لا خلاف بالطبع على جمال الصداقة، وأهميتها الكبيرة في حياة كل إنسان، لذا فلو كانت في حياتك صديقة مقربة، تحبينها وتثقين بها وتقضيان معظم الوقت معا، فأنت بلا شك محظوظة! لكن، ماذا لو كانت هذه الصديقة تمتاز بنشاط اجتماعي فائق، ولها علاقات ناجحة مع الجميع تقريبا، فهل يمكنك التكيف مع الأمر، وتسعدين به، أم إنك ستصابين بالإنهاك وتلهثين بشكل دائم في محاولات متواصلة للحاق بصديقتك ومواكبتها اجتماعيا؟
الأمر بالتأكيد له وجهان: فمن ناحية، لا بد أنه شيء رائع وممتع أن تصلك بشكل منتظم دعوات لحضور حفلات جميلة ينظمها أصدقاء صديقتك المقربة في مناسباتهم المختلفة، كما أنك لن يخفى عليك أي شيء مما يدور في محيط مجتمعك بالمدرسة أو الجامعة أو النادي، لأن صديقتك المطلعة ستبلغك بأحدث الأخبار، بل وحتى الشائعات أولا بأول، كما انك لن تقعي يوما في مأزق أو تحتاجي لمساعدة، إلا وستجدي صديقتك قادرة على التصرف وحل مختلف الأمور فورا بفضل شبكة علاقاتها الاجتماعية الواسعة والناجحة مع الجميع.
أما الوجه الآخر، والمتمثل في الجانب السلبي لمصادقة هذه الفراشة الطائرة الجميلة، التي يمكنها التحاور بنجاح مع كل زهرة تحط عليها أثناء تحليقها في الحديقة، فلا يمكن الاستهانة به وبدوره. يتلخص الأمر في أنك ستشعرين دوما انك مجرد ظل باهت لصديقتك، خاصة لو كنت غير قادرة على التخلص تماما من خجلك وتطوير مهاراتك الاجتماعية لمواكبة نشاطها الاجتماعي الفائق والدائم، كما ستلحظين الفارق في تعامل الآخرين من معارف وأصدقاء صديقتك المقربة معك، وقد تشعرين بمشاعر سلبية في داخلك من جراء ذلك، لأنك ستفكرين أنك بالنسبة لهم وصيفة الأميرة، أو بالأحرى إذا كانت هي الفراشة الملونة الخافقة بجناحيها وتتجه إليها أنظار الجميع بإعجاب، فلست أنت سوى دودة مثيرة للشفقة، ما زالت تحاول جاهدة بلا جدوى للخروج من شرنقتها الضيقة!
بمعنى آخر، قد يسبب لك الأمر بعض المشاكل النفسية، خاصة لو فشلت في تطوير مهاراتك الاجتماعية بما يكفي لمضاهاة نشاط صديقتك الاجتماعي الفائق.
وإذا استمر الأمر على هذه الوتيرة، فقد ينتهي الأمر بتدمير علاقة الصداقة القائمة بينكما، ولمنع حدوث ذلك، حاولي القيام بما يلي:
تحدثي مع صديقتك
بعيدا عن التجمعات والحفلات ولقاءات النادي والندوات وخلافه، اطلبي من صديقتك أن تخرجا معا بمفردكما للتحدث قليلا، وأثناء التواجد بمكان هادئ أو السير بحديقة أو مكان ساحلي جميل، حاولي لفت نظرها إلى المشكلة، وأخبريها بكل مشاعرك بصراحة (خاصة إذا كانت علاقتكما قوية)، وأخبريها أن هناك فارقا واضحا بين مهاراتكما الاجتماعية، وأن الأمر يرهقك بشدة، كما يخجلك أمام الآخرين، كما أن علاقتكما الثنائية تكاد تضيع تماما لوجود الكثير من الأشخاص حولكما باستمرار، وهو ما يمنع التواصل الثنائي بينكما كصديقتين.
اعرضي حلا
أكدي لصديقتك أنك ربما لا تكونين مهتمة طوال الوقت بحضور الحفلات أو التجمعات مع أصدقائها ومعارفها الآخرين، وأنك فشلت في التخلص تماما من طبيعتك الخجولة رغم محاولاتك العديدة، لكنك في الوقت نفسه حريصة تماما على صداقتك بها هي، واعرضي عليها تخصيص بعض الوقت، مرة أو مرتين من كل أسبوع، لتقضيانه معا أنتما فقط في المكتبة أو في الجيم أو حتى بمنزل إحداكما لمشاهدة عمل درامي جميل أو تناول وجبة معا دون الرد على الهاتف أو إرسال رسائل نصية لآخرين خلال هذا الوقت، حتى يمكنكما العودة لسابق عهدكما، وتعيدا صداقتكما لقوتها ومتانتها، والأهم أن تعيداها كذلك لخصوصيتها.
حاولي الاستعانة بصديقة مشتركة أحيانا
لن يمكنك بالتأكيد تغيير شخصية صديقتك، وربما لا ترغبين في فعل ذلك أصلا، لأنك تحبينها كما هي، وتتطلعين لها، وكنت تتمنين لو كان بمقدورك مواكبة نشاطها الاجتماعي الفائق. لذلك فإذا اضطررت من حين لآخر لحضور إحدى الحفلات أو المناسبات معها، وتعلمين جيدا أنها سرعان ما ستندمج مع الحضور وتتركك وحيدة، حاولي اصطحاب إحدى صديقاتكم المشتركات إلى الحفل، حتى تبقيا معا بعد أن تطير الفراشة بعيدا فلا تشعري بالوحدة والحزن.