طالعتنا الصحف منذ عدة سنوات عن تلوث الدجاج البلجيكي بمركب ” الدايوكسين ” نتيجة تغذية الدجاج بعلف ملوث بهذه المادة السامة ، ولذلك منعت كثير من الدول دخول هذه الدواجن اليها …
فكيف تنتج مادة ” الدايوكسين ” ؟ وكيف تصل إلى الإنسان ؟ وما تأثيرها على صحته ؟ وما علاقة هذه المادة بالعقم وتأخر الإنجاب ؟
يعتبر ” الدايوكسين ” من المواد السامة جدا ، لأن نسبة ضئيلة منها قادرة على إصابة الإنسان بكثير من الأمراض ، وترجع خطورة هذه المادة إلى أنها عندما تدخل جسم الإنسان تتركز في الخلايا الدهنية بصورتها السامة ، ومما يزيد من تأثيرها السام أنها تتميز بدرجة ثبات عالية حيث تستمر فعالة في الجسم دون أن تتحول مركبات أخرى غير سامة لأكثر من عشرين عاما ، يؤكد ذلك أن هذه المادة مازالت موجودة حتى الآن في أجسام الجنود الفيتناميين الذين اشتركوا في حرب فيتنام بالرغم من إنهاء الحرب منذ اكثر من عشرين عاما ، لان الجيش الأمريكي استخدم بعض المبيدات التي تحتوى على هذه المادة لإزالة أجزاء كثيرة من الغابات … بالإضافة إلى الأضرار الصحية والأمراض التي ظهرت ومازالت تظهر على الجنود الذين اشتركوا في هذه الحرب.موقع طرطوس
يتكون مركب ” الدايوكسين ” نتيجة حرق القمامة التي تحتوى على مواد بلاستيكية مثل الأكياس البلاستيك أو السرنجات أو العبوات البلاستيكية المصنوعة من ماده البولي فنيل ، ونتيجة لحرق بواقي الأشجار والأخشاب ، كما ينتج أثناء تصنيع بعض المواد المطهرة ، وفى عملية تبييض الكرتون المخصص لتعبئة بعض المواد الغذائية مثل علب الألبان ، كما أنه يدخل في تركيب بعض المبيدات التي تستخدم لقتل الأعشاب النباتية …. ومن ناحية أخرى تنتج هذه المادة من مخلفات كثيرة من الصناعات التي تلقى بمخلفاتها الملوثة في مياه الترع والأنهار التي تعيش فيها الأسماك ، فتتلوث وتتلوث معها كثير من الطيور التي تتناول المياه الملوثة.موقع طرطوس
تصل هذه المادة السامة إلى الإنسان غالبا عن طريق تناول طعام ملوث بمادة ” الدايوكسين ” كتناول لحوم حيوانات أو اسماك ملوثة بهذه المادة أو تناول البان هذه الحيوانات … فقد أثبتت الدراسات التي أجرتها منظمة الصحة العالمية أن من الوسائل الدقيقة لقياس نسبة ” الدايوكسين ” في منطقة معينة هو تحليل الألبان في الإنسان والحيوان ، حيث ثبت أن هذه المادة تظهر في البان الحيوانات المصابة ، كما تظهر في لبن الأم المرضعة ، وبالتالي انتقال التلوث إلى طفلها … كما يصاب الإنسان نتيجة تناوله خضروات أو نباتات تعرضت للمبيدات ، أو تناوله أغذية محفوظة تعرضت للتلوث أثناء عملية التعبئة ، كما أن الإنسان في المناطق الصناعية من الممكن أن يتعرض للإصابة بهذه المادة السامة بنسبة عالية نتيجة حرق كميات كبيرة من القمامة ، وخصوصا التي تحتوى على أخشاب أو عبوات بلاستيكية وذلك في العراء دون اتخاذ الأساليب الصحية السليمة لحرقها في المحارق الخاصة بها.موقع طرطوس
– وعلاقته بالعقم :
أثبت العلماء أن هناك علاقة بين مرض ” الاندومتريوزيس ” ونسبة الدايوكسين في الجسم … ومرض الاندومتريوزيس عبارة عن ظهور خلايا الجدار المبطن للرحم في أجزاء مختلفة من جسم حواء غير المكان الطبيعي لها وهو جدار الرحم .. فكلمة ” الاندومتريوزيس ” جاءت من لفظ ” اندومتريم ” ومعناه الجدار المبطن للرحم .. فتظهر هذه الخلايا في المبيضين أو في الأمعاء … وتشكو المصابة بمرض ” الاندومتريوزيس ” من آلام شديدة جدا اسفل البطن في فترات الطمث وبالذات الأيام التي تسبق نزول الدورة الشهرية والأيام الأولى من نزول الدم .. كما يفرز دم داخل البطن يؤدى إلى حدوث التصاقات بالأبواق وبالتالي إلى الإصابة بالعقم .. أي أن مادة ” الدايوكسين ” تؤدى إلى حدوث مرض ” الاندومتريوزيس ” الذى يسبب العقم .. وقد اجرى بحث علمي على بعض السيدات اللاتي يشكين من تأخر الإنجاب في بلجيكا .. وبعد إجراء الفحوصات اللازمة ثبت أن بعض حالات تأخر الإنجاب ترجع إلى الإصابة بمرض ” الاندومتريوزيس ” وان معظمهن مصابات ب” الدايوكسين ” ومن ناحية أخرى اجرى فريق أخر بحثا علميا على إناث القرود ، حيث تم تقسيم إناث القرود ، إلى مجموعتين .. أعطيت المجموعة الأولى غذاء يحتوى على نسبة من ” الدايوكسين ” …بينما المجموعة الأخرى لم تعط أي نسبة من ” الدايوكسين “.موقع طرطوس
وبعد خمس سنوات تم فحص المجموعتين من القرود .. فثبت أن مجموعة القرود الأولى التي تعرضت لمادة ” الدايوكسين ” أصيبت بمرض ” الاندومتريوزيس ” بينما لم تصب المجموعة الأخرى بالمرض 0 ويفسر العلماء علاقة هذا المرض ب” الدايوكسين ” لوجود تشابه في الشكل الكيمائي لمركب ” الدايوكسين ” مع هرمون الاستروجين . كذلك فان ” الدايوكسين ” يؤدى إلى عقم الرجال حيث يؤدى إلى انخفاض عدد الحيوانات المنوية وانخفاض الشعور بالرغبة الجنسية .. كما أن ارتفاع نسبة ” الدايوكسين ” في الدم يؤدى إلى ظهور كثير من الأمراض منها ضعف المناعة وانخفاض إفراز الغدة الدرقية ، بالإضافة إلى إصابة الكبد والغدد الصماء ، كما يؤدى إلى تقرحات جلدية شديدة وحدوث بعض الأورام الخبيثة في الأطفال نتيجة لتناول الأم غذاء ملوثا .. وقد تأكد ذلك في بحث أجرى في تايوان على بعض السيدات اللائي تناولن طعاما بزيت ملوث بمادة ” الدايوكسين ” فأسفر عن ارتفاع نسبة التشوهات الخلقية في أطفالهن.موقع طرطوس
والواقع إن المحافظة على البيئة هي العامل الأساسي في خفض نسبة هذه المادة السامة ، بل والقضاء عليها اذا تضافرت كل الجهود من اجل تحقيق هذا الهدف.