تحاول طائرة “سولار إمبولس 2” السويسرية القيام بجولة حول العالم بدون قطرة وقود واحدة، فقط باستخدام ألواح الطاقة الشمسية، في محاولة للفت الأنظار إلى مستقبل الطاقة النظيفة في العالم.
وقد تمّ الكشف عن طائرة “سولار إمبولس” في عام 2009، ودخلت الطائرة بعد هذا العام التاريخ بوصفها أول طائرة شمسية حلّقت طيلة ليلة كاملة من دون وقود أحفوري.
وفي عام 2013، استطاعت هذه الطائرة إتمام رحلتها الى الولايات المتحدة، رغم حدوث تصدع في أحد أجنحتها، وبعد العودة إلى قاعدة “بايرن” السويسرية، تم إدخال تحسينات على الطائرة.
أما الطائرة الحالية فقد قُدمت للجمهور في عام 2014 تحت اسم “سولار إمبولس 2″، وهي أكبر حجما وأثقل وزنا من سابقتها، وفي مارس/آذار عام 2015، انطلقت في رحلة مُتعدّدة المراحل حول الـعالم، ستقطع فيها حوالي 40 ألف كلم، وستتوقف خلالها في 12 محطة.
وهنا أهم المعلومات التي يمكن معرفتها عن هذه الطائرة وعن الرحلة التي تقوم بها:
1– هل يمكن للطائرة التحليق في الظّلام؟
يمكن للطائرة التحليق في الظلام بفضل البطّاريات، فخلال النهار تصعد الطّائرة إلى ارتفاع أقصاه 8500 متر لامتصاص أكبر قدر من أشعة الشمس، ومع حلول الظلام تحلق الطائرة على ارتفاع 1500 متر للحفاظ على الطاقة.
ولا تتجاوز السّرعة القصوى للطائرة 90 كلم في الساعة، وقد استغرقت الرحلة من أبو ظبي إلى مسقط 13 ساعة، بينما تجتاز الطائرات العادية نفس المسافة في حوالي 90 دقيقة.
2– طاقم الطائرة
يتناوب طيّاران على قيادة هذه الطائرة، “بيرتران بيكار” المُبادر بالفكرة والمشروع، وينحدر بيكار من أسرة مستكشفين وعلماء مرموقين كانوا سبّاقين لابتكار الوسائل والأجهزة لاستطلاع الطّبقات العُليا من الجو أولا وأعماق البحار والمُحيطات لاحقا.
أما الربان الآخر فهو “أندري بورشبيرغ” المُدير التنفيذي للمشروع، وهو مهندس وطيّار سابق في القُوات الجوّية السويسرية، ومُتخرج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
ويضمّ الفريق أيضا طيّار اختبار اسمه “ماركوس شيرديل”، وهو يساعد على التأكّد من أن الطائرة صالحة للطّيران.
3– كيفية عمل الطائرة
تغطي الجناحين 17248 من الخلايا الشّمسية، التي تُغذّي بطاريات الطائرة من صنف “ليثيوم بوليمر”، وتساعد البطاريات على توليد وتخزين ما يكفي من الطاقة لتشغيل محركات الطائرة للتحليق لفترات أطول.
ويساهم في رفع كفاءة استخدام طاقة الطائرة الوزن الخفيف للمواد التي تتكون منها، ومع ذلك، فلا يمكن للطائرة أن تحلق إلا في ظروف جوية معتدلة، كما أنها تتأثر كثيرا بسرعة الرياح، ويساعد خبراء الأرصاد الجوية فريق “سولار إمبولس 2” على تحديد أفضل الظّروف الجوّية للتحليق.
وقد تؤجّل الرحلات لعدة أيام في حال تساقط الأمطار، مثلما حدث للطائرة في الهند في منتصف مارس/آذار 2015.
4– مدة التحليق القصوى
من الناحية النّظرية وفي ظروف جوية مناسبة، يمكن أن تظلّ الطائرة محلقة في الجو على الدّوام، ولكن ذلك سيفوق قدرة الطّيارين على التحمل.
وحتى الآن، استغرقت أطول رحلة لـ”سولار إمبولس” 26 ساعة في عام 2010، ومع هبوطها في الهند يوم الثلاثاء 10 مارس/آذار 2015 قادمة من مسقط، سجّلت الطائرة “سولار إمبولس 2” رقما قياسيا غير مسبوق، حيث نجحت في التحليق لأول مرة لمسافة 1465 كيلومترا في أقلّ من 16 ساعة.
