موقع طرطوس

التلوث الغذائي ظاهرة علمية

الدراسات العلمية تؤكد أن الغذاء وسط جيد لنمو الكائنات الحية الدقيقة , مثل البكتيريا والفطريات التي يكون معظمها مرضيا , وتنشط هذه البكتريا وتتكاثر بسرعة كبيرة عند توافر درجة الحرارة الملائمة لها , أي أن الغذاء أصبح مصدراً لنقل الكثير من الأمراض حيث أن بعض هذه الميكروبات يسبب فساد الأغذية بينما تنتج عن البعض الآخر أمراض تصيب الإنسان والحيوان عند تناوله الأغذية الملوثة .

وتبين من فحص العديد من الحالات المرضية أنها تحدث بسبب اتحاد الغذاء مع البكتريا أو التلوث بها أو نتيجة لاستخدام أغذية ملوثة أو الطهي أو المعاملة غير الكافية , أو التلوث بعد المعاملة وتنتج أيضاً لعدم المعرفة الكافية بخواص البكتريا من ناحية بقائها , ونموها في الغذاء , والظروف الخاصة بها .

إن الأمراض التي تصيب الإنسان نتيجة تلوث الأغذية تحدث بطريقتين : الأولى عن طريق انتقال الميكروبات المرضية إلى الإنسان مسببة له أعراض المرض, مثل الميكروبات التي تسبب أمراضاً معوية والتي تنتقل إلى المادة الغذائية عن طريق الشخص المصاب , أو أي مادة ملوثة منه , وأهم هذه الميكروبات ” السالمونيلا, الشيجيلا والكامبيلوباكتر ” أو تنتقل إلى المادة الغذائية عن طريق الحيوان مثل ” البيروسيلا” و “الكامبيلوباكتر” .

والطريقة الثانية إفراز السموم بواسطة بعض الميكروبات في الغذاء مسببة التسمم الغذائي وأهمها “الاشيرشياكولاي , والباسيلاس سريس الكلوسترديم بونيولينم, واللستاف أوريس , واللستريامونو سيتوجيتس والايروموناس هيدروفيليا ” .

ومن مصادر التلوث بالبكتريا المرضية : اللبن, والمنتجات اللبنية , واللحوم ومنتجاتها , والأسماك والأغذية البحرية والخضراوات وتنتقل الميكروبات المرضية عن طريق الشخص المصاب , الحيوان المصاب , الأغذية الملوثة بالميكروبات , والمواد المستخدمة في تجهيز الأغذية الملوثة .

الملوثات : وتوجد أنواع عدة من الميكروبات المسببة لتلوث الأغذية منها :

انتروهيمورهاجيك :
ويطلق عليه الميكروب الدموي لأنه يسبب إسهالا مصحوبا بالدماء وهو يتبع الاشيرشياكولاي , وأعراض الإصابة به تتمثل في حدوث التهاب القولون النزيفي وهو إسهال مصحوب بالدم , وآلام وتقلصات بالبطن , التهاب القناة البولية ويفرز نوعا من السموم يسمى ” فيروتوكسين ” .

انتر توكسيجينيك :

ويتبع أيضاً الاشيرشياكولاي وهو من النوع المنتج للسموم ويسبب قيئاً وإسهالاً شديداً وفترة حضانته 26 ساعة .

انتروباثوجينيك : يسبب الإسهال للأطفال والمصدر الرئيسي له براز الإنسان المريض أو الحيوان المريض والمياه غير المعالجة . وهكذا فإن مصادر التلوث بميكروبات الاشيرشياكولاي هي المياه غير النظيفة , واللبن, والمنتجات اللبنية والسمك والأغذية البحرية والدجاج ولحم الخنزير .

ميكروب الليستريا مونوسيتوجينس :

من الميكروبات المرضية والمميتة , لأنه يسبب نسبة وفيات من 30 إلى 35 % من المصابين ويسبب مرضا يطلق عليه ” اللستريوسس ” وهو يصيب الإنسان والحيوان والطيور وهو محب للبرودة لذلك ينمو في الأغذية المحفوظة على درجة حرارة الثلاجة من 3 إلى 45درجة ويقتل بالبسترة كما ينمو في نسبة مرتفعة من الملح أعلى من 10 % , ومصادر التلوث بهذا الميكروب :

الماشية, والماعز, والخراف, والدواجن, واللبن, والمنتجات اللبنية , ولحم الخنزير , والتربة , واللحوم ومنجاتها وينتقل المرض بهذا الميكروب عن طريق تناول الأغذية الملوثة , الاتصال المباشر بالحيوان المصاب , والتلوث عن طريق الفضلات ويفرز في اللبن في حالة التهاب ضرع الماشية .

