موقع طرطوس

أشياء صغيرة .. تسرق الخصوبة

أشياء صغيرة .. تسرق الخصوبة

حلم الإنجاب يراود كل المتزوجات .. لكن الحمل قد لا يحدث بعد فترة من الزواج , فيقلق الزوجان ويبدآن رحلة طويلة للبحث عن الأسباب التي أفضت إلى هذه الحالة .
وفي الآونة الأخيرة تزايدت مشاكل الخصوبة لدى  النساء إلى حد كبير ويرجع بعض الأطباء ذلك إلى ارتفاع معدلات الأمراض بينما يرى البعض الآخر أن تغير ظروف الحياة وتأخر سن الزواج وتأخر السيدات في الإنجاب هي الأسباب وراء ذلك .
والعقم بالنسبة للإنسان سواء كان ذكراً أو أنثى , هو الهزيمة بعينها في معركة لم يدخلها أحد , وعلينا أن نتصور الأهمية الغريزية للإنسان , عندما يشعر أنه قادر على أن يكون أباً أو أماً ولا يتحقق ذلك , وبالتالي ندرك ما قد يعتريه في حالة تأخر الإنجاب من ضيق وقلق وشعور بالإحباط مصاحب باكتئاب سواء داخل المحيط الأسري أو خارجه , فمن بين كل 100 حالة زواج هناك من 10 إلى 15 حالة غير منجبة .

ورغم التقدم الهائل في مجال العقم وعلاجه مازالت هناك حالات مرضية حيرت الكثير من الباحثين والعملاء وزادت الموقف حرجاً مع الفشل في التوصل لمسببات العقم , وتقترب هذه النسبة في الوقت الحالي حسب الإحصائيات إلى %30 من جملة حالات العقم .موقع طرطوس

وتعتبر المرأة مسؤولة عن %60 من حالات العقم العامة , أما الرجل فهو مسؤول عن الـ %40 في المائة الباقية . وقد ازدادت احتمالات معالجة حالات العقم بشكل واسع في السنوات الأخيرة لكن رغم ذلك مازال آلاف الأزواج يفشلون في الإنجاب .

وفي تطور فريد من نوعه في مجال معالجة عقم النساء توصل علماء بريطانيون في جامعة اوكسفورد لاستخدام وسيلة جراحية جديدة تعتمد على الليزر .
وفي هذا السياق يشير الدكتور أخصائي أمراض النساء والولادة والعقم أن الليزر يستخدم حالياً في معالجة النساء اللواتي يشكين من مرض أكياس المبيض المتعددة وتتم هذه الطريقة عن طريق أحداث شق صغير في جدار البطن تحت التخدير العام , ويجرى إدخال ميكروسكوب خاص مع الليزر حتى يلامس المبيض المصاب . ثم يعمد الجراح إلى إجراء ثقوب عمودية على سطح المبيض باتجاه مركزه .موقع طرطوس

وتؤدي هذه التقنية , لأسباب غير معروفة تماماً حتى الآن إلى إحداث توازن هرموني لدى المرأة لفترة طويلة تتجاوز التسعة أشهر , وهي فترة كافية لحدوث الإباضة والحمل بشكل طبيعي .موقع طرطوس
وقد توصل إلى هذه الطريقة الدكتور لوك وود , وهو رائد في هذه التقنية إحصائياً . كما أنه درس الفروق بين الأسلوب القديم الذي يعتمد على إعطاء أدوية الكلومين والليزر فوجد أن الحمل في الحالة الأولى يحدث بنسبة %40 بينما في الطريقة الثانية يمكن أن تصل نسبته إلى %80 وهذا التطور يعد ثورة حقيقية في عالم العقم .
ثورة .. لماذا ؟
إن ما حدث يمكن أن يطلق عليه ثورة , لأنه أتاح للنساء اللواتي يعانين من مرض أكياس المبيض , تحقيق أملهن في الإنجاب , علماً بأن مشكلات العقم القديمة عند السيدات والرجال تم حلها تقريباً  بعد هذا الاكتشاف . ما لم تكن المرأة محرومة من جزء حيوي في الجهاز التناسلي كالمبيض أو الرحم .

