تشكل عملية تعليم الأطفال ، الهادفة إلى المحافظة على سلامة قدرات الدماغ وتنميتها ، محاولة للنجاح في الاستفادة القصوى من الدماغ بوسائل طبيعية ، وفقاً لما دلت عليه الأبحاث والدراسات العصبية . ومما لا شك فيه أن التغذية السليمة تبني دماغاً سليماً وذا قدرات قوية ، حيث تؤثر نوعية الغذاء المقدم للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ، في تحديد مستويات الذكاء والقدرة على الانتباه والتركيز لديهم ، إضافة إلى تحديد سلوكياتهم تجاه المجتمع المحيط بهم .
أثبتت دراسات التغذية بأن تناول الأغذية التي تحتوي على الفيتامينات والأملاح يلعب دوراً رئيساً في تنمية مستوى ذكاء الطفل ، وأن الطفل الذي ورث الذكاء عن والديه قد يهبط معدله لديه إذا لم يحصل على تغذية سليمة . وتشير الأبحاث الغذائية العالمية إلى أن العناصر الغذائية المهمة كالأحماض الأمينية والغلوكوز والماء . لازمة للحصول على أقصى درجات النمو والأداء للدماغ .موقع طرطوس
هناك تساؤل يفرض نفسه لدى الكثير من الأمهات والآباء عن حقيقة وجود غذاء خاص للدماغ . وهل يوجد حقاً طعام أو مفعول سحري .يحول الطفل بسرعة أو فجأة إلى إنسان ذكي وقادر على الاستيعاب والنجاح اتفق العديد من علماء التغذية على أن غذاء الدماغ وهو ما يمكن اعتباره العناية الخاصة بتغذية الطفل التي تسهم صحة الطفل التي تسهم في صحة دماغه لكي يتطور وينمو ويعمل بدرجات عالية من الأداء . ويعتقد معظم الأهالي أن مستوى ذكاء الطفل يولد معه ولا يمكن تغييره بأي شكل من الأشكال كما يرجع الآخرون مستوى ذكاء الطفل على العامل الوراثي . إلا أن خبراء التغذية يؤكدون وجود نوع من الفيتامينات يحتل أهمية قصوى في مسألة رفع نسبة الذكاء لدى الطفل وهو ” فيتامين كولين ” الذي يدخل في بناء نواقل عصبية مهمة لتنشيط الذكرة والتي يطلق عليها ” استيل كولين ” حيث يساعد هذا الفيتامين على تكوين زوائد عصبية لتحسين الذاكرة وزيادة معدل الذكاء ، ويوجد هذا النوع من الفيتامينات في صفار البيض والقمح واللحوم والكبد والأسماك والأجبان . والفول السوداني .
الرسائل الدماغية
ويوضح العلماء أن دماغ الإنسان عبارة عن كتلة من الدهن الذي يشكل ما يقرب من 60 % من بنية أنسجته . والدهون بأنواعها مكونة من أجزاء صغيرة تسمى الأحماض الشحمية . وهي نوعان : أحماض دهنية أساسية وغير أساسية .موقع طرطوس
والنوع الأساسي منها هو ما لا يستطيع الجسم صنعه ما يحتم على الإنسان الحصول عليه عن طريق الغذاء ويشير العلماء إلى أن حمض ” ألفالينولينك ” وحمض لينولينك “. يشكلان جزءاً كبيراً من بناء جدران خلايا الدماغ ، وهما يعملان على تسهيل دخول وخروج الموصلات الكيميائية الناقلة للرسائل من وإلى الخلايا العصبية . ما يسهم في تسريع عملية وصول المعلومة إلى خلايا الدماغ وخروجها منها . ويتوافر هذان الحمضان في العديد من الزيوت الطبيعية كزيت الذرة والكانولا والفول السوداني والمكسرات . إضافة إلى أهمية حمضي ” دي إتش إيه و أراكادونك ” في توصيل المعلومات من وإلى الخلايا الدماغية وهما يتوافران في الأسماك واللحوم ، وتؤكد د . بيتاني بيترا المتحدثة باسم معهد التغذية الأمريكي ، أن حصول الطفل على ” الأوميجا 3 ” و ” الزنك ” مهم جداً لتنمية الذكاء وتنشيط العمليات العقلية . علماً أن ” الأوميجا 3 ” يوجد في السلمون والتونة وبذور التوت وزيت الزيتون . أما الزنك فمتوافر في البيض .موقع طرطوس
تعديل المزاج
وكشفت دراسات حديثة لباحثين أمريكيين مؤخراً تم نشرها في الدورية الأمريكية للطب النفسي عن أن سوء التغذية خلال السنوات الأولى من العمر يؤدي إلى انحدار معدلات الذكاء لدى الأطفال ، إضافة إلى إسهامه في توليد نزعة عدوانية في سلوكهم الاجتماعي ، تستمر معهم خلال فترة الطفولة وإلى أواخر فترة المراهقة . وبمقارنة الأطفال الذين كانوا يعانون مشكلات سوء التغذية مع أقرانهم الذين لم تكن لديهم تلك المشكلات . أتضح أن الأطفال الذين لا يعانون سوء التغذية أظهروا سلوكاً عدوانياً . وتراجعاً في المعدلات الدراسية ، أكثر من أقرانهم الأصحاء بنسبة 41 % عند سن 8 سنوات .موقع طرطوس
