يقف كثير من الآباء حيارى حيال الوقت المناسب لأخذ أطفالهم لأخصائي تقويم الأسنان وكثيرا مايعتمد قرارهم على استشارة الأهل والأقرباء أو عندما يلاحظون تغيرا في أسنان أطفالهم عن الصورة المألوفة لديهم للأسنان السليمة. وبعضهم ينتظر حتى يكبر أطفالهم ويطالبونهم بعمل تقويم للأسنان.
والمعروف أن الأسنان تأخذ وقتاً طويلاً في التكون والنمو ومن ثم البزوغ داخل الفم. فالأسنان اللبنية تنشأ أثناء تكون الجنين متبوعة بوقت قصير بالأسنان الدائمة وحيث أن الأسنان اللبنية تبدأ بالظهور داخل الفم في الأشهر الأولى بعد الولادة والأسنان الدائمة لا تظهر إلا بعد سن الخامسة ولا يكتمل عددها إلا بعد سن الثالثة عشرة باستثناء الرحى الدائمة الثالثة (ضرس العقل كما يسميه البعض) والتي قد يتأخر ظهورها حتى سن الواحد والعشرين عاماً وقد لايظهر أبداً فإن طول فترة الظهور وتزامنها مع نمو الجسم بشكل عام يجعل الأسنان تتأثر بالعوامل البيئية المختلفة وهذا قد يؤدي إلى اضطراب في انتظام ظهورها أو قد تبزغ بشكل خاطئ وفي غير مكانها الصحيح.
وعلاج هذه المشكلات قد يستغرق وقتاً يطول أو يقصر تبعاً لصعوبة الحالة واستجابة المريض للعلاج لذا يظل تدارك الأمر بسرعة وعدم التأخير أمراً حيوياً لأن توجيه الأسنان أثناء بزوغها والاستفادة من فترة النمو التي يكون تغير الأنسجة فيها بشكل أكبر يعطي ثماراً أفضل ويوفر عناء الانتظار وعلاجا طويلا بعد اكتمال النمو .
ومن أجل ذلك فإنه من الأفضل زيارة أخصائي تقويم الأسنان قبل ظهور الأسنان الدائمة أي في سن الخامسة إلى السادسة حيث يقوم الطبيب بالتأكد من أن وضعية الأسنان اللبنية سليمة وأن إطباقها صحيح كذلك يستطيع أخذ صورة إشعاعية للأسنان الدائمة فيتبين عددها ووضعيتها وقد يشير بالحفاظ على الأسنان اللبنية بعمل حشوات لها أو إزالة بعضها لتوفير المكان المناسب للأسنان الدائمة كذلك هذه الزيارة مهمة جداً لإنشاء علاقة بين الطفل والطبيب مما يسهل من استجابته للعلاج لاحقاً ويزيد من تعاونه ويخطئ كثير من الآباء بانتظار حتى يشعر الطفل بآلام في أسنانه أو تضايق ثم يأتون به طلبا للعلاج مما يجعل الطبيب مضطراً للتدخل لإزالة هذه الآلام بعمل حشوات أو إزالة السن بالكامل.
فمن الأفضل المبادرة بالزيارة في وقت يكون الطفل فيه مرتاحا. ومن الأمثلة على بعض التدخلات التقويمية أثناء بزوغ الأسنان والتي تعطي نتائج ممتازة وتقي من علاجات طويلة لاحقاً . الأجهزة التقويمية لإيقاف بعض العادات السيئة كمص الأصابع والشفاه أو لتوجيه نمو الفكين وتعديل الإطباق فإن استعمال هذه الأجهزة لوقت قصير في الوقت المناسب يريح من علاجات طويلة قد تتطلب تدخلا جراحيا فيما بعد ولابد من الإشارة هنا أن مثل هذه الحالات تختلف من شخص إلى آخر ففي بعض الأحيان يفضل التدخل في سن صغيرة وفي البعض الآخر فإن العلاج يحتاج أن يكون على مرحلتين أما القسم الثالث فمن الأفضل تأخير العلاج كله إلى مابعد اكتمال النمو وتجدر الإشارة إلى أنه ليس هناك حد أقصى للسن الذي يناسب معه تقويم الأسنان طالما أن الأسنان والأنسجة الداعمة لها سليمة وخالية من الأمراض.