إذا استغربت هذا العنوان ، فما عليك إلا أن تتذكر بأن الخل عنصراً أساسي في الكتشاب Ketchup الذي اكتسح موائد العالم : فهو يضاف إلى الهمبرغر الذي يتناوله بعض الناس يومياً ، وإلى البطاطا المقلية وإلى المعكرونة ( بدلاً من صلصة الطماطم ) ، ومع العديد من اللحومات المشوية .. والخل أيضاً هو أحد مكونات الموتارد ( الخردل ) الذي يؤكل أيضاً مع اللحومات ، وبعض الناس يمزجونه مع الطحينة بدلاً من الحامض لصنع طرطور سندويشات الفلافل وللحمص المتبل وبعض ربات البيوت يستبدل الطماطم بالكتشاب عند صنع البيتزا .
ويقال إن أكلة الملوخية تفقد لذتها إذا لم يضف إليها الخل ، وهي الغذاء الوطني في مصر وفي بعض الدول الشرقية الأخرى . كذلك فإن ” الطاجن ” هو طبق الغذاء الوطني في القدس وسائر فلسطين ، والعنصر الأساسي فيه هو الطحينة الممزوجة بالخل التي توضع في صينية ثم تضاف إليها قطع من الباذنجان والبطاطا والطماطم واللحم والفلفل الحلو ويطهى بالفرن .
أما في فرنسا ، فوجبة الغذاء الرئيسية يسبقها دائماً مقبلات أو هور – دوفر hors d oeuvres ،وهذه في معظم الأحيان تحتوي على مرق توابل dressing مكون من فينيغريت vinaigrette ( أو خلية ) ، وهي مكونة من مستحلب emulsion من الزيت والخل .
وليس انتشار استعمال الخل في المطبخ الشرقي والغربي من باب الصدفة ، فهو يساعد على هضم المأكولات رائحة طيبة ويفتح الشهية . لكن ، من جهة أخرى ، على الذين يشكون أحياناً من ” حرقة ” في المعدة أن يحترزوا من الإفراط في استهلاك الخل ، لأن ذلك سيؤدي إلى تفاقم عوارضهم . كذلك على المصابين ببعض أنواع الحساسية أن يمتنعوا عن تناول مأكولات تحتوي على الخل ، لأنهم بمجرد أن يأكلوا لقمة واحدة تحتوي على بضع قطرات من الخل سيجدون أن فمهم أصبح مكسواً بخراجات صغيرة ، لكن عدد هؤلاء الناس قليل . أما سبب هذه الظاهرة فهو الخميرة والتعفنات الموجودة في الخل ، والعكر الذي ينشأ في الخل مع مرور الزمن مرتبط بتضاعف هذه الخميرة والتعفنات ، وفقط الخل المصنع من الكحول لا يتعكر مع مرور الزمن ويبقى صافياً .
وبالإمكان صنع الخل انطلاقاً من أي سائل يحتوي على كمية قليلة من الكحول ، وهذا السائل يمكن إنتاجه ابتداءً من أي سائل يحتوي على بعض السكر ، ويمكن أن يتحول هذا السائل إلى كحول بمساعدة أنزيمات الخميرة . ومن المواد التي تستعمل لهذا الهدف : عصير الفاكهة ( خاصة العنب والتفاح ) ، المنتشة أو ال malt السكر ، الرز – في الصين واليابان – وحتى العسل وتوت العليق . وتتجامع الكحول المكونة بالطريقة المذكورة مع أوكسجين الهواء تحت تأثير البكتيريا ” أسيتوباكتير ” acetobacter لتكون حمض الخل acetic acid والماء . وفي الخل المصنوع من الفاكهة نجد حوامض وأملاح عضوية تعطي نكهة وعبيراً يختلفان عن أنواع الخل الأخرى .
وعندما يستعمل الخل كأحد التوابل يمزج في كثير من الأحيان مع الثوم والبصل والبهارات والأعشاب ذوات النكهة الطيبة .