موقع طرطوس

الكويت …. منذ العصر الحجري

الكويت  .... منذ العصر الحجري

الكويت  .... منذ العصر الحجري

أظهرت الاكتشافات الأثرية الاخيرة في البرقان أن تاريخ الكويت يعود إلى عشرة آلاف سنة قبل الميلاد، أي إلى أوائل العصر الحجري عندما كانت تلك الصحراء خضراء تقريبا وأرضاً خصبة .

كويت العصر الحجري

ولقد روي الكثير عن تاريخ الكويت القديم في السنوات الاخيرة ، ويبدأ هذا التاريخ حوالي العام 2500 قبل الميلاد ، في الوقت الذي قامت فيه حضارة دلون ( وتعرف باسم البحرين) واستمرت حتى استوطن الاسكندر الكبير جزيرة فيلكا . ولم يكتب شيء عملياً عن ثقافات الكويت القديمة .

وجاءت أولى المداخل إلى كويت العصر الحجري في الثلاثينات عندما قام المرحوم الكولونيل هـ . ر. ب. ديكسون المعتمد السياسي البريطاني آنذاك وزوجته فيوليت ديكسون بالتجول في الصحراء في آوقات فراغهما بحثا عن حياة نباتية وآثار الحياة الحيوانية ونماذج جيولوجية . . . وكان يرافقهما من حين إلى آخر بعض الجيولوجيين العاملين في شركة نفط الكويت ، وبشكل خاص السيد لويس ساس الذي يقيم الآن في الولايات المتحدة وهو متقاعد . والذي كان معهما عندما تمت الاكتشافات الأولى .وعلى تلال البرقان وعلى بعد 30 ميلا جنوبي مدينة الكويت ،وعلى تل جورين عند حدود المنطقة المحايدة ، وجدوا حجارة تبين أنها منقوشات العصر الحجري أو حجارة حولت إلى أشكال بدائية من قبل حرفيي العصر الحجري .

وفي العام 1935 . أرسلت السيدة ديكسون بعض هذه المستكشفات إلى المحتف البريطاني ليحدد طبيعتها وهويتها وتاريخها، وجاء الجواب بتشجع محدود فقط وورد فيه ” أن نماذجكم ليست مميزة ولكن تشير إلى قيام صناعة معينة في تلك المنطقة “وحدد تاريخ تلك المستكشفات بأنه حوالي العام 3000 قبل الميلاد .وعندما غادر السيد ساس الكويت في أوائل الأربعينات أخذ معه بعض الحجارة الصوانية ،وتعرض الآن هذه الحجارة في المتحف الشرقي في شيكوغو … أما حجارة عائلة ديكسون ،فلقد حفظت في مستودع .

كنوز أثرية

وعلى الرغم من جميع النوايا والمقاصد ، فلقد طوي المشروع قرابة العشرين عاماً ،ولم تتوافر في زمن الاكتشافات الأولى أي اكتشافات مماثلة في منطقة الخليج العربي لتتم مقارنتها بها ، ثم جاءت الحرب وبعد انتهائها بدأت عمليات التنقيب عن النفط ، وإنتاجه وتطويره ، مما أدى إلى ظهور الكويت كدولة بنفسها إلى القرن العشرين خمدت حماسة مشاريع البحث عن العصر الحجري وسط تلك الظروف المثيرة .موقع طرطوس

ثم جاء عامل آخر أبقى المشروع في المؤخرة وهو ” غزو” الخليج من قبل بعثة تنقيب دانمركية في العام 1955 ، وحققت البعثة اكتشافات مذهلة إلى الجنوب من الخليج وتابعت استكشافاتها في الكويت في العام 1958 . وطوال السنوات الثلاث التي تلت ، توصلت إلى اكتشافات مثيرة في جزيرة غيلكا ، إذ عثرت على مدينة غنية بالثقافة الدلمونية ، وعلى مئات من الأختام المستديرة التي تميزت بها تلك الثقافة ، وكذلك على مدينة محصنة بالسلوسيد ، وعلى معبد يوناني عرف جزيرة فيكا بأنها هي الجزيرة الأسطورة المسماة ايكاروس وهو الاسم الذي أعطاه الاسكندر الكبير.

