موقع طرطوس

حبيبي الغصن …. حبيبتي الورقة

حتى النباتات تموت حباً
الحب يحكم مملكة النبات كما يحكم مملكة البشر … بل وقد يصل ببعض النباتات حد الجنون عشقاً …
أشجار تزدهر وتنمو بسبب رضى الحبيب عنها … وأخرى تذبل وتموت لأن حبيبها هجرها …
في عالم النبات عقاب وحيد للعاشق الخائن .. الموت .. فعندما يغدر الحبيب بالشجرة تستخدم إفرازاتها الكيماوية للإنتقام منه … وتقتله .

حبنا نحن البشر هو دقة قلب لقلب أما الحب في مملكة النبات هو آهة ورق لفرع أو غزل ثمرة لأخرى … وربما حنين جذر لجذر .
بالحب ينمو النبات ويتكاثر … وبالكراهية تولد الحروب بين النباتات ويكون الموت هو ضريبة دوافع السيطرة .موقع طرطوس

هذه الحقائق العلمية أطلعنا عليها مؤخراً علماء نبات ألمان عندما تبين لهم بالتجربة أن النباتات تضمر عواطف الحب . والتنافر لبعضها البعض وخصوصاً عند تجاورها في التربة الزراعية الواحدة .موقع طرطوس

البداية كانت عندما اختبر العلماء تأثير التجاور والتباعد بين بعض النباتات في أحواض زراعية أو تربة واسعة وجاءت النتائج مذهلة في غرابتها .. وكنت قد أمضيت قبل سماع هذا الخبر ثلاث سنوات في دراسة لصالح المركز القومي للبحوث تتعلق بالجوانب العاطفية لعالم النبات وتوصلت لما هو أهم وأخطر على نباتات المنطقة العربية وتبين لي التأثير السلبي والإيجابي لتجاوز وتباعد النباتات في التربة الواحدة ولا سيما قبل وصولها لسن الرشد .موقع طرطوس

الحب والكراهية درجات في حياة النبات فليس بالقلب وحده وبنبضاته ودقاته يكون الحب كما هو الحال في حياة الإنسان إذ أن لغة الأوراق هي الأولى في درجات الحب النباتي وقد يشتد الحب بالنبات فينعكس ذلك العشق الجنوني على ما يفرزه من مواد كيميائية سواء من المجموع الجذري أو الخضري أو من كليهما معاً كما قد تفرزها الثمار والبذور وعلى ذلك تتوقف دموع الحب وسعادته وأنانية النبات وكراهيته وحبه للسيطرة على إفرازاته سواء في صورة سائلة أو صلبة أو غازية يسمونها في عالم النبات بالمواد الفينولية والألدهيدات والكومارينات والجلوكوسيدات والتريبنات وهذه الإفرازات تتوقف على البعد العاطفي بين النباتات وهذا ما يحدده التركيب الكيماوي لتلك الإفرازات ففي حالة القبول يكون للإفرازات تأثير النمو والإزدهار للنبات الآخر وفي حالة الرفض والتنافر تتحول محتويات الإفراز الكيماوي وتركيزه وتأثيره إلى قوة قتل وانتقام تتماشى تماماً مع انتقاء سر الحياة في الوسط العاطفي والبيئي وعوامله المحيطة .موقع طرطوس

والصور الغريبة للأنانية في حياة النبات تبدأ عند مرحلة الإنبات إذ تلجأ بذور بعض النباتات عند إنباتها إلى إفراز بعض المواد الكيميائية التي تعوق أو توقف أحياناً نمو بذور الأنواع الأخرى وقد يرجع هذا إلى طبيعة النبات نفسه وصفات الكراهية الوراثية في سلالته النباتية .

