نشرت صحيفة سلايت الفرنسية تقريرا حول تنامي القيمة السوقية لشركة أبل، وتفوقها في مجال الإلكترونيات، ما مكنها من احتلال المركز الأول عالميا من حيث حجم الأرباح.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي اطلعت عليه “عربي21″، إن “أبل” تعتبر أسطورة بالنسبة للملايين من عشاق التكنولوجيا حول العالم، “فهذه الشركة الرائدة تنتج أجهزة غاية في الأهمية لحياة الإنسان، معتمدة على أفكار تكنولوجية مبتكرة، وهي عادة ما تسبق منافسيها بخطوة في هذا المجال، لكنّ قليلين هم من يعرفون حجم الأرباح الخيالية التي تحققها هذه الشركة، التي تعد الأغنى في العالم عبر التاريخ”.
وأشار التقرير إلى أن سر قوة “أبل” لا يكمن فقط في قدرتها على استنباط الأفكار الجديدة، وطرح أجهزة ذات كفاءة عالية، وإنما يكمن أيضا في قدراتها على التواصل مع المستخدمين، وبناء اسم مرموق بين عظماء التقنية في العالم، حيث لا تدور أي محادثة تقنية في الشبكات الاجتماعية دون ذكر أحدث أجهزة “أبل” مثل الآيفون، والساعة الذكية التي أصدرتها الشركة مؤخرا.
وأضاف التقرير أن شركة أبل حققت في الثلاثي الأول من سنة 2015 رقم معاملات يقدر بـ58 مليار دولار، محققة بذلك تراجعا بنسبة 22 بالمائة، مقارنة بالرقم التاريخي الذي حققته في الثلاثي الأخير من سنة 2014، والمقدر بـ74.6 مليار دولار. ويعود الفضل في تحقيق هذه الأرقام الكبيرة لنجاح جهاز الآيفون 6، حيث بيع منه أكثر من 61 مليون جهاز خلال أربعة أشهر فقط. وبسبب ولع الصينيين بأجهزة الآيفون؛ تعد الصين السوق الثانية لهواتف “أبل” بعد السوق الأوروبية.
وبحسب الصحيفة؛ فإنه لا يكتفي هذا العملاق الأمريكي بهذه الأرقام، بل يضيف إليها المزيد من الأرباح بفضل هامش الربح الخام (الفرق بين ثمن البيع بدون ضرائب والثمن عند الشراء) الذي تحققه هذه الشركة، والمقدر بـ40 بالمئة، وهو رقم نادر في عالم الصناعات. ويقدر متوسط ثمن بيع جهاز الآيفون في العالم بـ659 دولارا، وبذلك يكون الثمن قد ارتفع 62 دولارا خلال سنة واحدة، إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار، مقارنة بالعملات الأخرى.
وأشار التقرير إلى دور الأسهم والمساهمين في تنمية رأس مال الشركة، فرغم انتهاج العديد من الشركات الغنية لمبدأ توزيع الأرباح، فقد اختارت “أبل” استخدام هذه الأرباح لزيادة رأس المال. ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل قامت الشركة أيضا بشراء أجزاء من أسهم المالكين، وبذلك ارتفعت قيمة الأسهم بالتزامن مع ارتفاع أرباحها، حيث قامت الشركة في وقت سابق بإعادة شراء أسهمها بقيمة 90 مليار دولار، ثم قررت بعد ذلك القيام بضخ رأسمال إضافي لرفع قيمة هذه الأسهم إلى 140 مليار دولار. ومن المتوقع أن تصل قيمة أسهمها إجمالا إلى 200 مليار دولار بحلول سنة 2017.
وذكرت الصحيفة في إطار المقارنة؛ أن 200 مليار دولار التي تقابل 180 مليار يورو تقريبا، تساوي إجمالي مصاريف الدولة الفرنسية، سادس أكبر قوة عالمية.
وأوردت أيضا أن احتياطي السيولة لدى الشركة بلغ نهاية شهر آذار/ مارس الماضي 193.5 مليار دولار، مقابل 178 مليار دولار نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر من سنة 2014، و 155.3 مليار دولار نهاية شهر أيلول/ سبتمبر من نفس السنة.
وفي تساؤل حول فائدة وجود كل هذه الأموال؛ أوضح التقرير أنها تستخدم للتأمين ضد مخاطر الانكماش الاقتصادي، أو لتغطية خسائر فشل إحدى منتجاتها، إضافة إلى تمويل البحوث العلمية والمشاريع الجديدة. يضاف إلى ذلك الزيادة في قيمة الشركة في البورصة، والمقدرة بـ735 مليار دولار، بفارق شاسع عن شركة مايكروسوفت التي تحل ثانية حيث تبلغ قيمتها 385 مليار دولار، تليها شركة غوغل بـ370 مليار دولار.
وأضافت الصحيفة أن الخبراء يتوقعون أن تبلغ قيمة الشركة 1000 مليار دولار خلال سنتين، “وبالنظر إلى أن خلاص عمليات الاستحواذ يتم بالدفع نقدا مقابل قيمة أسهم، ومع قيمة 735 مليار دولار في البورصة، و193.5 مليار دولار في شكل سيولة نقدية؛ فإن شركة أبل قادرة على القيام بأي شيء تريده، ومواجهة جميع الوضعيات المالية التي قد تطرأ”.
وأضاف التقرير أن “أبل” مهتمة أيضا بالإستثمار في قطاع السيارات، حيث راجت أحاديث في الأشهر الماضية حول اعتزام هذه الشركة دخول عالم السيارات الكهربائية عبر العمل مع “إيلون ماسك”، مؤسس شركة تسلا المنتجة للسيارات الكهربائية في كاليفورنيا، ولم يفوت هذا الرجل الفرصة للحديث عن رغبته في العمل مع “تيم كوك”، المدير العام لشركة أبل، وفريقه.
وبحسب الصحيفة؛ فقد كان “سيرجيو ماركيوني”، المدير العام لشركة “فيات كرايسلر”، قد كشف للصحافيين في التاسع من أيار/ مايو الماضي عن لقائه بالمسيرين في شركتي أبل وتسلا في زيارته الأخيرة لولاية كاليفورنيا، وعبر بهذه المناسبة عن اهتمام شركته بإنتاج سيارات بدون سائق، وذلك بعد حصول شركة دايملر على تصريح بالجولان لهذا النوع من السيارات في شوارع ولاية نيفادا الأمريكية.
وقالت الصحيفة إن الفرضيات حول استراتيجيات “أبل” المستقبلية متعددة، بحسب الاحتمالات التي تقدمها التطورات التقنية في مجال الإنترنت و الآلات، لتبقى بذلك “أبل” المثال الأفضل للشركة القوية والناجحة في زمن عولمة الأسواق.
وختم التقرير بذكر مجموعة غافا (غوغل، أبل، فيسبوك، أمازون)، لتوضيح الوزن الذي اكتسبته شركات الاقتصاد الرقمي الأمريكي خلال السنوات القليلة الماضية، حيث لا تقتصر قوة شركة أبل مثلا على الطاقات الفكرية والعلمية، بل يضاف إلى ذلك قيمة مالية تقدر بمليارات الدولارات. وبينما ينشغل العالم حاليا بالمنافسة المستعرة بين كبرى الشركات البترولية، مثل “إكسون موبيل” و”شيل” و”بريتش بيتروليوم”، وأدوارها الإقليمية والسياسية، فقد يشهد هذا العالم قريبا نوعا جديدا من صراع القوى، تكون الأدوات الرقمية أهم مكون فيه.