المعدة جهاز بغاية الدقة وغالباً ما يتصرف كمرآة فيعكس أي اضطراب أو خلل قد يصيبنا سواء كان جسدياً أم نفسياً . ولكن ، قد تمارس المعدة حيلاً علينا فتجعلنا مخلط بين الأمور ، حرقة ، ألم ، حموضة ، ارتدادات إفرازية ، وجميعها قد يضلنا فيجعلنا نشتبه بمرض ما ، والحالة هذه ، كيف يمكننا التمييز ؟ هل نعاني من قرحة أو فتق نقري ( Hiatal Hernia ) ؟
أو على العكس ، مجرد إزعاجات طفيفة لا تمتّ إلى المرض بصلة ؟
في الواقع متى عانينا من أحد الأعراض المذكورة ، زيادة روتينية إلى الطبيب كافية لتشخيص وضعنا ، بعد طرح أسئلة دقيقة وإجراء الفحص السريري ، قد يقول الطبيب : ” إنه ارتداد معدي مريئي أو ربما فتق نقري .. ” عندها ، قد يصيبنا الخوف على الأرجح ونتساءل : ما نوع هذا المرض ؟ هل هو خطر ؟
الفتق النقري : ما هو ؟ نشتبه به ؟
الفتق النقري هو صعود الجزء الأعلى من المعدة إلى داخل الصدر ، عن الحجاب الحاجز . يصنفه الطب كخلل غير خطر ، كثير الحدوث إنما يمكن معالجته بشكل فعّال .
ربما نصاب بهذا النوع من الفتق بلا أن نعلم ذلك لأن بعض الحالات هذه لا تسبب الأعراض وبالتالي لا تشكل من مشكلة إنما وفي بعض الحالات الأخرى المعينة ، قد يحدث ارتداد للسائل المعدي في المريء .
تأثير السائل الحامضي على المريء ، يترجم عبر ظهور إحساس بالحرقة ، غالباً ما يشعر المرء بالحرقة هذه تصاعد نحو أعلى الصدر وصولاً في بعض الأحيان إلى الفم حتى .في الواقع ، تؤثر وضعية الجسم على الحرقة المذكورة وتحديداً تزيد من حدتها وضعية التمدد أو الإنحناء إلى الأمام .
إضافة ، هي تبرز الأكثر بعد تناول وجبات الطعام .
الحرقة المعدية فهذه الأخيرة تلازم قعر المعدة ولا تتبدل مع تبدل وضعية الجسم لكنها تخفّ ما بعد تناول الوجبات .
من الممكن أيضاً أن يسبب الفتق النقري اضطرابات في الفم والبلعوم ، الأنف والحنجرة ، ذلك أثر صعود السوائل الآتية من المعدة إلى الحنجرة . نذكر من هذه الإضطرابات ، السعال المزمن التهاب البلعوم والتهاب الحنجرة .
يمكن للطبيب وفي حال الشكّ في مصدر الالتهاب إجراء تحليل هدفه قياس مدى حموضة المريء ( على امتداده ) طيلة 24 ساعة ، وبالتالي يمكن تحديد واكتشاف الارتدادات الحمضية التي تحدث في خلال الليل .
في بعض الحالات المعينة قد يعود داء الربو إلى الفتق النقري أساساً كما من الممكن الخلط بين أعراض الفتق المذكور والأوجاع الناتجة عن ضعف أو خلل في القلب .
مؤشرات الخطر !
إذا ما كانت الحرقة مصحوبة بصعوبة في الإبتلاع ، إذا ما تقيأ المريض دماً وما باتت الأوجاع مزمنة ، يجب استشارة الطبيب العام أو أختصاصي الجهاز الهضمي ، على الفور وبلا أي تردد .