وعلى الرغم من أن علماء الآثار الدانمركيين ركزوا عملهم على جزيرة فيلكا ، فلقد بحثوا في أواسط الكويت ووجدوا حجارة منثورة دلت على وجود بقايا في المنطقة تعود إلى العصر الحجري … الا أن الدانمركيين كانوا يبحثون عن كنوز أثرية أكبر تتصل بدلمون والاسكندر الكبير ، وهكذا بقيت ثقافة الكويت في العصر الحجري وإلى بعيد في المؤخرة .

أطلس ثقافات العصر الحجري

وفي مكان آخر من الخليج كانت البعثة الدانمركية ، وبشكل خاص العالمة الاثرية هلغار كابل تعمل في شبه جزيرة قطر ، حيث عثرت كابل والفريق على كنز حقيقي من بقايا العصر الحجري ، وأدى ذلك إلى نشر كابل لكتابها المعروف ” أطلس ثقافات العصر الحجري في قطر” ( مطبعة جامعة آرهوس 1968 ) مما ساعد فيما بعد مجموعة صغيرة من هواة الآثار الكويتيين على تعريف الحجارة الصوانية المكتشفة في الكويت مؤخرا.

وعندما تأسست مجموعة الأحمدي للتاريخ الطبيعي في العام 1968 ، لم تكن قد سمعت بأي مكتشفات في الكويت تعود إلى العصر الحجري ، إلى أن تلقت رسالة من لويس ساس في العام 1971 يسأل فيها لماذا لم يكتب شيء عن الاكتشافات التي قام بها هو وعائلة ديكسون في أوائل الأربعينات .

وعلى الفور اتصل فريق الدراسات بالسيدة ديكسون فأخبرتهم أين عثرت على الاكتشافات الأولية ،وتوجه إلى المكان اثنان من أعضاء الجمعية هما جون تيربت وفيليب واتمور ونقبا في منطقة تلال البرقان طوال ساعتين دون أن يعثرا على شيء واجبرتهما شمس الظهيرة على التوقف وعادا إلى سيارتهما الواقفة في منبسط تحيط به التلال .

آثار بالمصادفة . .

وكان أول ما عثرا عليه في الواقع نتيجة مصادفة . إذ ما كادا يقتربان من السيارة حتى انحنى جون تيربت والتقط حجرا صغيرا وكان قطعة من حجر صواني يحمل علامات يمكن أن تكون نتيجة صناعة فنية .وكانت العلامات من المزايا الفيزيائية الخاصة بحجر الصوان ، إذ لا تتفتت فحسب إلى قشور رقيقة حادة عندما تضرب ، بل أن القشور نفسها تأخذ شكلاً ذا أسطح منحنية وتنتشر من نقطة القطع . وأقنعتهم العلامات على هذا الحجر بأن تنقيبا شاملاً للمنبسط يستحق الاهتمام ، وعاد فريق مؤلف من ستة من أعضاء الجمعية إلى المنطفة ، وبدا البحث في منطقة ملاصقة لوسط المنبسط وعثر على عدد كبير من الحجارة الصوانية على الفور وجمع حوالى 170 حجرا ليجري فحصها فيما بعد .وعلى أثر تمحيص قصير في الموقع نفسه تبين أن معظم الحجارة كانت منحوتات أثرية . وامتد نطاق الأبحاث إلى مساحة 20 باردة.. أما الأبحاث خارج هذه الدائرة فلقد جاءت بنتائج سلبية كما حدث في الزيارة الأولى .

