ينتمي فيروس داء الكلب إلى جنس (genus) الفيروس الكلبي (Lyssaviruses) من عائلة الفيروسات الربدية (Rhabdovirida). شكله يشبه رصاصة البندقية، ويتراوح طوله بين 130-300 نانومتر وقطره ما يقارب الـ 70 نانومتر. يوجد للفيروس جنيوم (genome) (حمض نووري ريبي – RNA) أحادي الطاق (single – stranded)، مشفر لخمسة بروتينات مختلفة، وهو محاط بغشاء دهني يشتق جزئيا من الأغشية (membrane) الموجودة داخل الخلايا والجزء الآخر من أغشية الخلايا التي يتكاثر فيها الفيروس ومن ثم يتحرر منها.
تبرز من داخل الغشاء الدهني نتوءات بروتينية. يتكون هذا البروتين، المسمى بالبروتين G، من بقايا السكر، وله أهمية حاسمة في تمييز الفيروس وفي اٍكتساب المناعة ضده. تقوم الاجسام المضادة (antibody) الموجهة ضد هذا البروتين بتحييد الفيروس ومنع انتشاره في الجسم.
يطلق على الفيروس البري المتواجد في الطبيعة، اسم فيروس الشارع (Street virus)، وله عدة أصناف يتم تمييزها وفقا لاٍنتمائها الجغرافي.
من خلال التنقل المتتالي لفيروسات الشارع، عبر أدمغة الحيوانات وزرع الخلايا (Cell culture)، تطورت فيروسات متحولة (التي تحافظ على خصائصها المُسْتَضِدِّيّة (antigenic) ولكنها فقدت خصائصها المؤذية) والتي تسمى بالفيروسات المثبتة (Fixed viruses). ويتم من هذه الفيروسات تحضير لقاحات (vaccines) للانسان والحيوانات.
نقل العدوى للانسان
يمكن للفيروس نقل العدوى إلى جميع الكائنات الحية ذات الدم الحار، وبالأخص الثعالب، أبناء آوى، الذئاب وذئاب البراري (القيوط). وتنقل هذه الكائنات الحية العدوى إلى الكلاب التي تعتبر المصدر الأساسي لنقل العدوى إلى الإنسان. وفي القارة الأمريكية ينتقل الفيروس عن طريق الظربان والخفافيش، أيضاً، وخاصة الخفافيش المصاصة للدماء التي تنقل الفيروس إلى الأبقار.
انتشار وتطور الفيروس
تعتبر قارة أفريقيا المصدر الأساسي لهذا الفيروس، ومنها انتقل إلى قارات آسيا وأوروبا. وهو منتشر اليوم في غالبية أنحاء العالم، وهنالك عدة دول تعتبر خالية من هذا الفيروس، كالجزر البريطانية، استراليا ونيوزيلندا. يتم نقل العدوى بالأساس عن طريق العض، حيث ينتقل الفيروس عبر لعاب الحيوان، والذي يعتبر مصدر العدوى. كما تم توثيق حالات تم فيها نقل العدوى عن طريق ضَبائِب (جسيمات – Aerosol) محملة بالفيروس تطايرت من المغارات التي سكنتها الخفافيش.
لقد ثبت من التجارب على الحيوانات أن الفيروس يتطور، بداية، في الخلايا العضلية المتواجدة في منطقة العض. عادة يكون هذا التطور بطيئا، مما يتيح الوقت الكافي للعلاج. بعد ذلك، ينتقل الفيروس من تقاطع عضلات الخلايا العصبية، إلى خلايا العصب المحيطي (Peripheral nerve)، ومن هنالك يتقدم الفيروس سريعا عن طريق عقد (ganglion) العمود الفقري إلى النظام العصبي المركزي والدماغ. ومن الدماغ ينتقل الفيروس عن طريق الخلايا العصبية إلى أنسجة أخرى محيطة، خاصة الى غدد اللعاب (salivary gland)، حيث يتطور ويتكاثر بنسب تركيز عالية نسبيا استعدادا لدورة عدوى إضافية.
حضانة المرض لدى الانسان
فترة حضانة مرض الكلب لدى الإنسان، وهي فترة تكاثر الفيروس في الخلايا العضلية، ليست ثابتة وتتراوح بين بضعة أيام وحتى سنة واحدة أو سنتين. فالعوامل التي تحدد فترة حضانة مرض داء الكلب هي في الأساس، حجم الفيروس المعدي الذي انتقل خلال العضة ومكان العدوى. وكلما كان مكان العدوى غني بالأعصاب وأكثر قربا من الدماغ، تتقلص فترة الحضانة.
علاج داء الكلب
يمكن علاج داء الكلب في فترة الحضانة، ويتم ذلك من خلال الدمج بين الغلوبولِينات الغامَّائِيَّة (Hyperimmune globulin) المضادة
للبروتين G واللقاح.
لقد كان لويس باستور هو أول من أعلن عن وجود علاج فعال بعد التعرض للفيروس. وقد قام عام 1885 باستخدام اللقاح الذي تم تحضيره من سلالة فيروس ثابت ينمو في دماغ الأرانب. أما اليوم، فان المركبات الحديثة للقاح التي يتم استخدامها لتطعيم العمال المعرضين للخطر ولمعالجة من تعرضوا للفيروس، والتي يتم حقنها في العضلات، فيتم تحضيرها من سلالة فيروس متحول تتكاثر في الخلايا البشرية، خلال زرع الخلايا.