ومن أعراض مرض اللستروسس في الإنسان : التهاب البلعوم , وآلام الظهر , وتغير لون البول , والإسهال , والحمى, والتهاب حوض الكلى, والتهاب السحائي في المواليد الجدد والإجهاض للسيدات الحوامل ومن أعراضه في الحيوانات : التهاب الضرع والإجهاض والالتهاب السحائي للمواليد الجدد .

وأثبتت الدراسات أن نسبة وجود هذا الميكروب في الشتاء تكون أكبر منه في الصيف لأنه محب للبرودة كما أنه يتحمل نسبة من الملح أعلى من 10% ويقتل هذا الميكروب في درجة حرارة الغرفة أسرع من درجة حرارة الثلاجة .
الكمبيلوباكتر جوجني :

أنسب درجة نمو له 42 درجة ولا ينمو على درجة أقل من 25 وهو ميكروب مرضي يسبب الإجهاض والوفاة للأغنام والماشية ويسبب النزلات المعوية الحادة للإنسان ومصدر الإصابة بهذا الميكروب الأغذية من أصل حيواني , اللحوم ومنتجاتها , الألبان ومنتجاتها ,مياه الشرب غير المعالجة , والدواجن , والسمك , والأغذية البحرية , والفطائر, ويسبب هذا الميكروب مرضاً أسمه ” الكمبيلوبكتريوسس ” وأعراضه إسهال قد يكون مصحوباً بدماء , ودوخان, وقيء وحمى , وحالات تسمم نتيجة تناول الألبان غير المبسترة . وتتمثل طرق الوقاية من الإصابة بهذا الميكروب في البسترة السليمة أو الطهو الجيد خصوصاً الأغذية من أصل حيواني , حفظ الأغذية في الثلاجة ” 7-5″ حيث إن الميكروب لا ينمو على درجة أقل من 25 درجة , تجنب تلوث الأغذية المطبوخة أو المعاملة بعد طهيها بالمعدات غير النظيفة .

اليورسنيا :
من الميكروبات المرضية التي تنمو على درجة حرارة الثلاجة ودرجة نموه من صفر إلى 45 , ومصادر الإصابة به المياه الملوثة وغير المعالجة , واللبن ومنتجاته, والمحار والأغنام والخنازير والأسماك والمنتجات السمكية , ويسبب هذا الميكروب مرضاً يسمى ” اليورسنيوسس ” ومن أعراضه : الحمى والقيء والإسهال والتهاب المفاصل والتهاب مجري البول والالتهاب السحائي وتسمم دموي والالتهاب الحاد للأمعاء , واضطراب في عضلات القلب , عدوى في الجهاز التنفسي .

باسلس سريس :
من الميكروبات المرضية التي توجد في الطبيعة ومنتجات المخابر والبسكويت ,  ومصادر الإصابة به اللبن والتربة والحبوب والنشا والأعشاب والأغذية المجففة وسطح اللحوم والدجاج والبسكويت . وأعراض الإصابة به حدوث آلام في البطن وإسهال وقيء وغثيان ويفرز هذا الميكروب نوعين من السموم أحدهما يسبب الإسهال والثاني يسبب قيئا وغثيانا . موقع طرطوس

الايروموناس هيدروفيليا :

ويسبب خطورة على الأغذية في الثلاجة ويفرز ثلاثة أنواع من السموم ” السيتوتوكسين , الهيموليسين , الانتروتوكسين ” ومصادر الإصابة به اللبن ومنتجاته , واللحوم ومنتجاتها , والسمك والأغذية البحرية والدجاج والخضراوات والمايونيز والآيس كريم , ويسبب هذا الميكروب التهاباً في الجهاز الهضمي وبعض الأعراض الأخرى , مثل الإسهال الشديد والالتهاب السحائي والحمى والتهاب في مجرى البول والعين , والتهاب الرئتين والأذن وقد ثبت أن هذا الميكروب يوجد بنسبة عالية في اللبن الخام وبعض المنتجات اللبنية مثل الجبن الدمياطي والجبن القريش والجبن الرومي والآيس كريم .

على المواطن أن يلم بالحد الأدنى على الأقل من أساليب حمايته , كمستهلك , من الأمراض المنتقلة عن طريق الغذاء وكيفية التعرف إلى الأغذية الفاسدة وكل ذلك نتيجة التشريعات الغذائية التي تعتبر أساسا في نظام الرقابة على الغذاء .

