كشفت دراسة أميركية جديدة قام بها فريق بحث المتحف الجيولوجي في شيكاغو أن ظاهرة الاحتباس الحراري تعود إلى العصر الجيولوجي الجوراسي (الجوري) أي منذ نحو 182 مليون سنة. جاء ذلك في العدد الأخير من مجلة نيتشر العلمية.
ومن المعلوم أن احتراق الوقود الحفري (كالنفط والفحم) يطلق في جو الأرض كميات هائلة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري كثاني أوكسيد الكربون والميثان. وهو ما يحدث اليوم على مدى العالم، لكنه كان يحدث أيضا عندما كانت الديناصورات تسود هذا الكوكب.موقع طرطوس
قام فريق بحث متحف شيكاغو بقيادة جينيفر ماك إلوين بدراسة تدعم نظرية مفادها أن الحمم البركانية المنصهرة قد أشعلت عروق وطبقات الفحم الحجري تحت الأرض، مما أطلق كميات هائلة من غازات الاحتباس الحراري (ثاني أوكسيد الكربون والميثان). وتقوم هذه الغازات باحتجاز الحرارة في الجو كما لو كانت جدرانا من الزجاج.
ويرى الباحثون أن ما يحدث في العالم اليوم من احتباس حراري يماثل ما أحدثته الحمم البركانية قبل 182 مليون سنة، لكن بمعدلات أسرع مما يؤدي إلى اختلال توازن دورة الطبيعة.موقع طرطوس
وقدر الباحثون مستويات ثاني أوكسيد الكربون عن طريق فحص مسام الامتصاص (stomata) في حفريات أوراق الشجر وشملت 126 حفرية في أحد التكوينات الجيولوجية بالدانمارك. فكلما قل عدد هذه المسام، كلما زادت كمية ثاني أوكسيد الكربون آنذاك، والعكس صحيح.موقع طرطوس
وفي مطلع العصر الجوراسي الذي استمر نحو 200 ألف سنة، تناقصت بالفعل مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الجو. ويبدو أن طحالب المحيط وغيرها من الكائنات الميكروسكوبية الدقيقة امتصت الغاز من الجو. وعندما ماتت هذه النباتات، هوت إلى قاع المحيط واحتجزتها الطبقات الرسوبية.
ولكن خلال السنوات الـ60 ألفا إلى مائة ألف التالية، تضاعفت مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الجو ثلاثة أضعاف.موقع طرطوس
واقترح العلماء عددا من التفسيرات لهذا التحول، لكن هذه الدراسة تدعم نظرية احتراق الفحم الحجري. فقد تسربت الحمم البركانية المنصهرة ورشحت إلى طبقات الفحم تحت الأرض التي يصل سمكها إلى مئات الأقدام، وتغطي هذه الطبقات مساحات شاسعة من القطب الجنوبي وأميركا الجنوبية. وباحتراق الفحم تسربت غازات ثاني أوكسيد الكربون والميثان إلى الجو.
وفي تلك المرحلة، يقدر العلماء أن درجة حرارة الجو قد ارتفعت بمقدار 12 درجة تقريبا. ولكن ما يثير القلق فعلا أن مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الجو تزداد الآن بمعدلات أسرع بـ 90 مرة من معدلات زيادته في عصر الديناصورات.