وتقصيراً في الدراسة بنسبة 10 % عند سن 11 سنة ، وزيادة في العنف بنسبة 51 % عند سن 17 سنة . كما أكدت هذه الدراسات أهمية توافر المركبات البروتينية التي تتألف من وحدات صغيرة تسمى الأحماض الأمينية . في رفع مستوى الذكاء لدى الأطفال ، إضافة إلى دورها الكبير في تقليص السلوك العدوان لديهم ، فدماغ الطفل يحتاج بالدرجة الأولى إلى حصص كبيرة من البروتينات المحتوية على الأحماض الأمينية التي يعد الدماغ المركز الأساسي لإنتاجها . حيث يساعد توازن كمياتها فيه على تمتع الطفل بحافظة ذهنية خارقة تدفعه نحو مزيد من الاكتساب وتنفيذ الاختبارات . وإحصاء النتائج بصورة أسرع فضلاً عن قدرتها الفائقة على تحسين المزاج لديه . من خلال تحفيزها على عملية تجديد الخلايا الدماغية . ومن أهم هذه الأحماض ” تريبتوفان وتايروسين ” وكلاهما مهم في تكوين المركبات الكيميائية الناقلة للرسائل العصبية في الدماغ ، علاوة على بروتين ” سيروتينين ” أو مركب الشعور بالصحة والقوة والنشاط والتخلص من الاكتئاب ، ومركب ” دوبامين ” الذي يحقق الشعور باللذة والرضا والسعادة .موقع طرطوس
أطفال أذكياء
ويواجه معظم الأهالي صعوبة في تحسين نوعية الوجبات المقدمة للأطفال خلال سن الدراسة . نتيجة عدم إقبال الأطفال على تناول الأغذية المقدمة إليهم الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى تأثر أدائهم الدراسي . لذلك تنصح د . بيتاني بالحرص على تقديم الوجبات الغذائية التي تحسن من أداء الذاكرة والعمليات العقلية لدى الطفل . إضافة إلى التنويع اليومي في هذه الوجبات ، لتكون مناسبة لغذاء الطفل . من خلال الابتعاد عن الأشكال الغذائية التقليدية حيث يمكن للأم من خلال الأطباق اليومية تقديم كافة العناصر الغذائية المطلوبة للطفل ، وتوضح بيتاني ضرورة تقديم الأغذية التي تحتوي على فيتامين C و E ، حيث ثبت علمياً أن وجود هذين الفيتامينين في الجسم يساعد الذاكرة بصورة كبيرة على إنجاز عمليات تسجيل واسترجاع المعلومات بسلاسة . ويتوافر فيتامين C في الفواكه والخضراوات الطازجة بصفة خاصة وبكميات كبيرة في الليمون والتوت والفراولة والجوافة والخضراوات الورقية الطازجة .موقع طرطوس
أما فيتامين E فيتوافر بكثرة في الزيوت النباتية . وخاصة زيت جنين القمح وفي المكسرات وزيت عباد الشمس والطماطم والسبانخ ولبن الصويا والبطاطا والبروكلي وزبدة الفستق السوداني وفي القرع والمانجو . علماً أن لفيتامين E تأثيراً على نشاط الخلايا . حيث يعد من مضادات الأكسدة ويساعد وجود الجهاز العصبي على تنظيم نسبة الغلوكوز الموجود في المخ والغذاء الرئيسي للمخ . وتنصح بيتاني بتقديم هذين النوعين من الفيتامينات صباحاً في وجبة الإفطار لضمان أداء أفضل للأطفال في الدراسة كما تطالب د . بيتاني القائمين على تربية الطفل بضرورة تأمين حصول الطفل على احتياجه الكامل من فيتامين B وخصوصاً B1 و B2 و B6 و B12 التي تقوم بدور مهم في ضبط وظائف الأعصاب . ويوجد فيتامين B1 في اللحوم والحبوب الكاملة يساعد على زيادة التركيز والصفاء الذهني ويرفع من درجات النشاط كما يؤدي نقص B2 المتوافرة في الألبان والكبد والنباتات الورقية والموز إلى حدوث تشنجات شديدة للطفل . في حين يساعد فيتامين B12 . الموجود في اللحوم والكبد والكلى والقلب والبيض والدواجن ومنتجات الصويا . على تكوين مادة ” الميلين ” التي تغطي وتحمي الأطراف العصبية ، حيث يؤدي نقصه إلى تأخر النمو العقلي لدى الأطفال .
