حتى ولو كانت الأشهى والألذّ من حيث المذاق، النكهة والمظهر ، وحتى ولو توفرت بكثرة اليوم في معظم المتاجر، فهذه الأطباق الجاهزة ما زالت تثير اللغط بين خبراء التغذية ، والحيرة بين المستهلكين ! كثرة أطباق ، أي ، كثرة مواصفات وكثرة بطاقات تصنيع أو ماركات تجارية ، فيكف لنا بتمييز ما هو نافع لتوازننا الصحي وتجنب غير النافع ، قبل ابتياعه ؟؟
غالباً ما نتجاهل القيمة الغذائية :
بحسب الإحسائيات ، التهافت على شراء الأطباق الجاهزة ، الأطعمة المصنعة ،المجلدة أو المعلبة ، يتزايد أكثر فأكثر ،بحيث بات يسجِّل اليوم حوالى الـ %26 من المشتريات الغذائية وهذا رقم لا بأس به ! هذا النوع من السلع يواكب بالفعل تطوّر العصر ونمطه السريع ، فهو جد عمليّ وكافٍ بالنسبة لأفراد الأسرة العاملين والذين لا يملكون لا الوقت ولا المكان المناسب للطهو التقليديّ !
لا عجب إذا إن رأينا معظم المستهلكين يكدّس الأطباق الجاهزة في البرّاد أو الثلاجة ! في الواقع، هذا التهافت قد شجعه عامل التجديد والابتكار : منذ عامين ، لم تكن % 20 من الأطباق المتوفرة حالياُ ، موجودة حتى في الأسواق !
من الواضح أنّ عادات المستهلك الغذائية قد تبدَّلت جذرياُ وفي غير بلد، تكيفاً مع نمط وحاجات العصر ، لكن هذا التبدل يحتاج تعديلات جديدة ، ليس فقط لدى الواصفين أو الناصحين من اختصاصيي التغذية ، خبراء علم الغذاء أو أطباء اختصاصيين .. والذين يجدر بهم اتخاذ الوقت الكافي بغية معرفة و ” ترويض” تركيبة هذه المنتجات الغذائية الجديدة ، إنما أيضاَ ، لدى المستهلكين أو المرضى في تسوُّقهم اليومي !
والسؤال البديهي المطروح : كيف لنا بإيجاد دربنا وسط ” متاهة ” كل هذه السلع الجديدة ، خاصة وأنّ كل ما نأكله اليوم بات ذات مواصفات ” صحية” مفرطة : خال من الكولسترول، قليل الدسم مدعِّم بالفيتامينات . . . !
مع كل هذا ، ننس أمراً مهماً للغاية : يجب أن تكون التغذية أولاً مصدر متعة ومشاركة كما ودعم معنوي نفسي وليس مجرد وصفة ” طبيّة صحية “! بالمقابل ،كل ما يصلح للذهن ، قد لا يصلح بالضرورة للجسم .
وهكذا ،فلأطباق الشهية المحضَّرة على الطريقة التقليدية ” الكريمة” والمفعمة بالنهكة ، غالباُ ما تكون جد دسمة . مالحة، حلوة أو غنية بالوحدات الحرارية .
لسوء الحظ في ما يتعلق بالأطباق الجاهزة غالباً ما يركز المستهلك على الدعاية اللون أو الغلاف الجذاب ، أكثر منه التركيبة والقيمة الغذائية !
الأسئلة الواجب طرحها قبل الابتياع :
عوضاً عن البحث عن المظهر واللون ، على المستهلك التساؤل مثلاً: كم تزوّد كل 100 غ من هذا الصنف بوحدات حرارية ؟ ما نسبة الدهون التي يحتويها ؟ هل من كمية مفرطة من الملح . .؟ الخ .
بيد أن الإجابات ونظراً لنقص في الاجتهاد القانوني ، لا تظهر بوضوح دوماً على بطاقات التصنيع . من جهة أخرى ، من الصعب ترجمتها وتفسيرها إذا ما وجدت لأنّ فكّ رموزها ومصطلحاتها ما زال بمثابة مهمة شاقة للمستهلك!
في أي حال، ما من معلومات أو معايير واضحة ومحدّدة قد تؤكد نفع أو عدم نفع الصنف بالنسبة للتوازن الغذائي.
بالتالي على المستهلك أن يجيد كشف خدع وحيل التسويق عوضاً عن ملء طبقه بحسب ما تملي عليه عاداته !
أن نعرف كيف وماذا نأكل هو أن نفهم مسبقاً ماذا نبتاع ، سوف نحاول في هذا السياق إنارة المستهلك في خياره عبر التركيز على بعض المعايير الضرورية :
تاريخ الصلاحية وتسمية الصنف :
في الواقع ، تسمح التسمية المعتمدة: ” خسّ طبيعي مجلد” ” بيتزا جاهزة للطهو” . . . بتكوين فكرة واضحة عمّا نريد ابتياعه: الصنف الأول نيء ولا يحتوي سوى الخسّ ! أما الثاني فمطهوّ ، أي ، لا بد أن يحتوي كمية معيّنة من الدهون أو ربما يحتوي أيضاً بعض اللحم أو الخضار . .
