أخطر ما في الإصابة بالتهاب السحايا أن أعراضه المبكرة قد تتشابه مع أمراض أخرى كثيرة شائعة لدى الأطفال كالإنفلونزا، من ارتفاع الحرارة إلى الغثيان والتقيؤ والتحسس الزائد.
أما الأعراض المتأخرة فتتطور بشكل سريع وقد تؤدي إلى الوفاة. من هنا أهمية التحرك السريع عند اجتماع أولى أعراضه الثلاثة معاً لاعتبارها تدعو إلى القلق. ولأن درهم وقاية خير من قنطار علاج، ونظراً إلى خطورة المرض الذي يمكن أن يؤدي إلى الوفاة رغم المعالجة، خصوصاً مع تطوره السريع، يبقى اللقاح الحل الأفضل والسبيل الأوحد للوقاية من المرض.
عن كل التفاصيل المرتبطة بالمرض، تحدث الاختصاصي في طب الأطفال والأمراض المعدية البروفيسور غسان دبيبو، مشدداً على أهمية التحرك السريع في معالجة هذا المرض الذي تبدو مضاعفاته في غاية الخطورة وتحتاج إلى الكثير من الوعي والحرص.
كيف يمكن التعريف بمرض التهاب السحايا؟
التهاب السحايا هو التهاب خطير يصيب الطبقة الوقائية التي تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي وتمنع دخول الجراثيم إليهما، وقد ينتج من فيروسات أو بكتيريا أو فطريات.
ما الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة به؟
تسبب بكتيريا «المكورة السحائية» التهاب السحايا بالمكورات السحائية الذي يعد الأكثر شيوعاً وخطورةً. ويمكن العدوى بها أن تؤدي إلى تعفّن الدم. مع الإشارة إلى أن التهاب السحايا بالمكورات السحائية يعتبر السبب الرئيس لحوالي 2,1 مليون إصابة حول العالم وحوالى 135 ألف حالة وفاة سنوياً.
يقال إنه يمكن الإصابة بالتهاب السحايا جراء التعرض لضربة شمس، ما مدى صحة ذلك؟
لا بد من التوضيح أن هذه من الأفكار الشائعة الخاطئة المرتبطة بالمرض، إذ لا يمكن الإصابة به أبداً نتيجة التعرض لضربة شمس، كما لا علاقة للمرض بالهواء ولا بالحرارة المرتفعة، بل هو ناتج من فيروس أو بكتيريا. ويبقى الأهم هو الوعي بالأعراض التي قد تظهر والتحرك السريع قبل فوات الأوان.
كيف يتطور التهاب السحايا بالمكورات السحائية وما هي مضاعفاته؟
داء المكورات السحائية سريع التقدم، ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة خلال 24 ساعة. حتى أنه على الرغم من تلقي العلاج، تبقى نسبة 10 في المئة من المرضى المصابين بالتهاب السحايا عرضة للوفاة. أما في حال الإصابة بعدوى تعفّن الدم، فيصل معدل الوفيات إلى 40 في المئة.
من جهة أخرى، حوالى 20 في المئة من الناجين من المرض قد يعانون إصابات وأمراضاً مزمنة كبتر الأطراف وندوب حادة وتلف في الدماغ وداء الصرع وفقدان السمع. يمكن أن يؤدي التهاب السحايا إلى تضرر دائم، وإلى التهاب في الشرايين، مما يمنع وصول الدم إلى الدماغ.
هل تستمر حالة الصرع بعد الشفاء من المرض؟
من ترسبات التهاب السحايا داء الصرع نتيجة الأذى الذي يلحق بالدماغ وتحديداً في الطبقة الوقائية. وتكمن المشكلة في أن حالة الصرع الناجمة عنه يمكن أن تدوم سنوات، كما يمكن أن تكون دائمة.
ما الأعراض التي قد تنتج من التهاب السحايا؟
الأعراض الثلاثة الأساسية في التهاب السحايا هي ارتفاع الحرارة وآلام الرأس والتقيؤ. فإذا لوحظت هذه الأعراض مجتمعة، لا بد من التنبه إليها والتوجه مباشرةً إلى الطوارئ، نظراً إلى التطور السريع للمرض. كما أن الارتخاء والتعب لدى الطفل، خصوصاً مع انخفاض الحرارة بعد ارتفاعها دليل خطر ويستدعي التحرك السريع عند ملاحظة ذلك.
