يحاول الانسان ، عن طريق الاختراعات والاكتشافات ، أن يكون سيد المكان والزمان ، وأن يبسط سيطرته على الطبيعة . لكن ، منذ ملايين السنين ، وسكان الطبيعة ، من حيوان ،ونبات ، قد سبقوا الانسان ، عن طريق مؤهلات عجيبة ، إلى ” اكتشافات” و ” اختراعات ” جعلت منهم ” أقدم علماء ” وأعظم مصادر لظواهر علمية عجيبة من تلك التي حدت بالانسان إلى اكتشافها ليحقق رغبته في السيطرة على العالم . . .
وفي الوقت الحاضر يتكهن العلماء بحدوث انقلاب في عالم بعض الاختراعات كالرادار ،والبوصلة ،والمراصد ،وغيرها .لأن حيوانات ونباتات تملك هذه الأجهزة منذ ملايين السنين ، قد زعزعت الاختراعات الحالية ، ونفذت أكثر نظرياتها .
رادار جنسي
فقد ظهر في الآونة الأخيرة ،علم جديد دعى ” بيونيكا” يسعى لايجاد تفسير صحيح للظواهر العلمية الصادرة عن بعض الحيوانات والنباتات . ويحاول هذا العلم استجلاء غوامض قدرة بعض المخلوقات على التقاط المؤثرات الخارجية عند ذكر فراشة دود القز مثلا ، الذي يشعر – عن طريق تيار الهواء – بوجود أنثى الفراشة على بعد 11 كلم .
التنبوء بالزلزال
وقد استدعت قدرة التنبوء بحدوث زلزال عند بعض الحيوانات اهتمام هذا العلم ، فالهرة مثلاً أو العصافير تتنبأ بحدوث هذه مثلا قبيل حدوثها في حين يكون جاز التنبوء في حالة صمت …
رادار لالتقاط ” الصلات”
ويحاول علم بيونيكا إيجاد تفسير الصلة القائمة بين التطورات في أعماق الأرض والبحار ، وفي الجو ،وبين قدرة المخلوقات المنسية ،وقد أثارت ” الحاسة السادسة” وما هيتها عند الحيوان فضول عام بيونيكا أيضاً ، وكذلك طريقة الخفاش ( الوطواط) وقدرته على التقاط الموجات الصوتية المردودة ،ورؤيته الثابتة لأسلاك رقيقة لا يزيد قطرها على / 10 ملم بالاضافة إلى مقدرته على التقاط الأصوات وفرزها وسماع ما يناسبه منها ويلائمه .موقع طرطوس
الرصد الجوي والبحري
أما الحشرات والمخلوقات فإن قدرتها الغريزية على تحديد مواقعها في الفضاء أو في البحر قد أثارت اهتمام علم ” بيونيكا” أيضاً ، فضرب بعرض الحائط النظرية القائلة بأن الطيور تحدد موقفها من الشمس والقمر والنجوم ، وهذا ما لا تفعله طيور الاوز البرى عندما تكون السماء غائمة أو ممطرة..موقع طرطوس
إن البوصلة التي اخترعها الإنسان تخونه كلما هبت عواصف مغناطيسية، فلو تعلمنا قدرة الطيور على تحديد المواقع لأمكننا الاستغناء عن البوصلة .
معمل كيماوي
وبفضل علم ” بيونيكا” سيتوصل الإنسان إلى حل إنتاج التركيبات العضوية ،واستخراج الثروات الطبيعية بالطرق البيولوجية ، فمن المعلوم أن النباتات تنتج الكاربوهيدرات لنموها بواسطة الطاقة الشمسية عن طريق التركيبات اللاعضوية ، مباشرة . فلو استطاع المهندسون مثلاً أن يضعوا نموذج آلية الورقة الخضراء لكان بالإمكان بناء مصنع يقوم بتحضير السكر من الماء وغاز ثاني أوكسيد الكربون ، والاستغناء عن الطريقة المعروفة لتحضير السكر .
