برامج تتيح لهم التجول باقتدار في عالم افتراضي أصبح امتدادا لعالمهم الحقيقي. هل يحتاج الأطفال إلى تدريب كي يتعاملوا مع العالم الرقمي؟ للكثير من الشركات والمنظمات المعنية بالحقل التربوي، الجواب هو «نعم».
يقول وارن نايتنْغَيل المتخصص بالتعليم الإعلامي من Media Awareness Network (شبكة فهم الإعلام)، وهي منظمة غير ربحية للتعليم التكنولوجي إن «الأطفال هم الذين يقضون أطول وقت على الإنترنت، الذي اصبح امتدادا لعالمهم الحقيقي. ومن المهم تهيئة المهارات كي لا يجدوا أنفسهم موضع اهتمام غير مرغوب به أو أن يعطوا معلومات شخصية».
وعلى الرغم من أن الصغار أكثر تقدما من آبائهم حينما يكون الأمر متعلقا بدرجة التكيف مع التكنولوجيا الجديدة، لكن الخبراء يقولون إن القليل منهم قد تم تدريبهم على ما يجب وما لا يجب فعله مع الإنترنت. لكن الآباء والتربويين أصبحوا أكثر قلقا من أي فترة سابقة من المخاطر التي أصبحت الإنترنت تطرحها، حيث أصبحت أعمال القرصنة والتسلل إلى ملفات الكومبيوترات تتحقق من خلال غرف الدردشة مع الأطفال.
وأظهرت البحوث أن 94% من الصغار يستطيعون الدخول إلى الإنترنت من بيوتهم. والبعض منهم قادر على التعامل بشكل ماهر مع الإنترنت عند وصولهم الصف الرابع أي في سن الثامنة حسب دراسة قامت بها «شبكة فهم الإعلام». وتعتبر سن الثامنة مرحلة مهمة في تطور الأطفال لأنهم في ذلك العمر يسعون للوصول إلى شبكات اجتماعية ويبدأون بامتلاك احساس حول أنفسهم حسبما نقل موقع «سي نت» التقني الإنترنتي عن نايتنغيل.
يشكل إطلاق برنامج «Industrious Kid» الذي سيبدأ في نهاية هذا الشهر، من امريفيل، بكاليفورنيا، بداية لما يسمى بالشبكة الاجتماعية للصغار في هذه السن. وهو موجه إلى الصبيان الذين تتراوح أعمارهم ما بين 8 و13 سنة. وستسمح جمعية اسمها Imbee.com (الطفل المواظب) للصغار بكتابة مدوناتهم وتبادل الصور والتواصل مع بعضهم البعض ضمن شبكاتهم لكن هذا البرنامج يقطع الطريق على مواقع يمكن الحصول عليها بواسطة غوغل وياهو كي يصل لها الصغار.
سيطلب هذا الموقع من الآباء أن يعطوا تفاصيل بطاقات الائتمان الخاصة بهم للتوثق من هوياتهم قبل أن يتمكن الصبيان من الدخول إلى الشبكة، فالأجداد الذين يرغبون في التواصل مع أحفادهم على سبيل المثال عليهم أن يسجلوا بواسطة بطاقات ائتمان. (الموقع لا يأخذ أجورا حتى الآن). وسيكون الآباء قادرين على الموافقة عن طريق مشاهدة مدونة الطفل عبر رسالة إلكترونية حال إرسالها وهذه واحدة من وسائل التحكم والمراقبة.
تقول جانيت سايمونز مؤسسة الشركة: إن فكرة إنشاء موقع Industrious Kid جاءت لها في الصيف الماضي حينما أراد ابنها البالغ ثمانية أعوام الكتابة على مدونة إلكترونية (بلوغ) عبر الإنترنت وهذا ما جعلها قلقة عليه. وأضافت أن الأطفال «لا يعرفون المخاطر الناجمة عن إشراك غيرهم، خارج دائرة أصدقائهم، بما يكتبونه». والحل الذي قدمته لهذه المشكلة هو توفير خدمة ربط منزلية تسمح لابنها بأن ينشر على شبكة منزلية بالتوازي مع الإنترنت.
ويرى خبراء تكنولوجيا آخرون أن المشكلة بحاجة إلى معالجة تربوية. إذ أنك لا تضع مراهقا وراء مقود السيارة دون تعليمه السياقة أولا حسبما قالت كورنيليا برنر مديرة «مركز الأطفال والتكنولوجيا» الذي يعد منظمة بحث تربوية.
وقالت برونر «نحن بحاجة إلى برنامج جاد يعلِّم الأطفال كيفية عمل الإنترنت وإدراك من هو الشخص الذي تتحدث معه، وكيفية إدراك ما إذا كنت في مكان خطير يجعلك تتجنب الدخول إليه».
وأعطت برونر مثلا على ذلك، في حقيقة أن الأطفال لا يتعلمون في المدارس مهارات التفكير النقدي لمعرفة ما إذا كانت المعلومات على الإنترنت هي صادقة أم زائفة. فالطفل قد لا يفهم أن رسوم رسام معروف هي فن وأن صور نساء عاريات هي إباحية.
وهناك مشاريع في كندا واستراليا تهدف إلى تعليم الصغار الإعلام ومهارات التفكير النقدي عبر الإنترنت. وتتعاون «شبكة فهم الإعلام» منذ عدة سنوات مع مايكروسوفت و«بيل كندا» كي تقدم موقعا اسمه «Be Web Aware» (كن فاهما للويب)، وهو مصدر للآباء والمعلمين كي يحموا الصغار من مخاطر الإنترنت. ويقدم الموقع نصائح مفيدة للصغار انطلاقا من أعمارهم.
كذلك تنشر هذه الشبكة عبر الإنترنت ألعابا للأطفال بمختلف أعمارهم هدفها تعليمهم حول مخاطر الويب، لكن بطرق مرحة. وتسمى إحدى الألعاب بـ «Privacy Playground» (أرضية اللعب المتعلقة بملعب خاص) وهي مثل برنامج Cyberpigs الذي يعلمهم كيفية التسوق عبر الإنترنت.
ويضيف نايتنغيل إن أهم شيئين يستطيع الآباء القيام بهما للصغار هما التحدث معهم حول عاداتهم وأصدقائهم الذين يتصلون بهم عبر الإنترنت ثم وضع الضوابط المناسبة. وتابع انه «بالنسبة لكل القواعد التي يتبعونها في العالم الحقيقي هم عليهم أن يضعوا قواعد لعالم الإنترنت أيضا».