دل تحليل الجينات القديمة التي تعيش في جينوم كل الكائنات الحية على أن ما يسمى بـجرثومة “لوقا” هو سلف مشترك لكل الكائنات العائشة اليوم على وجه الأرض.
وتوصل الكثير من علماء الأحياء إلى استنتاج مفاده أن جرثومة “لوقا” كانت تعيش في الماء الدافئ الخالي من الأحماض والغني بالمعادن ، أي في بحيرات بركانية الأصل وحمّات (سخانات) بركانية المنشإ حيث تتوفر بكثرة عناصر كيميائية هامة مثل النيتروجين والبورون والموليبدينوم ، وليس في البحار والمحيطات المائية كما كان يعتقد سابقا.
وقال عالم الوراثة (وليام مارتين) وزملاؤه في جامعة دوسلدورف الألمانية إنهم قد اكتشفوا سلفًا مشتركا لكل الكائنات الحية على الأرض أطلقوا عليه اسم “لوقا” ، وإنه ولد ليس في البحر بل في السخانات والبحيرات البركانية.
وقد حاول العلماء إحياء صورة “لوقا” البيولوجية، وقالوا إن الجراثيم لم تتبادل جيناتها عموديا فحسب بل وأفقيا وكانت تسلم إلى ذريتها كروموسومات وقطعا من الحمض النووي.
وقرر العلماء تحليل نحو 6 ملايين جين و286 ألف أسرة جينية. فاتضح لهم أن 355 أسرة جينية فقط تتفق مع مواصفات التكاثر العمودي كلها. وساعد تحليل تلك الأسر العلماء على فرز صفات كانت قد امتلكتها جرثومة “لوقا” منذ 3.5 ملايين عام حين نشأت الحياة على الأرض وتحديد المكان الذي ولد فيه أول كائن حي.
فاكتشف العلماء أن الأسر الـ355 هذه ليست قطع حمض نووي تم تشكلها صدفةَ بل هي جرثومة تحمل في نفسها “تعليمات البقاء على قيد الحياة” في بيئة محددة.
وعثر العلماء في جينوم تلك الجرثومة على البروتينات اللازمة للعيش في البيئة الساخنة ، فتوصلوا إلى استنتاج يفيد بأن جرثومة “لوقا” عاشت داخل منابع الماء الساخنة أو في البحيرات البركانية الخالية من الأكسيجين تماما. وكان الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون طعاما رئيسيا لها.
هل يعني ذلك أن الحياة على الأرض ولدت في السخّانات والبحيرات البركانية؟ قال العلماء “نعم” في إجابتهم عن هذا السؤال. لكن بعض العلماء لا يستبعدون أن تكون أسلاف جرثومة “لوقا”، التي نشأت من لبنات غير حية ولكنها صالحة لبناء الحياة، قد هجرت إلى منطقة البراكين من مناطق أخرى.
RT