الإمساك مشكلة تطال حوالي 50 % من الأشخاص وتحديداً من النساء.. والسبب؟ قلة الحركة، عادات غذائية سيئة، اتخاذ أدوية غير مناسبة.. بيد أن الأمساك واقع لا يمكن تجاهله. ظناً منا بأنه يزول تلقائياً. على الرغم من ذلك. أن تعاني من الإمساك ليس بمثابة ” نهاية العالم”!
الحل السليم هو الوسط: عدم المبالغة في القلق إنما التصرف للحدّ من المشكلة عبر تبني العادات اليومية السليمة، وتصحيح الأخطاء الماضية.
فلنطرد هاجس الإمساك
عادة، من يعاني من الإمساك، غالباً ما يتحدث عن المشكلة لا وبل تصبح شغله الشاغل، لدرجة تتحوَّل إلى هاجس شبه يومي وهنا، تكمن الخطورة. إذ يركز المصاب كلياً على المشكلة بحدّ ذاتها. وينسى البحث عن الحل.. ويدخل حلقة مفرغة! بحسب إحدى الدراسات الاستطلاعية: حوالي 60% من النساء يشكو من الإمساك وبخاصة المتقدمات في السن. ويتحدثن عنها باستمرار وكأنها باتت محور حياتهن.
أو لم نسمع جدتنا تتذمر مراراً وتكراراً عن ” مصيبتها”.. وكيف أنها مضطرة لإلغاء بعض الأصناف من الطعام ظناً منها بأنها تزيد من الإمساك؟
من جهة أخرى، يؤكد غير طبيب بأنه يسمع هذه التذمرات بشكل شبه يومي في خلال الاستشارات. الاستنتاج واحد وهو:
مشاكل حركة الأمعاء كثيرة الرواج. إنما. قبل تأكيد تشخيص الحالة. فلنتفاهم حول التسمية .
إلينا طريقة فاعلة:
فلنجر اختباراً صغيراً ما حولنا. فلنسأل أصدقاءنا. جيراننا:
” ما هو الإمساك؟” الإجابات العديدة والمتنوعة ستذهلكم حتماً والسبب؟ الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة ولا بسيطة.
الإمساك عارض وليس مرضاً
على عكس معظم المعتقدات المتوارثة. الإمساك ليس مرضاً بل هو أحد الأعراض، بمعنى آخر: لا يمكن التأكيد أن فلان ( أو فلانة) مصاب بالإمساك كونه لم يتغوط منذ 48 ساعة! في الواقع. من المستحيل تحديد التواتر السليم، فلكل جسم نمطه: بعضنا لا يشعر بالارتياح إلا أن تغوط يومياً، أما البعض الآخر، فلا يتغوط إلا كل يومين وأحياناً مرتين في الأسبوع ( هذا نادر ). بلا الشعور بأي انزعاج أو وجع!!
إذاً، فلنتحدث وسط المسألة: يمكننا التحدث عن الإمساك، إذا ما كان الشخص ليتغوط أقل من 3 مرات في الأسبوع ويواجه صعوبة أو وجعاً أثناء القيام بذلك ( عذراً لوجوب إيراد هذه التفاصيل!)
تعدَّدت الأسباب…
لكي تنجح في حلّ مشكلة الإمساك. يجب الإحاطة بكل جوانبها، المصدر أو السبب هو الأهم، في معظم الحالات ( 80 إلى 85% ) سوف نجد بأن نمط حياة الشخص هو المتهم الأول.
عندما نقول نمط الحياة، نعني لا محالة العادات اليومية، إن كانت سيئة، ناقصة أو غير مناسبة، ساهمت في ظهور مشكلة الإمساك. العادات اليومية المتدخلة في هذا المجال تتوزع على 3 أساسية:
1– التغذية. 2- قلة أو نقص الحركة. 3- التوتر
1– التغذية :
للأسف قلة منا تتناول ما يكفي من الفاكهة والخضار الطازجة، الخبز الكامل والبقول. كل هذه الأطعمة غنية بالألياف، الحصة الموصى بها يومياً من هذه الأخيرة: 30 غ في اليوم كحد أدنى. الحصة التي نتناولها فعلياً؟ لا تتجاوز ال 15غ!.