واللجنة الدولية لدستور الأغذية تكونت عام 1962 تحت مظلة كل من منظمتي الصحة الغذائية , والأغذية والزراعة , وكان الهدف الرئيسي لقيام هذه اللجنة حماية المستهلك وتسهيل حركة الغذاء في التجارة العالمية .

وصدر عن هذه اللجنة حتى الآن عدد من المواصفات منها 41 دستور ممارسات , 245 مواصفة , و 247 حدا أقصى لبقايا العقاقير البيطرية و 25 حدا إرشاديا لبعض الملوثات .

إن خبراء اللجان المشتركة التابعين للصحة العالمية والأغذية والزراعة قاموا بتقييم مدى مأمونية وسلامة 192 مبيداً حشريا , و 797 مادة مضافة , 434 عقاراً بيطرياً إضافة إلى توضيح الحقائق العلمية حول كيفية استخدام نظم تحليل المخاطر للملوثات والمواد المضافة , وعندما تأسست منظمة التجارة العالمية عام 1995 اتفقت البلدان المشتركتان في هذه المنظمة على رفع الحواجز الفنية للتجارة أمام عدد السلع الزراعية , بهدف تشجيع التجارة , وتحرير حركتها , ولحماية المستهلك وكانت الاشتراطات الواردة بالمواصفات الصادرة عن لجنة دستور الأغذية الدولية , والخاصة بالمواد المضافة والملوثات , والاشتراطات الصحية الأخرى , تمثل الجوهر الأساسي في المواصفة , وتطبيقا لهذه المبادىء فقد أصبح مطلوبا التشريع والتوصيف للمنتج النهائي الغذائي ضمانا لسلامته , على أسس علمية سليمة , ومقبولة , لتحليل المخاطر , خاصة عند التشريع في مجالات المواد المضافة , والملوثات الكيميائية وبقايا المبيدات والعقاقير البيطرية , والملوثات البيولوجية .

أما مصادر التلوث الغذائي فهي تختلف من بلد لآخر حسب نشاطها , ويعتبر الإسراف في استخدام المبيدات الحشرية والفطرية واستخدام العقاقير الحيوانية وتلوث البيئة من أبرز هذه المصادر إضافة إلى المخلفات الصناعية , وهناك مواد ضارة بالصحة توجد في الأغذية , مثل النترات في الخضر الورقية والسولايت في البطاطس والجوسينول والمواد الضارة في البقوليات والمواد المسببة للأنيميا في الفول , وغيرها الكثير , ولا يتم التغلب على تلك المواد إلا بالطهي الجيد للطعام . وإذا نظرنا إلى مشكلة اللحوم والدواجن , فهي متشعبة وتتركز في عدم توافر مراع خضراء , مما يضطر معظم الدول العربية إلى استيراد الأعلاف المركزة . لذلك فإن السوق العربية عموما عرضة لدخول علائق مصنعة غير مأمونة تماما .

بديل الهرمونات :

وفي مصر تستخدم حبوب ” منع الحمل ” بدلا من الهرمونات بإعطائها للدواجن من أجل نموها بسرعة , والمشكلة هنا أن حبوب منع الحمل تحتوي على هرمونات أنثوية , وهي ذات تأثير خطير على صحة الإنسان خصوصاً الرجال , ويقال أنه في عام 1980 حدثت زيادة بحجم أثداء الرجال في إيطاليا , وايضا أثداء الأطفال الذكور نتيجة تناول غذاء يحتوي على هرمونات أنثوية .

ولذلك يرى المتخصصون أنه يجب تربية الدجاج مدة 3-5 أيام في المنزل قبل ذبحها . كما يجب التأكد من منع الهرمونات عن ماشية الذبح قبل ذبحها بشهر على الأقل .

من ناحية أخرى فإن إعطاء حيوان اللحم مضادات حيوية بكثرة , يتسبب في أضرار مباشرة لمتناولي هذه اللحوم , حيث إن المربين يلجؤون لإعطاء الحيوانات مضادات حيوية , ليس بهدف العلاج , ولكن بهدف منع حدوث أمراض معينة لم تقع بعد , كما أن وجود هذه المضادات الحيوية بأجسام الحيوان باستمرار يؤثر في اللبن , ويؤثر بالتالي في الإنسان , فنجد أن نسبة كبيرة في المتعاملين مع هذه الألبان لا تجدي معهم بعض المضادات الحيوية , مما يضطرهم إلى تغييرها بأقوى منها وهذه الجرعات الزائدة تسبب تهديدا للصحة العامة .

