إعادة زرع السن المنخلعة تماماً من التشخيص وحتى المراقبة
تعدّ الرضوض السنية أكثر شيوعاً لدى الأطفال واليافعين، وعند الذكور تزداد النسبة للضعفين قياساً بالإناث، وبشكل وسطي يتعرض اثنان من الأسنان للرض في الحادث الواحد، وقد يصل هذا العدد إلى العشرة أسنان أحياناً.
إن تركيب الأسنان والنسج الداعمة المحيطة بها معقد جداً، لهذا فإن ديناميكية الشفاء متعددة الجوانب، وعلى هذا فمن المنطقي وضع تشخيص مستقل لكل نسيج من النسج الخمسة وعلى حدة :
1- النسيج الصلب للسن ((Hard tissue ، 2- اللب السني ((Endodonciun ، 3- الرباط ((Desmodoncium ، 4- العظم السنخي ((Alveolar bone ، 5- اللثة ((Gingiva .
وهذا يتيح لنا من اللحظة الأولى وضع صورة تشخيصية كاملة عن طبيعية الإصابة بالكامل. ومن المفيد أن يمتد فحصنا لمنطقة الإصابة بالاتجاه الوحشي حتى للسن الأول السليم، كما يجب ألا نغفل فحص الفك الحامل للأسنان المصابة، وإن بدا في ظاهره سليماً غير مصاب . وقبل الخوض في حالة الانخلاع التام لا بد من ذكر أدوات تشخيص الرضوض السنية عموماً.
I – أدوات التشخيص :
آ- تمنحنا القصة المرضية ((Anamnezis الدقيقة والمأخوذة عن طبيعة الحادث أيضاحاً حول طبيعية الإصالة، ولماذا أخذت هذا الشكل السريري المائل أمامنا ـ ومن خلال المحادثة مع المريض إن أمكن، ومع المرافق يجب التركيز على الأسئلة الجوهرية التالية :
* ما الزمن الذي انقضى من لحظة الإصابة وحتى المعالجة الأولى ؟.
* هل كانت هناك معالجة سابقة لهذا الحادث قبل وصول المريض إلينا؟.
* أين وجدت الأسنان المفقودة أو أجزاء الأسنان ؟
* في حال الانخلاع التام أين تم حفظ الأسنان وما مدة الحفظ؟.
وفي حال الحصول على أجوبة لهذه الأسئلة نحصل على معلومات قيمة تحدد اتجاه المعالجة ومصيرها .
ب- المعاينة ((Inspection : غالباً ما تكون الصورة المكتسبة هنا صورة شاملة غير دقيقة، لكن أساسية في الوقت نفسه، ويجب أن تتم معاينة السن المرضوض بالأصابع أو بالمسبر بحذر بالغ كي لا نفقد ثقة المريض ( شجاعته ) وتعاونه لدى أثارة ألم شديد لا مبرر له . ويساعدنا خط سير اللثة الحرة ومقارنتها بالملتقى المينائي العاجي بتحديد مقدار الانزياح الحاصل للسن ، وفيما إذا كان هذا الانزياح الحاصل للسن، وفيما إذا كان هذا الانزياح قد حصل نتيجة الرض الحالي أم أنه تعرض لرض سابق أو أن توضعه كان شاذا عند بزوغه . وإن شهادة المرافقين – الوالدين عادة – بأن ارتصاف أسنان ولدهم كان مثاليا ورائعا قبل الحادث ليس دقيقاً دائماً . والفصل في هذه الحالة هو مراقبة الإطباق لدى المريض.
ج- الصور الشعاعية: إن الصور الشعاعية بـ ( – X Ray ) التي تجرى للأسنان المصابة هي أداة تشخيصية مهمة ولا يمكن الاستغناء عنها. وإن انزياح الأسنان بالاتجاه السهمي ((Sagittal لا يمكن كشفه بصورة شعاعية أخذت بالاتجاه الدهليزي الحنكي ((Vestibulo-palatinal فقط ، لذا لا بد من تحضير صورة إضافية منحرفة ((Excentric للسن المقصودة .