منحومات أثرية

ماذا وجدوا ؟

لقد دلت الاختبارات التي أجريت فيما بعد على مجموعة مختارة من الحجارة ، من قبل بعض الخبراء وبينهم السيد ج.دي. ج سيفكنغ والمحتف البريطاني والعالمة الأثرية البريطانية السيدة سوزان بالمر ، على أن هذه الصخور منحوتات  أثرية تصنف إلى أربع فئات :

أ – صميم الحجارة المصنوعة والتي تطايرت منها القشور الصوانية .

ب – مثاقيب.

ج – أطراف دقيقة مثل القشور الرقيقة ، استعملت كقواطع وركزت على مسكة من خشب أو عظم .

د – نفايات ، وتشكل أكثرية الحجارة المكتشفة ، ذلك أن حدها لم يكن قاطعا بما فيه الكفاية لاستخدامها أو أنه تم شحذها لتستخدم في مآرب أخرى . ومن بين النفايات عثر على قطعة صغيرة تستخدم للنقش وهي عبارة عن قشرة رقيقة تركت بعد أن أخذت القطعة اللازمة من قشرة أكبر .
ومن مزايا القطعة الصغيرة التي تستخدم للنقش أنها قطعة صغيرة مطروقة أو مشحوذة عند حدها .

والمادة المستخدمة السائدة شاحبة جدا ، وشفافة تقريبا، مما آثار إعجاب الخبراء . وهناك بعض الحجارة ذات لون أبيض كالحليب أو لون بني غامق،وكذلك حجارة وقد حفر قلبها، وبعض نفايات الحجارة من العقيق الأبيض . وهناك حجر أنيق يبدو لامعاً ولونه ضارب إلى الرمادي والبني الفاتح إلى الأسود وهو من فصيلة الصخور الصوانية .وليس بمستهجن أن نجد إنسان ما قبل التاريخ وقد استخدم العقيق الأبيض في مختلف أنحاء العالم ، ويمكن أعداده بحيث يصبح رأس سهم ويحافظ على كونه حجرا صوانيا.

مهد الحجارة

وأهم من الاكتشاف العثور على مهد هذه الصخور سواء في أعماق الأرض أم قريبا من سطحها . وقد يخيل إلى البعض أن مهد الحجارة الشاحبة هو القريب من البرقان ، إذن أين مهد الحجارة الأخرى والعقيق الأبيض ؟ والحجارة الأخرى التي عثر عليها في قطر كانت ذات لون غامق بوجه الإجمال كما أن مهدها كان أكثر اتساعاً . ولكن الأمر ليس كلك في الكويت ، ولذا فإن  أي معلومات أوفر يجب توقعها باهتمام لتشرح إلى أي مدى وصل استعداد رجل العصر الحجري لنقل حجارته . ولربما كانت هناك تجارة محدودة للحجارة على شاطئ الخليج ، ويبدو أن الموقع الذي عثر عليه كان منطقة ” الورشة” حيث تنتقل إليها الحجارة ليتم تحويلها إلى معدات ، كما أن الموجودات التي عثر عليها فريق مجموعة الأحمدي للتاريخ الطبيعي ربما كانت بقايا قرون من العمل ؟

ولكن من استخدم المكان ومتى ؟
إن الخبراء يرون اليوم بشكل لا يقبل الشك أن طراز المعدات المكتشفة وطريقة صنعها إنما يعودان إلى أوائل وأواسط العصر الحجري .

فالعصر الحجري يصنف إلى ثلاث مراحل : العصر الحجري الأول ، ثم العصر الحجري المتوسط ( أي العصر الظراني) ، والعصر الحجر الحديث . وكان الإنسان حتى العصر الظراني صيادا ، ولم تبدأ الحياة الزراعية قبل العصر الحجري الحديث ، وانتهى ذلك العصر ببداية العصر البرونزي ، وهو الزمن الذي تعود إليه المستكشفات في دلمون وبعدها في جزيرة فيلكا ، أي في العام 2500 قبل الميلاد . وبعد العصر البرونزي جاء العصر الحديدي الذي يدخل في عداده اليونان والرومان والاكتشافات الأخيرة في جزيرة فيلكا في عهد الاسكندر الكبير . والبعض يقول إن العصر الحديدي ما يزال مستمراً حتى زمننا الحاضر .

