عندما تأخذ أيمي فيل، التي تعمل مديرة للتسويق في نيويورك، “إجازة للراحة النفسية” لتسترد عافيتها ونشاطها، لا تختلق عذرًا للحصول على إجازة مرضية، ولكنها لا تُطلع رؤساءها على أسباب الإجازة.
يستغل الكثير من الموظفين يوم الإجازة للراحة النفسية في الابتعاد لفترة قصيرة عن مكان العمل، ولكنهم لا يعانون من أمراض عضوية.
وتقول فيل البالغة من العمر 32 عامًا: “يتصور البعض أنك إذا حصلت على إجازة للراحة النفسية، فأنت إما تمارس لعبة الهوكي، ولا تعاني من أي مشكلة، أو أنك تحاول جاهدًا التغلب على مشاكلك”.
ومع أن الكثير من أماكن العمل الآن ترائي الموظفين ولا تساعدهم مساعدة حقيقية في تحقيق توازن أفضل بين متطلبات العمل والحياة الشخصية، فما زال بعض الموظفين يتهيّبون من التقدم بطلب إجازة لأسباب شخصية. ويشعر الكثيرون أنهم مرغمون على إطلاع مديريهم على سبب إحتياجهم للإجازة، ولا أحد يريد أن يفصح عن رغبتة في الحصول على يوم عطلة شخصية من أجل الراحة النفسية.
ولكن حتى حين تحصل على إجازة ليوم واحد، فربما تكون العقبة التي ستواجهك عمل التحضيرات اللازمة لاستعادة نشاطك.
ويشدّد الخبراء في مجال أماكن العمل بشكل متزايد على أهمية إجازات الراحة النفسية للموظفين الذين أنهكهم العمل. وعلى عكس العطلات التي تُنظم بالأساس لكي يتمّ التواصل مع الأهل والأصدقاء، فإن إجازات الراحة النفسية المثالية تقضيها بمفردك.
وقد تساعدك هذه الإجازات التي لا تزيد عن يوم والتي تقضيها بعيدًا عن المكتب في الاسترخاء بالبقاء بمعزل عن الإجهاد وتَجَدُّد الأفكار عند عودتك إلى العمل.
تقول ميشيل كارون، مستشارة في شؤون الحياة في تورنتو: “قد يفضي يوم من الراحة إلى زيادة الانتاجية لأسبوعين. فحين نشعر بالتعب، لا نتقن العمل وكل شيء يستغرق وقتًا أطول من المعتاد”.
أما عن فيل، فهي تقضي الأيام التي تخصصها “لنفسها” بالقرب من الشاطئ وتستغل وقت العطلة في الابتعاد تمامًا عن الانترنت وتقرأ ما فاتها من مجلات. وتقول: “كلما ازددت تعلقًا بجهازي المحمول [يوميًا]، ازدادت أهمية هذه الأيام كوسيلة لأخذ قسط من الراحة واستعادة نشاطي”.
خطط مسبقًا
تقول ماغي ميستال، مدربة مديرين تنفيذيين في نيويورك، إن على المستوى الشخصي، تقل جدوى الإجازة للراحة النفسية إذا حصلت عليها في آخر لحظة لأنه سيكون من الصعب حينئذ أن تفصل نفسك عمّن حولك. فإذا ما أكّدت تاريخ الإجازة مع زملائك في العمل ومديريك، فعلى الأرجح، لن يُشركك أحد في مشروع ما في العمل أو يطلب منك إبداء الرأي في نقاش حول رسالة عاجلة بالبريد الإلكتروني.
وتقول ميستال: “عليك أن تحدد التوقعات مع الناس من حولك. فإن محاولة الحصول على إجازة خلسةً، لا تنجح في معظم الأحيان”.
يقول بعض الخبراء، إذا أردت أن تحصل على إجازة فمن الأفضل الحصول عليها بطريقة مباشرة. ففي حين لا ينزع الموظفون في الشركات الكبيرة إلى الإفصاح عن خططهم لقضاء يوم بعيدًا عن المكتب، فمن المفيد، في الشركات الأصغر، إطلاع مجموعة من زملائك تربطك بهم علاقة وثيقة بشفافية عن رغبتك في الحصول على يوم إجازة. ووضح لهم أن الغرض من الحصول على الإجازة استرداد عافيتك وتجديد نشاطك حتى تتمكن من العودة إلى العمل أكثر ذكاءً ونشاطًا، وأنك لن تنظر في بريدك الإلكتروني هذا اليوم.