هذا شيء قليل من علم ” بيونيكا” الذي سيفتح أمام الصناعة والهندسة آفاقا يصعب تصور اتساعها الآن .
بين قدرة الحيوان وقدرة الانسان
وبالإضافة إلى هذا العلم واكتشافاته فقد أظهرت أبحاث العلماء تفوق الحيوان على الانسان في مجالات عدة بإمكاننا منها مقارنة مقدرة الحيوان مع مقدرة الانسان في مقاومة العوامل الطبيعية وغير الطبيعية .
مقاومة الجوع
معروف عن الإنسان يموت إذا ما توقف عن الأكل مدة من الزمن أقصاها أربعون يوماً . أما الضفدعة مثلا فبإمكانها الإمتناع عن الطعام سنة كاملة. كذلك الأفاعي ، فمنها ما يصوم طوال 18 أو حتى 20 شهراً على التوالي . وتظل الأفعى ” ذات الاجراس” مدة 27 شهراً دون طعام .
مقاومة البرد
وقد انصرف العلماء إلى إيجاد وسيلة ” لتبريد” الانسان وإعادته إلى الحياة من جديد . فنجحت التجارب التي جرت على سمك ” التروتة” بينما أخفت تلك التي جرت على الإنسان .كذلك فيما يتعلق بمقاومة درجات الحرارة :
فدودة ” كثيرة الأرجل” مثلا تقاوم البرد حتى 50 تحت الصفر و ” البزاقة” حتى درجة 120 تحت الصفر والكلب حتى درجة 160 تحت الصفر . فهل يستطيع الإنسان تحقيق هذا ؟
حمل الأثقال
معروف عن الحشرات أنها تحمل أثقالاً كبيرة جداً بالنسبة إلى حجمها .
فالخنافس مثلا التي تزن الواحة منها ¼ غرام تحمل على ظهرها أوزاناً أثقل منها بأربع وعشرين مرة . فلو استطاع الانسان تقليد الحيوان لحمل على كتفيه سيارة كبيرة .
الحجم
يبدو الانسان عملاقا بالنسبة للنملة أو النحلة ولكن الإنسان ليس إلا قزما بالنسبة للحيوانات الكبيرة التي تعم الأدغال . فيبلغ طول السلحفاة الكبيرة مثلا مترين ويتعدى وزنها 680 كلغ .
ويبلغ طول الفيل 5 أمتار ويزن 12 طنا ويزن الحوت الكبير 133 طنا ويزيد طوله على 35 مترا . أما الزرافة فمعدل طولها 7 أمتار .
السرعة
لا شك في أن الانسان اليوم هو أسرع مخلوق في الكون . فهو يركب السيارة أو يستقل الطائرة ليصل إلى حيث يشاء وذلك في أقل وقت ممكن .
إنما قدرة الإنسان على السير بسرعة هي محدودة جداً . وعندما نقارن إمكانيته وإمكانية الحيوان في هذا المجال نلاحظ فارقاً كبيراً مع أفضلية للحيوان : فسرعة الزراقة هي 50 كلم بالساعة .
وسرعة الخيل 70 كلم بالساعة ، وتتعدى سرعة الغزال 80 كلم في الساعة .
ويبدو أن الفهد أسرع حيوانات الكون إذ أنه يقطع أكثر من 120 كلم في الساعة .
. . . ومع ذلك فالتفكير يغلب . .
فأين عظمة الانسان إذاً ؟ لا شك أن للحيوان مزايا عديدة تساعده على البقاء وعلى مقاومة العوامل الطبيعية التي تشكل خطراً على وجوده .
وبالرغم من المجالات العديدة التي يتفوق فيها الحيوان على الإنسان فقد استطاع هذا الأخير أن يفرض إرادته على العالم وأن يخضع الحيوان لمشيئته . دليل ذلك زوال الحيوانات الضخمة والجبارة التي عاشت في سابق التاريخ وبقاء الإنسان رغم الصعوبات التي اعترضت طريقه والتي تغلب عليها بفضل ميزة انفرد بها هي ” التفكير” .