حذرت منظمة “أطباء بلا حدود” من لدغات الثعابين الخطيرة، مشيرةً إلى ان “غالبية ضحايا لدغات الثعابين حول العالم غير قادرين على الحصول على العلاج الذي ينقذهم من الموت أو التشوّه الدائم، في حين أنه لدينا علاجات مجانية للأعداد المتزايدة من ضحايا لدغات الثعابين، من بينهم ما يزيد عن 300 شخص سنوياً يدخلون مستشفى أغوك، الذي يعتبر المرفق الصحي الوحيد في المنطقة حيث يتواجد مخزون من ترياق فعّال وآمن مضاد لسم الثعابين”.
وقالت المنظمة في بيان لها:
“كانت نييكوني تصطاد في النهر على مقربة من منزلها في منطقة مستنقعات سد جنوب السودان، والتي تعتبر واحدة من الأراضي الرطبة الأكبر في العالم، عندما لدغها ثعبان في قدمها. فطلبت المساعدة من معالج تقليدي، ثمّ ابتعات الأدوية من صيدلية محلية، غير أن الجرح أبى أن يشفى، وما لبث أن بدأ لحمها وعظامها بالتعفن، وغطى التعفّن قدمها بالكامل وامتدّ إلى أسفل ساقها. وبعد أن أصبحت نييكوني عاجزة عن المشي، بدأت الحبو على أطرافها الأربعة. وشبّ آنذاك نزاع في المنطقة، وكان التحرّك والوصول إلى المستشفى أمراً بغاية الخطورة.
وبعد مضي سنتين على تعرضها للدغة الثعبان، استطاعت نييكوني الوصول إلى عيادة منظّمة أطبّاء بلا حدود في مايوم من حيث نُقلت إلى مستشفى المنظّمة في أغوك. واضطر جرّاح إلى بتر ساقها لتفادي وقوع المزيد من الأضرار، وها هي نييكوني اليوم تمشي من جديد بمساعدة العكازات. وكانت نييكوني محظوظة كفاية لتنجو من الحادثة، ولكن لو حصلت على العلاج في وقت أبكر، لكانت على الأرجح تفادت حادثة البتر.
ونييكوني هي واحدة فقط من مجموع يقدّر بخمسة ملايين شخص يتعرضون للدغات الثعابين كل عام. ومن هؤلاء، 125,000 شخص يلقون حتفهم، و400,000 يصابون بإعاقة دائمة أو يتشوهون. ومعظم الضحايا هم من الأطفال ويسكنون في المناطق الريفية حيث يصعب الوصول إلى الأطباء. ولكن حتّى أولئك الذين ينجحون بالوصول إلى المراكز الصحية حيث يتواجد ترياق فعّال مضاد لسم الثعبان، قد يكونون غير قادرين على تكبّد تكاليف العلاج التي قد تصل إلى 250 دولار أمريكي للمريض الواحد، أي ما يساوي مجموع راتب عامين بالنسبة إلى بعض منهم.
وتوفّر فرق منظّمة أطبّاء بلا حدود علاجات مجانية للأعداد المتزايدة من ضحايا لدغات الثعابين، من بينهم ما يزيد عن 300 شخص سنوياً يدخلون مستشفى أغوك، الذي يعتبر المرفق الصحي الوحيد في المنطقة حيث يتواجد مخزون من ترياق فعّال وآمن مضاد لسم الثعابين.
وكان لهذا الترياق دور أساسي في إنقاذ حياة نياجينما البالغة السادسة من العمر والتي أُدخلت مستشفى أغوك في إحد الليالي بينما كانت تعاني من تقرحات جلدية وارتفاع خطير في معدل ضربات القلب، وتورّم في يدها وذراعها وصدرها. فبعد أن لدغها ثعبان وهي نائمة، حملتها والدتها مدة ساعة ونصف الساعة حتى وصلت إلى أقرب مركز صحي، لتكتشف ألّا ترياق مضاد لسم الثعابين هناك. وأُحيلت نياجينما إلى مستشفى منظّمة أطبّاء بلا حدود في أغوك. ويقول الضابط السريري بونفاس أومولي لدى منظّمة أطبّاء بلا حدود: “أعطيناها مباشرةً جرعتَين من الترياق”. ويُردف قائلًا: “توجّب علينا التحرّك بسرعة لأنّنا خشينا أن تموت. ولكن لحسن الحظ، تماثلت للشفاء”.
عالجت منظّمة أطباء بلا حدود نياجينما بترياق “فاف أفريك” FAV-Afrique الذي تنتجه شركة الأدوية الفرنسية “سانوفي باستور”. وهو أكثر الترياقات متعددة التكافؤ المتوفرة اليوم في الأسواق، ما يعني أنّه فعّال حتّى في علاج عضات عشرة من أكثر الثعابين السامة المألوفة في أجزاء من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
غير أنّ شركة “سانوفي باستور” توقفت عن إنتاج ترياق “فاف أفريك”. ومن المتوقع أن تنتهي صلاحية الجرعات القائمة عند نهاية يونيو عام 2016. وبينما تتواجد ترياقات أخرى بديلة، إلّا أنّها ليست فعّالة على جميع أنواع السموم وتمّ اختبارها لمعرفة مدى سلامتها وفعاليتها في دراسات صغيرة فقط أو في أمكان جغرافية محدودة في أفريقيا.
وتقول كريستين جاميه، مديرة برنامج جنوب السودان التابع لمنظّمة أطباء بلا حدود: “سنضطر إلى استخدام نوعَين مختلفَين من الترياقات كحل مؤقّت”. وتضيف قائلةً: “ستصبح معالجة الناس أكثر تعقيدًا، بما أنّ الترياق البديل لا يغطي سموم مجموعة واسعة من أصناف الثعابين كما يفعل ترياق “فاف أفريك”. وهي مشكلة حقيقة بما أنّ الضحايا نادرًا ما يعرفون النوع الذي لدغهم. والآن علينا معالجتهم وفقًا للأعراض، ونجهل تأثير ذلك على مرضانا، ولكن لا خيار آخر أمامنا اليوم”.
بالنسبة إلى ضحايا لدغات الثعابين جنوب السودان، يبقى السعي خلف العلاج بمثابة صراع. ويدل ذلك على أزمة ذات نطاق أوسع: فغالبية ضحايا لدغات الثعابين حول العالم غير قادرين على الحصول على العلاج الذي ينقذهم من الموت أو التشوّه الدائم. وحتّى تصبح الترياقات آمنة ومتاحة بسهولة وبأسعار معقولة، سيبقى مئات الآلاف من الأشخاص ضحايا مهملين لأزمة مهملة”.
وكالات