د- اختبار حيوية اللب ((Pulp vitality test :لدى المقاربة الأولى للسن المصابة لا يعدّ هذا الاختبار ذو أهمية إلا إذا كانت النتيجة التي سنحصل عليها ذات أهمية بالغة في التشخيص، أو في تعديل خطة العلاج ، وما عدا ذلك فإن هذا الاختبار يؤجل إلى ما بعد زوال الأعراض الحادة ( وذمة، ألم . .) .
هـ- الاعتبار السابق نفسه يصلح لدى اختبار القرع ((Percussion .
جدير بالذكر أن الانخلاع قد يترافق بشقوق صغيرة تصيب الميناء قد يصعب رؤيتها بالعين المجردة . إن أشعة جهاز التصليب الضوئي الموجود في عياداتنا يشكل عوناً جيداً، إذ يكفي أن نضيء سطح السن حتى يظهر جلياً الشق في حال وجوده.
-II وضع التشخيص المناسب :
لدى مناقشة الأذيات السنية الناجمة عن الرضوض من المحبذ الابتعاد عن ذكر تشخيص مقتضب مثال ( كسر التاج مع انكشاف اللب) أو ( كسر الجذر في الثلث الأوسط) أو حركة رضية ).. لأن إنذار الحالة ( (Prognosis لا يتعلق فقط بالنسج المصابة وحسب ، بل يتعداه إلى حالة النسج السليمة أيضاً . إن تشخيصاً كاملاً مرفقاً بإضبارة مفصلة تشمل درجة إصابة كافة النسح المرضوضة يعطي فرصة للطبيب المعالج للوصول إلى المعالجة المثالية، كما أن ملء جدول يتضمن تشخيصاً مفصلاً لكل نسيج على حدة لا يسهل التشخيص النهائي وبالتالي المعالجة الصحيحة فحسب، بل يعطي فرصة حقيقية لتوثيق الحالة والمتابعة الدقيقة اللاحقة.
-III الانخلاع التام Total avulsion luxation :
وهو تلك الإصابة الرضية للسن والمؤدية إلى مغادرة السن المرضوض لسنخه بشكل كامل .
وهنا يجب ألا ندع مجالاً للخلط بين الانخلاع التام (avulsion) والانخلاع الناجم عن القوة (Extrusion) ، والذي هو تبديل السن المو ضعه في الاتجاه التاجي، نتيجة الرض دون أن يغادر السنخ بشكل كامل . علما بأنّ % 16 من حالات الرضوض السنية تترافق بانخلاع تام .
إن إعدة زرع السن الذي غادر سنخه والحفاظ عليه ممكن تطبيقه نظرياً، بشرط التعامل الملائم بدءاً من موقع الحادق، وحتى عيادة الطبيب أو المركز الطبي المختص. فنتيجه الانخلاع التام يصاب من النسج ما يلي :
1- الرباط حول السني ((eriodontal Ligament ،
2- العظم السنخي ( ( Alveolar Bone ،
3- اللب (Endodoncium)،
ولكن من غير الضروري أن تترافق الإصابات السابقة بكسر في الجذر ((Root Fracture .
وإن قدرة النسج حول السنية واللب على التجدد ((Regeneration تتعلق بشكل أساسي بما يلي:
– عدد الخلايا المولدة للملاط الحية والموجودة على جذر السن المنخلع.
– حالة خلايا الرباط حول السني.
– درجة الاندخال الجرثومي إلى سطح الجذر ولب السن.
– نولي أهمية بالغة للمدة التي بقيها السن خارج سنخه ولطريقة حفظه حتى الوصول للطبيب.
باختصار يمكننا القول إن خطة معالجة السن المنخلعة تماماً تحددها عوامل متعلقة باللب السني وبالنسج المحيطة.
