة للهاتف المحمول فيقول الخبراء إن إجراء ما يزيد على أربعين مكالمة يومياً يصيب الأذن بمتاعب صحية ، وقد يكون لذلك تأثير على خلايا المخ . ولا يقل خطر الميكروويف على ذلك ، إذا ما ظل المستخدم قريباً منه . لأن دراسات سبق نشرها برهنت على أن كثرة إستخدام الهاتف المحمول بشكل مفرط قد تصيب البعض بمرض سرطان المخ ، لهذا سعى خبراء من الفيزيا والطب والإتصالات لتركيز الجهود العلمية من أجل إختراع أجهزة هاتف يمكن إستخدامها عن بعد . لاتؤثر على الرأس والدماغ بالتحديد .
وقد وردت شكاوى ضد شركة أمريكية تسبب هاتف صنعته في إصابة مستخدميه بأورام سرطانية خبيثة . وقد أكد فريق طبي أن التجارب المعملية التي أجراها تؤكد صحة تلك الشكاوى . وقال إن الفئران التي عرضها لذبذبات مشابهة لذبذبات المحمول لمدة ساعة يومياً وعلى مدى 18 شهراً ن كلها أصيبت بالسرطان . لكن بعض الحكومات والهيئات الصناعية لا تقر بخطورة أثار التلوث الكهرومغناطيسي .
كما كان الحال سابقاً بالنسبة للإشعاعات النووية التي لوثت البيئة والمياه والمحاصيل كما حدثت في مفاعيل تشير نوبيل ، مما خلّف عشرات الألف من المصابين بالسرطان ما لم نقل أكثر بكثير .
وهنا تتجلى أهمية التوعية على صعيد وسائل الإعلام . وتنصح الجمهور بعدم الإفراط في التعامل عن قرب مع الأجهزة المشعة . فجهاز تجفيف الشعر مثلاً يظل ملامساً للشعر والرأس أحياناً ولفترة طويلة ، ولا يمكن بأي حال إستبعاد أثاره على المدى البعيد وإن كان بشكل يومي .
وكذلك الشأن الميكروويف أو شاشات الكمبيوتر ، التي شنت مدينة نيويورك لأجلها حملة توعية ، تطالب المستخدمين بضرورة الإبتعاد بمسافة لا تقل عن 30 سنتيمتراً عن شاشات الكمبيوتر ، أما غير المستخدمين فيجلسون بعيداً عن الشاشات بما لا يقل عن 40 سنتيمتراً ولا ينتهي أثر التلوث الكهرومغناطيسي عند هذا الحد ، بل يمتد إلى جوانب أخرى عديدة .
أما المحطات الكهربائية ذاتها فتترك أثاراً بالغة في البيئة ، إذ ينتج عنها تلوث الهواء مما يزيد نسبة المواد العالقة وأكاسيد الكبريت والنيتروجين والكربون في الأجواء المحيطة بالمحطات بالإضافة إلى التلوث السمعي والضوضاء الصادرة عن المحولات وضبان الفصل وأبراج التعليق وغير ذلك من التجهيزات الكهربائية وهناك تلوث كهرومغناطيسي بسبب المجالات المغناطيسية المحيطة لوجود التيارات الكهربائية العالية والتيارات الأرضية .
وفي ضوء ما سبق ، لا يجب الإستهانة بهذا التلوث الكهرومغناطيسي ولو كان بكميات قليلة ما دام مستمراً ، لذا لا بد من اتخاذ الوسائل الكفيلة بتقليليه وحماية أنفسنا بالوعي والتطبيق وتوظيف التدابير العلمية لحمايتنا من التلوث الجوي بالمنقيات والفلاتر ، وحماية أسماعنا بواسائل العزل الصوتي الفعالة .