موقع طرطوس

أول “حانة” قرب الموصل بعد دحر داعش

أول "حانة" قرب الموصل بعد دحر داعش

أول "حانة" قرب الموصل بعد دحر داعش

في بلدة عراقية دمرتها الحرب على تنظيم “داعش”، ووسط البيوت المنهوبة والمتاجر المدمرة تظهر لافتة فوق مدخل أحد المباني تقول للزائرين “مرحبا”.

وفي الداخل يغطي السجاد الأرض،  بينما تصاحب الإضاءة الخافتة وصوت أنابيب المياه المحادثات الخافتة بين مجموعات صغيرة من الرجال الذين يحتسون “الجعة”.

وهذه أول حانة يعاد افتتاحها منذ طرد مسلحي التنظيم الإرهابي من بلدة “قرة قوش” شمالي العراق، قبل 9 أشهر في المراحل الأولى من حملة لاستعادة مدينة الموصل على بعد نحو 15 كيلومترا إلى الغرب.

ورواد الحانة بالأساس هم من سكان البلدة المسيحيين، الذين عادوا بشكل مؤقت لمنازلهم بعد 3 أعوام من نزوحهم جماعيا، عندما اجتاح المتشددون بلدتهم ووجهوا لهم تحذيرا نهائيا، “إما دفع الجزية أو اعتناق الإسلام أو الموت”، لكن بعض رواد الحانة من غير المسيحيين، يودون أن ينعموا بحرية احتساء الخمر والتدخين التي حرموا منها في عهد “داعش”.

ويأتي هؤلاء إلى الحانة بحثا عن متنفس من واقع الصراع المرير، لكن بالنسبة للرواد على حد سواء، فإن الأحاديث سرعان ما تتطرق إلى الحرب وتبعاتها.

ويقول أبو خالد (45 عاما)، وهو مواطن من الموصل بينما كان يقتسم زجاجة من “الفودكا” بنكهة الليمون مع اثنين من أصدقائه بعد الظهر: “من الصعب نسيان أنه حتى الآن لا يزال هناك أشخاص تحت الأنقاض”…”لماذا نشرب؟، حتى ننفس عنا مشاكلنا.. الكحول تطلق اللسان”.

وأعلن العراق النصر في الموصل الأسبوع الماضي، لكن سيستغرق الأمر وقتا أطول كي يتعافى الناس من سطوة فكرة احتلالهم من قبل التنظيم الإرهابي، وفقدهم الكثير من أقاربهم ومنازلهم ومصادر رزقهم، حيث يمثل التصالح بين الطوائف المختلفة تحديا كبيرا.

ويأمل أبو فراس (مالك الحانة)، في أن تساهم إعادة افتتاح الحانة في عودة الحياة لبلدته وعودة المسيحيين الذين نزحوا بشكل جماعي.
وغطى أبو فراس آثار الرصاص على الجدران بملصقات تعلن عن الجعة، كما غطى فتحة كبيرة شقها المتشددون خلف حوض المطبخ، مما ممكنهم من دخول المتجر المجاور دون أن يكشفهم أحد، وقال بنبرة متفائلة: “يوما بعد يوم يزداد العمل ازدهارا”.

وعلى الرغم من أن التنظيم قد يلجأ إلى أساليب حرب الشوارع مثل التفجيرات بعد انهيار دولة “الخلافة”، فإن هذا لم يفت في عضد أبو فراس الذي قال: “لسنا خائفين”.
وعادت نحو 400 أسرة الآن إلى قرة قوش التي كانت أكبر مستوطنة للمسيحيين في العراق حتى سيطر عليها التنظيم. وكان عدد سكانها يتجاوز 50 ألفا.

وقال زبون مسيحي، وهو يجلس مع ثلاثة من أصدقائه في استراحة من ترميم منازلهم التي أحرقها المتشددون: “أحب بلدتي، وأريدها أن تعود كما كانت”.

وعاد الرجل البالغ من العمر 49 عاما إلى العراق من أوروبا قبل 15 يوما بعد أن هرب في أعقاب اجتياح المسلحين، وقال الرجل الذي طلب عدم نشر اسمه: “لم أقرر بعد ما إذا كنت سأعود إلى فرنسا أم سأبقى هنا”.

والباعث الرئيسي للقلق لديه هو الأمن، ويضيف “الخطر هو اندلاع العنف بين جماعات شبه عسكرية متنافسة تراقب شوارع قرة قوش والمناطق المحيطة بها الآن، ففي الأسبوع الماضي اشتبك فصيلان مسيحيان في البلدة”.

وتفتح الحانة أبوابها للجميع حتى الساعة الثامنة مساء، وبعد هذا التوقيت فلا يسمح بدخول سوى المسيحيين.
وكالات

Exit mobile version