-IV حفظ السن المنخلعة حتى بدء عملية إعادة الزرع:
إن الممارسات العملية تدفعنا إلى تمييز فترتين زمنيتين بغية الوصول إلى التشخيص والعلاج المناسبين.
-a الفترة الزمنية الفاصلة بين وقوع الحادث ووصول المريض إلى عيادة طبيب الأسنان أو المشفى: إن عدد خلايا الرباط النسين والقادرة على التكاثر ((Proliferation والموجودة على جذر السن المنخلع يتناقص بشكل مستمر كلما طال الزمن الذي يقضيه ذلك السن خارج سنخه .
فإذا تجاوزت المدة الزمنية الـ 60 دقيقة خارج السنخ إضافة إلى حفظ السن المنخلع بوسط جاف فإن احتمال شفاء النسيج الداعم لتلك السن ( نجاح إعادة الزرع) يكاد يكون مستحيلاً.
لذلك ينصح بوضع السن المصاب في أحد الأوساط الملائمة بأسرع ما يمكن بعد الحادث مباشرة، والأوساط الملائمة هي التالية مرتبة حسب مثاليتها:
– وسط ملائم لاستنبات الخلايا ( Cell – Culture- Medium ) ، أو وسط مغذ للخلايا أو وسط ملائم لحفظ المواد العضوية.
– محلول ملحي فيزيولوجي ( سيروم ملحي).
– حليب .
– لعاب .
– ماء شرب.
إن الوسط المتوافر في موقع الحادث أو بالقرب منه هو الذي يفرض نفسه، رغم أننا نحبذ الابتعاد عن مياه الشرب بسبب صفات نقص التوتر التي يتمتع بها (Hypotonic) . وإذا سمحت حالة المريض العامة فيمكن حفظ السن المنخلع في دهليز فم المريض ( في لعابه) إلا أن خطر بلع السن أو استنشاقه يثني الكثيرين عن اتباع هذه الطريقة. أما عند وضع السن في الحليب، فيجب أن يكون حليباً طازجاً وبارداً .
-b الزمن الفاصل بين معاينة المريض وإعادة الزرع :عادة ما ينقضي بعض الوقت من لحظة وصول المريض إلى العيادة أو المشفى أو المركز الطبي وحتى زرع السن في مكانه، وبما أنه يتعذر حساب هذا الوقت مسبقاً لهذا يجب على أول شخص في المركز الطبي ( ممرض – مساعد – بواب) يقابل المريض أن يحفظ السن في أحد الأوساط لملائمة مباشرة، فالعديد من المشافي زودت بهذه الأوساط مثل : .(Dentosafe® / Medice, Iserlohn)
بذلك نكون قد حفظنا السن بوضعية تسمح لإعادة الزرع بنجاح.
إن أساليب المعالجة الواردة لاحقاً تتعلق بطريقة ومدة حفظ السن خارج السنخ. وفيما يلي قراءة موجزة لإمكانيات العلاج المختلفة اعتماداً على زمن بقاء السن خارج سنخه حسب ( Weiger and Mtsai 2002 :
· حفظ جاف أو رطب لمدة أقل من 20-15 دقيقة أو حفظ في وسط ملائم للاستنبات الخلوي لمدة لا تزيد عن 24 ساعة،وهناك حالتان:
الأولى: السن الذي أنهى نمو جذره بشكل كامل أو كاد أن ينهيه، نتبع ما يلي :
– إعادة زرع (Replantation) وتطبيق جبيرة (Splinting) من 10-7 أيام.
– معالجة لبية بعد 10-7 أيام، متضمنة حشوة مؤقتة للقناة الجذرية بماءات الكالسيوم لمدة أسبوع على الأقل .
الثانية : السن ذو الذورة المفتوحة، ونتبع ما يلي :
– يوضع السن في محلول (Doxycyclin) لمدة 5 دقائق ( 1 ملغ Doxycyclin تحل في 20 مل من محلول NaC1 ذي التركيز (% 0.9 .
