تطور العلوم ومعدات البحث جعل الدنيا تفتح مخابئها للتعرف إلى أعاجيب الماضي وحقيقة الحاضر . ” وحليب التيس ” كان يعتبر سحرا وأعجوبة في الماضي , وكان الناس يأتون لمالكه على أمل أن يحصلوا ولو على رشفة منه اعتقادا منهم بأنها قد تشفيهم من مرض مستعص .
والحقيقة هي أن ” حليب التيس ” مثل غيره من أنواع الحليب , إلا أن إفرازه من الضرع ( الثدي ) لا يحتاج إلى حمل أو ولادة كما في سائر الثديات , وتتم عملية إفراز على مدار السنة , وتبلغ كميته ثلث الكمية التي يفرزها ضرع الماعز وهي أنثى التيس . وتركيب ” حليب التيس ” يختلف بالكامل عن تركيب الحليب الطبيعي الناتج من الأبقار أو النوق أو الأغنام أو الماعز وكانوا في السابق يستشفون به عند الإصابة بالأمراض على أنه دواء سحري إلا أنهم كانوا يبالغون في ذلك.موقع طرطوس
و ” حليب التيس ” يشبه الحليب الطبيعي في المظهر , فلونه أبيض مصفر بسبب زيادة نسبة الدهن فيه والحموض الدهنية الغذائبة وكثرة فيتامين ” أ ” والكاروتينات والريبوفلافين اللذين يعطيان اللون المائل للصفرة بالحليب تبلغ نسبة الدهن بداخله 6.1 % ونسبة البروتين فيه عالية فتبلغ 5.2 %
أما نسبة سكر الحليب ( اللاكتوز ) تبلغ 2.5 % وفيه ارتفاع بنسبة الأملاح المعدنية كالفوسفور والكالسيوم والصوديوم والمنغنيزيوم والفيتامينات عن باقي أنواع الحليب , وهناك ثبات بنسبة العناصر المكونة على مدار السنة لأن إنتاجه من التيس لا يرتبط بحمل أو غيره , وهذا التركيب أعطى شعورا لمن يتناوله على أنه أعجوبة .
وتفسر هذه التركيبة الخواص التي يتمتع بها ” حليب التيس ” والتي كان الناس في الماضي يعتبرونها خواص سحرية لعدم معرفتهم بتركيبته الكيميائية .موقع طرطوس
ويعتبر ” حليب التيس ” علمياً حالة من حالات الشذوذ في تركيب الحليب المنتشرة عند تيوس الماعز وقليلة الانتشار عند كباش الأغنام , وقد اكتشف مخبرياً لأول مرة عام 1953 في أحد البلاد الأوروبية , والتيوس التي تنتج هذه الحليب تلاحظ عند ذكور الماعز في المناطق المعتدلة والحارة في بلاد الشام وعند البدو وهي عبارة عن تيوس تملك ضرعا لا يلبث أن يتطور مع التقدم في العمر ويفرز الحليب من حلمتين كبيرتين , وهذه التيوس لا تملك رحما ولها خصيتان متطورتان بشكل جيد وكمية الحليب المنتجة يوميا تقدر بـ400 مل ولكنها مركزة وهذا ما يفسر شعور من كان يشرب كمية قليلة من ” حليب التيس ” بالتحسن نظرا لاحتوائه على الأملاح والمعادن والبروتينات وكمية من الفيتامينات بشكل مركز , ذلك أن لتراً واحداً من ” حليب التيس” يعادل تقريبا 4 لترات من حليب الأبقار بتركيبته المضاعفة إلا أنه أقل احتواء على اللاكتوز من الحليب الطبيعي . ولم تدرس أنواع الحموض الأمينية وكميتها الموجودة في ” حليب التيس ” وما إذا كان يحتوي على أضداد مناعية جلوبيولينية كالحليب الطبيعي أم لا , وبهذا تبطل المقولة على أن ” حليب التيس ” سحر فهو مادة موجودة لها تركيبتها كما تبين .موقع طرطوس
حليب الماعز غذاء ووقاية
تسمى الماعز بقرة الرجل الفقير لأنها تنتج الحليب ولا تستهلك الكثير من الغذاء ولا تحتاج لمراع كما هو الحال عند الأبقار والأغنام , وهي مقاومة للأمراض وأكثر ما تربى في الصحراء والبراري , وعلى هذا الأساس يكون حليبها خالياً من الأدوية البيطرية , وهو حليب آمن للاستهلاك ومتوفر في الدولة , ويعطى للصغار والمرضى لعدة أسباب وهو مناسب لهم ولجهازهم الهضمي وهو أكثر أنواع الحليب الذي يؤمن احتياجات الطفل الغذائية , فهو سهل الهضم ويشرب طازجا بعد غليه ويعطى للأطفال والمسنين ويملك خواص علاجية عائدة لسهولة هضمه ولمحتواه الجيد من البوتاسيوم والكالسيوم والفوسفور وباقي الأنواع من الأملاح والمعادن وبعض المواد العشبية الفعالة والناتجة من تناول الماعز للأعشاب من الجبال أو السهول أو من الصحراء .