وبهذا يمكن أن نعرف إلى أي حد تطور الأمر في مجال العقم . ويعتبر تناذر ( متلازمة ) أكياس المبيض أي ظهور أكثر من كيس في المبيض من الأمراض النسائية الشائعة إذ أنه يصيب واحدة من كل خمس نساء . ويظهر المرض على شكل زيادة في الوزن , وظهور بقع جلدية وشعر على الوجه وباقي أنحاء الجسد , وتبدل في الرقبة والجسم . ويؤدي في النهاية إلى العقم .

ومن مظاهر ذلك حدوث خلل واضطرابات شديدة في الدورة الشهرية مثل النزف أو عدم الانتظام أو تأخرها وأحيانا انقطاعها بشكل كامل .موقع طرطوس

تشير الدراسات إلى أن الحمل قد يحدث لدى بعض المصابات بأكياس المبيض , لكنه لا يكتمل ويحدث الإسقاط في الأشهر الأولى , وهذا ما يجعل عملية الإنجاب مسألة صعبة . ويعتبر المرض وراثياً , ويمكن أن يحدث نتيجة لاضطراب التوازن الهرموني لدى المرأة .

ويؤدي الاضطراب الهرموني إلى عدم توازن الدورة المبيضية ونضج الأجربة , ففي الحالة الطبيعية يتطور لدى المرأة جراب أو أثناء على شكل أكياس كل شهر . إذ تتطور الأكياس إلى بيوض وبالتالي تطلق المرأة بيضة أو بيضتين من المبيض لتبدأ رحلتها إلى الصيوان وقناة فالوب حتى تصل إلى الرحم وتتم هذه الدورة مرة كل 28 يوماً .

أما في حالة المرض والإصابة فلا تتحول الأكياس إلى بيوض , بل تبقى على حالها مشكلة انتفاخات على سطح المبيض . ومع مرور الزمن تغطي السطح بشكل كامل وتفقد المرأة الأمل في حدوث الحمل بتاتاً .موقع طرطوس

معالجات جديدة

معظم الأطباء  يعالجون العقم الناتج عن هذه الحالة بإعطاء دواء الكلومين الذي يعرف تجارياً بـ clomiphene هذا الدواء يحرض إفراز الهرمونات التي تساعد على نضج البويضة وانطلاقها من المبيض , لكن أثبتت الدراسات الطبية أن حدوث الحمل بهذا الأسلوب العلاجي غير مضمون .

وفي المقابل هناك تقنيات أخرى يمكن أن تزيد الحمل بنسبة أكبر منها طريقة الليزر الحديثة . ومثل أدوية Cnrh التي تندرج تحتها أدوية نورفالين وتوبرولين وبوثرلين , وهذه العقاقير تسيطر على آلية حدوث الإباضة لدى المصابات إذ تتحول الأكياس الجرابية إلى بيوض .موقع طرطوس

إن  العلم أحدث ثورة في عالم العقم خلال العشرين عاماً الماضية في العالم كله . وإذا كان استخدام الليزر في معالجة عقم النساء هو آخر طريقة لعلاج تكيس المبيض , فقد سبقته طريقة أطفال الأنابيب التي كان الهدف منها حل مشكلة السيدات اللواتي  يعانين من انسداد في الأنابيب تحديدا لأنه عقم دائم لا تجدي فيه أي جراحات .

وأصبح إجراء عملية أطفال الأنابيب الآن حلاً ممكناً ويتم بنجاح وترتفع في كل يوم نسبة نجاحها . وإذا كان الحقن المجهري حلاً لمشاكل بعض الرجال الذين يعانون من حالات ضعف الحيوان المنوي من حيث العدد أو النشاط , فإن إجراء ثقوب عمودية على سطح المبيض باستخدام الليزر , تزيد من إمكانية طرح البويضات والحمل والقضاء على عقم المرأة .موقع طرطوس

وهناك طفرة كبيرة حدثت في مجال التشخيص والعلاج فقد أمكن استخدام المناظير الضوئية في إجراء العمليات الجراحية سواء عن طريق منظار البطن لإزالة الالتصاقات حول قناة فالوب أو لاستئصال الأكياس على المبيض أو لعلاج التكيس أو عن طريق منظار الرحم لإزالة الأورام أو التشوهات الخلقية داخل تجويف الرحم , كما أمكن أيضا استخدام القسطرة لإزالة الانسداد في قناة فالوب , هذا فضلاً عن طرق الإنجاب المساعدة التي تندرج تحتها عمليات أطفال الأنابيب وطرق التلقيح المجهري .

