استخدم العلماء “ساعة ذرية” محمولة للمرة الأولى، تعتمد تغييرات صغيرة في تدفق الوقت على ارتفاعات مختلفة لقياس جاذبية الأرض.
وتعد الساعات الذرية قطعا علمية معقدة وحساسة يقتصر استخدامها على المختبرات، ولا يمكن الاعتماد عليها لإجراء قياسات الجاذبية. إلا أن علماء أوروبيين تمكنوا من تطويرها إلى جهاز محمول لإجراء قياسات يمكن أن تساعدهم على فهم التغيرات المختلفة، مثل ارتفاع منسوب مياه البحر وذوبان الصفائح الجليدية.
ويمكن استخدام هذا الجهاز كمقياس للجاذبية في موقع معين، وذلك بسبب ظاهرة وصفتها نظرية النسبية لآينشتاين. وعلى وجه التحديد، تعمل الساعة في مجال الجاذبية القوية ببطء نسبي، مقارنة مع عملها في مجال الجاذبية المنخفضة. وهذا يعني أن الساعة تعمل ببطء عندما تكون أقرب إلى سطح الأرض، مقارنة بعملها عند تواجدها على قمة جبل.
ونقل العلماء الساعة المطورة إلى مختبر Modane الفرنسي. وقارنوا قياسات الساعة المأخوذة في المنطقة، مع أخرى موجودة في تورينو، ترتفع عن الأولى مسافة 1000 متر. وكشف الاختبار أن “فرق الجاذبية المحتمل” بين الموقعين، يتفق مع القياسات المأخوذة باستخدام تقنيات أخرى، ما يعني أنه يمكن استخدام الساعة المحمولة لقياس تغيرات ارتفاع سطح الأرض.
وأوضحت الدكتورة هيلين مارغوليس، عالمة الفيزياء في المختبر الفيزيائي الوطني، التي ساهمت في الدراسة المنشورة في مجلة فيزياء الطبيعة، أن الساعات الذرية تأتي مماثلة للساعات اليومية المستخدمة من قبل الناس، وقالت: “أي نوع من الساعات يتكون من عدة أجزاء. وتتميز الساعة الذرية البصرية بوجود الليزر، ونحن أساسا نحافظ على استقرار ترددها من خلال توجيه الليزر على الذرة”.
وتخدم الساعات القياسية الحالية المستخدمة في المختبرات حول العالم، موجات المايكروويف لتقديم المعلومات حول الوقت، ولكن، يقول العلماء إن الإصدارات البصرية التي تستخدم الليزر، ستكون بمثابة “الساعات الذرية المستقبلية”.
وقال الدكتور كريستيان ليسدات، الباحث في مؤسسة Physikalisch-Technische Bundesanstalt، المساهمة في البحث: “تعتبر الساعات البصرية الجيل التالي من الساعات الذرية، التي لا تعمل في المختبرات فقط، بل كأدوات متنقلة دقيقة”.
وحاليا، تستخدم مختبرات مختلفة في جميع أنحاء العالم، مستويات مرجعية مختلفة لقياس متغيرات سطح الأرض، وأدى هذا الأمر إلى مشاكل عديدة في الماضي. وعلى سبيل المثال، تم بناء جسر Hochrhein بين ألمانيا وسويسرا، باستخدام قياسات مختلفة لمستوى سطح البحر في البلدين، ما أدى إلى تناقض بين الجانبين يبلغ 54 سم.
ويأمل العلماء في أن يساعد استخدام الساعات الذرية المحمولة، على تحقيق الاتساق بين نظم الارتفاع الوطنية، وبالتالي منع حدوث مثل هذه الأخطاء.
ومن خلال قياس التغيرات في الجاذبية والارتفاع، ينبغي أن يكون علماء المناخ قادرين على استخدام الساعات الذرية المحمولة، لتحديد التغيرات على سطح الأرض المرتبطة بتغير المناخ. كما ستسمح التقنية الجديدة للعلماء بتكبير حجم رؤية المناطق التي تحدث فيها تغيرات بيئية، وإجراء قياسات شديدة الدقة، ما يسمح لهم بالتنبؤ بفعالية آثار تغير المناخ.
وكالات