وهناك تلوث اللحوم أثناء تداولها أو تصنيعها وهذا التلوث يمكن أن يكون ميكروبيا , أو كيميائيا , وقد تتعرض اللحوم الطازجة للتلوث الميكروبي نتيجة طرق التعامل معها , ونقلها , أو أثناء عمليات الذبح , وفتح البطن , وغيرها من تعامل الجزارين الخاطىء معها . وكذلك فإن استخدام المواد الكيميائية في حفظ وتصنيع اللحوم وخصوصاً مادة النترات التي تضاف بهدف منح اللحوم اللون الأحمر وحمايتها من الفساد , هي مادة خطيرة , إذا ما تحولت إلى النترات بفغل الأحياء الدقيقة سواء في اللحوم نفسها , أو داخل جسم الإنسان , مما يشكل خطورة كبيرة تصل إلى حد الإصابة بالأورام السرطانية .

وحتى الأسماك لم تسلم من التلوث . فالدراسات تؤكد أن مساحات كبيرة من البحار والأنهار في العالم تلوثت عن طريق المخلفات الصناعية , أو الصرف الزراعي , أو الصحي , وما يحويه من معادن ثقيلة , ومن أهمها الزئبق , والرصاص , والكادميوم والنحاس , وكلها تصل إلى المياه ثم الأسماك , من خلال الصرف الصناعي , أو مخلفات السفن , أو غيره من الصرف المحمل بالمبيدات التي تتركز في الأعشاب البحرية , وتنتقل إلى الأسماك … كما تعتبر العديد من الأسماك في البحار الملوثة ناقلا للعديد من الأمراض الطفيلية والبكتيرية , المشتركة بين الإنسان والحيوان بل إن بعض هذه الأنواع المصابة تسبب تسمماً حادا لمتناوليها . ولهذا ينصح بالابتعاد عن رأس وذيل وأحشاء السمكة, ويفضل اسماك أعالي البحار والمياه العميقة, حيث تكون بعيدة عن مصادر التلوث , بالإضافة إلى اتباع طرق طهي لا تعمل على تركيز المواد الثقيلة بالجيم مثل السلق . فأضرار هذه العناصر تتسبب في الفشل الكلوي والكبدي والاضطرابات الهرمونية .

محاذير :

وعن الخضراوات والفاكهة التي تؤكل طازجة هناك محاذير عدة , تتلخص في إصابة هذه المنتجات بالملوثات المحيطة بها سواء مياه ري قريبة من محطات الصرف الصحي , أو الصناعي أو الزراعي , وهي تعتبر من أخطر ما يمكن , حيث إن المنتجات الخضراء التي تؤكل طازجة تتركز بها الملوثات المختلفة , سواء عناصر ثقيلة كالحديد, والرصاص والكادميوم , وغيرها من مواد ضارة , أو ملوثات عضوية , كبكتيريا القولون البرازية والسالمونيلا , وبعض العناصر البيولوجي والامونيا والمواد العالقة وغيرها . وخطورة هذه المكونات حتى لو لم يتم تناولها مباشرة , فهي تصل إلى الإنسان عن طريق الحيوانات وهنا يصبح الخطر مضاعفاً , لذلك من حق المستهلك أن يعلم مصدر إنتاج هذه المزروعات كما يجب أن يكون لديه الوعي بأن مياه الصرف لا تروى بها المحاصيل قصيرة الساق حتى إذا كانت هذه المياه معالجة من قبل استخدامها , إذ يجب ألا تستخدم إلا في حالة زراعة المحاصيل الجافة أو الأشجار .

هناك 4 مبادئ يجب أن تلجأ إليها الدول , لوضع المواصفات والقياسات للأغذية المتداولة داخلها سواء المنتجة أو المستوردة لها وهذه المواصفات تستند على مبادئ منها  :

·   الخطوات الإرشادية الصادرة عن لجنة دستور الأغذية الدولية على أساس من التحليل العلمي الدقيق وكذلك أية بيانات متاحة , أو معلومات متوافرة , وذلك لضمان الجودة والسلامة للغذاء .

·   الأخذ في الاعتبار أية عوامل منطقية تتعلق بحماية صحة المستهلك , داخليا أو خارجيا , فوضع أسس خاصة بتشجع الممارسات العادلة في تجارة الغذاء حسب ما ينص عليه دستور الأغذية الدولية لضمان الصحة العامة .

·   كذلك يجب الاهتمام ببيانات البطاقة للمنتجات الغذائية , أو التعديلات المضافة إليها اعتبارات عدة منها : المواد الغذائية المضافة , والملوثات الكيميائية , وبقايا المبيدات , وبقايا العقاقير الطبية , والملوثات البيولوجية وغيرها مما يستجد على خريطة الأمن الغذائي من أمراض يمكن أن تدخل مع اللحوم أو الأغذية المعلبة والمستوردة من الخارج .

Exit mobile version