لايزال المهتمون بتناول المنتوجات الطبيعية قلة ، على الرغم من تأكيد العلم على مضارّ المنتوجات غير الطبيعية ، ونقصد بـ ” غير الطبيعي ” المنتوجات المعتمدة على الأسمدة الكيميائية ورشّ المبيدات واللحم المتأتي من طيور أو ماشية تتغذى بهورمونات ومقوّيات . وهذه بعض المعلومات التي يتداولها الناس عن المأكولات الطبيعية ويتناقلونها من أب إلى إبن إلى حفيد ..
الانتقال من الإنتاج غير الطبيعي إلى الطبيعي لا يتمّ بين ليلة وضحاها ، بل يلزم الأرض أن تعيش مرحلة فطام من الأدوية مدتها خمسة أعوام أو ستة ، تظل فيها منتوجاتها غير طبيعية حتى ولو لم يتم استعمال أي سماد أو دواء . وفي ذلك الوقت ، قد يشعر المزارع أن نسبة إنتاجه تتراجع ، وهو في الوقت نفسه لا يستطيع بيعه تحت عنوان طبيعي ، لذا قد لا يجد نفسه مستعداً لمثل هذه النصيحة .
ولنستطيع وصف إنتاج ما بـ ” طبيعي ” أو بيولوجي ، يجب توافر شروط عدة تلحق مرحلة الفطام ، وهي أن تفصل بين الأرض المفطومة عن أخرى يستعمل صاحبها المبيدات نحو 1500 متر ، وأن تكون بعيدة عن الطريق العام وبالتالي عن تلوثّ السيارات وعن العمال ، ويجب استعمال بذور طبيعية من بستان طبيعي .
تتلف المأكولات العضوية ، أي الطبيعية أسرع من غيرها ، لأنها غير محفوظة كيميائياً . ويحكى أن الإنسان الذي يعيش على المأكولات الطبيعية يضطر إلى شراء الخضر مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع ، لسببين : أولاً لتبقى مأكولاته طازجة وتتضمن الفيتامينات الضرورية التي تحوزها ، وثانياً لأن المأكولات الطبيعية تذبل قبل غيرها . نذكر ان الفواكه والخضار العضوية لا تحتاج إلى مياه وافرة وغزيرة ، لهذا تبقى الفيتامينات والمعادن التي تحوزها مركزة أكثر .
المنتوجات الحيوانية الطبيعية أقل ضرراً هي أيضاً من المنتوجات غير الطبيعية ، ويضمن من يأكلها أنها لم تعش على الهرمونات والمقويات ولم تضخّ بالأنتيبيوتيك ، وهو ما يحصل غالباً في المزارع الحيوانية .
وضروري جداً لأي إنسان يتبع حمية غذائية التيقن من نوعية الأغذية التي يحصل عليها ، مثل الخبز والحليب والزبدة التي قد يتناولها بكثرة في حميته .
المنتوجات العضوية ماتزال قليلة نسبياً ، وثمنها أكثر ارتفاعاً من غيرها . فالدجاج الطبيعي مثلاً يتطلب كلفة أكثر بثلاثة أضعاف ، لأنه يعيش مئة يوم بدلاً من 35 .
في كل حال ، أن تبدأ حالياً بتناول المأكولات الطبيعية لا يعني أنك تخلصت نهائياً من مضارّ ما كانت تتناوله في السابق ، وبعضه قد يسبب ، لسوء الحظ السرطان ويضعف المناعة ويتداخل مع عمل الهورمونات ، لأن الكيميائيات المتراكمة في جسمك تتطلب عدة أعوام لتزول . ويقال إن جسم الإنسان يحتاج إلى عشر سنوات على الأقل ليتخلص من 50 في المئة من الكيميائيات المتراكمة فيه .
المأكولات العضوية الطبيعية ليست في مطلق الأحوال صحية ، ولا يمكن بالتالي أن يضع المرء ” يده في مياه باردة ” ما إن يشتري ذاك النوع المأمون من المأكولات ، لأن التخزين السيىء والحرارة المرتفعة والأماكن الرطبة والمظلمة تؤثر على نوعية تلك المأكولات ، التي قد تسبب لآكليها أمراضاً غير مستحبة ، زد أن تناول مريض السكري مثلاً ثمار التين بكثرة سيسيىء حتماً إلى صحته . وإن كان مزروعاً بشكل طبيعي مئة في المئة .. يعني بكلام آخر ، إن تناولك الأكل الطبيعي لن يعني أنك تخلصت أتوماتيكياً من مضار أي نوع كان من المأكولات ، لأن بعضها قد يكون غنياً بالسكر ومشبعاً بالشحوم .
الإنسان حر أن يتناول طعاماً عضوياً أو غير عضوي ، شرط أن تكون الخيارات متوافرة أمامه وأن يكون عرف الفرق بين الإثنين .. لكن المؤسف أن بعض الدول تعتبر ” العضوي ” من المنتوجات الكمالية الفاخرة ، وتجعل ضريبتها أعلى من المواد الغذائية الأخرى المستعملة .
في كل الأحوال ، أصبحت المنتوجات الطبيعية موجودة حالياً في غالبية المتاجر الكبرى والسوبر ماركت ، ويقدم بعضها طازجاً مثل الأفوكادو والخبز الطازج والحليب والمعكرونة ..
والمأكولات الطبيعية ضرورية جداً للأطفال ، خصوصاً الذين ما يزالون في طور النمو ، لأنهم يكونون عرضة إلى مخاطر مادة التوكسين أكثر من غيرهم ، وهي قد تصيبهم بأضرار وعاهات مستديمة . نذكر أن مادة التوكسين تنتج بسبب المبيدات والكيميائيات المترسبة في المنتوجات غير الطبيعية .
دول كثيرة تمنع مزارعيها من استعمال المبيدات إلا في الحالات القسرية ، حين تكون محاصيلهم في خطر ، شرط أن يحصل المزارع على إذن خاص من المنظمات الزراعية ، ومعلوم أن المزارع يفضل بالإجمال استعمال المبيدات ، لأنها تساهم في زيادة كمية الغلة المنتجة وفي حمايتها من الآفات . وفي الأرقام أن ثلث المحاصيل العالية تفقد سنوياً في الدول التي تمنع من استعمال المبيدات ، زد أن الدول المستوردة تطلب الأنواع الخالية كلياً من أي عيب ، وهذا محال مع المنتوجات الطبيعية.