بيد أن الألياف الغذائية أساسية للهضم السليم، الألياف مشبعة بالماء وهي تسمح للأطعمة وبقايا الأطعمة بعبور الأمعاء والقولون.
نظراً لعدم استهلاكنا ما يكفي منها. يتقلص حجم البراز. لا يكون مرطباً ما يكفي، مما يصعب تصريفه عبر المعي. كذلك الأمر في ما يتعلق بحصص الماء التي نشرب فهي أيضاً قليلة مقارنة بالمعدل المطلوب. البراز جاف للغاية، أخيراً. نحن نسهتلك الكثير من اللحوم لا بل أكثر من المعدَّل المطلوب وهذا هو الخطأ الفادح: الأطعمة النباتية المصدر فقط تحتوي الألياف!
2– قلة أو نقص الحركة:
لو نبهنا مراراً وتكراراً عن أضرار الحياة الحضارية من حيث قلة الحركة والكسل فلن تكفينا ولو ملايين المقالات! يا للكسل والخمول اللذين يدفعاننا إلى ركوب السيارة لاجتياز 300 متر فقط. عوضاً عن المشي، أما الرياضة فحدث ولا حرج! لسنا نمارسها على الإطلاق أو أقله لا نمارسها ما يكفي! المصعد؟ آفتنا الأكبر. لمَ علينا صعود مجموعتين من السلالم في حين يمكننا اجتيازها في المصعد بكل راحة وارتخاء؟؟!
كل هذا كي نقول: غالباً ما نملك العادة أو ردّة الفعل الخاطئة! أما أمعاؤنا فتكره عدم الحركة وعدم النشاط بقدر ما نكره الحركة والنشاط في عصر التسهيلات والتكاسلات!! سرعان ما تصاب هي أيضاً بعدوى الكسل والنتيجة؟ تتراخى عضلات البطن. هذا يفسر معاناة الشخص الذي اضطر لملازمة الفراش ( إثر مرض ما ) من الإمساك المؤقت.
3– التوتر :
لنتحدث مجدداً وتكراراً عن مضار التوتر الشديد والمستمر. بل جلّ ما سنقول في المجال: ” بطننا دماغنا الثاني” أي تمارس العوامل النفسية والذهنية تأثيرات عديدة على عمل أمعائنا. لدى معظم النساء مثلاً، أي توتر، مشكلة عائلية أو مهنية، خاصة أو غيرها، قد يكفي لتعديل أو إفساد نمط حركة الأمعاء وبالتالي إلى إحداث إمساك مزعج غالباً ما يتربط الإمساك بما يعرف بالقولون المتهيج أو المفرط الحساسية” وظاهرة القولون المتهيج تعمل وفق إيقاع الوضع النفسي” .
تحلو بالصبر لعدم الإسراع إلى الدواء المسهّل!
لنكن بغاية الوضوح: إن كنا نعاني من براز صعب أو متأخر غالباً ما نهرع إلى الدواء السهل! أي غالباً ما ينفذ صبرنا ونفضل عدم الانتظار الحل ” المشكلة “. ولكننا بتناولنا الدواء ربما نحلّ العارض ومؤقتاً ولكننا لا نشمل المشكلة أو المسبب.
ثمة أيضاً من يفرط في استهلاك مسهلات قوامها الأعشاب: الجانب الطبيعي لهذه المسهلات النباتية يطمئنا حل عدم أذيتها! ولكن مهلاً، هنا تكمن كل المشكلة: ما يصحّ أو يناسب شخصاً، لا يناسب غيره وهكذا دواليك. فلنتوخّ الحذر الشديد في استهلاك المسهلات المصنوعة من السنامكي. الروبربو. الألوة، العوسج الأسود. الكاسكار. التمر الهندي والصبّار، زيت الخروع.
