لحظة سهو. تعثر فسقوط ! وحبّذا لو يتوقف الأمر عند هذا الحدّ لدى الشخص المسنّ، لا بل غالباً ما يسبب كسوراً هامة وتحديداً في عنق عظمة الفخذ كونها الأكثر هشاشة في هذه السنّ.
وحبّذا أيضاً لو يتوقف الأمر عند الكسور .. !
بل قد تظهر مضاعفات تتراوح بين ” الثقيلة” والجدّ خطيرة. بالتالي، يجب اتخاذ عدة تدابير احترازية للحدّ من مخاطر السقوط وإصابة العظام .
حادثة السقوط لا تأتي فجأة ؟!:
لسوء الحظ تكسُّر عنق الفخذ إثر السقوط ليس بمثابة تكسر عرضّي بل هو قادر على ” كسر” نوعية حياة المسن وتعديل عيشه لاحقاً إذ يجبره على ملازمة الفراش أو القبوع في كرسيّ ما .. تكلّف حادثة السقوط المسنّ غالباً إذ تفقده حيزا هاماً من قدرته الحركية كما من استقلاليته. وقد يؤدي ذلك أحياناً إلى ايداع المسنّ دار ( أو مؤسسة ) العجزة .
في الواقع، يصبح ثلث المسنين المصابين بكسور، عاجزاً بالاعتناء بنفسه ويبات مصيره حكراً على الشخص الذي يهتم به .
ولكن لا داعي للهلع ! ثمة حلول، لصحيح أن بعضها لا يصبح فعّالاً إلاّ على الأمد البعيد. إنما قد يقي بعضها الآخر وبشكل فوريّ وفعّال، من الإصابة بالكسور. ذلك لأن سقوط المسنّ لا يأتي فجأة في معظم الاحيان بل يمكن التنبؤ به في غير حالة، وبالتالي استباقه .
بالفعل كلماّ تقدم المرء في السنّ، ارتفع احتمال حوادث السقوط: ما فوق الـ 85 عاماً، يسقط % 50 من الأشخاص مرة في السنة على الأقلّ ! .. . وما بين 100 حادثة سقوط. 5 قد تؤدي إلى كسور في العظام . والجدير بالذكر أن % 25 من هذه الكسور تصيب عنق عظمة الفخذ تحديداً، لذا، من البديهي والواجب اتخاذ التدابير الاحتياطية .. كيف ؟
تغذية متوازنة وحركة كافية :
للأسف، يصعب التحكم ببعض عوامل الخطر: مع التقدم في السنّ تتراجع القدرات البدنية، ويضعف التوازن كما البصر، ثمة عامل آخر هام ألا وهو سلس البول والذي غالباً ما يلزم المسنّ بالتنقل مراراً وسريعاً ( من الحجرة إلى المراحيض مثلا ).
دون أن ننسى داء باركينسون والاضطرابات المعرفية الادراكية: خلل في الانتباه، ضعف في الذاكرة، سهو وعدم تركيز ..وكل هذه تسهّل حوادث السقوط .
بيد أن الاختبارات اليوم تؤكد بأننا نستطيع تقليص عوامل الخطر عبر محاربة ” الخوف من التعثر ومن السقوط” كيف نحارب هذا الاحساس ؟ عبر التنقل بثقة وثبات .والابقاء على الحركة أطول ما يمكن .
– كما أن سوء التغذية هو أيضاً من العوامل المسؤولة عن السقوط وبشكل خاص . لدى الأشخاص المسنّين.
حتى ولو كانت الشهية ناقصة أو غائبة أحياناً. يجب تناول الطعام بشكل سليم ومتوازن كما بكميات كافية . بالمقابل، استهلاك الأدوية المهدّئة أو المنّومة قد يفسد توازن المسنّ.
إزالة الحواجز والعوائق من المنزل :
مفتاح الوقاية من السقوط، هو إعادة تكييف المنزل وزواياه بشكل يمنع الانزلاق أو التعثر: تجنب الأرضيات الزلقة. وتحديداً البلاط والذي إذا ما ابتلّ تحوّل إلى ساحة تزلج !!
يجب أيضاً تأمين الإنارة الكافية في الأرجاء المظلمة تحسباً لمخاطر الوقوع. أخيراً وليس آخراً تجهيز السلالم والدرابزين بشكل آمن يحول دون الانزلاق أو الارتطام والأهم: عدم ترك أي أسلاك أو شرّابات سجّاد مُعيقة على الأرض .
لا يؤدّي كل سقوط إلى كسر أو كسور:
هذا صحيح. معرفة عوامل الخطر هي المرحلة الأولى للوقاية .
في الواقع، يبقى السبب الأول والأهم للكسور، ما يعرف بداء ترقق العظام ((Osteoporosis ولكنه داء يطال النساء الأكثر ” % 70 من حالات الكسور في عظمة الفخذ تطال السيدات المسنات. من جهة أخرى، الأشخاص الذين يعانون من انخفاض في الوزن، من ضعف في البصر من صعوبات في المشي أو من اضطرابات معرفية نفسية، هم أكثر عرضة للإصابة بكسور .
عظام قوية مقاومة :
النساء اللواتي يعانين من ترقق العظام على علم بمرضهنّ هذا: بعد انقطاع الحيض، قد خسرن عدّة سنتمرات، أصبن بكسر في المعصم، في الفقرات ..
أو ربما ظهر الداء المذكور إثر علاج طويل بالقشرانيّات ((Corticoїds. وبالتالي، يجب لا محالة متابعة الأشخاص المصابين بالترقق، عن كثب، في الواقع، الوقاية من ترقق العظام هي التمتع بتغذية غنية بالكالسيوم ( من 400 إلى 500 ملغ في اليوم) وبالفيتامين ( د ) الذي يساعد الجسم على تثبيت الكالسيوم أولاً وبدرجة ثانية . السيليسيوم . من الممكن أن نستعمل المداوة بالنبات كمكمل للحصص العذائية اليومية: بوسعنا أيضاً استعمال الكالسيوم البحري بودرة قشر السمك الغني بالكالسيوم بالفوسفور والمغنيسيوم.
وفي حال لم يكف النظام الغذائي، يجب اللجوء إلى علاج بالأدوية؛ إذا ما رأى الطبيب بأنّ احتمال حدوث كسور جد مرتفع نصح فوراً بعلاج مضاد لترقق العظام وعلى الارجح بعلاج هرموني بديل ( قبل سنّ الـ 60 عاماً في بعض الحالات ).
إنما. يجدر التنبيه: كل هذه العلاجات لا تصبح فاعلة إلا بعد مضي عدة أشهر كما ولا تزيل ” كل” احتمالات الاصابة بكسور .
جهاز لحماية الورك:
إن كل خطر الإصابة بكسر حقيقياً . جهاز حماية الورك هو الحلّ الفوري والفعّال. هذا الجهاز عبارة عن قوقعتين صلبتين. نصف صلبتين أو ليّنتين. تقومان على الوركين وتثبتان بواسطة ملابس داخلية خاصة. في الواقع هما تلعبان دور دارئ الصدمات إذ تتدخلان بين الارض ( أو موقع الارتطام ( والورك لحظة السقوك، تسمحان بتجنب من 40 إلى % 90 من الكسور ! بلا نسيان الواقع النفسي والجسدي لهذا الجهاز: متى ارتداه المسن . شعر بأمان فاستعاد ثقته وما عاد ليتردد في السير أو التحرك .