– إعادة زرع وتطبيق جبيرة من 10-7 أيام.
– لا حاجة لمعالجة لبية أولية.
* حفظ جاف 60-20 دقيقة، أو تخزنيه في ( الحليب أو محلول ملحي فيزيولوجي) لمدة 6 ساعات، أو تخزنيه في ( حليب أو محلول فيزيولوجي ) من 15 دقيقة وحتى 6 ساعات :
نتبع ما يلي سواء كانت الذروة مفتوحة أم مغلقة.
– حفظ لمدة 30 دقيقة في مستنبت خلوي أو في وسط مغذ للخلايا.
– إعادة زرع وتطبيق جبيرة من 10-7 أيام .
– معالجة لبية لدى السن المغلق الذروة، وتطبيق ضماد Ca(OH)2 حتى انغلاق الذروة لدى السن غير مكتمل النمو ((Apexification .
* حفظ جاف لأكثر من 60 دقيقة :
نتبع ما يلي ( سواء كانت الذروة مفتوحة أم مغلقة )
– إزالة الملاط كاملاً عن سطح الجذر.
– وضع السن في محلول حمض الليمون ذي التركيز % 6 لمدة 5 دقائق .
– غسله لمدة 5 دقائق في محلول 1) Doxycyclin ملغ doxycyclin في 20 ملم Nac1 تركيز .(% 0.9
– إعادة الزرع وتطبيق جبيرة 10-7 أيام .
– معالجة لبية بعد 10-7 أيام ومعالجة لبية خارج الفم قبل إعادة الزراعة.
– V إعادة الزرع (:(Replantation
نبدأ بإزالة الأوساخ عن الجذر بغسيله بسيروم ملحي، ومن ثم نقوم بفحص سرير السن ( النسخ) قبل إعادته لمكانه، فنزيل العلقة المتشكلة ضمن السرير، كما نبحث عن بقايا عظمية مكسورة من جواف السنخ قد تعوق عملية الزرع ونعمل على إزالتها، كما يجب الابتعاد عن تطبيق قوة كبيرة عند إدخال السن لمكانه لأن ذلك من شأنه أن يعمل على رض الخلايا الملاطية الحية المتبقية .
–VI تطبيق الجبيرة:
بعد إعادة السن لمكانه لابدّ من تثبيته إلى مجاوراته من الأسنان السليمة غير المتقلقلة، ونستخدم لذلك سلكاً معدنياً ( قوساً) نقوم بتكيفيه بشكل إفرادي دون توتر، ومن ثم تثبيته على الأسنان باستخدام مادة حاشية راتنجية ( كومبوزيت) إما شفوياً ( للفك العلوي) أو لسانياً (للفك السفلي) .
وننصح باستخدام الجبيرة نصف الصلبة ( تسمح ببعض الحركة للسن المزروعة) وفي حال توافر الشروط الملائمة للنسيج السني الداعم للترميم. فإن هذه الجبيرة تساعد بشكل كبيرة على إعادة البناء. بالوقت بنفسه تتضاءل الفرصة لتشكل الالتصاق (Ankylosis) . وعلينا ألا ننسى توعية المريض إلى أهمية الصحة الفموية الجيدة، طيلة مدة بقاء الجبيرة، كوصف محلول كلور هيكسيدين واستخدامه بشكل دوري.
ترفع الجبيرة بعد 10-7 أيام، إلا أنه من الممكن تمديد فترة تطبيق الجبيرة في حال حدوث إصابة أخرى في الوقت نفسه، ككسر في الجذر أو انخلاع السن المجاورة أيضاً أو كسر في العظم السنخي.
– VII شفاء النسج الداعمة بعد عملية إعادة الزرع :
إذا تمت إعادة الزرع بعد الانخلاع مباشرة فإن فرصة السن للحياة تكون كبيرة لأن إصابة الرباط حول السني تكون في حدودها الدنيا.
