تعددت الآراء وكثرت الأقـاويـل في السـنـوات الأخيـرة حـول موضـوع زواج الأقـارب. واخـتلف النـاس بين مؤيد يعدد فوائدها، ومعارض للموضـوع جملة وتفصيلاً مبرراً رأيه بعيوب وأضـرار زواج الأقــارب.
دعـونا نناقـش هـذا المـوضوع من زاويـة علميـة.
أولاً: ما هو المقصود بزواج الأقارب؟
هو زواج الأقارب من الدرجة الثانية مثل أولاد العم والعمة والخال والخالة.
لماذا نخاف من زواج الأقارب؟
إن بعض الأمراض الوراثية تكون متنحية أي لا تظهر على الطفل إلا إذا كانت منقولة له من كل من الأبوين. أما إن كانت هذه الصفة الوراثية منقولة للطفل من أحد الأبوين فقط، فلا يصاب بها الطفل ولكن يكون حاملاً للمرض فقط. وبالتالي لو تم زواج هذا الشخص في المستقبل من آخر يحمل هذه الصفة الوراثية المتنحية تزداد احتمالات إنجاب أطفال مصابين بهذه الأمراض الوراثية.
أما لو تزوج الشخص الحامل للصفة المتنحية بشخص لا يحمل هذه الصفة فينجب أطفالاً أصحاء يحمل بعضهم الصفة المتنحية، ولا يحمل البعض الآخر هذه الصفة.
لذلك نجد أن ظاهرة انتشار الأمراض الوراثية تزداد في العائلات التي يتزاوج فيها الأقارب لعدة أجيال، لأن أبناء هذه العائلات يحملون صفات وراثية متشابهة، حتى إن كان الخطيبان بصحة جيدة، ولا تظهر عليهما أي أعراض مرضية.موقع طرطوس
من هذه الأمراض الوراثية: مرض السكر، ضمور العضلات، التخلف العقلي، وبعض التشوهات الخلقية.
وهنا يجدر بنا أن نتعرض لمفهومين شائعين عن زواج الأقارب، أولاً لا صحة لما يشاع عن أن زواج أولاد العم أو العمة يحمل خطورة التعرض لإنجاب أطفال مرضى أكثر من زواج أولاد الخال أو الخالة لأنه كما سبق أن ذكرنا أن ذلك يعتمد على الصفات الوراثية التي يحملها الزوجان، وهي تكون متشابهة في العائلات التي تتزاوج من بعضها لعدة أجيال. وتزداد إصابة الأبناء كلما زادت درجة قرابة الزوجين أي أولاد الأعمام أو الأخوال عن أولاد أعمام أو أخوال الجد أو الجدة (قرابة من الدرجة الثالثة).
أما المفهوم الخطأ الثاني فهو أن زواج الأقارب ممنوع تماماً، فذلك أيضاً غير صحيح إلا في العائلات التي تتزاوج من بعضها لأجيال متعاقبة، مما يؤدي إلى إفراز صفات وراثية متشابهة في أبناء هذه العائلات. أما لو كانت هذه العائلات تتزاوج من عائلات أخرى على مدار الأجيال المتعاقبة وحدث أن أحد الأبناء في جيل ما أراد أن يرتبط بابنة العم أو الخال، فلا ضرر من هذا الزواج حيث أن احتمالات إصابة الأبناء بأي أمراض وراثية تكون متساوية مع احتمالات حدوثها في أي زواج آخر.
ومن هنا كانت أهمية الفحص قبل الزواج لمعرفة الحقائق المتعلقة بالحالة الصحية للخطيبين، واتخاذ القرارات المناسبة، وبخاصة في حالة وجود حالة صحية خاصة لدى أحدهما.موقع طرطوس
عادة يشمل الفحص الطبي للمقبلين على الزواج، أخذ التاريخ المرضي للخطيبين، وفحصاً عاماً، وتحليل فصيلة الدم، وتحاليل لضمان خلو الزوجين من أمراض مزمنة أو أمراض تناسلية، وذلك لعلاجها قبل إنجاب أطفال. وفي بعض الحالات الخاصة (انتشار مرض وراثي في إحدى العائلتين) يجري فحص للجينات بالمركز القومي للبحوث، وذلك لمعرفة إلى أي مدى يمكن انتقال هذا المرض للأبناء. هناك أيضاً بعض التطعيمات الواجبة قبل الزواج والتي تمنع حدوث تشوهات خلقية أو أمراض للأبناء، مثل تطعيم الحصبة الألماني للزوجة التي لم يسبق لها الإصابة بالمرض، وكذلك التطعيم ضد الالتهاب الكبدي الوبائي «ب».موقع طرطوس
من المهم جداً تحري الدقة والصراحة عند تقديم المعلومات الطبية عن عائلتك، ولا تغفل ذكر النقاط التالية:
* حدد للطبيب الإخوة والأخوات غير الأشقاء إن وجدوا.
* اذكر أفراد العائلة الذين توفوا، وبخاصة الذين توفوا في سن مبكرة أو عند الولادة.
* اذكر أفراد العائلة المتزوجين من أقاربهم.
* اذكر الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الدراسة.
* اذكر الأطفال الذين يعانون من أمراض خلقية منذ الولادة.موقع طرطوس
قد تحتاج للاتصال ببعض أفراد عائلتك لتسألهم عن المزيد من المعلومات أو عن التشخيص الطبي لحالاتهم. وأحياناً قد يطلب منك أخصائي الأمراض الوراثية أن تتصل بأحد أقاربك لتطلب منه موافقة خطية للحصول على معلومات طبية من أطبائه أو المراكز الطبية التي يتابع معها حالته.
أعزائي الشباب أتمنى لكم دوام الصحة والعافية.. لكل زوجين ولأبنائهم.