حليب الماعز وأهميته للمرأة والطفل
حليب الماعز هو حليب لطيف على المعدة وينشط الجسم , وتناول حليب الماعز أو منتجاته جيد للمرأة الحامل فهو يقيها من الإصابة بترقق العظام بعد الحمل الناتج عن نقص في كمية الكالسيوم في الجسم أثناء فترة الحمل ويقيها من توذم الأطراف الناتج عن هروب السوائل خارج الأوعية الدموية , ويساعدها على القيام بنشاطاتها اليومية , ويقيها من الإرهاق لاحتوائه على كمية جيدة من البوتاسيوم اللازم لعمل القلب والأعصاب ولعمل الخلايا في الجسم , ويقيها من حدوث التسمم الحملي بسبب احتوائه على المنغنيزيوم بكمية لا بأس بالإضافة لوقايتها من آلام العمود الفقري بسبب احتوائه على الفوسفور والكالسيوم وفيتامين ” د ” في الغذاء نفسه .موقع طرطوس
إن تناول حليب الماعز من قبل المرأة الحامل من الأهمية بمكان لأنه من الأغذية السهلة الهضم ويشرب طازجا بعد غليه ولا يسبب مشكلات هضمية , وهو غذاء مرتفع القيمة الغذائية نظراً لتركيبته , وتناوله مهم لا سيما بأن المرأة بتقدم حملها تحتاج لكمية طعام قليلة وسريعة الهضم بسبب صغر حجم المعدة لديها وهذه الأغذية يجب أن تكون عالية القيمة الغذائية ولا تسبب لها اضطرابات هضمية وهذا ما يتوفر في حليب الماعز .
وتناول حليب الماعز من قبل المرأة الحامل يؤمن لجنينها أهم الحموض الأمينية التي يحتاجها في فترة نموه داخل الرحم بدون أن تتعرض الأم لمشاكل نقص هذه الحموض في جسمها , ويؤمن تناول حليب الماعز للأم الحامل لجنينها , كمية جيدة من الأملاح المعدنية مما يزيد من فرص نمو الجنين نمواً صحيحاً ويقيه من التعرض لنقص النمو خصوصاً في الفترة الأولى والأخيرة من الحمل .موقع طرطوس
كما يؤمن تناول حليب الماعز من قبل المرأة الحامل الحموض الدهنية غير المشبعة والتي يحتاجها الجنين لبناء جهازه العصبي والدماغ والأعصاب بدون تعرض الأم لأعراض نقص هذه المواد الغذائية , وتناول حليب الماعز خلال فترة الإرضاع مهم أيضا لتستطيع الأم المرضعة تأمين الحموض الأمينية والفيتامينات المهمة والأملاح والمعادن والبروتينات والطاقة لطفلها الذي لا يملك الاستطاعة لتناول أي غذاء آخر غير حليب أمه خصوصا في السنة الأولى من العمر لذلك فإن التعدد في تناول أنواع الحليب المختلفة وباقي المواد الغذائية كاللحوم والخضار على أنواعها سيؤمن للأم مائدة شهية وسيؤمن للطفل حليباً يرتوي منه وينمو من خلال تناوله , لا سيما بأن تناول الحليب يقوي مناعة الأم فيقل تعرضها للأمراض التي تستدعي أخذ الأدوية وإيقاف الرضاعة الطبيعية .