فقد أثبتت التجارب على الحيوان نجاح عملية إعادة الزرع، وشوهدت الدلائل على الشفاء، حيث يعاد تشكل النسيج الظهاري (Epithelium) بعد أسبوع واحد من العملية .
كما يتشكل نسيج ضام بين سطح الجذر والعظم السنخي ،وخلال ثلاثة أسابيع يتطور من هذا النسيج الضام بنية أولية ( primer Structure ) تعمل كتربة صالحة لتكاثر الرباط حول السني, وغالبا ما يلزمنا ثلاثة أشهر أخرى لتمام الشفاء، وإعادة بناء الرباط تماماً (Reperation)، عندها يمكن أن نرى تحت المجهر طبقة ملاط سليمة، إضافة إلى ألياف تتجه نحو العظم السنخي .
في حالة الإصابة الأشد لملاط الجذر أو للنسج الداعمة أو للخلايا المتبقية على الجذر فإن احتمال الشفاء يتضاءل، وينتج عندها امتصاص خارجي للجذر (External Resorption) والذي سوف يحتم مصير السن لاحقاً . وهنا يمكن تمييز ثلاثة أشكال للامتصاص الخارجي الناشئ عن الإصابة الشديدة:
1- امتصاص خارجي انتقالي – امتصاص سطحي ((Superficial Resorption :
إذ يعدّ هذا الامتصاص نتيجة لعملية إصلاح محدودة تتم على سطح الجذر. وإن الأجزاء الصغيرة من سطح الجذر والتي تعرضت لرض بسيط تقوم بجذب البالعات الكبيرة (Macrophags) التي تقوم بدورها ببلعمة بقايا النسج المتموتة. وبعد زوال السبب المحرض لعمل هذه البالعات يتحدد نشاطها ويتوقف اندخالها إلى المنطقة المصابة، وهذا التوقف يؤمن المناخ الملائم لتشكل طبقة الملاط الجديدة – الشرط الرئيس لشفاء النسيج الداعم – من الجزر الملاطية السليمة المجاورة لمنطقة الرض ومن خلايا النسج الداعمة المجاورة. ولا يحظى هذا الشكل من الامتصاص بأهمية سريرية كبيرة، إذ إنه غالباً ما يكون انتشار الامتصاص محدوداً للغاية، مما يمنع رؤيته على الصور الشعاعية.
2- امتصاص التهابي خارجي مستمر (continuous external inflammatory resorption):
يفترض وجود جزر ملاطية متموتة أو غائبة ( مكشوطة) ليتطور هذا الشكل من الامتصاص نسيجياً: نشاهد اندخالاً للخلايا الالتهابية (Inflammatory infiltration) ، كما توجد آكلات العاج (Dentinoclast) التي تذيب عاج الجذر المعرى من ملاطه. وهنالك محرضات عديدة تقف وراء هذا الامتصاص، أهمها انتقال الانتان إلى القناة الجذرية . كما تدعم عملية الامتصاص قبل البكتريا وسمومها المنتقلين إلى اللب، واللتان تواصلان طريقهما نحو الرباط الجذري عبر القنيات العاجية. إن هذه العملية تتم بسرعة كبيرة جداً، إذ يكفي بضعة أشهر لتدمير الجذر بالكامل .
شعاعياً: نشاهد عدة مناطق شفافة شعاعياً متفاوتة الحجم على امتداد السطح الخارجي لمرتسم الجذر .
3- الامتصاص التعويضي – التصاق :(Ankylosis)
يتكون هذا الامتصاص حول سطح الجذر بعد التموت المنتشر للأربطة ما حول السنية، وبعد هدوء الهجمة الالتهابية ، حيث تمتص كاسرات العاج الجذر، وتقوم خلايا عظمية بترميم هذا الامتصاص في الجذر وبالوقت بنفسه، هذه الخلايا العظمية المرمِمِة لا تميز بين الملاط وعظم السنخ . وعلى الرغم من أن هذ الامتصاص قد يؤدي إلى امتصاص الجذر بالكامل ،إلا أنه يعدّ عموماً أفضل إنذاراً من الامتصاص الالتهابي .
