تولي الأمم والشعوب أهمية قصوى لرعاية وثقافة أطفالهالأنهم يمثلون ثروة البلاد وطموحاتها المستقبلية ، ويشاركون في البناء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي .
ويتزايد الاهتمام بالأطفال لتنشئتهم نشأة سليمة وتهيئة البيئة الملائمة لذلك . ومن أبسط حقوق الطفل القراءة واستخدام المواد المكتبية التي تلبي حاجاته وميوله ورغباته خاصة وقد أصبح هناك مؤلفات عديدة تخص الطفل ، ولذا بات من الضروري الاهتمام بثقافة الطفل وتشجيعه للإقبال على القراءة والكشف عن مواهبه وميوله ، وتنمية القدرة اللغوية ومهارة التفكير لديه ، وتعويده الاعتماد على الذات مع توفير مصادر المعلومات بما يتناسب مع سنه وميوله ، وتلك مسؤولية وميوله ، وتلك مسؤولية تتحملها الأسرة والمدرسة والمجتمع .
أهمية الكتاب :
هنالك من يعتقد أن الطفل لا حاجة به إلى الكتاب إلا بعد دخوله المدرسة وتعلمه مبادىء القراءة والكتابة ، لكن هذا الاعتقاد خاطىء .
فالطفل الذي يترك بغير كتاب حتى سن المدرسة سيواجه صعوبات عديدة في علاقته بالكتاب في المراحل الأولى من عمره من خلال التناول باليد ، فيضع الورق في فمه ويمزقه . ولإتاحة الفرصة أمام الطفل لاكتساب هذه الخبرة يمكن أن تضع الأم بين يديه أوراقاً من مجلات تحتوي بعض الصور لجذب انتباهه ومع بداية الشهر الخامس عشر من عمر الطفل تبدأ بداية الشهر الهامس من عمر الطفل تبدأ مرحلة الإشارة إلى الصور ، وتعلعب الأم دوراً رئيسياً في هذه المرحلة ، فتقوم بتقليب صفحات الكتاب أمام عيني الطفل . ثم تأتي بعد ذلك مرحلة تسمية الأشياء ، وتكون مع بداية الشهر الثامن عشر ، فيبدأ الطفل في استعمال كلمات تدل على معاني الصور من خلال الإشارة إليها وتسميتها هذا كرسي ، هذه مروحة هذا قط .. إلخ .
وبعد عامين تبدأ مرحلة حب القصص القصيرة البسيطة ، وتمتد إلى سن الثالثة ، وفيها يجب أن يسمع الطفل قصة من كل صورة … وهنا يبرز دور الآباء في سعيهم لتعليم أطفالهم . وبعد سن الثالثة تبدأ مرحلة البحث عن المعاني ، وتبدو الصورة وكأنها أشياء حقيقية حية فقد يمد يده ليأخذ شيئاً من صورة ، وقد يقبل طفلاً في صورة .
وما بين العامين الرابع والسادس تبدأ مرحلة ملاحظة الحروف ومحاولة تقليدها فيصبح قادراً على الاشتراك مع غيره من الأطفال في الاستمتاع بالكتاب ، ويأخذ في اكتساب القدرة على تفسير الصور والتعليق عليها . لذلك ينصح في هذه المرحلة بالاطلاع على الكتب ذات الصور التي تدور مواضيعها حول البيئة والحيوان بحيث تكون خطوطها ورسومها جميلة لكي تشد انتباه الطفل . وهنا يبرز دور الأسرة في مساعدة أطفالها لاكتساب العادات والاتجاهات الصحيحة للقراءة مثل التعرف على تحليل الكلمات وتركيبها … وفي السادسة والسابعة تؤسس عادة القراءة حيث يتلقى الطفل معلومات ومعارف جديدة تسرع في نمو مخيلته وتكون نقطة انطلاق إلى ما هو أشمل وأعمق .