وهذه كانت أطول مسافة تقطعها طائرة تعمل بالطاقة الشمسية في تاريخ حركة الطيران، وكان في قمرة القيادة خلال هذه المرحلة، بيرتران بيكار، ومن المتوقع أن يستغرق عبور الطائرة للمحيطين الهادئ والأطلسي خمسة أيام متتالية بلياليها.
ولأن درجة الحرارة يمكن أن تهبط إلى 40 تحت الصفر وترتفع إلى 40 فوق الصفر، فإن الطّيارين يرتديان عدة طبقات من الملابس، كما تحمل الطّائرة إمدادات لمدة أسبوع من الماء والأطعمة، يتم إعدادها خصيصا لهذا النوع من الرحلات، فضلا عن الأكسجين الذي يُستخدم في الطبقات العليا وفي حالات الطوارئ، كما تتوفر للطّيارين مظلات(برشوتات) وقارب نجاة.
5– حجم الطائرة
المسافة بين الجناحين 72 مترا. وهي بذلك تتفوق قليلا على طائرة بوينغ 747، ولا تتسع الطائرة سوى لطيّار واحد في قمرة قيادة يبلغ حجمها 3.8 متر مُكعب. وتزن الطائرة 2300 كلغ، أي ما يعادل تقريبا وزن سيارة رياضية متعدّدة الأغراض.
6– كيف ينام الطيار وهل يذهب للحمام
يمكن للطيار القيام بذلك بفضل الطّيار الآلي، ويمكنه أيضا أن يتكأ ويتحرك إلى حدّ ما، للحفاظ على نشاط الدورة الدموية، وإن احتاج للذهاب إلى الحمام، فإنه يسحب غطاء المقعد ليجد تحته قاعدة حمام محمولة.
وباستثناء فترات القيلولة لاستعادة النـشاط، التي لا تتجاوز 20 دقيقة، يمكن أن ينام الطّيار ساعتين أو ثلاث كحد أقصى خلال الأربع وعشرين ساعة.
ويستخدم بيكار، وهو أيضا طبيب نفسي، تقنيات التنويم المغناطيسي الذاتي لمُواجهة هذا الوضع. أما بورشبيرغ فيمارس رياضتي التأمل واليوغا.
7– عدد الأشخاص المشاركين في المشروع
يضمّ فريق المشروع حوالي 90 شخصا، بما في ذلك 30 مُهندسا، و25 فنّيا، و22 من مراقبي البعثة.
ويظل الفريق العامل في قاعدة مراقبة البعثة بإمارة موناكو على اتصال دائم بالطّيار والطائرة، وتُنقل بيانات المؤشرات الفنية عبر الأقمار الصّناعية.
وقبل وصول الطائرة لمحطتها القادمة، يسبقها طاقم أرضي لإعدادات الوصول وأيضا لتحضير ما يلزم للرحلة التالية.
8– الجهات الممولة للمشروع
ولدت الفكرة في سويسرا، وحصلت على ميزانية عامة قدرها 150 مليون فرنك سويسري.
ومن بين الشّركاء في المشروع الحكومة السويسرية، التي منحت الفريق حق استخدام قاعدتين جويتين، وتمول مركز المراقبة مؤسسة أمير موناكو ألبير الثاني لحماية البيئة. كما أسهمت العديد من الشركات والمؤسسات بخبرتها وتجهيزاتها ذات التكنولوجيات الفائقة. وكتبت على الطائرة أسماء الشركاء الرئيسيين والرسميين في هذا المشروع.
9– فائدة المشروع
في الواقع من الصّعب أن تحل هذه التكنولوجيا محل الطيران التجاري، وليس من المُفترض أن تقوم بذلك، ويقول بيكار:”لم تُصنع سولار إمبولس لنقل الرّكاب، بل لتوجيه رسالة، نُريد أن نبيّن أهمية روح الريادة، وتشجيع الناس على التساؤل بشأن ما اعتبروه دائما مسائل مفروغا منها، العالم بحاجة إلى إيجاد طرق جديدة لتحسين جودة حياة الإنسان، والتكنولوجيات النظيفة وأشكال الطاقة المتجدّدة هي جزء من الحل “.