بالطبع من الممكن اتخاذها لمدّة وجيزة ( 3 أو 4 أيام ) إنما ليس بكميات كبيرة وليس كل مرة أو لمدة طويلة.
كلما طالت فترة اتخاذ هذا النوع من المسهلات. تسببت بإعطاء أو تشققات في جدران المعي. فهي ” تقحط” هذه الأخيرة . حتى أن الطب يتحدث عن ” مرض المسهلات ” وأعراضه: أوجاع في البطن. إسهالات. نحول تراجع الوضع الصحي العام.. إذاً وما لم يكن لدينا من خيار سوى المسهلات فلنختر الأصناف غير المهيجة وغير الشديدة ، مثلاً زيت البارافين: هو أشهرها: يزيت جدران المعي ويسهل بالتالي تصريف البراز.
تنبيه: ليكن استعماله جزئياً ومؤقتاً. فعلى الأمد الطويل. قد يعيق امتصاص الفيتامينات القابلة للذوبات في الدهون ( فيتامين أ.د.و.ك) وقد يؤدي أيضاً إلى إمساك إضافة إلى الذي نعاني منه!
– المسهلات التناضحيّة ( Osmotic) : هي تسهل تركيب البراز.
– أصماغ الجذور ( Mucilage) هي تحسِّن من الترطيب وتزيد من حجم البراز .
اكتساب العادات السليمة:
فلنكثر من الشرب 5’1 ليتر كل يوم على الأقل. هذا التميُّة أساسي لعمل الجسم السليم. إنما أيضاً لتليين البراز وتسهيل تصريفه.
إذا ما مللنا من شرب المياه. من الممكن استبدالها بعصائر الفواكه أو الاحسية من حين إلى آخر. وكل صباح لنشرب قبل ابتلاع أي طعام. كوباً كاملاً من عصير البرتقال أو الكريب فروت الطازج. جد غني بالألياف، هذا النوع من الفواكه بمثابة مسهّلات طبيعية. وليس هذا فحسب بل غني بالفيتامينات.
ملاحظة: شرب المياه الباردة أو العصير البارد يساهم في إنقباض المعي. ما يحث على الذهاب إلى المراحيض.
فلنضاعف استهلاكنا من الأطعمة الغنية بالألياف، فهي تزيد من حجم وترطيب البراز وتضبط حركة الأمعاء بشكل منتظم. إين نجد الألياف ؟ في الحبوب الغلالية الكاملة ( Cereals) ، في الخضار والفواكه سواء طازجة أم جافة. وفي خبز النخالة، نصيحة؟ فنتناول الخوخ المجفف، فهو بمثابة مسهل طبيعي وخال من الخطورة، الأمثل يكن في استهلاكه كما هو مباشرة بعد العشاء، أو على شكل عصير أو مربّى في الصباح.
الحركة خير محفز للمعي الكسولة: الرياضة تقوي وتنشط عضلات البطن وتحارب الإمساك. لا نقصد بالطبع أن نحطم الأرقام القياسية أو نشارك في الألعاب الأولمبية فهذا لن يجد نفعاً بل فلنتحرك بحكمة ومنطق: نفضل صعود ونزول السلالم. الذهاب مبدئياً إلى استشارة الطبيب. بل تكفي التدابير الغذائية السليمة لحلّ المشكلة في معظم الحالات. إنما أحياناً، قد يتفاقم الإمساك ويقاوم أي علاج وقائي. وعندها يجب لا محالة استشارة الطبيب. تحديداً عند ظهور المؤشرات التالية:
– إمساك غير عادي أو يستجد فجأة بلا مبرر واضح، وخاصة إذا رافق بخسارة الوزن، إرهاق وتراجع في الوضع الصحي العام.
– تبدُّل في الإمساك المعهود أو في مظهر البراز.
– إمساك مع آثار دم في البراز.
– تناول حالات الإمساك مع حالات الإسهال.
قد يصف الطبيب فحوصات مكملة كما: تنظير للقولون ( بغية تفحص جدران المعي بحثاً عن أي خلل أو تشوه) وذلك لتحديد مصدر الاضطرابات المعوية.