وتضيف الدراسات أن طريقة الإخصاب المجهري ليست إلا أحد فروع عملية أطفال الأنابيب مع اختلاف طفيف . فطفل الأنابيب عبارة عن إخصاب خارج الجسم في حالة وجود سبب يمنع التقاط البويضة في قناة فالوب ووصول الخلية المنوية إليها , وفي هذه الحالة يحصل الطبيب على البويضة والخلية المنوية من داخل الجسم ويقوم بوضع الخلايا المنوية على البويضات داخل المعمل في جو مهيأ يماثل جو الرحم الداخلي تماماً . وبعد أن يحدث التلقيح ويبدأ الجنين في النمو يتم نقله داخل الرحم ويمر الإخصاب المجهري بنفس هذه المراحل لكنه يستخدم في الحالات التي تعاني من نقص شديد في الخلايا المنوية .موقع طرطوس

وعلى الرغم من نجاح تلك الطرق فإنها لا تخلو من بعض المشاكل , ومنها التكلفة المادية العالية , وزيادة فرص الإجهاض أو الحمل خارج الرحم والولادة المبكرة أو فقد الجنين فضلاً عن المخاطر المصاحبة للعمليات الجراحية وزيادة تركيز الهرمونات في الدم لفترة طويلة .

أسباب العقم

ولا يعلم الكثير منا أن نسبة كبيرة من حالات العقم المستعصية , كأن أصحابها في الأصل خالين منها تماماً , ولكنهم بسبب نقص المعلومات أو ارتكاب أخطاء بعينها يدخلون في منطقة الأسباب البسيطة , للعقم التي تسرق قدرة الرجل وخصوبة المرأة بمنتهى الهدوء والخبث , وتتركهما أرضاً بوراً قاحلة غير صالحة للإنبات , وعندما يحدث ذلك تصبح هذه النوعية من الحالات بحاجة لجهود خارقة لكي تسترد خصوبتها ويقصد بالأسباب البسيطة أو الناعمة أو الخفية , تلك العوامل العديدة التي يتعرض لها الإنسان منذ كان جنيناً وطوال حياته , ويمكن أن تؤثر في القدرة الإنجابية  .موقع طرطوس

ويضيف أحد الأخصائيين قائلاً : إذا بدأنا بالحديث عن المرأة فسنجد أن الجبين الأنثى يتأثر بما تتناوله الأم خلال فترة الحمل من الأدوية , دون إكثرات أو وعي بآثار هذه الأدوية على الأجهزة التناسلية على ابنتها فيما بعد , والتي قد تستمر وتحرمها من الإنجاب تماماً , فالدواء المعروف باسم دواء الإجهاض المنذر ثبت أنه إذا لم تتناوله بحرص شديد يؤدي إلى تغيرات في شكل الرحم لدى الجنين الأنثى , وبعد ميلاد الطفلة وبلوغها سن الزواج , تفاجأ بأن رحمها مشوه التكوين هناك أي سبب آخر يجعلها تتعرض لمثل هذه الإصابة البالغة , وهناك أيضا دواء ” بريمالوت نور ” الذي يستخدم في تنظيم الدورة الشهرية .موقع طرطوس

وثبت أن له تأثيراً ضاراً على تكوين الأعضاء التناسلية الخارجية للإناث , ولوحظ أن البعض يستعملنه دون التأكد من عدم حدوث الحمل , والمفروض ألا تتناوله السيدة إلا بعد التأكد من عدم وجود حمل , إلا أن بعضهن لا يحرصن على ذلك ويستعملنه وهن حوامل مما يخلف آثاراً على الأجنة الإناث تضعف قدرتهن الإنجابية فيما بعد .
ويشير أيضاً إلى أنه في مراحل الطفولة المبكرة وبداية فترة الشباب تتراجع الأدوية الخاطئة للوراء قليلاً وتفسح المجال كي يظهر أفراد جدد في عائلة الأسباب الخفية البسيطة والمؤذية لعقم السيدات والبنات , فهناك بعض العيوب الخلقية البسيطة جدا التي لو اكتشفت مبكرا يتم علاجها بسهولة شديدة لكن الشائع لدى العديد من الأمهات انهن لا يعبأن بإلقاء نظرة فاحصة بين الحين والآخر على بناتهن في فترة الولادة وخلال سنواتهن الأولى , وقد يدهش البعض لو علم أن إهمال الأم عن هذه النظرة من آن لآخر , قد يكلف ابنتها فيما بعد عدم قرتها على الإنجاب طوال العمر .موقع طرطوس