ألا تتشابه هذه الأعراض مع أعراض أمراض أخرى شائعة لدى الأطفال؟
أخطر ما في الإصابة بالتهاب السحايا أن الأعراض المبكرة قد تكون مشابهة لتلك الناتجة من الإنفلونزا كالحمى والصداع والغثيان والتقيؤ والتحسس الزائد، بالإضافة إلى التهاب الحلق وفقدان الشهية. إلا أن وجود الأعراض الثلاثة معاً يدعو إلى القلق واتخاذ التدابير السريعة.
علماً أن الأعراض التي تظهر في مرحلة متقدمة من التهاب السحايا هي الطفح الجلدي النزفي وآلام العنق والتصلّب ورهاب الضوء. لكنها لا تظهر إلا في مرحلة متأخرة.
كما أن الأعراض المتأخرة كالارتباك والهذيان والنوبة المرضية وفقدان الوعي تتطوّر بشكل سريع وقد تؤدي إلى الوفاة. عند بداية ارتفاع الحرارة قد لا يتنبه الأهل إلى أن الطفل يواجه في حالات كثيرة هذه المشكلة.
ما العنصر الأساسي لضمان فاعلية العلاج؟
النقطة الأساسية هي في سرعة التحرّك عند ملاحظة الأعراض الأولى لضمان فاعلية العلاج.
كيف تنتقل عدوى المرض؟
تنتقل البكتيريا المسببة للمرض من شخص إلى آخر من طريق رذاذ الجهاز التنفسي عند السعال أو إفرازات الحلق من الأشخاص الذين يحملونها.
علماً أن في المناطق التي تتميز بكثافة سكانية عالية، والأماكن المكتظة كالحج ودور العبادة والمدارس وغيرها يرتفع خطر انتقال المرض. لكن المرض ينتقل بسهولة لدى الأطفال أكثر منه لدى المراهقين.
وينتشر المرض بشكل خاص في دول الخليج العربي وأفريقيا. لكن المشكلة تكمن في عدم توافر البيانات الكافية عن أعباء المرض في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب غياب المراقبة الروتينية، لكن تبين أن بكتيريا المكورات السحائية هي من الأسباب الأكثر شيوعاً لالتهاب السحايا لدى الأطفال، وتشمل البكتيريا العقدية المئوية والمستدمية النزلية بالنوع «ب».
ماذا عن طرق الوقاية من انتقال العدوى؟
بمجرد الشك في احتمال إصابة الطفل بالتهاب السحايا، يتم عزله لتجنب انتقال العدوى. ولا بد من الإشارة إلى أنه يمكن حمل البكتيريا من دون أعراض. كما أن احتمال العدوى يخف مع التقدم في السن.
هل يظهر المرض في سن معينة؟
يصيب التهاب السحايا المكورات السحائية لدى الصغار، خصوصاً الأطفال الذين هم دون سن الـ 5 سنوات.
هل من وسائل للوقاية من التهاب السحايا؟
لا يمكن الوقاية من التهاب السحايا إلا باللقاح. إذ يتوافر اللقاح الذي يسمح بالوقاية من المرض، وهو آمن وفاعل ويجب تلقّيه وفق إرشادات طبيب الأطفال لتجنب الإصابات مدى الحياة. مع الإشارة إلى أن اللقاح يعطى من سن 9 اشهر لتحصين الطفل.
هل تبقى هناك حاجة للقاح في حال الإصابة بالمرض لمرة واحدة؟
حتى في حال الإصابة بالمرض، ثمة أنواع عدة من الجرثومة المسببة ويمكن الإصابة به مجدداً. من هنا أهمية اللقاح حتى في حال الإصابة بالمرض، سواء لدى الأطفال أو الكبار إذا كانوا عرضة للإصابة.
من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض؟
الأشخاص الأكثر عرضة هم الأطفال والمسافرون إلى بلاد موبوءة، والأشخاص الذين يعملون في مجال الرعاية الصحية، وأولئك الذين يعانون ضعفاً في المناعة.