وسرعة هذا الامتصاص تحددها سرعة ومعدل الاستقلاب الخلوي للمريض. وقد يتطلب هذا عدة سنوات للوصول إلى الامتصاص التام للجذر .
سريرياً : تبدي هذه الأسنان حركية قليلة ( قلقلة) بسبب الالتصاق العاجي العظمي Dentoalveolar ankylosis ولدى القرع المحوري للسن، نسمع صوتاً أشبه ما يكون بالقرع على جسم معدني .
شعاعياً: يلاحظ مناطق امتصاص ومناطق مملوءة بالعظم يستدل عليها من غياب الرباط حول السني، وقد يصادف أحياناً وجود شكل مميز وغير منتظم للجذر أشبه ما يكون بجزرة تم قضمها من عدة أماكن.
–VIII المعالجة بالصادات :
هناك صلة وثيقة بين تطبيق الصادات الجهازية لمدة أسبوع على الأقل وبين شفاء النسيج اللبي والنسج الداعمة للأسنان. وكثير من الدراسات تورد التتراسكلين لميزاته الجيدة في تقليل خطر الامتصاص الجذري في حين يساعد البنسلين عن التروية الدموية للنسيج اللبي. لذلك ننصح باستخدام أحد الصادين المذكورين لمعالجة داعمة بعد الزرع، ولا ننسى طبعاً أن في التتراسكلين هو مضاد استطباب للأطفال 7 سنوات تصبغ الأسنان .
– المعالجة اللبية:
درجة تطور الجذر ونموه ذات أهمية بالغة إذا ما كانت هناك حاجة لمعالجة لبية من بها. ولا ينبغي أن يغيب عن ذهننا أثناء المعالجة: أنه بعد بلوغ النمو الجذري الطولي حده، يعمل العاج الجذري المتولد على تضييق الحجرة اللبية.
لذا لابد من تمييز الأسنان ذوي الذرى المفتوحة من المغلقة أو شبه المغلقة ( تقريباً انتهى النمو الطولي للجذر):
آ- سن ذو جذر أتم نموه أو قارب على ذلك ( ذروة مغلقة) :
بعد الزرع بـ 10-7 أيام نجري معالجة لبية تقليدية، وبعد إزالة سقف الحجرة اللبية وتحديد طول القناة الجذرية نقوم ببرد وتوسيع الأقنية ( ميكانيكياً وبالغسيل والإرواء ( كيميائياً ).
ونكتفي بتطبيق ضماد ماءات الكالسيوم ضمن القناة الجذرية من 2-1 أسبوع في حال كون الشروط مواتية لشفاء النسج الداعمة. لأنه لدى بدء المعالجة اللبية بالوقت المناسب مع المبالغة في تطبيق ضماد ماءات الكالسيوم، فإننا نقود السن المعالجة باتجاه الالتصاق .
إلا أنه في حال ملاحظة امتصاص التهابي واسع على الجذر بسبب الرض الكبير للنسج الداعمة – فإن معرفتنا الحالية تقودنا إلى تطبيق ماءات الكالسيوم من 24-6 شهراً على أن يبدل هذا الضماد كل 3 أشهر . كما ينبغي تطبيق هذا الأسلوب في حال تأخرنا في البدء بالمعالجة اللبية.
ب- نظرياً:
إن الشروط مواتية لإعادة التوعية الدموية للب السني (Revascularization) كما أن انغلاق الذروة ( نمو الجذر) سيكتمل بشرط عدم وصول إنتان إلى القناة الجذرية، أي فرصة شفاء اللب لإزالت قائمة ولا تعاني من عائق .كما أن احتمال شفاء اللب السني تزداد كلما كان امتداد اللب في الاتجاه التاجي – الجذري أصغر (pulp -Length) ، وكلما كان الزمن الذي قضاه السن خارج الفم أقصر.
