قل لي ماذا تأكل، أقل لك من أنت. ومع أن الأمر ليس بهذه البساطة، إلا أنه يبدو أن الباحثين في طريقهم لاكتشاف أن تناول بعض أنواع الأسماك الدهنية قد يكون ذا مردود جيد للدماغ والقلب، فالفوائد موجودة في زيوت الأسماك. تتألف الدهون والزيوت في الأطعمة من مكونات جزئية تسمى «الأحماض الدهنية».
وعلى سبيل المثال، يتكون كل نوع من الدهون أو الزبدة أو زيت السمك من عدة أحماض دهنية مختلفة، بعضها ضروري أو أساسي لنمو الإنسان وتطوره، ويمكن أن يؤثر على الحالة المزاجية والإجهاد العصبي والمشاعر تجاه الآخرين والقدرة على التعلم. وعلى الرغم من أن جسم الإنسان يمكنه أن يستخلص معظم هذه الأحماض الدهنية الأساسية من الجلوكوز والمواد الأخرى، إلا أنه لا يمكنه استخلاص نوع من هذه الأحماض الدهنية الأساسية يعرف باسم (أوميجا).
. لذلك، يجب أن تشتمل الوجبة الغذائية على هذا النوع الخاص من الأحماض الدهنية الأساسية. وهناك نوعان من الأحماض الدهنية الأساسية (أوميجا)، النوع الأول أوميجا -3، والنوع الثاني هو أوميجا -6 ويحتاج الشخص إلى كمية متوازنة من هذين النوعين. إلا أن هناك أشخاصاً يحصلون على كميات كثيرة جداً من أوميجا -6 بينما لا يحصلون على الكمية الكافية من أوميجا -3 في وجباتهم اليومية. وتتركز الأحماض الدهنية الأساسية أوميجا -3 في الدماغ وتُعد هامة جداً من أجل الاتصال السليم بين الخلايا العصبية.
وتوجد أوميجا -3 بتركيزات عالية في الزيوت السمكية وكذلك في زيوت بذور الكتان. وتعد أوميجا -3 من العناصر الهامة للدماغ ونمو الرؤية عند الأطفال، وقد يؤدي نقصها في الجسم إلى التأثير على قدرة الشخص على الاستيعاب، كما قد يؤثر كذلك على الذاكرة ومستويات الإجهاد البدني على مدى الحياة. ولا تتوقف الأبحاث والدراسات عن استكشاف الفوائد الكامنة لمثل هذه الأحماض الدهنية الأساسية.
فعلى سبيل المثال، كشفت دراسات جرت مؤخراً أن الأشخاص المصابين بأمراض عقلية يعانون نقصاً في أحماض أوميجا -3. كما أظهرت بعض الدراسات أيضاً أن زيت السمك يمكن أن يساعد في علاج بعض هذه المشكلات الصحية. ولا تزال هناك دراسات أخرى تحاول البحث عما يمكن أن تحققه هذه الأحماض الدهنية وغيرها من فوائد لعلاج أنواع مختلفة من الأمراض.
ويوجد النوعان الأول والثاني من الأحماض الدهنية في الأسماك الدهنية مثل السالمون والسردين والماكاريل والقنبر. بينما يوجد النوع الثالث في المصادر النباتية مثل زيوت بذور الكتان والجوز والخضراوات ذات الأوراق الخضراء الداكنة. ويعتبر النوع الأول من العناصر الغذائية المهمة للدماغ ونمو الرؤية عند الأطفال. ويعتبر لبن الأم مصدراً طبيعياً جيداً لهذا النوع من أوميجا -3.
حتى إن بعض الدراسات أثبتت أن الأطفال الذين يتغذون على لبن الأم يؤدون بشكل أفضل من الأطفال الآخرين عند إجراء اختبارات الرؤية والقدرة العقلية لهم. كما تظهر الدراسات الحديثة أيضاً أن الحامض الدهني قد يؤثر أيضاً على قدرة الكبار على التعلم كما يؤثر أيضاً على الذاكرة. كما أن بعض الدراسات ربطت بين الحامض الدهني DHA وانخفاض أخطار تطور مرض الخرف، كما ربطت أيضاً بينه وبين تحسن الحالة العقلية للمصابين فعلاً بمرض الخرف.
كما كشفت دراسات أخرى عن وجود علاقة بين انخفاض مستويات الأحماض الدهنية أوميجا -3 والاكتئاب والسلوك العنيف والاندفاع ومرض الفصام العقلي. وحيث إن الدراسات أكدت نقص مستويات الأحماض الدهنية أوميجا -3 عند الأشخاص المصابين بالأمراض العقلية، لذلك تركز الأبحاث الآن على كشف الصلة بين الأحماض الدهنية أوميجا -3 وهذه المشكلات الصحية. وأصبح هذا النوع من الأبحاث بمنزلة مجال واسع يحتاج إلى المزيد من البحث والتحقق حتى يتم اكتشاف الفوائد الأخرى التي ربما لا تزال غير واضحة للباحثين.
وبسبب أهمية هذه الأحماض الدهنية للصحة العامة، فإن خبراء التغذية ينصحون بضرورة تناول كميات كافية منها في الوجبات الغذائية، ويجب على الأمهات أيضاً أن يدركن مدى أهمية تناول الأطفال للبن الأم خلال فترة الرضاعة. فكما أسلفنا يعتبر لبن الأم من المصادر الغنية بأحماض أوميجا -3 التي تساعد على نمو الرؤية عند الأطفال وتنشيط ذاكرتهم .