مما قد يدهش الكثيرين أن معظم الأشخاص لا يفقدون أسنانهم بسبب النخر والتسوس، وإنما بسبب أمراض تصيب الأنسجة والأجزاء العظمية المحيطة بالأسنان، وهي ما تسمى بأمراض اللثة، حيث يعاني المصاب ألما وصعوبة في المضغ وسوء رائحه الفم ونزفا لثويا. وان لهذه الأمراض تأثيرا على بقية أجهزة الجسم نظرا لانتشار الجراثيم، مما يؤدي إلى حدوث مرض إنتاني في القلب أو روماتيزم.
تبدأ أمراض اللثة بتكون غشاء لزج حول أعناق الأسنان تعيش فيه ملاين الجراثيم . وإذا تأخر الإنسان في إزالة هذا الغشاء بواسطة الاستعمال اليومي لفرشات الاسنان ، زاد تراكمه وتكاثف والتصق بالأسنان وزادت صلابته بترسب مواد كلسية ناتجة من لعاب الفم وشكل ما يدعى بالقلح الذي يعمل على تخريش اللثة، وبوجود الجراثيم العديدة تنتج مواد تهيج اللثة والسن مما يسمح بتراكم فضلات الطعام التي تتفسخ بفعل الجراثيم ليتكون القيح الذي يتلف اللثة والأنسجة العظمية المحيطة بالأسنان. وبهذه الآلية يستمر تراجع اللثة وامتصاص العظم وانكشاف الأسنان مما يؤدي إلى تقلقلها وانخلاعها، ثم فقدانها، مع إنها قد تكون خالية من أي نخر أو تسوس.
إن للشخص الدور الأول في تلافي مثل هذه الأمراض بانتقاء نوعية الغذاء والإكثار من الأطعمة الخشنة التي تساعد على تدليك اللثة كالخضراوات والخس والفواكه والجزر والتفاح. كما يجب الإقلال ما أمكن من تناول الأطعمة والحلويات اللزجة والسكاكر التي تلصق على الأسنان بسهولة، وتتفسخ بسرعة، وتساعد على تشكل الترسبات القلحية. وعلى الإنسان الإسراع بتنظيف أسنانه بالفرشاة والمضمضة بعد تناول مثل هذه الأطعمة مباشرة، بالإضافة إلى العناية اليومية بالفم والأسنان. ويجب زيارة عيادة طبيب الأسنان بشكل منتظم ودوري كل ستة اشهر وعدم انتظار علامات المرض والألم. وهنا يأتي دور طبيب الأسنان في الكشف المبكر لأية إصابة في السن أو اللثة والعمل على إجراء المعالجة الوقائية قبل أن يستفحل المرض وبالتالي تتطور المعالجة وتزداد تكاليفها.