عالم ساحر متوهج من الشعاب المرجانية اكتشف مؤخرا في أعماق البحر الأحمر. هذه الشعاب المضيئة كان هناك علم بوجودها في المياه الضحلة، لكن تم اكتشاف شعاب جديدة متوهجة في أماكن أكثر عمقاً من البحر، في أعماق البحر الأحمر على وجه التحديد، حيث يوجد عالم يسحر الألباب.
لم تكن هذه الألوان الخاصة بالشعاب المرجانية تلك قد لوحظت من قبل في المياه الضحلة، وقد عثر عليها على عمق مسافة تتراوح ما بين 50 إلى 100 متر، بل إن بعضاً من هذه الشعاب يتغير لونها الأخضر الطبيعي إلى لون أحمر وهاج عندما يتعرض لضوء الأشعة فوق البنفسجية.
والأكثر غرابة أن تلألؤ هذه الشعاب في مستويات أعمق من البحر كان باللونين البرتقالي والأحمر، وهي ألوان لم نكن نراها أو نلاحظها من قبل في المياه الضحلة.
ويفسر ذلك جورج فايدانمان، من مختبر جامعة ساوثامتون للشعاب المرجانية، بقوله “إن وجود هذه الشعاب على هذه الأعماق يجعلها أكثر توهجا وسطوعا لأنها ببساطة تمتص الضوء القليل المتوفر”.
ويضيف “وهذه الصبغيات الفلورية ما هي في الواقع إلا بروتينات، وعندما تشع بالوهج الأزرق أو فوق البنفسجي فإنها ترسل ثانية ألوان أطوال موجية أكبر مثل الألوان الحمراء، أو الألوان الخضراء”.
وقد نشر هو وزملاؤه رؤى جديدة لهذه الشعاب الوهاجة في مجلة “بلوس وان” العلمية.
وهذه الصبغيات اللونية للشعاب المرجانية في المياه الضحلة تحميها من ضغط الضوء، أو من التعرض للكثير من الضوء، ومن هنا فإنها تعمل بمثابة ستارة شمسية للشعاب المرجانية لحمايتها من الطحالب التكافلية التي تعيش داخل أنسجتها.
وهذه الطحالب تسمى بالتكافلية لأن هناك بين الشعاب المرجانية والطحالب علاقة متجانسة.
فالطحالب تنتج سكرا يغذي تلك الشعاب، والشعاب بدورها تفرز نتروجينا غنيا، وفسفوراً قوياً يعمل بمثابة السماد الخصب لهذه الطحالب.
وقد اكتشفت هذه الشعاب الفلورية في الأعماق الأكثر ظلمة التي لا يكاد يصلها الضوء. وهنا تكمن حيرة الباحثين.
ويقول فايدنمان “على عمق 50 متراً أو أكثر، لا تتوقع أن تعاني الشعاب المرجانية من الضوء الكثيف، بل إنها في الواقع تسعى جاهدة للحصول على ما يكفيها من الطحالب التي تساعد على التمثيل الضوئي”.
ويعتقد كذلك أن ذلك الوهج الفلوري ربما يساعدها على امتصاص المزيد من الضوء الذي تحتاجه الطحالب لتظل على قيد الحياة.
ويمكن لهذا الوهج الفلوري أن يجعل منها أداة مفيدة للبحث العلمي في مجال طب الأحياء؛ إذ أنه عندما تزرع البروتينات الفلورية في الخلايا الحية يمكن استخدامها لرؤية العمليات الخلوية أثناء حدوثها، أو لتعقب نشاط الجينات التي تعنينا وتكون موضع اهتمامنا.
ويقول فايدنمان “فكرة أن لدينا مساحة كاملة من الصبغيات من بيئة مختلفة تماما تجعلنا نأمل في احتمال وجود خصائص أخرى جديدة فيما بينها”.
ويضيف قائلاً “لقد تطورت لأداء وظائف بيولوجية مختلفة في بيئة ضوئية مختلفة”.