الفحص الجيني للأجنة قبل الترجيع للرحم هو تقنية تحديد الحالة الجينية ( الوراثية) لخلية واحدة مأخوذة من الجنين في مراحله الأولى وقد تطورت في أوائل التسعينات لمساعدة الأزواج الحاملين لأمراض وراثية أو قد أنجبوا أطفالا معاقين.
إن الأمراض الوراثية تصيب ما يقارب 3% من المواليد وتؤدي إلى إعاقة أو وفاة الأطفال ونصفها يكون بسبب خلل في تركيب الكروموزومات (الصبغات) والنصف الثاني يكون في تكوين الجينات نفسها.
ومع تقدم التقنيات الحديثة في تشخيص الأمراض الوراثية ومعرفة طريقة انتقالها والمصحوب في نفس الوقت بتطور جديد في استخدام التقنيات الحديثة للمساعدة على الإنجاب ممثلة في استخدام التلقيح المجهري للبويضات ومن ثم اخذ عينة من الأجنة تمكن من القيام بتشخيص الأمراض الوراثية في الأجنة بعد تكوينها خارج الجسم وترجيع الصالح منها للرحم وهذه الطريقة صارت بديلا للتشخيص بعد الحمل.
هذه العملية تتطلب إعطاء أدوية ( إبر) للزوجة بغرض تحفيز المبايض لمدة تتراوح بين 10إلى 14يوما يتم بعدها جني البويضات بإدخال إبرة إلى المبيض عن طريق المهبل وتحت مراقبة الأشعة الفوق الصوتية حيث يتم جمع البويضات وتلقيحها مجهريا لتتكون الأجنة. يتم فحص الأجنة بأخذ العينة عادة في اليوم الثالث بعد التلقيح حينها يكون الجنين في مرحلة 6- 10خلايا.
الطريقة تشمل تثبيت الجنين بأنبوبة زجاجية صغيرة تقوم بشفطه وتثبيته في فوهتها بعد ذلك يتم القيام بعمل فتحة صغيرة في قشرة الجنين الخارجية بالليزر حيث لا تتجاوز سعة هذه الفتحة 30ميكرون. بعد ذلك يتم إدخال أنبوبة ثانية من خلال هذه الفتحة ويتم شفط خلية واحدة أو اثنتين من الجنين ويترك الجنين في الحاضنة الخاصة بينما يتم عمل الفحص المطلوب على هذه الخلايا.
أخذ الخلايا لا تؤثر على نمو الجنين الطبيعي ولا على تطور الأنسجة المتخصصة فيما بعد ولا تسبب أمراض أو نقصا في الجنين فهو ينمو كما لو كان لم يؤخذ من خلاياه شيء
خلايا الجنين في المرحلة الأولى من التطور والانقسام تكون خلايا غير متخصصة وكل واحدة قابلة أن تتخصص وتتحول إلى جميع أنواع الأنسجة في المستقبل مثل الأعصاب والمخ والقلب والكبد وغيره.
أول حمل ناجح بعد القيام بفحص الأجنة تم عام 1990م ومنذ ذلك الوقت بدأت الزيادة في عدد المراكز التي تقوم بهذا التشخيص وازداد عدد وأنواع الأمراض التي تم القيام بتشخيصها
وفي السنتين الماضيتين وفي أوروبا تم فحص عشرين ألف جنين في 4000حالة ونسبة الحمل 25% لكل محاولة.
كل ذلك صار ممكنا بعد تطور تقنيات حساسة للكشف بدقة عن كل كرموزوم، وللكشف عن الطفرة الجينية في خلية واحدة من خلايا الجنين في مراحله الأولى.
إن فحص الأجنة عن الأمراض قبل إدخالها الرحم له ردود فعل حسنة على نفسية المريضة عند إدراكها من البداية أن حملها حمل سليم من المرض.
هناك عدة استخدامات لتقنية فحص الأجنة قبل الترجيع للرحم وتتضمن مايلي:
1- الحالات التي يكون معروفا أن هناك خللا في تركيب أو عدد الكروزومات .
2- الأمراض الوراثية التي تكون الجينات الناقلة لها وطفرتها معروفة مثل أمراض الخلايا المنجلية والثلاسيميا .
3- تحديد جنس الجنين ذكرا أم أنثى ويكون استخدامه إما للتخلص من أمراض تنتقل في أحد الجنسين أو لرغبة في إنجاب جنس معين ذكر أو أنثى.
4- عمل مسح لعدد معين من الكروموزومات مثلا متلازمات داون ( كروموزوم 21) أو كروموزوم 18أو 16أو …. 13.وهذا يعمل في الحالات التي تكون فيها المرأة متقدمة في السن أو لها إجهاضات متعددة أو عدم التصاق الأجنة عند الترجيع لعدة محاولات في علاج العقم.
5- إنقاذ شقيق المريض وفي هذه الحالة يتم اختيار الأجنة ليست الخالية من المرض المنقول فقط وإنما الأصحاء والمطابقة( الموافقة) لتركيب HLA للمريض الحي. حيث يكون المولود الجديد مصدر علاج شافٍ لأخي المريض. حيث يتم التبرع للمريض بالدم من الحبل السري أثناء الولادة أو زراعة النخاع العظمي في المستقل. هذا ممكن في حالات بعض أمراض الدم مثل الثلاسيميا.
6- الفحص ليس للأمراض الوراثية وإنما إيجاد مطابقة التركيب (HLA) لأخوة يعانون من سرطان الدم. حيث يكون الغرض هو أن يكونوا بعد الولادة مصدرا للخلايا الجذعية لإخوانهم المرضى.
7- تفادي الأمراض المستعصية التي قد تظهر لاحقا مثل سرطان الثدي حيث قد يكون هناك احتمال وراثة جينات الثدي العائلي.
و يجب أن يكون فحص الأجنة جزءا من الخيارات التي تعطى للأزواج الذين لا يكون هناك توافق في فحص ما قبل الزواج للأنيميا المنجلية والُثلاسيمياء. حيث تكون الموافقة على الزواج مربوطة بعمل هذا الفحص أو خيار عدم الزواج.
د. سعد حمد آل حسن