التنظير : متى يوصى به ؟
في حال ظلت الحرقة معتدلة ، غير متكررة وفي حال كان المريض يافعاً يمكن الإكتفاء بالفحص السريري ولا حاجة لأي تصوير إشعاعي أو إلى التنظير الأليافي ( Fibroscopy ) .
بل يصف الطبيب في هذه الحالة علاجاً بالأدوية أولاً تلك التي تغلف وتحمي جدار المريء وثانياً تلك التي تعمل على حركة المريء ، ذلك لتقوية وتدعيم عمله المناعي ومساعدته في صدّ السائل المعدي الذي يهاجمه ويضر به .
من ثم يتم وصف أدوية مضادة للحموضة ، ولكن وفي حال فشل العلاج المذكور ، قد يلجأ الطبيب إلى الأدوية المضادة للإفرازات كونها تخفف من خطر تضرّر الغشاء المخاطي الحسّاس ، ذلك عبر التخفيف من إفرازات المعدة الحمضية .
إنما ، لا تكون الأمور بهذه البساطة على الدوام ، في حال معاناة المريض من حرقة شديدة وجد متكررة ، عندها يجب إجراء فحص أكثر عمقاً ودقة .
اليوم ، لم يعد التصوير بالأشعة رائجاً بل يستعاض عنه بتنظير هضمي أعلى أو تنظير أليافي ، ما يسمح بتحديد ومراقبة المواقع المتضررة ، بشكل موضعي .
كيف يتمّ التنظير المذكور ؟
هدف هذا التنظير هو إظهار داخل المريء المعدة ، والإثنا عشري ، يتم إدخال أنبوب لين ومزود بكاميرا صغرة للغاية في الفم من ثم يبتلعه المريض ، عملية التنظير وجيزة ( بضع دقائق ) وليست مؤلمة حتى ولو يعمد الطبيب في خلالها إلى استخراج عينّنة من النسيج الحي . إنما يشعر المريض لا محالة بغثيان تلقائي يصعب التحكم به ، لذا يجدر اتخاذ التدابير الإحتياطية مسبقاً :
أن يكون المريض صائماً وغالباً ما يتم تخديره ، إما موضعياً أو عمومياً بحسب اختيار المريض بالتعاون مع الطبيب ، بفضل الكاميرا الصغيرة يشخص الطبيب مصدر الارتدادات ، عبر استكشاف التقرحات التي سببها صعود الحموضة في المريء ويؤكد بعدها وجود الفتق النقري ، يستفيق المريض بلا الشعور بأي ألم في حال تأكيد حالة الفتق ، يصف الطبيب أدوية أشدّ فعالية ومن النوع المضاد للإفرازات وأحياناً يرفقها بأدوية أخرى ، في معظم الحالات ، يكون العلاج فعالاً ويقضي نهائياً على الحرقة ، إنما من الممكن حدوث انتكاسات عندها يجب تكييف الجرعات وأنماط العلاج بحسب كل مريض على حدة .
ماذا عن الجراحة ؟
نادراً ما يتم اللجوء إليها في حالات كهذه ، إنما وإن اختار الطبيب ذلك ، فمن الممكن خلق نظام مضاد للارتدادات المعدية في خلال إجراء الجراحة . إنما يظل ذلك حكراً على المرضى الذين لم يفيدوا من أي علاج سابق والذين يود الطبيب تجنيبهم عواقب الارتدادات الكثيرة والمكثفة .
قبيل الجراحة المذكورة ، بوسع الطبيب أو الجراح مراقبة عمل المريء بواسطة فحص قياس ضغط هذا الأخير بالمانومتر ( Manometry (
تنبيهات :
يجدر عدم الإكثار من شرب القهوة والتدخين كونهما يزيدان من أهمية وحدّة الارتدادات عبر زيادة إفرازات الحموضة في المعدة .
· عصائر الحمضيات الطماطم والمرطبات الحلوة ، قد تؤدي إلى ظهور الحرقة .
· البصل والنعناع يزيدان أيضاً من الارتدادات .