المعلومات التي يجب أن يوردها المصنع حول تاريخ الصلاحية ، طريقة الاستعمال كما والتنبيهات ومراقبة من القانون وهي تسمح بمعرفة الحدود المثلى لاستهلاك الصنف .
المحتوى والمكوّنات:
نعني كل العناصر التي تدخل في صناعة الصنف ؛ قانوناً ،ترد المكونات على الغلاف وفق وزنها ( الأكثر ،فا لأقلّ. . ) ،أي تلك الواردة أولاً موجودة بكمية أساسية ، مقارنة بالأخرى ، على سبيل المثال :
في طبق الخضار المطهوة ، إذا ما تمّ ذكر الباذنجان أو البطاطس ما قبل اللوبياء والطماطم ، فهذا يعني بأنّ الطبق قوامه البطاطس أو الباذنجان ،ترافقه خضار أخرى متفرقة .
إنما انتباه ، ذكر فئات المكونات : زيت ، جبن ، خضار. . لم يعد كاف للاستجابة لمتطلبات المواصفات بل يجب من الآن فصاعداً تحديد نوع الزيت أو الجبن ، الخ . . .
ملاحظة : يجب إيراد كل المواد التي قد تسبب حساسيات ، أقلها المتعارف عليها ، وبدون استثناء .
وبالنسبة للمواد المضافة ،وعلى الرغم من المخاوف حولها ، فهي تستعمل منذ زمن طويل كالملح أو الخلّ المضاف إلى الخضار أو اللحم ، فلطالما شكل حفظ الأطعمة أولى الأولويات وما زال ، تجنباً لأي تسمم غذائي كما ولمختلف الأوبئة !
بعض هذه المواد يدعو للحذر ، بيد أنّ القوانين الحالية تفرض معايير خاصة على عملية التغليف ولائحة المكونات .
ماذا نعني بالوزن ؟:
الحجم الإجمالي والكمية المقترحة لكل شخص ، من المعايير التي يجب دوماً التحقق منها . كما قد نلاحظ ، غالباً ما تعتمد كمية الـ 100 غ لتحديد القيمة الغذائية والطاقية، لكن ، ماذا عن الكمية المستهلكة فعلاً ؟ هل هي كافية لإشباعنا ؟ من جهة أخرى ، إن كان الحجم الاستهلاكي ضئيلاً ، قد تصبح بعض النسب غير محتسبة أو العكس تماماً ، إن كان الحجم كبيراُ عامة ، عدد الحصص أو الأشخاص وارد على غلاف الأطباق المجلدة ، أما المعلبات فالصغيرة تكفي لشخص واحد ( لكنها تزن حوالي الـ 400 غ عندما تفرّغ في الطبق ) والكبيرة لشخصين أو 3 أشخاص .
المحتوى الحراريّ:
يستهلك جسم الإنسان طاقة يستخرجها من التغذية اليومية ،كي يعمل ، ينمو ، يتحرَّك ، يتعالج. . أن نأكل بتوازن هو أن نزود جسمنا بما يكفي من الوحدات الحرارية ، إنما ، حذار ، أي فرط في هذه الأخيرة قد يتحوَّل إلى تكدسات دهنية ،ما لم ننفق ما يكفي منها بالمقابل !
أحياناُ ، ترد الوحدات الحرارية بالكيلوجول ( وحدة قياس دولية ) ((KJ ، إنما المتعارف عليه الأكثر هو : كيلوكالوري Kcal أو كالوري ( وحدة حرارية ) ((Calorie .
إذا ، الوحدة الحرارية أو الكالوري هي وحدة القياس التي تعبّر عن درجة الحرارة التي تبعثها مادة معّينة .
ملاحظة :
1 كيلو كالوري = 4.18 كيلوجول من السهل اقتراح قيمة كسقف أقصى أو أدنى ، تشمل هامشاً معيناً ، بالنسبة لكل طبق مطهوّ. بالتالي ، على المستهلك تفضيل الأطباق التي تزوّد بكمية ما دون الـ 160 كيلوكالوري في الـ 100 غ.
البروتينات الدهون ، السكريات :
يجب أن تخدم معدّلاتها التوازن الغذائي .
– البروتينات عبارة عن جزيئات لا تنقل الأحماض الأمينية الأساسية للجسم فحسب بل تلعب دوراً في الشعور بالشبع أو الامتلاء ،وعليه ، فيجب أن تكون حصصها كافية من خلال الوجبات وبالتالي ، هي جد مهمة في أي طبق جاهز : كي لا تكون الصلصة أوفر من كمية اللحم ، السمك ، الدحاج . . . يجب اختيار الصنف الذي يحتوي بروتينات أكثر منه دهوناً ( الأمثل : أكثر بمرتين من الدهون ، و 80 غ من اللحم أو السمك على الأقل في الطبق للشخص الواحد ) . هكذا يضمن الطبق الشبع الكافي .