يذكر (Andreasen-Mtsai) أن احتمال الشفاء كبير إذا كان هذا الزمن أقل من 20 دقيقة، وهذا يناقض صراحة ما كان شائعاً أو معروفاً سابقاً لدى (American Association of Endodontics ).
بعد حصول الترميم اللبي يعطي اختبار حساسية اللب نتيجة إيجابية، كما لا تظهر الصور الشعاعية أي أثر لتفاعلات التهابية أو امتصاص في محيط الجذر . طبعاً هذا التقييم ممكن بعد مضي 12-4 شهراً على إعادة الزرع.
خلال المتابعة المستمرة لابد من إجراء المعالجة اللبية حالاً لدى وجود أي ملاحظة مرضية في محيط الجذر . لا يزال النقاش محتدماً فيماً إذا كان من الضروري تطبيق ضماد داعم ( كورتيزون أو معاجين مضادة للالتهاب، كلور هيكسيدين ) لعمل ماءات الكالسيوم تقوم في هذه المرحلة بتثبيط عمل كاسرات العاج .(Dentinoclast)
ج- الذروة مفتوحة ومدة الحفظ تجاوزات 20 دقيقة خارج الفم :
بعد مرور 10-7 أيام على الزرع، لابدّ من إجراء المعالجة اللبية، إضافة إلى العمل على تحريض انغلاق الذروة باستخدام ضماد كماءات الكالسيوم (Apexification) . وإذا تجاوز زمن الحفظ الساعة خارج الفم، فإن الأذية غير الردودة للرباط تفسح المجال أمام المعالجة اللبية خارج فم المريض قبل الزرع وبظروف ملائمة من التعقيم.
أما إذا كان النمو الطولي للجذر قد انتهى، فإن المعالجة خارج الفموية لا تمنحنا أي ميزة إضافية ، في حين أن تطبيقها على السن غير منغلق الذروة يؤمن لنا ختماً ممتازاً للذروة تحت المراقبة البصرية المباشرة . علما أنه لا حاجة لبرد وتوسيع كبير في جدار القناة الجذرية، إذ يكفي إزالة النسج اللبية فقط . ذلك أن المبالغة في توسيع القناة لدى السن غير مكتمل النمو من شأنه أن يضعف الجذر بشكل ملموس.
-X المراقبة الدورية :
تلعب المراقبة السريرية والشعاعية الدورية في السنة الأولى التالية للزرع أهمية عظمى في الكشف المبكر عن أي اختلاط لاحق. لذا ينصح بإجراء فحوص بعد 7-3 أسابيع من التداخل، ومن ثم بعد 3 أشهر، 7 أشهر، 12 شهراً . هذه المتابعة تسمح بمقارنة الصور الشعاعية الملتقطة دورياً حيث يمكننا بسهولة اكتشاف أي امتصاص التهابي في بدايته، أو امتصاص عظمي في منطقة الذروة المفتوحة للمعالجة.
في ختام بحثنا ،لا بد من القول إن التقيد بالخطوات الواردة في هذا البحث تعطي فرصاً كبيرة لنجاح المعالجة، لكنه في الوقت نفسه لا يعني بالضرورة عدم حاجة المريض إلى تداخل لاحق تمليه الحالة السريرية للسن المعالج فكثيراً ما نضطر إلى دعم المعالجة المحافظة بمعالجة جراحية للإبقاء على السن ( قطع ذروة – تجريف..) فالمعالجة الدقيقة والطويلة ينبغي ألا تثنينا عن المحاولة بعد التشخيص الدقيق والمحاكاة الموضوعية لخصوصية كل حالة. فبإمكاننا في أي وقت قلع السن المعاد زرعها والتي أظهرت إخفاقنا في المعالجة، ولكن بعد أن نعلم أين ولماذا أخطأنا، في حين قد تكون الخسارة أكبر لدى الامتناع عن تبني هذا الأسلوب المهم في المعالجة.