البحث عن أرض خصبة
ويغطي حقل البرقان الفترة الممتدة من نهاية العصر الحجري الأول وبداية العصر الحجري الأوسط . ذلك أن استخدام القواطع الصغيرة هو العلامة المميزة لحياة العصر الحجري الأوسط ، بينما تمثل المعدات الأكبر والأحدث مرحلة من أشكال الحياة في العصر الحديث . وإذا كانت المعدات التي عثر عليها في البرقان موازية لتلك التي عثر عليها في أوروبا فإن محيطا مماثلا أخضر وخصباً يمكن توقعه في الكويت .

ويجب أن يصادف تاريخ موقع البرقان مع تلك الدانمركيون يقومون بأعمالهم في شبه جزيرة قطر عثروا على بقايا نيران في أحد مواقعهم تعود إلى زمن الراديو كاربون أي حوالي العام 5000 قبل الميلاد .

وكان تاريخ عنصر الراديو كاربون موضع إعادة نظر إذ يقارب العام 6000 قبل الميلاد .وفي تلك المرحلة من المعرفة لا يستطيع أحد أن يتأكد من عمر الحجارة المنقوشة ذلك إن العادة جرت في القديم أن يعاد استعمال الحجارة الصوانية و” تحديث ” المنافع منها على مدى قرون .وبدأت مجموعة الأحمدى للتاريخ الطبيعي في تقدير عمر الحجارة الصوانية التي عثرت عليها في البرقان بأنه لا يقل عن 6000 سنة قبل الميلاد ولا يزيد على 10.000 سنة قبل الميلاد ،وهي تنتظر دلائل أكثر لتقليل المسافة الزمنية بين التاريخين.

اكتشافات مثيرة متوقعة

أما هذا البحث فقد وضع أساسه علماء الآثار الدانمركيون من جامعة ارهوس تحت إشراف البروفسور ب. ف. كلوب ، ويظهر تقرير هلغار كابل إنه تم في قطر اكتشاف وتحليل أكثر من مئة موقع .وتتراوح المكتشفات التي عثروا عليها من معدات خام إلى مساحج وفؤوس يدوية ، إلى رؤوس سهام وطابات نصف كروية مشظاة تستخدم كقذائف أو مقاليع ، ورؤوس سهام ذات كلابات جميلة الصنع .

ومجموعة الأحمدي للتاريخ الطبيعي واثقة من أن جميع هذه الطرازات من معدات العصر الحجري وأسلحته موجودة في الكويت وهي تتظر اكتشافها . ولعل العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة ستكون فترة مثيرة عندما ينطلق هواة الاكتشافات الأثرية منقبين في أرض الكويت المنبسطة عن هذه الكنوز من ثقافة العصر الحجري.

ثم ، ماذا على المرء أن يفعل أذا ما عثر على مجموعة من الحجارة الصخري تحمل علامات تدل على أنها صنعتها يد إنسان منذ آلاف السنين ؟ أن أول ما يجب عمله هوتسجيل مكانها بالضبط – وليس هذا الأمر مهمة سهلة في الصحراء .

– ثم إخبار السلطة المعنية ، مثل متحف الكويت الوطني أو مجموعة الأحمدى للتاريخ الطبيعي .وإذا تعذر ذلك ، فليجمع كل حجر مهما كان صغيرا ،ويسلم ما يجمع إلى أحدى الجهتين المذكورين .
أن قيمة هذه الموجودات تكمن في دراسة وتحليل أكبر عدد ممكن من الحجارة من أي موقع التقطت .
وهي ليست ذات قيمة إذا أخذت على حدة ، ولكنها عندما تصبح كمية تساعد الخبراء على وضع خريطة للمواقع التي سبق وأقام فيها أوائل سكان الكويت .

Exit mobile version