تقول كارون، “كن واثقًا من نفسك فحسب عند طلب الإجازة”، مضيفة أن بعض المديرين التنفيذيين يحثون الموظفين على الحصول على إجازة. وتابعت: “يدرك الرؤساء أن لديهم عاملين قد يئنون تحت وطأة الإجهاد.”
ومن الأفضل أن تعد جدولًا لهذا اليوم مسبقًا، بدلًا من أن تكون عفويًا. ولتختر نشاطًا مختلفًا عن ما تمارسه عادةً بحيث يُساعدك في الخروج من إطار الأعمال الروتينية اليومية ومقاومة الرغبة التي ستراودك لغسيل وكيّ الملابس التي لم تجد الوقت الكافي لغسلها.
وقالت سوزان بيغمان ستاينر، مدربة مديرين تنفيذيين بزيوريخ، والتي تقوم بتوجيه كبار المديرين بالشركات متعددة الجنسيات، إن هذا قد يعني في نظر بعض الناس الخروج من المنزل أو قضاء فترة ما بعد الظهيرة في مشاهدة الأفلام.
وتابعت: “لا تتوقع أن تجلس في المنزل فحسب لتبحث عن شيء تفعله”. وأضافت أن التخطيط المسبق للوجبات سيسهم في تنظيم اليوم.
لتحقيق أفضل النتائج اقطع الاتصال
قالت بيغمان ستاينر، التي تعمل مع مؤسسات صيدلانية كبيرة، إنك إذا كنت ترغب في الحصول على إجازة لاسترداد العافية والنشاط، فمن الأفضل أن تنزع عن الإجازة صفة “الراحة النفسية” حتى يسهل عليك طلب الإجازة والاستفادة منها. فإن جلّ المديرين التنفيذيين الأوروبيين غير ملمّين بفكرة الإجازات للراحة النفسية، الأمر الذي قد يثير لبس لدى الموظفين. بل توصي ستاينر بأن تسميها “يوم قطع الاتصال” حتى يسهل عليك مناقشة الأمر مع الرؤساء.
وبغض النظر عن طريقتك في قضاء الإجازة، يقترح خبراء أن يبذل الموظفون قصارى جهدهم للانعزال لفترة عن الآخرين كليًا طوال الأربع والعشرين ساعة التي يقضونها بعيدًا عن العمل. وإذا لم تجد بدًّا من مطالعة رسائل البريد الإلكتروني حتى في يوم الراحة، فلتقلل من ذلك قدر الإمكان. وقالت كارون، فإن لم تستطع، “فلتأخذ إجازة (بدنيًا) ولا تأخذ إجازة ذهنيًا”. [إنك] تكون في إجازة ولكن في الوقت نفسه تشعر بالذنب”.
وبدلًا من الانعزال تمامًا عن الآخرين، تضع فيل الهاتف في “نمط الطائرة” لئلا تتلقى البيانات والمكالمات، ولكن في الوقت نفسه يمكنها مطالعة رسائل البريد الإلكتروني والبريد الصوتي عدة مرات طوال ساعات العمل. فلأنها تدرك أن بإمكانها مطالعة هاتفها، على حدّ قولها، فهذا يقلل من الشعور بالتوتر إزاء الغياب عن العمل.
جني الفوائد
وقالت بيغمان ستاينر، ما إن يلتزم عملاؤنا من المؤسسات بمنح إجازات ليوم واحد، فإن النتائج المحققة لا تخطئها عين، من حيث زيادة الإنتاجية للموظف وانتفاع الشركة بأكملها من وجود موظفين أقل إجهادًا. حتى لو قضيت يومًا واحدًا بعيدًا عن العمل، فسيكون من الأسهل عند عودتك إلى العمل، أن تشعر بقدر أقل من الضغط إزاء المواعيد المحددة لإنجاز الأعمال.
وقالت بيغمان ستاينر “هذا اليوم هو فرصة لمساعدة الآخرين من خلال الاسترخاء وتهدئة البال”.
وثمة سبيل آخر لتحقيق ذلك، وهو أن تضع جدولًا سنويًا للراحة النفسية، بدلًا من الانتظار حتى ينهكك العمل. وتقترح ميسترال التخطيط ليوم إجازة للراحة النفسية كل ثلاثة أشهر أو بعد الإنتهاء من مشروع كبير. وبالطبع، اختيار الوقت الذي يقل فيه ضغط العمل في المكتب قد يُسّهل عليك الابتعاد عن العمل. وبشكل عام، من الأفضل التخطيط المسبق للحصول على إجازات للراحة ولا سيما بعد قضاء فترة عصيبة في العمل.
وقالت: “يمكنك أن تقول لنفسك، “سأعطي لنفسي إجازة أربعة أيام هذه السنة لا أشعر فيها بتأنيب الضمير”.