حتى الماضي القريب ، كانت معالجة العقم تحقق فوائد محدودة ، بسبب الإمكانات القليلة للتشخيص والعلاج ، ولكن التطور العلمي الحديث الذي حدث في أواخر القرن العشرين فتح الباب واسعاً أمام التشخيص الدقيق لأسباب هذا المرض ، ومن ثم وضع الخطط المفيدة للعلاج ، وقد تنوعت أساليب وأنواع علاجات العقم في عصرنا الحاضر ، كالجراحة التنظيرية والتلقيح الصناعي ، وعمليات أطفال الأنابيب والتلقيح المجهري الذي يعتبر بحد ذاته ثورة في معالجة العقم .
وحول مشكلة العقم عند الزوجين وأسباب شيوعها ، ووسائل علاجها بين الماضي والحاضر ، كان هذا اللقاء مع أحد أخصائيي معالجة العقم .
يقول الطبيب المختص : تشكل حالات العقم ، بشكل عام في مختلف المجتمعات 15 % من الزيجات وبالتالي فإن المرأة واحدة من كل 7 نساء سوف تحتاج إلى استشارة طبيب من أجل الحصول على أطفال .موقع طرطوس
ومن الأسباب التي جعلت العقم أكثر شيوعاً من الماضي : تأخر سن الزواج بالنسبة للفتيات بسبب ظروف الدراسة والعمل ، ومن المعروف أنه بتقدم عمر المرأة ، تتزايد المشاكل التي تمنع حدوث الحمل مثل مرضى ” الاندومتريوز ” أو ” الداء الحوضي الالتهابي ”
وقد اعتاد المجتمع أن يحمل المرأة وحدها مسؤولية عدم الإنجاب ، ولكن الدراسات الحديثة كلها تؤكد أن المرأة تكون مسؤولة وحدها عن 40 % من حالات العقم فقط ، ويتحمل الرجل وحده 40 % أيضاً وهناك 20 % من الحالات يكون فيها العائق موجوداً عند الزوجين .موقع طرطوس
ماهي الأسباب الشائعة لعدم حدوث الحمل عند المرأة ؟
من هذه الأسباب مشاكل الإباضة , فعدم حدوث الإباضة ، أو عدم انتظامها يشكل 35 – 40 % من أسباب العقم عند المرأة ، وهذا السبب قابل للعلاج في الغالبية العظمى من الحالات سواء بأدوية فموية أو أبر عضلية وفي الحالات الأخرى ، فإن الجراحة التنظيرية هي الكفيلة بإعطاء العلاج الشافي .
ومن أسباب العقم عند المرأة أيضاً وجود مشاكل في الأنابيب ، وهذه الحالة تشكل نسبة 20 – 30 % من أسباب العقم عند المرأة ، وكأن يكون أنبوبا الرحم مغلقين كلياً أو جزئياً أو فيهما توسيع واستسقاء ، وحالياً يمكن للجراحة التنظيرية أن تساعد كثيراً في هذا المجال ، وفي بعض الحالات لا بد من اللجوء إلى طفل الأنبوب .
وماذا عن أسباب نقص الخصوبة عند الرجل ؟
كما سبق وذكرنا فإن الرجل وحده يكون مسؤولاً عن 40% من حالات العقم ، ومن أكثر أسباب نقص الخصوبة شيوعاً عند الرجل دوالي الحبل المنوي ، والنقص في عدد الحيوانات المنوية ، والنقص في حركة الحيوانات المنوية وانعدام هذه الحيوانات أحياناً في السائل المنوي ، فإذا كان السبب وجود دوالي حبل منوي ، فإن عملية جراحية للدوالي قد تحسن الإنجاب ، وبالنسبة إلى نقص عدد أو حركة النطاف ، فإن هناك علاجات كثيرة غالباً ما تكون غير مجدية والحلول الأكيدة المتبعة حالياً هي التلقيح الصناعي والتلقيح المجهري .موقع طرطوس
كيف تنظر إلى التطورات الهائلة التي حدثت في ميدان علاج العقم خلال السنوات الأخيرة ؟
حتى الماضي القريب ، كانت المعالجات المتوفرة لمرضى العقم محدودة ، ومحصورة في تحريض الإباضة ، ومعالجة الآفات الالتهابية ، ولكن تطورات كثيرة وجذرية حدثت خلال العشرين سنة الماضية جعلت الأطباء قادرين الآن على تقديم خدمات متميزة لمرضى العقم .
