هناك ملايين الناس حول العالم يستعملون البريد الإلكتروني من أجل العلاقات العاطفية، ويتراوح هؤلاء بين العابثين الذين لاهدف نبيل لهم وبين الذين قرروا أن البريد الإلكتروني خير من يساعدهم على الزواج بحلم المستقبل دون الحاجة للانزلاق في مشاق عملية «البحث عن عريس» أو «عروس».
العرب استفادوا!
الجاليات العربية في الغرب (وخاصة في أمريكا وكندا وأستراليا) استفادت من البريد الإلكتروني في تزويج الكثير من أبنائها وبناتها وربما كان الدور قادم على العالم العربي.
بعض الباحثين في أمريكا رصدوا قصص الزواج التي تتم عن طريق البريد الإلكتروني، ومن ذلك قصة امرأة أمريكية بدأت بالتراسل مع شاب هولندي ليقررا فيما بعد الزواج، ويتم ذلك فعلا، ويهاجر العريس لأمريكا لتفاجأ العروس أنها تحتاج للتعرف من جديد على شخص العريس، بالرغم من اتصالهما الدائم بالبريد الإلكتروني والذي تم لعدة أشهر، وبالرغم من أن العريس لم يكذب أبدا في الحديث عن نفسه.
ما الذي حصل؟!
يكون الأشخاص عادة أكثر شجاعة في الحديث من خلال البريد الإلكتروني، ولهذا أسبابه النفسية الكثيرة، ويكونوا «أخف دما» وتزول العقبات النفسية التي تجعل بعض الناس غير قادرين على الاتصال بشكل فعال في اللقاءات الشخصية وخاصة العاطفية منها؛ هؤلاء الباحثون يقولون بأن البريد الإلكتروني أثبت أن الكثير من المعلومات يقوم الناس بتوصيلها عن أنفسهم من خلال «الاتصال اللالفظي» أي من خلال الإشارات وتعابير الوجه وحركات الجسم، وإن كان الناس قد اخترعوا علامات إلكترونية للتعبير عن مشاعر الوجه مثل (-: للوجه الباسم)، و(-: للوجه الحزين) و “(:” للسعادة وغيرها لكن هذا لايكفي أبدا. هذا جعل الناس يملؤون الفراغ الذي يخلقه عدم وجود الاتصال اللالفظي من خيالاتهم فهم يتخيلون مشاعر الشخص ونظرته نحوهم دون أن يكون هناك ما يؤكد أيا من هذه التخيلات، ولذا فإن الشخص المتفائل يصاب بالإحباط عند اللقاء الحقيقي لأن الصورة المتخيلة أفضل من الحقيقية بكثير.
خيبة أمل
هذا ما حصل بالضبط لجان هاريس وهي محاسبة بولاية إنديانا الأمريكية التقت بشخص في غرفة دردشة متخصصة في مجال الفلسفة، وأعجبت بذكائه وأفكاره العميقة، لما التقت هاريس بالرجل في أول خطوات مشروع الزواج فوجئت بأنه أشعث الشعر ذو لحية طويلة جدا وغير مهذبة، وأنه رجل سكير، وليس لديه احترام للآخرين. وكانت المفاجأة التي سببتها الطبيعة الجديدة للبريد الإلكتروني.
البريد الإلكتروني يعطيك خصائص مختلفة عن الناس؛ لأن البعض يكذب أو يبالغ في تصوير شخصيته أو أنه يختلف تماما عن طبيعته الحقيقية بسبب خجله في الحياة العادية، وهذا ما جعل أحد المؤلفين يسمي البريد الإلكتروني بالملجأ الرائع لأولئك الذين يخافون من التعبير عن مشاعرهم