وإعطاء حليب الماعز للأطفال جيد بعد السنة في حال لم تستطع الأم إرضاع طفلها وذلك لأن تركيب الحموض الأمينية في حليب الماعز قريب من حليب الأم وهذه خاصية حليب الماعز ويتميز بها على كل أنواع الحليب الأخرى , وكمية الدهون الموجودة في حليب الماعز تعادل تقريباً الكمية الموجودة في حليب النساء إلا أن حليب الماعز أقل باحتوائه على سكر اللاكتوز , وكان أجدادنا العرب قديما وأهلنا في البادية حتى الآن يعتمدون في تغذية أطفالهم على حليب الماعز .موقع طرطوس
وحليب الماعز غني بالثلاثية المضادة للكساح وهي الكالسيوم والفوسفور وفيتامين ” د ” وهذا ما يجعل من هذا الحليب غذاء مهماً للأطفال عند البدء في المشي ليتسنى لعظمهم الطري على حمل وزن الجسم كي لا يتعرض للتقوس , وتسهم هذه الأملاح والمعادن وفيتامين” د ” في بناء الأسنان اللبنية حيث تساعد المواد الغذائية الموجودة في الحليب على نمو أسنان دائمة قوية ولتقيها أيضا من التسوس .
إن وجود الفوسفور مع البوتاسيوم في الغذاء نفسه – وهو حليب الماعز – يجعل منه غذاء مهما ليتناوله الطفل في بداية تحصيله العلمي لأنه سيساعده في عمل عصبوناته الفتية وأعصابه وبالتالي فإنها ستحسن من قدراته الاستيعابية للدروس وللحفظ وتقلل من شروده , بالإضافة إلى أن هاتين المادتين الغذائيتين والوقائيتين والدوائيتين ( الفوسفور والبوتاسيوم) سيقويان جهازه العصبي بشكل عام لأنهما يدخلان في الكثير من التفاعلات الاستقلابية , فالفوسفور الموجود في حليب الماعز يعطي الطاقة للخلية العصبية وهي أدينوزين ثلاثي الفوسفات , والبوتاسيوم ينقل السيالة العصبية بسهولة بين الألياف العصبية والعصبونات محسنا بذلك أداء الأعصاب مع إطالة في عمر الجهد المبذول من قبل الطفل وحتى من قبل اليافع .موقع طرطوس
إن التركيبة الموجودة في حليب الأغنام هي تركيبة غذاء طبيعي مهم لتغذية الأطفال بشكل يضاهي استعمال الحليب المسحوق لأن المواد الداخلة في تركيبته طبيعية ولا علاقة للتكنولوجيا بها , وقد استعملها أجدادنا كغذاء آمن في التغذية لا سيما للأطفال .
حليب الماعز مهم لليافع والشاب
شرب حليب الماعز الطازج المغلي أو تناول مشتقاته مهم لليافع والشاب لما يحتويه على حموض دهنية مشبعة وغير مشبعة فهو جيد لإعطائهم الطاقة المتنوعة وتركيبته البروتينية المتنوعة والغنية تجعله من المهم أن يتناوله الشاب الرياضي وخصوصاً الذين يبنون عضلاتهم , فهو يحتوي بالإضافة على البر وتينات المهمة لبناء العضلات على محفز للنمو وهو الريبوفلافين وعلى مقو للدم وهو الألبومين ومقوي للكريات الحمراء وهو فيتامين ” ب 12 ” وعلى محفزات استقلاب الخلايا الكبدية والأعصاب وهي فيتامينات ” ب ” المركبة والأملاح والمعادن , بالإضافة إلى أنه سهل الهضم ولا يسبب كبر حجم البطن لأنه غذاء متوازن خصوصا إذا نوع الشاب بتناول أنواع الحليب المختلفة والبر وتينات الحيوانية والنباتية والأملاح والمعادن والفيتامينات من مصادر حيوانية ونباتية .موقع طرطوس