وبدأت التطورات الحقيقية في نهاية السبعينات ، عندما أصبح العلماء قادرين على زرع بيوض الزوجة في أوساط مغذية لعدة أيام ، وتكلل ذلك بنجاح أول عملية طفل أنبوب في بريطانيا عام 1978 لمريضة كان لديها انسداد في أنبوب الرحم ، ومن ثم أصبحت عمليات طفل الأنبوب أكثر نجاحاً مع تقدم الزمن ، وتقدم التقنية وبواسطة طريقة طفل الأنبوب التقليدية أمكن سحب البيوض من الزوجة وحضنها مع الحيوانات المنوية للزوج ، للحصول على أجنة يتم زرعها داخل رحم الزوجة وبالتالي حدوث الحمل .
واستفادت من هذه الطريقة آلاف النسوة اللواتي كان لديهن انسداد في أنبوب الرحم لسبب التهابي أو جراحي ، ولاتزال هذه العمليات تجرى بنجاح ، شريطة أن تكون الحيوانات المنوية عند الزوج كافية من حيث العدد والحركة .
ومن المعلوم أن الرجل الطبيعي يقذف في كل مرة 40-50 مليون حيوان منوي، مع حركة تزيد على 50% وهذه المعالجة الناجحة بقيت قاصرة على معالجة حالات أخرى كثيرة ، يكون فيها الزوج مسؤولاً عن العقم .موقع طرطوس
وعندما يكون عدد الحيوانات المنوية للزوج قليلاً ، فإن الحمل لدى الزوجة لا يتم بشكل طبيعي ، وكذلك فإن عملية طفل الأنبوب المذكورة آنفاً لا يمكن إجراؤها ، لأن النطاف الضعيفة لن تكون قادرة على تلقيح البيوض المأخوذة من الزوجة ، ومن المعروف أيضاً أنه للأسف لا يوجد علاج طبي أو جراحي يزيد من عدد وحركة الحيوانات المنوية عند الرجل ، وذلك في الغالبية العظمى من الحالات .موقع طرطوس
وحول تطور علاجات العقم عند الرجال يقول الأخصائي : حدثت في السنوات الأخيرة ثورة حقيقية في مجال معالجة حالات العقم الذكري الناتجة عن ضعف عدد أو حركة الحيوانات المنوية عند الرجل ، وبالذات عام 1992 ، على يد الدكتور باليرمو في بلجيكا ، عندما استطاع أن يلقح البيضة المأخوذة من الزوجة بنطفة واحدة مأخوذة من الزوج ، وذلك بواسطة إبرة مجهرية قطرها 5 ميكرونات ( الميكرون يساوي جزء في الألف من الملم ) وبهذا الإجراء أصبح لدينا الإمكانية العملية لمعالجة كل حالات العقم الذكري تقريباً لأنه أصبح يكفي وجود بعض حيوانات منوية عند الزوج لاستخدامها في تلقيح البويضات المأخوذة من زوجته ، والحصول على أجنة لزرعها داخل الرحم . وقد ولد بهذه الطريقة حتى الآن ما يزيد على 50 ألف طفل في العالم وفق الإحصائيات الحديثة وأصبح الكثيرون من الرجال آباء بعد سنوات طويلة من المعالجات غير الناجحة .موقع طرطوس
ويضيف : إن هذه الطريقة التي تدعى ” التلقيح المجهري ” أصبحت الحل الحقيقي لكل الرجال الذين لديهم ضعفاً شديداً في عدد وحركة الحيوانات المنوية ، ونسب نجاحها تجاوزت 40 % في بعض الحالات ثم حدث تطور لاحق لهذه الطريقة ، ساعد في استخدام التلقيح المجهري بنجاح لتلقيح البيوض بنطاف مأخوذة من داخل الخصية ، والحصول على أجنة لزرعها ، وبالتالي فإن حتى الرجال الذين لديهم انعدام تام للحيوانات المنوية في السائل المنوي ، صار بالإمكان أخذ عدة نطاف من داخل الخصيتين لديهم ، واستخدامها للتلقيح المجهري ، وهناك حالات يكون لدى الرجال فيها خزعة خصييه تبين عدم وجود إنتاج للحيوانات المنوية ، ولكن حتى في هذه الحالات ، فإن حوالي 60-70% من هؤلاء المرضى سوف يمكن إيجاد حيوانات منوية داخل الخصيتين عندهم لاستخدامها في التلقيح المجهري .