ومن سن الثامنة وحتى العاشرة يكون الطفل قد تجاوز مرحلة الخيال إلى الواقع وتكون قصص المغامرات والحوادث المثيرة والرحلات وقصص التاريخ وسير أبطال والمعارك والاختراعات مادة دسمة للأطفال .
ثم تأتي مرحلة التوسع في القراءة وتمتد من الحادية عشرة وحتى الرابعة عشرة ، وهي مرحلة تتسم بحساسيتها ، وفيها يميل الطفل إلى القصص التي تختلط فيها المغامرة بالعاطفة ، وتقترب أجواؤها من المثالية ، وتبتعد عن الواقعية بعض الشيء . وفي هذه المرحلة يمكن اختيار القصص التي تعتمد الألغاز المركبة أو الذهاب إلى الفضاء .. أما ما بين السادسة عشرة والثامنة عشرة ، وهي مرحلة الطفولة فينصح بقراءة كتب السيرة الذاتية والكتب الاجتماعية والتاريخية والعاطفية التي تشبع حاجة الشاب فضلاً عن الكتب الخاصة بالناشئة والتي تحرض القارىء على التزود بالمعارف المختلفة .
أما فيما يخص الكتابة للأطفال يقول أحد المهتمين في هذا المجال : إن الأجدر بمن يضع كتاباً أو قصة للأطفال أن يدرس نفسية الطفل في مختلف مراحل عمره ، وأن يدون بانتباه زائد المفردات والتعابير التي يستخدمها الأطفال ، وعلى المؤلف أن يتابع الاكتشافات الحديثة في مختلف الحقول العلمية ، وأن يهتم بغلاف الكتاب ويحرص على أن يكون جذاباً وجميلاً ، وأن يستشهد برسم المواقف المعبرة عن القصة .
فالقصة وسيلة تربوية ناجحة تبعاً لمقدرتها على غرس القيم من خلال المتعة التي ينشدها الطفل . وهناك نوعان من القيم : قيم صريحة يطرحها الكاتب بشكل مباشر كأن يحث الطفل على التعاون أو الصداقة أو العمل ، وقيم ضمنية يطرحها الكاتب بشكل غير مباشر ، بحيث يدعو الطفل إلى القيم الحميدة بدون أن يبدو الأمر صريحاً أو واضحاً ، بل يستنبطه الطفل من خلال مجرى الحديث .
إن القصة الفنية هي وحدها القادرة على إقناع الطفل وعلى تقديم الفائدة له إذا ما توفرت فيها المواضيع الملائمة لسنه والتي تثير خياله ، وتلامس وجدانه بلغة يسهل عليه فهمها .
دور المكتبة :
عندما ندرك الدور المهم الذي يلعبه الكتاب في حياة الطفل فإننا ندرك أهمية المكتبة المخصصة الموجهة نحو الطفولة لتلبية احتياجاتها المتتالية خلال نمو شخصية الطفل ، كما ندرك أن الوظيفة التربوية لمكتبة الأطفال ليست مجرد جزء مكمل للدراسة ، بل هي أساس جوهري من كيانها السليم يحقق أهدافها خصوصاً إذا ما كانت المكتبة مجهزة بتقنيات متطورة تسعى لتحصين وتنوير الأطفال ، فتكون رافداً يعينهم على اكتساب المعلومات والخبرات وتعزيز ثقتهم بأنفسهم .
وتعتبر مكتبة الطفل من أهم الوسائل التي تساعد على تزويد الطفل بالمعلومات والمهارات ، وإن الاستخدام الجيد والفعال لكل الأنواع الأخرى من المكتبات يتوقف على أول مكتبة يقابلها الفرد في حياته وهي مكتبة الأطفال .