– الدهون : يجب مراقبة كمياتها في أطعمة البلدان المعروفة بالصناعية : غالباً ما تستهلك بإفراط وتحديداً تلك المعروفة بالدهون المشبعة والتي بحسب العديد من الخبراء قد تساهم في ظهور عدة أمراض ، أمراض قلبية وعائية ، بدانة كولسترول، الدهون هي أيضاً الجزيئات الأغنى بالوحدات الحرارية : 1 غ يزود بـ 9 كيلوكالوري . في الواقع . الأطباق الجاهزة وخاصة التقليدية منها ( كبّة ، فوارغ محشية ، مغربية .. ) تحتوي الكثير منها ، كون الدهون تضفي المذاق على الطبق النهائي . من دون الـ 10 من الدهون في كل 100 غ ( ما يعادل أقل من ملعقة طعام).
السكريات :
غالباً ما تأتي من النشويات ( أرز ، معكرونة ، بطاطس . . . ) الخضار ( جزر، طماطم، لوبياء …) أو من النشاء المضاف ( بغية تكثيف صلصة ما ). في الأطباق الجاهزة أحياناً ، قد نجدها على شكل غلوكوز أو سكريات أخرى معروفة بالبسيطة ( غير المركبة) والتي تسمح بتخفيف حموضة وصفة معينة ، إنما لا داعي للخوف من الكميات المضافة هذه .
كمجموع ،غالباً ما تدرج الغلوسيدات أو السكريات المعرفة بالمركَّبة ، أو التي تملك مؤشراً سكرياً منخفضاً أو معتدلاً ( من نوع الفروكتوز أو سكر الفاكهة والموجود طبيعياً في الخضار).
في ما يتعلق بالخضار والمعروفة بالمرافقة ( سواء مجلدة أو معلبة ) يكفي تذكر ما يلي : تحتوي حبّة واحدة من الخضار كمعدّل على 7 غ من السكريات إذاً السقف الأقصى والمحدَّد من 10 غ ( عدم التجاوز ) يسمح بهامش مقبول .
ما فوق هذا الحدّ ، لابد من أن كمية السكر المضافة زائدة ، أو إفراط في طهو الطبق أو ربما أدرجت كميات من البطاطس أو البازيلاء ( من الممكن التحقق من وجودها ضمن لائحة المكِّونات ).
تنبيه : بالنسبة للملح يجب عدم تجاوز الجرام الواحد منه في كل 100 غ من الأطباق الجاهزة أو الخضار المرافقة ، ذلك لأن ّ دوره في التسبّب ببعض الأمراض كارتفاع الضغط مثلاً ، مازال موضع ارتياب ولا ننس بأنّ معظمنا يميل إلى استهلال الكثير من الملح !
نواهي الاستهلاك :
قد تحتوي هذه الأصناف الجاهزة مسببات للحساسيّة : بالنسبة للشخص العرضة ، من السهل إلغاء بعض الأطعمة كالبيض القمح ، ثمار البحر أو الحليب إذا ما وجدت بشكلها المعهود الطبيعي ، لكن ، ما السبيل للتأكد من عدم وجودها ضمن بعض التركيبات الغذائية الجاهزة .؟ لهذا تحديداً ، قد أدخلت السلطات تعديلات على قوانين سلامة الأغذية من الآن فصاعداً ، يجب لا محالة أن ترد المكونات الغذائية المسببة للحساسية المعروفة كما ومشتقاتها وبشكل واضح على بطاقات التصنيع ، ذلك لضمان حماية صحة المستهلك إلى أعلى درجة كما وحقه في الاستعلام .
هذه المكونات هي التالية :
البيض ، الأسماك ، ثمار البحر. الصويا ، الفول السوداني ّ ، الحبوب الغلاكية التي تحتوي على الغلوتين ((Gluten ، الحليب ومشتقاته ( تحديداً اللاكتوز) الخردل ، السمسم ، الجوز ، الكرفس والسولفيت .
هذه الأصناف تعتبر مسؤولة عن % 90 من مجموع ردود الفعل الأرجية الرائجة .
أخيراُ ، نورد ملاحظة بغاية الأهمية :
بالطبع ، يحمل العديد من المنتجات الغذائية ، رموزاً ، شعارات تجارية وماركات ، شبه واضحة بالنسبة للمستهلك ، بحسب الإحصاءات الأخيرة : % 70 من الأشخاص يثقون ثقة كاملة بعلامات النوعيّة هذه وتحديداً الشهيرة منها والرسميّة : علامة حمراء زراعة بيولوجية ، نوعية مضمونة ، براءة نوعية .. حتى ولو واجهوا صعوبات في الاختيار لكثرة وفرتها !
ننبه اليوم : علامات النوعية الرسمية هذه، غير كاملة كما ولا تضمن نوعية مذاق ممتاز ( الأمر الذي أكدّته إحدى الاختبارات ).
بالمقابل ، هي تخول المستهلك كما السلطات المختصة العودة إلى المصدر الأساسي والتحقيق حوله إن لزم !