أعاد الباحثون بناء سلاسل البروتين التي يمكن أن تشبه تلك الموجودة لدى أسلافنا، ومن المحتمل أن تكشف عن سر الحياة على الأرض.
وتضم البروتينات قلب وروح المادة الوراثية داخل خلايانا. ويعملان كمدرب وموصل، ويحددان كيف ومتى يعمل كل شيء داخل الخلية. ولهذا السبب، افترض العلماء دائما أن البروتينات جاءت قبل الخلايا، وبالتالي قبل أي شكل من أشكال الحياة كما نعرفها.
ومع ذلك، تتكون البروتينات نفسها من مئات أو آلاف الوحدات الأصغر، التي تسمى الأحماض الأمينية، مع البروتينات الحديثة التي تتكون من 20 نوعا مختلفا مرتبة في هيكل طويل يشبه السلسلة. وهناك حاجة للأحماض الأمينية لتصنيع البروتينات، إلا أنها تُنتج من بروتينات أخرى – الإنزيمات. ويأمل الباحثون في حل سيناريو “الدجاجة والبيضة” في دراسة جديدة بعنوان “أصل الحياة: أيهما جاء أولا؟”.
وفي عام 1952، قادت التجارب العلماء إلى الاعتقاد بأن البروتينات الأولى، جُسّدت من أجزاء بروتين أقصر تسمى الببتيدات: تجمعات الأحماض الأمينية التي تم إنشاؤها تلقائيا داخل مكوّن بدائي. لذا، لمدة 70 عاما كان الإجماع على أن الأحماض الأمينية شكلت “البيضة” في سيناريو الدجاج والبيض.
ولكن الدراسة التي أجراها البروفيسور دان توفيق، من معهد وايزمان للعلوم، والأستاذ نورمان ميتانيس من الجامعة العبرية في القدس، سلطت الضوء على فجوة في فهمنا، والتي فشلت في تفسير كيف أدت هذه البروتينات إلى الحياة.
وكما يشرح الأستاذ توفيق، “فُقد نوع واحد حيوي من الأحماض الأمينية من تلك التجربة، وكل تجربة أعقبتها: الأحماض الأمينية، مثل الأرجينين واللايسين، التي تحمل شحنة كهربائية إيجابية”. وهذه الأحماض الأمينية هي مهمة لبروتيناتنا الحديثة، حيث أنها تتفاعل مع DNA وRNA، وكلاهما يحمل صافي الشحنات السلبية.
ويعد RNA الجزيء الأصلي المفترض الذي يمكنه حمل المعلومات وتكرار نفسه، ومع ذلك، نظرا لأنه مشحون سلبا، يعتقد العلماء أنه يتطلب أحماضا أمينية مشحونة بشكل إيجابي من أجل اتخاذ الخطوة التالية في الحياة الخلوية. وفي تجارب 1952، ظهر حمض أميني واحد فقط موجب الشحنة، يسمى أورنيثين. ولكن الأحماض الأمينية هذه لم يُعثر عليها لاستخدامها في بناء البروتينات.
وبدأ الباحثون في التنظير حول ما إذا كان الأورنيثين هو الحلقة المفقودة طوال الوقت، وأجروا تجربة لاختبار فرضيتهم. وبدأت التجربة بإنتاج بروتينات بدائية، غنية بالشحنات الإيجابية، والتي كانت تشبه أسلافنا. بعد ذلك، قاموا بإنشاء بروتينات اصطناعية استبدل فيها الأورنيثين هذه كحاملة شحنة موجبة.
وابتكر العلماء حالات مماثلة لتلك الموجودة على الأرض البدائية، ورأوا أن الأورنيثين يتحول إلى أرجينين مكون للبروتين. وبشكل متزايد، بدأت هذه البروتينات الشبيهة بالبدائية تبدو مشابهة للبروتينات الحديثة، ملزمة بطرق أصبحت أقوى وأكثر انتقائية مع تطورها.
وأثناء التجربة، اكتشف العلماء أيضا أنه في وجود الحمض النووي الريبي، تنفصل الببتيدات البدائية، ما يسمح لها بالانخراط في التجميع الذاتي و”التقسيم”: السمة المميزة لكائن خلوي أكثر تعقيدا.
ومن الناحية النظرية، ستتطور هذه الخلايا الأولية، بمرور الوقت، إلى خلايا حية حقيقية. وفي هذه الحالة، ربما اكتشفنا أخيرا سر الحياة على الأرض.