ايسترلين يجادل بأن أحداث الحياة مثل الزواج، الطلاق والإعاقات الخطيرة لها أثر دائم أكثر منه مؤقت على السعادة وأن الزيادة في الدخل لا تجلب بالضرورة السعادة الدائمة لان توقعات الشخص ترتقي من خلال التكيف مع الوضع الاجتماعي كلما حقق ثروة أكبر.
إن مفتاح الوصول إلى السعادة يمكن أن يتمثل في تعلم نقل الأولويات الشخصية من غرفة الاجتماعات في مكان العمل إلى المنزل . فقد وفرت دراسة جديدة دليلا يدعم المثل القائل، “لا يمكنك شراء السعادة”. ويشير المثل إلى أن الناس سيجدون السعادة من خلال التركيز بصورة أكبر على الحياة العائلية والقضايا الصحية واقل على الحياة العملية والسعي وراء جني المال.
يقول باحثون إن الناس ينفقون الكثير من أوقاتهم قلقين بشأن تحقيق أهداف مالية ومهنية قد لا تجلب لهم السعادة الحقيقية أبدا. ولكن بتخصيص مزيد من الوقت للصحة الشخصية والحياة العائلية، يستطيع الأشخاص تحقيق السعادة الدائمة.
تفسير السعادة
يجادل الباحث ريتشارد إيسترلين، عالم اقتصاد في جامعة كاليفورنيا، بأن الطريقة الجديدة لتحقيق السعادة ضرورية بحيث تجمع بين نظريتين للسعادة سائدتين في حقلي الاقتصاد وعلم النفس. وبحسب وجهة النظر السيكولوجية، يولد كل شخص بمنظور خاص به للسعادة تقرره شخصيته وموروثاته الجينيه. ويمكن لأحداث الحياة مثل الزواج، فقدان الوظيفة والإصابة الخطيرة أو المرض أن تزيد أو تخفض بصورة مؤقتة مستوى المقرر سلفا ولكن السعادة تعود في نهاية المطاف إلى المستوى السابق الذي كانت عليه.
وعلى النقيض في ذلك فإن أصحاب الفكرة الاقتصادية للسعادة “الأكثر أفضل” يجادلون بأن أحداث الحياة ونمو الدخل لها تأثير اكثر ثباتا على السعادة. ويقول إيسترلين، إن نظرية أفضل للسعادة ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن السعادة التي تحقق بسبب الحياة العائلية والصحة الشخصية تتأثر أقل بفعل التوقعات العالية من السعادة التي يسعى إليها الناس من خلال المكتسبات المالية.
خصص وقتا أكثر للصحة والعائلة
يقول إيسترلين، إن الناس يتخذون القرارات بناء على الفكرة القائلة بأن زيادة الدخل، وسائل الراحة والبضائع باهظة التكاليف ستجعلهم أكثر سعادة ولكنهم لا يدركون أن التكيف الاجتماعي سيرفع طموحاتهم إلى المستوى نفسه لمكتسباتهم الحقيقية والذي لا يجعلهم يشعرون بمزيد من السعادة أكثر من ذي قبل.
ويقول إسترلين، “ونتيجة لذلك، يقضي معظم الأشخاص فترات غير متكافئة من حياتهم وهم يعلمون من أجل المال ويضحون بحياتهم العائلية وصحتهم الشخصية، ولذا فإن إعادة تخصيص الوقت لصالح الحياة العائلية والصحة يمكن أن يزيد من سعادة الفرد”.
والجدير ذكره حول السعادة أيضا والتي هي هدف كل إنسان في هذه الحياة بأن مفهوم السعادة يختلف بين شخص وآخر، وبالتالي فإن تعريفا دقيقا لمفهوم السعادة غير ممكن، ولكن أكثر التعاريف المقبولة من جهة نظر علم النفس هو تعريف العالم النفساني وليم جيمس William James والذي وصف السعادة بقوله:
“السعادة هي الدافع السري الذي يحرك الإنسان ويقوده بالحياة”. وضمن هذا التعريف العام للسعادة نشأ تعريف محدد للسعادة يقول بأن السعادة هي “الشعور الداخلي بالرضا والقناعة عن الحياة وعن النفس”.
وحيث أن مفهوم السعادة يختلف حسب شخصية الإنسان ومبادئه وأفكاره وقيمه الروحية والدنيوية فإن من الصعب جدا وضع مواصفات خاصة بالأناس السعداء في هذه الحياة. على أي حال، خبراء الصحة وعلم النفس السلوكي الاجتماعي وضعوا مواصفات أساسية تؤدي لسعادة الإنسان بشكل عام وهذه المواصفات كما يلي:
المواصفات المؤدية للسعادة:
نظرة متفائلة للحياة
الأفراد الذين ينظرون بإيجابية إلى حقيقة كون كأس الماء ممتلئا إلى النصف أسعد في حياتهم من أولئك الذين ينظرون فقط إلى النصف الفارغ من الكأس. باختصار، الإنسان القنوع أسعد من الإنسان الطماع والذي يريد أكثر مما يحتاج.
الطيبة والود وحب للآخرين
الطيبة ورقة القلب وصدق المشاعر للآخرين والإخلاص في المشاعر هي مفتاح السعادة في علاقة الفرد مع الآخرين لأنها مواصفات تجذب الناس للناس.
حب التجديد والخروج على الروتين اليومي
حسب دراسة ميدانية في جامعة جنوب كاليفورنيا، فإن الأفراد الذين يقومون بين الحين والآخر بالذهاب إلى أماكن جديدة أو يمارسون هوايات جديدة يتمتعون بدرجة أكبر من الرضا والقناعة والتفاؤل في هذه الحياة.
الاتزان الانفعالي أو العاطفي
حسب دراسات جامعة إلينوي الأميركية فإن الأفراد الذين يصلون إلى قمة السعادة في حالة الفرح هم أقل رضا وقناعة في الحياة، من الذين تكون ردة فعلهم لموقف الفرح أو الحزن متوسطة أو تنحرف كثيرا صعودا أو هبوطا عن الحالة المزاجية الطبيعية أو العادية.
الحرية والرغبة في عمل الأشياء التي يحبها الفرد
في دراسة بجامعة أريزونا الأمريكية، تبين بأن الأفراد من الجنسين الذين يقضون أوقاتا أو زمنا أكثر في عمل الأشياء التي يستمتعون بأدائها، أكثر سعادة ورضا عن الحياة من الأفراد الذين قليلا ما يقومون بأدوار الأشياء أو الهوايات التي يحبونها ويستمتعون بممارستها.
القدرة المالية على مقابلة متطلبات الحياة
رغم أن الفقر يؤثر على نظرة الفرد للحياة بطريقة أو بأخرى، إلا أن القناعة كنز لا يفنى والمهم عدم الحاجة لسؤال الناس وبالتأكيد، فإن المال ليس مفتاح السعادة، فالأغنى ليس بالضرورة الأسعد والسعادة لا تشترى بالمال بل هي سلوك وممارسات ومبادئ وقيم. وبإجماع خبراء الصحة الجسدية والنفسية، فإن الشعور بالسعادة هو مفتاح صحة الجسم والعقل.