ويمكن أن نقسم كتب الأطفال إلى أنواع منها الكتب التي تهتهم بالأساطير سواء منها الكونية أو الأخلاقية أو الحربية والتي تصاغ بطريقة تثير انتباه الطفل ، ومنها القصص الخرافية وحكايا الحيوان الشعبية المعروفة والقصص الاجتماعية والعلمية والتاريخية والدينية والفكاهة والجغرافية .
ولا ننسى في هذا المقام دور المكتبات المدرسية في العملية التربوية وخدمة البرامج التعليمية ، لذا يجب أن تكون الكتب الموجودة منتقاة لخدمة تلك الأهداف بتوجيه التلاميذ وتعريفهم بالكتب على اختلاف أنواعها وغرس عادة القراءة في نفوسهم وتنمية ميولهم نحوها وتشويقهم إلى المكتبة .
وثمة معايير دولية لا بد من الأخذ بها عند إنشاء المكتبة هي :
الموقع وكيفية اختياره ، ومدى أهميته ، والتنظيم الداخلي ، والتجهيزات والمواد والأوعية التي يجب توفرها في المكتبة ، ثم وضع التصورات حول الإدارة ونشاطاتها في هذه المكتبة .
فالمفروض أن تتخذ المكتبة مكاناً مناسباً جذاباً يسوده الهدوء والجمال والسعة والنظافة ، وتقدم فيه الكتب للتلاميذ بأسلوب مناسب مع الإشارة إلى أهمية الكتاب والتعريف به والعرض عنه في الفصل الدراسي … من جانب آخر فإن تنمية قدرات التلاميذ بتوجيههم نحو استعارة الكتاب واستعماله وطريقة الحصول عليه وعلى المعلومات المطلوبة عمل تربوي يجب أن يراعى فيه التأكيد على أهمية الحفاظ على الكتاب وعدم العبث به أو قطع بعض الصفحات والصور ، وهذا ما يعاني منه بعض أمناء المكتبات .
لذا ينبغي توعية التلاميذ وإرشادهم إلى أفضل الطرق في استعمال الكتاب والإفادة منه وتعليمهم الإحساس بالمسؤولية واحترام الكتاب والتحلي بروح العلم والأدب والخلق والمثل العليا . إن وجود المكتبات في كل مدرسة أمر حيوي ، وينبغي تشجيع التلاميذ على القراءة وتشجيعهم على ارتياد المكتبة وتوثيق الصلة بها وبالكتاب وإنماء مواهبهم وزيادة معارفهم والارتفاع بمستواهم بحيث تكون مركز إشعاع وينبوع علم ومصدر معرفة نور . ومن هذا يتضح مدى دور المكتبة الفكري والتربوي وأهمية توفير المزيد من الإمكانات والخبرات للمكتبات المدرسية لتحقيق الأهداف المنشودة في العملية التعليمية .
أما عن الإدراة والتنظيم ، فيجب أن يكون العاملون في المكتبة متخصصين في علم المكتبات مهيئين لتطوير العمل ، وهنا يأتي أمين المكتبة بالدرجة الأولى من حيث الأهمية لتحمله المسؤولية ولدوره الكبير في اختيار وشراء الكتب والاعتماد عليه في استمرارية متابعة استقطاب الطلاب للمكتبة ، وذلك بالتنسيق مع المدرسين والمربين ومع من يتعاملون مباشرة مع التلاميذ في المكتبة وتقديم ما يلبي احتياجات ورغبات الأطفال والناشئة ، وتوفير القصص والكتب المناسبة لأعمار التلاميذ والتي تحتوي على معلومات مكملة للمنهج المدرسي أو لما عرفه التلميذ من معارف فتكون المادة المقروءة مساعدة في تنمية مواهبه . وعلى أمين المكتبة أن يلم بعلوم الحاسوب ليتمكن من البحث عن الكتب المطلوبة من قبل الطلاب باستخدام الفهارس ، كما عليه أن يغنى بالتنظيم المكتبي للمواد ، وفق أحدث القواعد المتبعة دولياً .