والمثال الواضح الذي اختبرته بنفسي على العلاقة بين الكافور والنباتات العشبية يؤكد على وجود علاقة خبث أو حقد عند الكافور للغطاء النباتي الذي يعيش أسفله فهو يحاربه بأسلحة فتاكة من خلال المركبات الفينولية التي تفرزها الأوراق وتصل إلى التربة الرملية .موقع طرطوس

ويتغير الحال قليلاً إذا ابتعد النبات الكافوري عن ملكيته للتربة الرملية وانتقل إلى التربة الطينية المحايدة فالصراع يتخذ شكلاً آخر مع الغطاء العشبي الذي يجد في هذه التربة كائنات دقيقة تلعب دور الأم بالنسبة للعشب فهي تساعد على التحلل السريع للمركبات الفينولية وخاصة مع غسل التربة وجودة تهويتها وهو ما يعطي قدرة الغطاء العشبي على تجديد شبابه وحبه للبقاء .

حب ….. حتى ما بعد الموت

ولكن … هل تتصور أن تأثير الحب والكراهية في حياة النبات قد يستمر حتى بعد موت أو اقتلاع النباتات المفرزة للمواد الكيماوية وهو ما يتأكد من خلال التفسير المثير لسوء نوع التربة وانخفاض خصوبتها عند زراعة نوع نباتي لسنوات طويلة في التربة نفسها نظراً لتوحد العشيرة من حشائش وعلائق ونباتات شيطانية تمثل الخدم والجواري والحرس الوطني للنباتات مثل البرسيم وما يجاوره من جعضيض وستريس وحشائش عالقة .موقع طرطوس

هناك تفسيرات مضادة تقول بأن التأثير المثبط لنمو البادرات والأعشاب الأخرى ليس بسبب تراكم الإفرازات الجذرية وإنما لوجود علاقة حب وعشق بين النباتات والأعشاب والبادرات والنتروجين إذ تلجأ تلك النباتات إلى امتصاص رحيق المركبات النتروجينية الموجودة في التربة حتى تتناقص كمياته فتحزن التربة الزراعية لفراقه نتيجة افتقادها له وخلوها من العناصر الغذائية الأخرى نتيجة الصراع العاطفي والحرب بين النباتات .

وكحياة الإنسان ونتيجة للصراع التاريخي بين النباتات والناتج عن علاقات الحب والتنافر بين جذوره وأوراقه نجد معاهدات للسلام بين بعض النباتات ونجد عداوات واضحة بين نباتات أخرى .موقع طرطوس

مثلاً هناك علاقة محبة من نوع خاص بين العنب والزيتون … وإذا كان العنب يعبر صراحة عن حبه دون غايات تذكر فإن الزيتون يرتبط به ارتباطاً غائياً للمنفعة .. أما وجود القرع إلى جانب العنب فيسبب له النعاس وهو يرتبط بصداقة لطيفة مع القصب في الوقت الذي يكره فيه الكرنب وإذا طال التجاور بينهما يموت العنب غيظاً أو حسرة وحتى مجرد حمل النسائم لرائحته يتسبب بالضرر له وعلاقة العنب مع الحلبة ليست بأفضل فإن زرعت جانبه مات أو ضعف إنتاجه ونموه كما لو أصيب بالإحباط أو الإكتئاب من هذا الجار غير المرغوب فيه ، وكذلك يعادي العنب والتفاح السلق إذا ما زرع إلى جوارهما ، وإذا زرع العنب إلى جانب الترمس يبسه هذا وضره كما هي الحال مع معظم الأشجار المثمرة والأعداء اللدودين (ا العدس والفول ) فيما يدل على مورثات كراهية تمتد عميقاً في التاريخ .موقع طرطوس

العنب يتخذ موقفاً عدائياً أيضاً من الجرجير والفجل ولإفرازات جذور الفجل والكرنب تأثير مثبط لإنبات ونمو بعض بذور الخضر الأخرى ولا سيما الطماطم .
أما أشهر قصص الحب في حياة النباتات فتجدها بين النارنج والياسمين والتفاح والكمثري إذا يألف كل منهما الآخر وتنفعه مجاورته ، وكذلك العلاقة بين الرمان والآس … وهناك عشق جنوني بين التفاح والزيتون ، وبين الزيتون وبصل القنصل .

عالم النباتات ليس مجرداً من الإحساسات والعواطف كما كنا نظنه ..
إنه عالم حي ويجب الإستفادة من علاقاته في الحب والكراهية من أجل صحته وصحتنا من حوله .

Exit mobile version