وفي مرحلة البلوغ تتصدر مشكلة القوام قائمة الأسباب الخفية البسيطة التي تؤدي إلى حدوث مشاكل في الإنجاب . وحول هذه النقطة يقول االأخصائي أن أاهم مشكلة في هذا الصدد هي أن العديد من الأمهات والبنات لا يبحثن عن القوام المناسب الذي يتفادى الإصابة بالسمنة والبدانة والنحافة , أيضا بل عادة ما يتركن أنفسهن للبدانة أو يصل بهن الخوف منها إلى حالة تشبه الوسواس القهري فيقعن ضحية النحافة , ولكل منهما مشكلاته فزيادة الوزن عند الأنثى أثناء فترة البلوغ تغير الاتزان الهرموني لديها , فالدهن تحت الجلد يعد مخزوناً للهرمونات ووجود كمية دهن كبيرة يؤدي إلى عدم انتظام التبويض , وأحيانا تصل هذه المشكلة إلى المعاناة من العقم ولكنها تحل بتخفيض الوزن , والوصول به إلى المعدل الطبيعي .موقع طرطوس

الكحت والكي

وفي فترة النضج  والزواج والحمل والولادة تتلون أساب العقم الخفية البسيطة بألوان جديدة , وتسير في اتجاهات أخرى تتداخل فيها المسؤولية ما بين النساء بذاتها والأطباء والعادات والبيئة وغيرها , وفي هذه النقطة يركز استشاري أمراض النساء على ثالوث العمليات المدمر الذي لا يزال بعض الأطباء ينصحون به المريضات والمترددات على عياداتهم وهو العمليات الشهيرة بالكحت والكي والنفخ التي أصحبت جزءاً من التاريخ الطبي , وأوقف العمل بها في الغالبية العظمى من دول العالم نظرا لما لها من آثار مدمرة على القدرة الإنجابية لكن مع الأسف مازالت هذه العمليات منتشرة في مصر والعديد من الدول العربية , فعملية كي عنق الرحم وجدت في الأصل لعلاج التهابات عنق الرحم التي أصحبت تعالج الآن بالأدوية بنسب نجاح تزيد على %97 أما عمليات الكحت التي مخصصة للكشف على كفاءة التبويض , فقد حلت الموجات فوق الصوتية محلها منذ سنوات عديدة , وأوقف العمل بها تماما , والنفخ عبارة عن نفخ هواء داخل قناة فالوب لمعرفة ما إذا كانت مفتوحة أم لا ؟ وقد حل محلها الكثير من البدائل آخرها الكشف بالمناظير الحديثة السهلة والآمنة .

وأضاف الدكتور أن عملية الكحت مثلا , وجد أنها لو أجريت مرة واحدة فإنها تؤدي إلى إصابة %5 من السيدات اللاتي أجريتها بالتصاقات تمنع الحمل , وإذا أجريت مرتين يرتفع الرقم إلى %16 من حالات الالتصاقات .موقع طرطوس
وتلعب العادات الشعبية أيضا دورا لا يمكن إغفاله في تشكيل مجموعة أسباب العقم , فبعض الأسر العربية تستخدم نوعا من الملح بعد الولادة داخل المهبل لمنع النزيف الذي يحدث بعد الولادة وهذا الأمر يشبه وضع مادة كاوية في المهبل فتغلقه وتعرضه لالتصاقات ومشكلات كثيرة . يضاف لذلك الوصفات الشعبية التقليدية غير الصحية مثل اللبوس والأعشاب وغيرها من الأشياء التي يتم إدخالها داخل المهبل وتسبب التهابات وعدوى تؤدي للإصابة بالعقم بدلاً من علاجه . وعلى ضوء هذه المعلومات وآراء الأطباء يتبين أن العلاج بالليزر هو أفضل طريقة لمعالجة العقم عند النساء .. لكن الأمر قد لا يقف عند هذا الحد بل من الممكن أن تكتشف طرق أخرى قريباً .

Exit mobile version