التوازن الضروري
تحجم الكثير من الأمهات عن إعطاء أطفالهن المزيد من السكريات ، خوفاً من تعرضهم لمخاطر السمنة وزيادة أوزانهم . لكن أبحاث خبراء التغذية في أمريكا أثبتت وجود توازن بين تأثير السكريات والبروينات على الخلايا الدماغية حيث يحتاج إنتاج مركب ” سيروتينين ” الباعث على الشعور بالعافية والصحة والنشاط . إلى السكريات وكذلك حمض تريبتوفان الأميني البروتيني وعند تناول الطفل غذاء عالي المحتوى من السكريات وقليل البروتينات ، فإن البنكرياس سيفرز ” الأنسولين ” الذي يحاول بالتالي أن يرفع من معدل امتصاص العضلات الأحماض الأمينية من دون امتصاص أو استهلاك التريبتوفان الأمر الذي يرفع من نسبة هذا الأخير في الدم ، وبالتالي يؤدي إلى وصوله بشكل أكبر إلى الدماغ بينما يرتفع مركب ” تايروسين ” في الدم . وبالتالي في الدماغ حينما يتناول وجبات عالية من البروتينات وقليلة السكريات .موقع طرطوس
لذلك ينصح الخبراء بضرورة الانتباه إلى أهمية السكريات كوقود . للدماغ . لأن الدماغ يفضل استخدام الغلوكوز باعتباره وقوداً له ، وحينما لا يجده فقد يستخدم مصاد أخرى لإنتاج الطاقة ترهقه وتشعر الطفل بالخمول والصداع . لذا فإن تغذية الطفل يجب أن تتضمن كميات معتدلة من السكريات البسيطة كطاقة لدماغه وهذا يمكن الحصول عليه من خلال ثلاث وجبات صغيرة أثناء النهار ، وحصتين أو ثلاث من الوجبات الخفيفة بدلاً من ثلاث أو وجبتين ثقيلتين . ما يؤكد الخبراء أهمية اختبار وجبات الإفطار الصباحية من الحليب والحبوب الكاملة لضمان حصول الطفل على البروتينات وكمية من السكريات ، مع الحد من الوجبات السكرية الدسمة كالدونات أو المعجنات الحلوة الأخرى .موقع طرطوس
الدماغ السليم
ووفقاً لإرشادات الصحة القومية في الولايات المتحدة ، فإن الدماغ البشري ينمو بسرعة بدءاً من الشهر السادس للحمل ، ليصل إلى ذروة عملية النمو ما بين سن الثالثة والرابعة من العمر ، لذلك تعد هذه المرحلة من المراحل الحرجة في حياة الطفل ، وهي تتطلب توازناً في التغذية ، وتؤكد الإرشادات أن غذاء دماغ الطفل لا يكون بالضرورة من الأطعمة الفاخرة أو النادرة أو باهظة الثمن . بل هو في الواقع أبسط مما يمكن توقعه وتشير المؤسسة إلى أهمية احتواء الغذاء المتكامل الذي يجب توفيره للطفل خلال وجباته اليومية ، على كميات من السكريات النشوية والبروتينات والحديد التي يمكن الحصول عليها من اللحوم والدجاج والأسماك .موقع طرطوس
إضافة إلى تقديم مجموعة واسعة من الفواكه والخضار ، فضلاً عن الوجبات الغنية بالفيتامينات والمعادن من خلال وجبات شطائر الصباح والظهيرة مع ضرورة التغيير في الأشكال والأنواع في هذه الوجبات حتى تنال إعجاب الأطفال ويقوموا بالإقبال عليها .